رحلة الديمقراطية الأمريكية من العراق إلى غزة واليمن

زواج المحارم بين المال والسياسة أحد فصول حرب "الهجوم على العقل"
شذى العريقي
April 19, 2025

رحلة الديمقراطية الأمريكية من العراق إلى غزة واليمن

زواج المحارم بين المال والسياسة أحد فصول حرب "الهجوم على العقل"
شذى العريقي
April 19, 2025

تعني الديمقراطية بمفهومها الأثري "حكم الشعب للشعب وبالشعب"؛ هذا التعبير السريالي والطموح عن الديمقراطية والذي تغنى فيه أبراهام لينكولن الرئيس السادس عشر الولايات المتحدة الأمريكية، البلد الذي ابتدأ ديمقراطيته بطبقة الأثرياء حيث سمح لرجال الأعمال وملاك الأراضي البيض بالتصويت على الانتخابات والمشاركة السياسية دون غيرهم.

لكن حين كان العقل هو المحرك الأول للنضال السياسي، وحين كانت المصلحة العامة هي الهدف الأول للديمقراطية، قدم الأمريكان العديد من التضحيات واستطاعوا بفلسفتهم الواقعية النضال تدريجيًا لنيل معظم حقوقهم بالتساوي، وبناء نظام ديمقراطي رئاسي يعد من أكثر الأنظمة السياسية استقرارًا، مما جعله نموذجًا حذت حذوه العديد من دول العالم، حيث فيه من المرونة ما يسمح له بالتأقلم مع العديد من المتغيرات، وأكثر ما امتاز به إنه بني على فلسفة التوازن الإيجابي بين السلطات الثلاث الأمر الذي ضمن استقراره لأكثر من 200 عام، وكان له الفضل بجعل الولايات المتحدة الدولة الأولى على مستوى العالم.

غير أن انهيار الاتحاد السوفيتي، وتقلد العالم لنظام القطب الواحد بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، وإعلان الرئيس جورج بوش قيام النظام العالمي الجديد بمبادئه وقيمه التي صيغت بأسلوب المنتصر، وهيمنت الولايات المتحدة على العالم، هيمنة "الأخ الكبير"، وأدى هذا الانتصار إلى وجود تغييرات كبيرة في السياسة الخارجية الأمريكية، أثرت تلقائيًا على سياساتها الداخلية، تأثيرًا يوشك أن يودي بحياة روحها الديمقراطية.

بعد أن كانت مبادئ الولايات المتحدة تصاغ من أفواه الفلاسفة، وبحوار حضاري يشارك فيه المفكرين والمتنورين الذي أختارهم الشعب بمختلف توجهاته، باتت الولايات المتحدة وديمقراطيتها اليوم تحتضر في مكتب إيلون ماسك الذي يقف بجانبه دونالد ترامب فاتحًا فاهه متعطشًا لخطة جديدة تجلب له مزيدًا من الثروة والمال

يوضح آل جور (نائب الرئيس في عهد بيل كلينتون) في كتابه "هجوم على العقل"، وبأسلوب ناقد تراجع الديمقراطية الأمريكية وانهيار أهم المبادئ الدستورية التي جاء بها الآباء المؤسسون للولايات المتحدة والمستمد معظمها من أبرز الفلاسفة والمفكرين السياسيين، وظهور جيل جديد من السياسيين الغير عابئين بالمبادئ والأسس التي قامت عليها البلاد، والذي أدى إلى تراجع ملحوظ في للديمقراطية الأمريكية، حيث تراجع دور الحوار السياسي والمناظرة، حتى في ما يخص القرارات المصيرية مثل قرارات الحرب والسلام.

 كما انتقلت الديمقراطية إلى مرحلة جديدة تسيطر فيها المصالح الخاصة للأقلية من مالكي الثروة والمال على حساب المصالح العامة لأغلبية الشعب، ملخصًا ذلك بالقول بأن الأجيال الحديثة (السياسيين) قد فقدت كل احترام للقيم، وأنها في طريقها للتدهور والانحطاط.

