يمنيات قسريًا في السعودية: النجاة إلى الوجع

اختفاء ومصير مجهول للباحثات عن الأمان
خالد سعيد
July 17, 2024

يمنيات قسريًا في السعودية: النجاة إلى الوجع

اختفاء ومصير مجهول للباحثات عن الأمان
خالد سعيد
July 17, 2024
.

تضطر بعض النساء اليمنيات الناجيات من سجون أطراف الصراع في اليمن إلى الهجرة خارج البلاد، هروبا من جحيم الحرب والمعاناة، وقساوة ما تعرضن له في المعتقلات، وبحثا عن الأمان، لتهوي بهن الأقدار من جديد، في سجون أشد ألما، وأحلك ظلمة.

دول الخليج العربي، وفي مقدمتها دولة الجوار الأقرب إلى اليمن جغرافيا، المملكة العربية السعودية، التي قادت مع الإمارات تحالفا لدعم الحكومة المعترف بها دوليا في الحرب اليمنية الدائرة منذ العام 2015، آوت الكثير من اللاجئين اليمنيين، وخاصة النساء الناشطات اللواتي وجدن اللجوء إلى السعودية أفضل الطرق وأقصرها، للعيش بعيدا عن العنف والمعاناة، لكن المصير المجهول والإخفاء القسري لحق بهن نهاية المطاف في الأراضي المضيفة.

على الرغم من أن المادة السادسة والثلاثين من النظام الأساسي للحكم في المملكة العربية السعودية تنص وتقر بأن على الدولة أن "توفر الأمن لجميع مواطنيها والمقيمين على إقليمها، ولا يجوز تقييد تصرفات أحد، أو توقيفه، أو حبسه، إلا بموجب أحكام النظام،" على الرغم من ذلك فإن بعض دول الخليج أصبحت ملجأ غير آمن، لكثير من النساء اليمنيات الناشطات في مجال حقوق الإنسان، خاصة الناجيات من سجون جماعة الحوثي، وهو ما حدث مع العديد من اليمنيات نتيجة الممارسات غير القانونية، والأفعال التعسفية ضد الوافدات والوافدين الأجانب.

بحسب ناشطة حقوقية فإن النساء اليمنيات ضحايا الحرب في الداخل (داخل اليمن)، وضحايا الانتهاكات في الخارج"، واصفة ما حدث للناشطة "الحوري" بأنها جريمة مركبة، جمعت بين الاختفاء القسري، وانتهاك حق الطفولة، في إشارة إلى ولدها "أحمد الحليلي" المحتجز لدى السلطات السعودية، مع والدته.

سميرة الحوري واحدة من النساء اليمنيات اللواتي طالهن التعسف في دول الخليج المجاورة لليمن، بعد أن لاذت بالفرار عقب اعتقال دام لأشهر في سجون جماعة الحوثي بالعاصمة صنعاء، على خلفية نشاطها الحقوقي والإنساني، في وقت أصبحت فيه النساء العاملات في المجال الإنساني وحقوق الإنسان مهددات بالمخاطر، نتيجة التعقيدات التي فرضتها الحرب المستمرة في البلاد لأكثر من تسع سنوات.

معاناة اليمنيات في الخليج

تعتبر الحوري شخصية نسوية لطالما تردد اسمها كثيرا بين الأوساط الشعبية في اليمن، وكذا العربية، في الآونة الأخيرة، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وجمعت أصواتا حقوقية كثيرة، ومثلت نموذجا لمعاناة النساء اليمنيات في دول الخليج، المهاجرات فرارا من المعاناة، وبينت حجم الانتهاكات التي تمارسها دول الخليج ضد الناشطات الوافدات إلى الأراضي الخليجية. فهي-الحوري- وغيرها يقبعن في السجن دون معرفة الأسباب، أو أن يتم عرضهن على السلطات القضائية المختصة في حال كان هناك ما يتم الادعاء به عليهن.

تعرضت الناشطة الحقوقية سميرة الحوري، للاختطاف في الـ 17 من شهر يناير/ كانون الثاني 2022، من قبل السلطات السعودية من أحد الفنادق التي كانت تسكن فيه مع نجلها أحمد الحليلي، وفق بيان عائلة المخفية سميرة وولدها أحمد.

وقال البيان إن إخفاء أحمد الحليلي ووالدته الحوري دون توجيه أي تهمة أو البدء بإجراءات قانونية مستندة على أسباب فعلية يعد عملية اختطاف خارج إطار القانون، محملا السلطات السعودية المسؤولية القانونية الكاملة عن حياتهم ومسؤوليتها في القيام بكافة الخطوات من أجل ضمان إطلاق سراحهما بشكل فوري دون قيد أو شرط، ومحاسبة المسؤولين عن اختفائهما.

وأضافت عائلة أحمد الحليلي ووالدته في البيان قولها: "لقد ثبت لنا نحن، عائلة المختفية قسرا، بما لا يدع مجالا للشك، أن ما حدث مع ابنتنا سميرة وابنها أحمد يخالف القواعد والأعراف القانونية التي نص عليها القانون الدولي، لا سيما إخفاء الأشخاص بشكل قسري دون معرفة ذويهم عن أماكن وجودهم".

