هي معاهدة صنعاء اليمنية–السوفيتية لسنة 1346هـ/ 1928م، التي تم التوقيع عليها في صنعاء، بين كلٍّ من المملكة المتوكلية اليمنية سابقًا، والاتحاد السوفيتي سابقًا، في 17 جمادى الأولى 1347هـ/ 1 نوفمبر 1928م، ضمن سلسلة المعاهدات والاتفاقيات التي أبرمها الإمام يحيى حميد الدين، عقب استقلال اليمن عن حكم الأتراك سنة 1336هـ/ 1918م، والتي بدأت بالمعاهدة اليمنية-الإيطالية سنة 1345هـ/ 1926م، وتكتسب هذه المعاهدة أهمية خاصة؛ لأن الإمام بموجبها يعدّ أول من أقام علاقة سياسية مع اتحاد الجمهوريات السوفيتية.
تتألف هذه المعاهدة من مقدمة، وخمس مواد، وخاتمة، وتتضمن المقدمة إشارة إلى "رغبة الطرفين في تأسيس المناسبات الرسمية الاعتيادية، وفتح الصلات الاقتصادية بين بلديهما، وترقيتها، وبنائها على أساس الصدق في تنظيم العلاقات الودادية [الودية] بين الحكومتين وشعوبهما، والاعتراف بالتساوي بين الطرفين في كافة الحقوق".
وتنص المادة الأولى من المعاهدة على "اعتراف حكومة اتحاد الجمهوريات السوفيتية الاشتراكية بالاستقلال الكامل المطلق لليمن ولملكها..."، وتنص المادة الثانية منها على "تعهد الطرفين المتعاقدين بتسهيل المبادلات التجارية بين الدولتين"، "وأن يكون فصل القضايا التي تحدث لكلًّ من رعايا الطرفين في المحاكم المحلية للدولة التي يوجدون فيها وفق نظمها".
وتحدد المادة الثالثة تاريخ سريان العمل بالمعاهدة، أما المادة الرابعة منها، فتحدد مدة سريان المعاهدة التي تبلغ عشر سنوات من تاريخ التوقيع عليها. وبموجب المادة الخامسة سميت هذه المعاهدة: (معاهدة صنعاء)، التي نظمت في نسختين باللغة العربية فقط، وتنتهي المعاهدة بخاتمة تضمنت أسماء مندوبَي الحكومتين اليمنية-السوفيتية حضرة آسناخوف، وحضرة القاضي محمد راغب، اللذَين وقّعا على المعاهدة نيابة عن حكومتيهما.
وقد كانت هذه المعاهدة هي الأساس الذي قامت عليه العلاقات اليمنية-السوفيتية حتى انهيار الكيان السياسي للاتحاد السوفيتي في ديسمبر 1991م/ جمادى الأولى 1412هـ.
نص الاتفاقية
بناء على الاستصواب والاستنساب المتقابل من كلٍّ من حكومة اتحاد الجمهوريات السوفياتية الاشتراكية من طرف، ومن حضرة الإمام يحيى ابن الإمام محمد حميد الدين وحكومته من طرف آخر، ورغبة الطرفين في تأسيس المناسبات الرسمية الاعتيادية، وفتح الصلات الاقتصادية بين بلاديهما، وترقيتها وبنائها على أساهـا الصدق في تنظيم العلاقات الودادية بين الحكومتين وشعوبهما، والاعتراف بالتساوي بين الطرفين في كافة الحقوق وأحكامها العامة المرعية بين الدول والملل. قد اتفق الطرفان المشار إليهما على عقد معاهدة الود والصداقة والتجارة هذه، واعتبارها كمقدمة لما تستدعيه وتقتضيه الظروف المستقبلة عند ترقي الصلات الاقتصادية بين البلدين وتوسعها من إجراء المذكرات والسعي من الحكومتين المشار إليهما في تنظيم الاتفاقات اللازمة كمثل تجارة وغيرها، مما يرتضيه الطرفان، فقررا الآن ما هو آتٍ:
- المادة الأولى:
تعترف حكومة اتحاد الجمهوريات السوفيتية الاشتراكية بالاستقلال الكامل المطلق لليمن ولملكها الإمام يحيى ابن الإمام محمد حميد الدين. ويقدر صاحب الجلالة ملك اليمن وحكومته صورة الاحترام الخالص والحسيات المجيلة التي تضمرها حكومة اتحاد الجمهوريات السوفيتية- الاشتراكية لدولة اليمن وشعبها وسائر الشعوب الشرقية، ووفاقا لهذا فقد تأسس بين الطرفين المتعاهدين المناسبات الرسمية بموجب المقدمة المحررة آنفا.
- المادة الثانية:
يتعهد الطرفان المتعاقدان بتسهيل المبادلات التجارية بين الدولتين، ووفقًا لهذا التعهد يكون لكلٍّ من رعايا الدولتين في بلاد الدولة الأخرى بعد الحصول على الإذن منها، الدخول والإقامة طبق نظمها، والعمل بالتجارة وإجراء معاملاتها التي تقتضيها على شريطة أن يكون فصل القضايا التي تحدث لكلٍّ من رعايا الطرفين في المحاكم المحلية للدولة التي يوجدون فيها وفق نظمها، وأن ما كان ممنوع الاتجار به في قوانين إحدى الدولتين فلكلٍّ منهما منع أو مصادرة ما وجد في بلدها من ذلك. ويتعهد الطرفان المتعاقدان أن يساعدا بتطبيق كل تسهيل موافق للنظم المحلية في معاملات رعايا الدولتين في التجارة، فيما يختص بالضرائب والرسوم الجمركية.
- المادة الثالثة:
توضع هذه المعاهدة في موضع التطبيق وإجراء من الحكومتين بعد إمضائها وتصديقها على مقتضى الأصول الرسمية المعتادة من طرف حكومة اتحاد الجمهوريات السوفيتية الاشتراكية، اعتبارًا من يوم وصول التصريح الرسمي من الحكومة المشار إليها إلى جلالة ملك اليمن الإمام يحيى.
- المادة الرابعة:
معاهدة الود والصداقة والتجارة هذه معمول بها وموضوعة في موضع العمل والتطبيق مدة عشر سنوات، اعتبارًا من التاريخ الذي ذكر في المادة الثالثة، وعند انقضاء المدة المذكورة يمكن تمديدها أو تبديلها بغيرها راجعًا إلى رغبات الطرفين المتعاقدين وما سيتفقان عليه في المستقبل.
- المادة الخامسة:
تسمى هذه المعاهدة معاهدة صنعاء، وهي تشكل على مقدمة وخاتمة وخمس مواد، هذه المادة إحداها، وقد نظمت في نسختين باللغة العربية لتداولها بين الطرفين المتعاقدين.
الخاتمة:
لكي تكون هذه المعاهدة مهيَّأة لاكتسابها صفة التصديق النهائي، حسبما نصت عليه المادة الثالثة والرابعة، قد أمضيت في صنعاء عاصمة اليمن من طرف معتمد حكومة اتحاد الجمهوريات السوفيتية الاشتراكية حضرة آسناخوف بالنيابة عن حكومته المشار إليها، ومن طرف الإمام حضرة القاضي محمد راغب المندوب عن جلالة ملك اليمن الإمام المشار إليه، بعد اتفاقهما على ما حوته من العبارات والمعاني الدالة عليها اتفاقًا تامًّا، وتحريرها في 17 جمادى الأولى 1347هـ الموافق أول نوفمبر سنة 1928م.
المصدر