يمكن تلخيص أبرز أسباب تراجع الديمقراطية الأمريكية وفقًا لآل جور، والتي كان من أهم نتائجها إعلان الحرب "الهمجية" على العراق، بمجموعة من النقاط في هذا البحث والتحليل الموسع؛ وذلك مرورًا بمواقف الولايات المتحدة تجاه حرب الإبادة في غزة، وتجاه الدول المناهضة لهذا العدوان البربري، بالرغم من محاولة تبريره بأنه ردًا على ما يحصل في البحر الأحمر.

استخدام سياسة الخوف وتحريف الوقائع

باستخدام سياسة الخوف، والتي يمكن تعريفها بأنها تضخيم حدث معين وتحريف الوقائع، وخلق حالة من الهلع الشعبي، بهدف تمرير سياسات ومصالح خاصة لنظام معين، استطاع النظام الأمريكي بقيادة بوش جونيور اقناع الشعب الامريكية بضرورة إعلان الحرب على العراق، مستخدما أساليب المتاجرة بالخوف التي تحدث عنها "باري جلانسر" أستاذ علم الاجتماع في جامعة جنوب كاليفورنيا، وهي ثلاثة أساليب التكرار، وجعل التضليل، وغير المألوف مألوفًا. 

استخدم الأمريكان شماعة الإرهاب بحسب وصف آل جور بأنها؛ الكلمة الطنانة التي تخلق انطباعًا حيًا وخوفًا مفرطًا لدى المتلقي، للاحتلال والتدخل في شؤون العديد من الدول، واستغلالها وامتصاص ثرواتها، وبالعودة لأساليب المتاجرة بالخوف تُكرر الولايات المتحدة خطابها عن الإرهاب مع كل عملية عسكرية تقوم بها ضد أي دولة نامية، ولتمرير قوانين تناقض الدستور الأمريكي نفسه، واتخاذ قرارات ضد دول وجماعات وأفراد تصل حد إعلان الحرب المباشرة، حيث تم إعلان الحرب على العراق تحت مبرر الإرهاب، وحيازة أسلحة الدمار الشامل، وكذا ما يمكن اعتباره (تواطؤ) مع القاعدة في أحداث 11 سبتمبر، وتم بموجب ذلك اعتقال آلاف الأشخاص قسريًا، وتعذيب السجناء في أبو غريب الذي قدر محققون أن نحو 90% منهم مورس ضدهم أشد أنواع التعذيب، وقد كانوا أبرياء من أي تهم.

وقد سقطت جميع الحجج والأدلة التي قامت بموجبها هذه الحرب، وبشهادة لجان التحقيق الأمريكية، واتضح أن المبرر الأهم للحرب هو تحقيق رغبة جماعات المصالح الخاصة بالحصول على النفط العراقي.

وبنفس المبرر يتم تقديم الدعم المادي والعسكري للكيان الصهيوني في حرب الإبادة الجماعية التي يقوم بها الكيان الإسرائيلي المحتل في غزة، والذي راح ضحيتها أكثر من 46 ألفا و788 شهيد، و110 آلاف و453 جريح، و 1.9 مليون من الغزيين أجبروا على النزوح.

وهكذا تستخدم الولايات المتحدة الأمريكية مصطلح الإرهاب، كغطاء لأعمالها وممارستها الخارجة عن النظام والقانون على المستوى الدولي، لإقناع الداخل الأمريكي بأهمية هذه الحروب وخطورة عدم التعامل معها، وبهدف تحقيق مجموعة من المصالح الخاصة.

