"زمان الصِّبا"

فما لك إذا رقّ قلبي قسيت؟
خيوط
September 19, 2024

"زمان الصِّبا"

فما لك إذا رقّ قلبي قسيت؟
خيوط
September 19, 2024
.

كلمات: أحمد بن عبدالرحمن الآنسي

اللحن: تراث

غناء: محمد مرشد ناجي

"زمان الصِّبا"؛ من أشهر قصائد شاعر الحمينية القاضي أحمد بن عبدالرحمن الآنسي وأكثرها رواجًا، وهي التي تسمى به ديوانه المطبوع الذي حقّقه الشاعر الراحل د. محمد عبده غانم وصدر مطلع ثمانينيات القرن الماضي. أدّاها الكثير من الفنانين، لكنها بصوت الفنان محمد مرشد ناجي صارت أكثر انتشارًا حين قدّمها بخصوصيته الصوتية وحافظ فيها على بنيتها اللحنية التقليدية. 

الأغنية؛ بصوت الفنان عبود الخواجة حينما كان طفلًا. 

تقول بعض كلماتها المغناة:

زمان الصبا يا زمان الصبا      عهودك رعاها الله

وحيَّا الحيا سفح تلك الرُّبى        محل الرشا الأبله

مغير الشموس والبدور والظِّبا     وسِيد الملاح جمله

رشا كم قتل كم أسر كم سبَى       وهدّر عباد الله

                          * * 

رشا حلّ يا ناس في مهجتي       وحرَّم منام العين

إذا قلت له: ذنب من عشقتي؟     يقول بين كُلّين بين

وإن قلت: ما الذنب ما حجتي    لهذا الجفاء والبين؟

يقُل: ما اعرفك، قلت: خل الغبا    أمانة عليك بالله

                          * * 

أنا مَن بِحبّك وعشقك رضيت    وبالغير لا أرضى

فما لك إذا رق قلبي قسيت       وجهرت بالبغضا

أنا استاهل الهجر حين قد هويت     وخِلِّي له البيضا

بتعذيب قلبي وهو له جبا         ويهناه إذا شلّه

                          * * 

فيا مَن بحب الملاح يدّعي        أنا أكبر العشّاق

إذا كان معك في الهوى ما معي      من الوجد والأشواق

فساجِل بدمعك غزير أدمعي       ولا تطلب الأطلاق(1)

                          * * *

زمان الصبا؛ بصوت الفنان أيوب طارش. 

عن الشاعر

أحمد بن عبدالرحمن الآنسي، شاعر أديب، بارع في قرض الشعر بلونيه: الحكمي، والحميني. ذكره المؤرخ إسماعيل الأكوع في كتابه (هجر العلم ومعاقله في اليمن)، وذكر أباه القاضي عبدالرحمن بن يحيى الآنسي في علماء هجرة جرف الطاهر، وهي قرية عامرة في مخلاف القِطْعَة من مخلاف ابن حاتم وأعمال آنس.

وترجمه المؤرخ محمد بن محمد زبارة، فقال: "القاضي العلامة الألمعي أحمد بن عبدالرحمن بن يحيى الآنسي الصنعاني، كان أديبًا شاعرًا بليغًا ذكيًّا ألمعيًّا، كاتب والده وغيره بعدة من القصائد المعربة والملحونة، حتى قيل إنه أبلغ من والده، لولا أنه سترته شهرة والده".

كما ذكره الأستاذ المحقق عبدالله الحبشي في كتابه (الأدب اليمني في عصر خروج الأتراك)، فقال: "ترعرع في أحضان والده، وكان يتعاطى معه الشعر، ويكتب إليه غرر قصائده، وقد حوى ديوانه مجموعة منها".

"توفي سنة 1241 قبل وفاة والده بتسع سنين، وهو شاعر غزلي نهج على أسلوب والده، وربما فاقه في بعض الأحيان، وتتميز قصائده بالرقة والسهولة، وفيها يبدع في وصف الأيام الماضية وذكريات أيام الصبا".

له ديوان مطبوع عنوانه (زمان الصبا)، قام بتحقيقه د. محمد عبده غانم، وصدر في العام 1980، واحتوى معظم قصائده.

