يشكو الثلاثينيّ ردمان، الذي يعيش في مدينة مأرب (شرقي اليمن)، منذ أن نزح إليها في الأعوام الأولى من الحرب الدائرة في البلاد منذ 2015، من صعوبة الحصول على غاز الطهو المنزلي كغيره من الاحتياجات المعيشية الضرورية التي أصبحت عملية توفيرها تفوق قدرات اليمنيّين في مختلف المناطق والمحافظات.
يضيف ردمان، في حديثه لـ"خيوط": "نحصل على الغاز بعد عناء ومشقة كبيرة، الأمر الذي يسبّب لنا ضياع الوقت ويزيد من حجم المعاناة التي نقاسيها"، وذلك بالرغم من عدم إجراء أيّ تحريك في سعر القنينة الثابت في المحافظة النفطية التي تغذّي احتياجات الأسواق المحلية من غاز الطهو المنزلي في جميع المناطق والمحافظات اليمنية.
وشهدت مأرب أزمة غاز مفاجِئة مع نهاية الشهر الماضي فبراير/ شباط ومطلع مارس/ آذار الحالي 2023، إذ لوحظ اصطفاف المواطنين في طوابير أمام وكالات ومراكز البيع، للحصول على قنينة من غاز الطهو المنزلي.
اعتادت الأسواق المحلية في مختلف المدن والمناطق اليمنية، أزمةَ غاز الطهو المنزلي، بالتزامن مع اقتراب حلول شهر رمضان، والتي لا تقتصر على مادة الغاز، بل تشمل العديد من الاحتياجات السلعية والمعيشية، في ظلّ ما تعيشه البلاد من صراع متواصل للعام التاسع على التوالي وأزمات اقتصادية واضطراب في سعر صرف العملة المحلية.
زيادة طلب وليس أزمة
ليس ردمان وحده من يعاني في الحصول على الغاز، لكنه نموذج للمعاناة التي يعيشها المواطن في اليمن عامة، ومأرب المحافظة النفطية بشكل خاص، إذ عبّر مواطن آخر من سكان مدينة مأرب، متحدِّثًا لـ"خيوط"، عن خشيته من استمرار أزمة الغاز، خصوصًا مع اقتراب شهر رمضان، مطالبًا الجهات المختصة بإيجاد الحلول المناسبة للحدّ من حدوث أيّ اختناق في المعروض من الغاز والسلع والمواد الغذائية.
ويدعو مواطنون ومستهلِكون إلى تشديد الرقابة على وكلاء الغاز باعتبارهم أحد أهم أسباب هذه الأزمة، إضافة إلى أسباب أخرى، كالقطاعات القبَلية التي تشهدها المحافظة بين حين وآخر.
ويرجع مدير منشأة الغاز بمأرب، علي بن هادي، في تصريح خاص لـ"خيوط"، السببَ إلى موقع محافظة مأرب وتأزم المحافظات المجاورة كالجوف وصنعاء، إضافة إلى وجود فارق سعريّ وهامش ربح كبير بينها والمحافظات المذكورة؛ الأمر الذي يجعلها تحت ضغط كبير لمواجهة الطلب.
إضافة إلى خطوط الإمداد المفتوحة من مأرب إلى الأسواق المحلية في معظم المحافظات والمناطق، حسب تعبيره، إذ إنّ هناك زيادة طلب، وليس أزمة، وَفقَ قول هادي.
ويشير إلى عديدٍ من الخطط للتعامل مع هذه الإشكالية، كالعمل على ضخ أكبر كمية للسوق لمواجهة زيادة الطلب، إلى جانب تشديد الرقابة على الوكلاء.
في هذا الخصوص، شكّلت الشركة بالتعاون والتنسيق مع المجلس المحلي والجهات الأمنية في المحافظة، فِرَقًا رقابية قامت بالنزول الميدانيّ وبشكلٍ يوميّ لضبط الأسواق، إضافة إلى تشديد الرقابة على المنافذ لمنع خروج الكميات المخصصة للمحافظة، بناءً على الكميات الخاصة بمأرب وصدور توجيهات أمنية صارمة بهذا الخصوص.
ويؤكّد مدير شركة الغاز في مأرب، أنّ الأوضاع إجمالًا مستقرة في المحافظة، وهناك جهود متواصلة لتوفير احتياجات الأسواق من الوقود والغاز.
وكلاء الغاز
بالمقابل، نفّذت شركة الغاز اليمنية في مأرب ودائرة صافر، حملة تفتيش على محطات القطاع الخاص، لتعبئة الغاز في المحافظة، والتي استهدفت وَفقَ مصادر في الجهات المنفذة، نحو سبع محطات تجارية تعمل في تعبئة الغاز المنزلي والمركبات.
من جانبه، ينفي عبدالله عوض، مالك وكالة تجارية لبيع الغاز في مدينة مأرب، في حديثه لـ"خيوط"، قيام الوكلاء بتخزين الغاز وتهريبه إلى خارج المحافظة وبيعه بأسعار مضاعفة في السوق السوداء، مشيرًا إلى أنّ ذلك بمثابة افتراء وتشويه يتعرّضون له.
ويؤكّد أنّ الغاز المنزلي متوفرٌ في الوكالات والمراكز، ويتم التعبئة بشكلٍ يوميّ، مطالِبًا الشركة الحكومية بزيادة الضخ خلال الفترة القادمة التي يتوقّع أن يرتفع معها الطلب على الغاز مع اقتراب شهر رمضان.
وتأتي محافظة مأرب النفطية، في طليعة المحافظات التي استقبلت نازحين بسبب الحرب من مختلف المناطق والمدن والمحافظات اليمنية؛ الأمر الذي تسبّب في ارتفاع الاستهلاك وزيادة الإقبال على المشتقات النفطية، الذي ينتج عنه أزمات متواترة من وقت لآخر.