تغليب المصالح الخاصة على العامة

مع تغليب المصلحة الخاصة على العامة، لم تعد الديمقراطية الأمريكية تعني حكم الشعب للشعب وبالشعب، حيث تؤثر جماعات المصالح من رجال المال والأعمال على إدارة السياسات العامة، ولهذا التأثير أوجه كثيرة، منها دفع الأموال الطائلة أما لتمويل وسائل الإعلام المؤثرة على الرأي العام، أو دفع الرشاوى التي تصل إلى أعضاء الكونجرس أنفسهم في معظم الأحيان بهدف تمرير القوانين أو منع تمريرها،  فبحسب آل جور فقد وصف السيناتور "بيارد" مجلس الشيوخ قبل غزو العراق بالقول "كانت القاعة خاوية لأن أعضاء المجلس كانوا في مكان أخر، في حفلات جمع التبرعات؛ من أجل حملة إعادة انتخابهم".

ويقوم دونالد ترامب باستخدام ذات السياسة القائمة على تغليب المصالح الخاصة على حساب المصالح العامة، ولكن بصورة أكثر انكشافًا وجرأة، حيث يقود دونالد ترامب الولايات المتحدة بشخصية رجل الأعمال الجشع الذي يقيس قراراته بمبدأ الربح والخسارة، ضاربًا جل مبادئ الدستور الأمريكي عرض حائط الكونجرس، و"راكلًا" المعاهدات الدولية وقرارات الأمم المتحدة.

 وبعد أن كانت مبادئ الولايات المتحدة تصاغ من أفواه الفلاسفة، وبحوار حضاري يشارك فيه المفكرين والمتنورين الذي أختارهم الشعب بمختلف توجهاته، باتت الولايات المتحدة وديمقراطيتها اليوم تحتضر في مكتب إيلون ماسك الذي يقف بجانبه دونالد ترامب فاتحًا فاهه متعطشًا لخطة جديدة تجلب له مزيدًا من الثروة والمال، هناك كانت خريطة غزة، المشروع الاستثماري الضخم "ريفييرا الشرق الأوسط" والذي يسعى بموجبه إلى تهجير 2 مليون من سكان غزة إلى دول مجاورة.

لا يمتلك الشعب الأمريكي أي مصالح عامة في الأراضي الفلسطينية بشكل عام، أو في قطاع غزة، كما لا يوجد أي مصالح أمريكية بشكل عام في الأراضي اليمنية، وحتى بعد احتلال العراق وامتصاص النفط من أراضيها

ووفقًا للصحفي الأمريكي كريس سيليزا Chris Cillizza ؛ "فلن يقبل الرأي العام الأمريكي، الذي أصبح أقل اهتمامًا بالتورط الأمريكي العسكري في الخارج أبدا فكرة استخدام القوة العسكرية الأميركية لإخراج سكان غزة".

وقد بدأ ترامب حملته الانتخابية الثانية بمقايضة بين السياسات الامريكية ومن يدفع اكبر قدر من الأموال، ووفقًا لمقال نشر في صحيفة الإندبندنت البريطانية بعنوان "فساد صارخ": دونالد ترامب يبيع سياساته لولاية ثانية لأعلى المزايدين"، "ذهب ترامب أبعد من أي مرشح آخر في التاريخ الحديث، لتشكيل سياساته مقابل المال. ولا يُبرم ترامب هذه الصفقات خلف الأبواب المغلقة أو في غرف خلفية مُظلمة، بل في فعاليات جمع التبرعات التي يحضرها العشرات من أصحاب النفوذ والأثرياء". 

كما قام التاجر ترامب وفقًا للتقرير باستلام أكثر من 20 مليون دولار من "شيلدون أديلسون" لنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، ووفقًا لما نشرته صحيفة فورورد؛ "فقد تعهدت ميريام أديلسون وهي زوجة شيلدون بتضخيم المبلغ ليصل الى 100 مليون دولار مقابل ضم الضفة والجولان، وهي رشوة علنية بمرأى ومسمع الشعب والصحافة الأمريكية.