زمان الصِّبا؛ بصوت الفنان فيصل علوي. 

عن الفنان 

عمل الفنان محمد مرشد ناجي أكثرَ من ستة عقود على التأصيل للفن اليمني بكل ألوانه، وغنّى لمعظم شعرائه الروّاد؛ لهذا عرفته اليمن بسهولها وجبالها ومدنها وقراها، غنَّى للإنسان والأرض والثورة والعشاق، أطرب وأرقص ونوَّر وثوّر. 

لم يكتفِ بالتلحين والغناء، بل نظر للفنّ وألوانه، وهو الذي حُرم من منحة لدراسة الموسيقى لأسباب سياسية اتصلت بمواقفه الوطنية المناهضة للاستعمار، والتي توّجها بانخراطه في الجبهة الوطنية المتحدة التي قادت تظاهرات ضدّ السياسات التمييزية للمستعمِر ضد أبناء اليمن عمومًا، المظاهرات التي عرفت في الأدبيات السياسية بمظاهرات إسقاط انتخابات المجلس التشريعي أواسط خمسينيات القرن الماضي.

الشاب الذي لم يبلغ الثلاثين، أصدر في العام 1959، كتابًا هو الأول من نوعه في مجال التنظير الموسيقيّ في ذلك الوقت، أسماه "أغانينا الشعبية"، وقال فيه:

"عندما كتبت (أغانينا الشعبية)، لم يكن الهدف من الكتابة تناول قضايا فنية بحتة حول الأغنية الشعبية في اليمن، والقصور في هذا الجانب واضح كل الوضوح، وكان القصد والمراد هو خدمة أهداف الجبهة الوطنية المتحدة 1955، التي كان لي شرف الانتماء إليها متأخرًا، عضوًا في هيئتها التنفيذية العليا".

وهو في الحادية والعشرين من عمره، لحّن وغنّى قصيدة "هي وقفة" للشاعر محمد سعيد جرادة، التي لم تبلَ حتى اليوم بعد أكثر من سبعين سنة على ظهورها الأول المدهش.

غنّى لتهامة رائعة الشاعر العنسي: "شابوك أنا وامرِفَاق بكرة، أرض امجبل ما نبا امساحل"، وغنّى من حضرموت رائعة المحضار "دار الفلك دار"، حينما سكب فيها من روحه اللحني البديع، ولصنعاء غنّى مُجِّددًا رائعة القاضي عبدالرحمن بن يحيى الآنسي المشهورة: "عن ساكني صنعاء حديثك هات وا فوج النسيم".

غنَّى من اللون اليافعي قصيدة "يحيى عمر قال يا طرفي لما تسهر"، وغنى من اللون البدوي قصيدة أحمد الجابري "على مسيري على مسيري أَلَا بسم الله الرحمن".

هو أحد الملهمين الكبار للون الغنائي التعزي بخصوصيته الحجرية حين غنّى باكرًا للدكتور سعيد الشيباني "يا نجم يا سامر"، ثم لأحمد الجابري "أخضر جهيش مليان"، وعبدالله سلام ناجي "قطفت لك كاذي الصباح بكمّه"، وسلطان الصريمي قصيدة السياسية "نشوان".

وغنّى باللون اللحجي الكثير، ومنها رائعتَا الشاعر عبدالله هادي سبيت: "يا بن الناس حبيتك"، و"لا وَين أنا لا وَين".

وهو أولًا وقبل كل شيء أحد مجدّدي اللون الغنائي العدني، حين غنّى الكثير من قصائد لطفي جعفر أمان والجرادة وغيرهما. إنه باختصار، المرشدي الصوت الذي تقطَّرت اليمن في ألحانه وغنائه، ولهذا سيبقى صوتًا صدّاحًا خالدًا.

____________________

(1) زمان الصِّبا – ديوان القاضي أحمد بن عبدالرحمن الآنسي، مركز الدراسات والبحوث اليمني – مكتبة الجماهير بيروت، الطبعة الأولى، 1981، ص (98-101).

•••
خيوط

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English