"يوم مات الشيطان"، هو العمل الروائي الخامس المنشور للكاتب أحمد قاسم العريقي، بعد روايات: تعرية، 2018 - زُوربة اليمني، 2018 - زهر الغرام 2020 - سيرة كوبي 2022، وله رواية مخطوطة "عرس على صفيح ساخن"-حازت على إحدى جوائز السرد اليمنيّ (حزاوي) 2022.
الرواية التي صدرت عن مؤسسة هنداوي 2022، تتحدّث عن شخص أُصيب أثناء الحرب، فدخل في غيبوبة لتسعة أشهر فرأى خلالها العالم بعد خمس مئة وستين سنة، حيث شاهد الإنسان الكامل، وشاهد عالمًا يحيا على الحب تحكمه النساء، وقد تخلّى عن كل وسائل القتل والدمار لصالح التقدّم التكنولوجي والبيولوجي.
في مراجعة للرواية –في صفحته- قال أستاذ التاريخ والكاتب الروائي أحمد السري:
"رواية "يوم مات الشيطان" تجمع بين الخيال العلمي والواقع، تستعين بالخيال العلمي لنقد الواقع بأبعاده المختلفة سياسيًّا واجتماعيًّا ودينيًّا، وتركّز بشكل خاص على البعد الديني وطرق توظيفه الشيطانية التي خلقت عالمًا موبوءًا بالحروب والنفاق والأنانيات المدمِّرة مع أنّ الأديان في الأصل، ظهرت لإصلاح فساد المجتمعات وترقية الإنسان.
موت الشيطان هو موتٌ للأنانية والنرجسيات المختلفة في هذه الرواية، إذ هي التجسيد العملي المدمِّر لفعل الشيطان، لكن هذا الشيطان (الأنانيات المدمِّرة) لا يموت في عالم الواقع، بل في عالم الحلم، عالم المثل، عالم المستقبل حيث العلم يبلغ مراتب عالية من التطور، وبفضله لا بفضل الأديان، يموت الشيطان (تموت الأنانية) عبر لقاحات يحقن بها جسم الإنسان؛ لقاح الدين ليمحي من العقل كلّ التراث الديني، ولقاح الصدق كي تُمحى نوازع الكذب، ولقاح إزاحة الأنانية ليحل محلها الإيثار، ولقاح إسكات الغضب لتحل الحكمة والهدوء محله. وبهذه اللقاحات يتغير الإنسان، ويسود عالمٌ واقعيّ وروحانيّ أفضل بكثير ممّا تخلقه الأديان من نزاعات وحروب وأفضليات مستكبرة شوهّت معنى الإنسان وأهانَته.
نجح الروائي في المزاوجة بين عالم الواقع وعالم الخيال المستقبلي (القرن السادس والعشرين)، من خلال قنبلة تنفجر في عطّان بالقرب من بطل الرواية مروان، فتنفصل روحه عن جسده؛ يذهب جسده إلى المستشفى، وتذهب روحه إلى عالم الفردوس. يظنّ مروان أنّه في الجنة وهو يشاهد دنيا جميلة حوله، ونساء لم يشاهد لحسنهن مثلًا. ينجح الكاتب في وضع عنصر التشويق الأساس؛ وهو العلاقة بين جسد مروان المريض، وروحه المهاجرة، ومتى وكيف ستعود روحه من عالم المستقبل إلى عالم الواقع. الجسم الأعظم للرواية يُصرف لعالم المستقبل مع تدخلات ناجحة في وقتها لعرض حالة المريض الراقد في غرفة مشفى، حيّر الأطباء أمرُه، فهو في حالة موت مؤكَّد كما تبيّن حالة جسمه، لولا بسمة في الثغر تتسع وتضيق حسب أحواله في عالم المستقبل.
رواية لا تزيد عن ١٢٠ صفحة، ومع ذلك فقد حشد الكاتب فيها صورَ الصراع الأزليّ على الأرض، وأشواق الخلاص منه عبر الأديان والفلسفات، وكيف تمرّد الإنسان عليها وشوّهها وصيّرها خادمة لأطماعه وأنانيّاته، ثم كان العلم ولقاحاته هو المنقِذ، هو الحل لأنانية الإنسان، طور لقاح قتل هذه الأنانية واعتماد الصدق، وبهما مات الشيطان".