لا يمتلك الأمريكيين أيّ مصلحة عامة من الحرب

لا يمتلك الشعب الأمريكي أي مصالح عامة في الأراضي الفلسطينية بشكل عام، أو في قطاع غزة، كما لا يوجد أي مصالح أمريكية بشكل عام في الأراضي اليمنية، وحتى بعد احتلال العراق وامتصاص النفط من أراضيها، تحدث آل جور إنه قد تم عمل عقود وحيدة المصدر لشركة هاليبيرتون الذي يعمل فيها نائب رئيس بوش آنذاك ويتقاضى شهريًا 150 ألف دولار شهريًا حتى 2005، واختفت عوائد النفط العراقي دون أي إشارة إلى مكانها ومتلقيها وأوجه إنفاقها.

ويتحدث آل جور عن المواليين الاقتصاديين وهم أصحاب المصالح الخاصة بأنهم أولى الجماعات المؤثرة على الديمقراطية الأمريكية، حيث ينصب اهتمامهم على تخفيض أكبر قدر من الضرائب وإزالة العقبات التنظيمية التي لا تلائمهم، وإنهاء دور الدولة في توفير الخدمات الاجتماعية، مثل توفير الرعاية الصحية والسكن والضمان الاجتماعي، ويعارضون وضع حد أدنى للأجور،  وتحديد ساعات العمل، وقوانين الأمن الوظيفي، وحماية المستهلك وغيرها من القضايا التي تحافظ على حقوق المواطن أمام جماعات المصالح، وهم انفسهم من يسعون الى الغزو الغير مبرر والاستعمار الاقتصادي، لتحقيق أكبر قدر من الثروة.

إن زواج المحارم كما وصفه آل جور بين كلًا من السياسة والاقتصاد والثروة والسلطة يمثل تهديدًا فتاكًا للديمقراطية، كما أن تركيز إحداهما في يد واحدة يضاعف احتمال فساد كل منهما، حيث أن (نسبة الأغنياء والفقراء في أمريكا) (نسبة المديونين) من أهم الأمثلة على ذلك، وكذا الدعوة المستمرة إلى خفض الضرائب على أغنى الأسر الأمريكية والتي تمثل 1% من السكان، بينما يتم منع الخدمات العامة على عشرات ملايين الأسر. 

ووفقًا لتقرير "الإندبندنت" فقد قام دونالد ترامب بتخفيضات ضريبية لأعلى 1% من أصحاب الدخل، وساعدت هذه التخفيضات على نمو ثروة المليارديرات بمقدار تريليون دولار جماعي عام 2020.

وبحسب تقرير صادر عن مكتب الميزانية بالكونجرس، يسيطر الآن 10% من الأثرياء الأميركيين على 60% من ثروة البلاد، في حين لا يملك النصف الأفقر من البلاد سوى 6%.

ووفقًا لذلك فإن الشعب الأمريكي لا يمتلك أي فائدة من الحروب التي تخوضها الولايات المتحدة خارج حدودها، بل ان 1% من جماعات المصالح هي المستفيد الأول من معظم هذه الحروب، والذي يمثلها حاليًا دونالد ترامب وايلون ماسك، وحتى على مستوى السياسات الداخلية، فقد عملوا مؤخرًا على تفكيك وزارة التربية والتعليم في أمريكا وتسريح أكثر من نصف العاملين فيها. وتصف صحيفة يونايتد وي دريم ذلك؛ "أنها أحدث مساعي ترامب لتدمير ديمقراطيتنا، وتدليل إيلون ماسك، والإضرار بالطبقة العاملة، والطلاب". وأضافت: "أوضح ترامب أنه سيُبالغ في انتهاك ديمقراطيتنا لتعزيز حملته الشرسة على الطبقة العاملة في كل مكان. بمحاولته إلغاء وزارة التعليم، يُمهّد ترامب وحلفاؤه من أصحاب المليارات الطريقَ لنيل حق التعليم لجميع الطلاب، فالجمهور غير المتعلم أسهلُ تلاعبًا"، ومن المتوقع أن يتم تمرير ذلك من قبل الكونجرس اسوة بغيرها من القرارات التي يحركها أصحاب النفوذ.