النجاة إلى الوجع

يقول الصحفي والناشط الحقوقي عبد الله الصلوي "إن النساء اليمنيات المهاجرات خارج البلد يعشن وضعا صعبا، خاصة الناجيات من سجون جماعة الحوثي اللواتي اضطررن إلى النجاة بأنفسهن إلى الوجع، والفرار من الانتهاكات التي ارتكبت ضدهن في السجون أثناء فترة اعتقالهن".

ويستدل الصحفي "الصلوي" في حديثه لـ "خيوط" بما حدث للناشطة سميرة الحوري التي وجدت نفسها بين كماشتي الهجرة والاختفاء القسري. وتابع بالقول: "دول الخليج وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، عملت بشكل غير قانوني على اختطاف واحدة من أبرز النساء الناشطات في اليمن، وإخفائها قسرا، رغم المناشدات المتكررة بالإفراج عنها،" مشيرا في حديثه إلى الناشطة "الحوري" التي طالتها يد الاعتقال من قبل الأجهزة الأمنية السعودية،" مجرما هذه الأفعال التي تتنافى مع القوانين والمواثيق الدولية، التي تحفظ للإنسان حريته وكرامته، في الدول التي أحرى بها أن تكون راعية ومتصدرة لحقوق الإنسان، وحفظ الحريات والحقوق. "فالمملكة العربية السعودية ترعى تحالفا دوليا للقتال في اليمن منذ ما يزيد عن تسع سنوات،" على حد تعبيره.

اليمنيات ضحايا في الداخل والخارج 

وتوافقه في الرأي زهراء محمد (اسم مستعار)، وهي ناشطة حقوقية، بقولها لخيوط: "إن النساء اليمنيات ضحايا الحرب في الداخل (داخل اليمن)، وضحايا الانتهاكات في الخارج،" واصفة ما حدث للناشطة "الحوري" بأنها جريمة مركبة، جمعت بين الاختفاء القسري، وانتهاك حق الطفولة، في إشارة إلى ولدها "أحمد الحليلي" المحتجز لدى السلطات السعودية، مع والدته." مع عدم الإفصاح عن مصيرهما، رغم المناشدات والمطالبات بمعرفة مصيرهما والإفراج عنهما.

ووصفت منظمة سام للحقوق والحريات (منظمة أهلية) إخفاء الناشطة اليمنية سميرة الحوري وولدها أحمد الحليلي بالجريمة ضد الإنسانية، مؤكدة أن استمرار صمت السلطات السعودية عن مكان وجودهما وتجاهل مناشدة ذويهم يؤشر على مخالفة صريحة للقواعد والأعراف القانونية التي نص عليها القانون الدولي، لا سيما إخفاء الأشخاص بشكل قسري دون معرفة ذويهم عن أماكن وجودهم.

وأعربت المنظمة في ذات البيان عن مخاوفها من تعرض "سميرة" وابنها للتعذيب، وقالت "إن وقائع التعذيب التي وثقتها المنظمة في وقت سابق تكشف أن الأشخاص المخفيين قسرا أكثر عرضة للتعذيب وسوء المعاملة، خاصة عندما يُحتجزون خارج مراكز الاحتجاز الرسمية، مثل مراكز الشرطة والسجون".

قمع وانتهاكات ضد النساء 

في ذات السياق، قالت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان (منظمة غير حكومية مقرها ألمانيا) إن السنوات الأخيرة شكلت انقلابا جذريا في تعامل المملكة العربية السعودية مع النساء. فمقابل الترويج لإصلاحات قانونية، ورفع محظورات سابقة، استعرت حملة قمع وعنف على الناشطات والمدافعات عن حقوق الإنسان".

وأكدت المنظمة في بيان صدر نهاية يونيو 2023 أن الملاحقات التي تتعرض لها الناشطات والمدافعات عن حقوق الإنسان يعكس واقع تعامل الحكومة السعودية مع أي رأي أو صوت لا يطابق ما تروج له، إلى جانب اشتداد قمعها وانتهاكاتها ضد النساء. مشيرة إلى أنه على الرغم من ترهيب المجتمع وانعدام الشفافية، تظهر العديد من القضايا التي تبين تعامل الحكومة السعودية مع النساء من كافة الجنسيات، مبينة أن الناشطة سميرة الحوري حُرمت من التواصل مع العالم الخارجي وأنها مخفية قسريا منذ اختطافها.

لم تثن السلطات السعودية مطالباتُ المنظمات الحقوقية، ونشطاء المجتمع اليمني، للكشف عن مصير الناشطة "سميرة،" في ظل صمت مريب من الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، والتي بينت آثار ما تركته الحرب من استهانة بالإنسان، وسلب حقوقه في الحرية والكرامة، رغم ما نصت عليه المادة الأولى من الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، بأنه لا يجوز تعريض أي شخص للاختفاء القسري." وأكدت المادة الخامسة من نفس الاتفاقية أن ممارسة الاختفاء القسري العامة أو المنهجية جريمة ضد الإنسانية".

•••
خالد سعيد
صحفي

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English