آخر العمر، وأنا على شرفة القبر! اكتشفت -أو هكذا دخلإلى وعيي- أنني كنت غافلاً.. أو بالأحرى أنني كنت غبياً إلى الحد الأقصى منالغباء.
ما هو جوهر ذلك الاكتشاف؟ وأنا واقف على السقيفة، نظرتإلى قمم الأشجار التي تحيط بي... إلى القمم الخضراء!
تساءلت بيني وبين نفسي: هي الأشجار؛ خضراء ليس هناك جدالفي الأمر.
ولكني نظرت وحدّقت ملياً.. رأيت خضرة الأشجار تختلفعما كنت أراها سابقاً.
حدقتُ، عمّقت النظر جيداً وقلت لنفسي.. إنك لم تكنتنظر إلى اخضرار الأشجار، إلى الخضرة، إلى اللون الأخضر، كانت عيناك تمر بلا تحديقعميق بلا نظر.. بلا تأمل لسحر اللون الوافر بالاخضرار. وقلت لنفسي حينها: كم كنتغبيّاً بالفعل لأنني لم أكن أتشرب جيداً عمق الاخضرار وكم هو عميق اللون، وكم هوجميل وبهي في اخضراره للعين.
وقلت لنفسي: كم هو جميل ذلك الاخضرار حين يدخل عن طريقالبصر إلى الروح!
إنه النظر العميق حين تكتشفه صدفة. يسُر عينيك الاخضرار أو كما تشرب روحك خلاصة العنب.. حدّق جيداً بالاخضرار إنه شفاء لروح العين التي كانت ترى الدنيا.. وكأنها لا تراها.