 وبناء على ذلك يمكن القول أن معظم القرارات التي يتم تشريعها في الكونجرس حاليًا باتت خاضعة لرغبة أصحاب الثروة والمال، ولم يعد الكونجرس يقوم بدورة بتمثيل الشعب الأمريكي، بل أصبح كما وصفة آل جور: "مجرد هيئة استشارية" تعمل على تمرير رغبات السلطة التنفيذية التي تسعى لتعزيز نفوذها عن طريق تحقيق رغبات جماعات المصالح.

لا يمكن للدول الديمقراطية أن تشارك بغزو غيرها

وصف جورج أرويل في روايته 1984 المستبد "بالأخ الأكبر"، الذي يسعى للسيطرة ومراقبة جميع تحركات من هم أقل منه شأنًا ومنزلة ولا أحد يراقبه أو يحاسبه، يشبه ذلك سياسة الولايات المتحدة الأمريكية الخارجية تجاه الدول النامية تحديدًا، فبينما تدعي الولايات المتحدة ديمقراطية نظامها داخليًا، إلا أنها تمارس دور الدكتاتور، الذي يقف في قمة هرم نظام دولي شمولي يحكمه القطب الواحد.

وقد خاضت الولايات الامريكية العديد من الحروب ضد دول نامية، لم تكن تمثل تهديد مباشر لها، منها حرب العراق الذي وصفها آل جور بأنها حربًا طائشة، مبنية على مجموعة من الأكاذيب، ضد بلد لا يمثل للولايات المتحدة أي تهديد مباشر.

 كما لم تكتفي الولايات المتحدة بدعم الكيان الصهيوني الإسرائيلي ماديًا وعسكريًا، بل أنها تمادت بدعمها لدرجة خوض حرب مباشرة ضد الدول التي تقف لمساندة فلسطين، وعليه شنت الولايات المتحدة حربها المباشرة على اليمن، بسبب موقف سلطة صنعاء والذي قد يكون الموقف العربي الوحيد ضد العدوان البربري على غزة، باستهداف فقط إسرائيل وإغلاق باب المندب أمام سفنها والسفن لداعمه لها، وكذلك كان لموقف الشعب اليمني المناصر للقضية الفلسطينية الموحد رغم الخلافات الداخلية دورًا في اعتبار اليمن أحد أهم الأهداف العسكرية الحالية للسياسة الخارجية الأمريكية.

ومهما كانت المبررات فإن ما يحصل اختراق وتعدي على سيادة الدولة اليمنية مهما حاول البعض توصيف الاعتداء الحاصل والذي يعتبر أمرًا مناقضًا للقانون الدولي الذي يعطي للدولة الحق في الدفاع عن نفسها ضد أي هجوم، وهو ذات المبدأ التي خاضت بموجبه أمريكا وأوروبا العديد من الحروب.

ناقضت الحكومات الأمريكية مؤخرًا مبادئ الدستور الأمريكي نفسه، والذي يضمن كافة الحقوق والحريات المدنية، بينها حرية التعبير، الحق في الخصوصية، والحق في معرفة التهمة قبل الاعتقال، وكذلك لم تحترم هذه الحكومات مبادئ وقوانين الأمم المتحدة

ومثلما سبق ووصف آل جور قرار احتلال دولة العراق: "ما هو إلا قرار تدشين لمنتج جديد، فهناك لكل شيء موسم ولاسيما سياسة الخوف، كما أن الحرب على الإرهاب استخدمت لتحقيق مصلحة حزبية وتعزيز نفوذها السياسي.

لذا بحسب وصف آل جور؛ " فإنه من الممكن اعتبار الحرب على اليمن -وهي حرب ضمن مجموعة من الحروب السياسية والاقتصادية الذي يخوضها ترامب اليوم- منتجًا جديدًا يسعى ترامب من خلاله إلى تعزيز نفوذه السياسي والاقتصادي خاصة مع رغبته الملحة للحكم لدورة انتخابية ثالثة قائلًا لشبكة البي بي سي: "لا أمزح بشأن احتمال السعي لتولي فترة رئاسية ثالثة وهناك طرق للقيام بذلك" وحتى الآن لا يوجد طريقة واضحة لذلك إلا بوجود حالة حرب مستمرة وعسيرة تبرر له تمديد رئاسته لفترة جديدة أسوة بالرئيس روزفلت الذي قاد الولايات المتحدة لثلاث فترات نتيجة للحرب العالمية الثانية، ويمكن أن يمثل هذا الإعلان رغبة ترامب الضمنية بدفع العالم إلى حرب عالمية جديدة.

تناقض مع الدستور الأمريكي ومبادئ الأمم المتحدة

ناقضت الحكومات الأمريكية مؤخرًا مبادئ الدستور الأمريكي نفسه، والذي يضمن كافة الحقوق والحريات المدنية، بينها حرية التعبير، الحق في الخصوصية، والحق في معرفة التهمة قبل الاعتقال، وكذلك لم تحترم هذه الحكومات مبادئ وقوانين الأمم المتحدة، فبحسب آل جور قد استخدم جورج بوش الابن كافة الوسائل التي يمكن من خلالها تحقيق نفوذه السياسي، والمصالح الخاصة لنخبته، حيث أعلن الرئيس بوش أن لديه سلطة طبيعية غير مستخدمة لاعتقال أي مواطن امريكي يقرر الرئيس وحده أنه يمثل خطر على الدولة، وحبسه دون إذن اعتقال، ودون إعلامه بالتهم الموجهة إليه، ودون إبلاغ ذويه بحبسه، ودون حق السجين بمعرفة الجريمة التي ارتكبها.

وفي ديسمبر/ كانون الأول 2005، أكتشف الأمريكان أن السلطة التنفيذية، قامت بالتجسس سرًا على عدد ضخم من الأمريكيين طوال أكثر من أربع أعوام، والتنصت على مكالماتهم وبريدهم الإلكتروني ودون إذن قضائي أو نص قانوني.

كما تم ترهيب الصحفيين واتهامهم بالخيانة والتحفيز وعدم الوطنية، وتهديدهم، وتدمير سمعتهم، ومعاقبتهم، مما أدى إلى تقويض دور الصحافة وتكميمها.
أما ترامب فقد كان أكثر جرأًة وانفضاحًا من سابقيه، فبالإضافة إلى تأييده العلني لمجازر الإبادة الجماعية في غزة، ودعم الكيان الإسرائيلي بالمال والسلاح، يهدد ترامب ويتوعد كل من يقف ضد هذا الهجوم البربري سواء من الداخل الأمريكي أو الخارج، حيث وبعد أن قامت المحكمة الجنائية الدولية بإصدار أمر اعتقال نتنياهو باعتباره مجرم حرب، أصدر ترامب أمرًا تنفيذيًا، وصف فيه المحكمة بأنها "غير شرعية" وفرض قيود مالية وقيود على تأشيرات الدخول إلى الولايات المتحدة على موظفي المحكمة وأي شخص يساعد في تحقيقات المحكمة ضد الولايات المتحدة وحلفائها. 

 ختامًا ابتدأت الديمقراطية الأمريكية بالسماح لرجال الثروة والمال بالمشاركة السياسية دون غيرهم من أبناء الشعب الأمريكي بمختلف فئاته، ووفقًا للأسباب السابق ذكرها وأسباب أخرى كثيرة، قد تنتهي الديمقراطية الامريكية بنفس الطريقة التي بدأت بها.

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English