ترفع كرةُ القدم اليمنية، خصوصًا في العقدين الماضيين، شعارَ "التطلُّع للمستقبل"، وهو شعار استُلهِم من نجاح منتخب الناشئين الشهير الذي سُمِّيَ بـ"منتخب الأمل"، إضافة إلى كون هذا الشعار يستند على ما تتميز به كرة القدم بأنّها مسيرة عمل لا يتوقف نهائيًّا، وهذا ما ينطبق على كرة القدم اليمنية، التي ما زالت تتطلع إلى المزيد خلال الفترة المقبلة.
وتعيش الرياضة في اليمن أوضاعًا مأساوية استثنائية منذ بداية الحرب الدائرة في البلاد عام 2015، والتي تسبّبت في توقُّف الفعاليات الرياضية.
وذلك وسط جهود شحيحة بُذِلت في سبيل إيجاد الحلول لاستعادة النشاط الرياضي في عموم المحافظات بشكل عام، وكرة القدم بصورة خاصة، والتي بدأت تعود إلى الحياة مرة أخرى منذ مطلع العام 2019، مع خوض المنتخب الوطني التصفيات المؤهِّلة لمونديال قطر 2022، تبعه ذلك عودة الدوري اليمني لكرة القدم في مايو/ أيار 2021، بعد توقّف استمرّ منذ العام 2015، ومِن ثَمّ كان الحضور المميز لمنتخب الناشئين الذي توّج بالبطولة الآسيوية في ديسمبر/ كانون الأول 2021، والتي احتضنتها المملكة العربية السعودية.
اليمن وكأس العالم
لم يحظَ المنتخبُ اليمني بحضور مناسب في مشاركاته في البطولات الدولية، حيث لم يتجاوز عتبة الدور الأول في جميع نسخ التصفيات الخاصة بكأس العالم.
منتخب اليمن لكرة القدم الملقّب باليمن السعيد، يُديره الاتحاد اليمني للعبة الذي تأسّس عام 1962، وفي العام ذاته انضمّ إلى الاتحاد الآسيوي، وفي عام 1980 انضمّ إلى الاتحاد الدولي (فيفا). خاض مباراته الرسمية الأولى تحت مسمّى منتخب اليمن عام 1990 أمام ماليزيا وخسرها (0-1)، حقّق أكبر فوزٍ له (11-2) أمام منتخب بوتان عام 2000، وتعرّض عام 2003 لأكبر خسارة بنتيجة (0-7) أمام السعودية.
شارك المنتخب اليمني 8 مرات في منافسات كأس الخليج العربي، كان آخرها بقطر عام 2019، وخرج من الدور الأول، وشارك للمرة الأولى في كأس آسيا عام 2019، وخرج من دور المجموعات.
في الحديث عن المنتخب اليمنيّ ما بعد الوحدة اليمنية، لم يتغيّر الوضع عن القائم قبل العام 1990، لكن هذه المرة بمنتخب موحد والذي خاض نحو 48 مباراة في مراحل التصفيات التمهيدية المؤهلة لكأس العالم، سجّل فيها 57 هدفًا واستقبل 75 هدفًا، في حين خسر 22 مباراة، واشترك الرقم 13 بعدد مباريات الفوز والتعادل.
في تفاصيل ذلك، يأتي الحديث في البداية عن تصفيات كأس العالم 1994، والتي استضافتها الولايات المتحدة الأمريكية، فقد أوقعته القرعة في التصفيات الآسيوية التمهيدية في المجموعة الأولى مع العراق، الصين، الأردن، وباكستان.
خاض المنتخب اليمني مبارياته في هذه المجموعة بنظام الدوري الكامل، حيث أقيمت مباريات القسم الأول في الأردن، بينما أقيمت مباريات القسم الثاني في الصين، وذلك في مايو ويونيو 1993. حقّق اليمن ثلاثة انتصارات، وتعادلين، وثلاث خسائر، ليحتل المركز الثالث، وليخرج من منافسات التصفيات. وكانت أبرز نتيجة هي فوزه على الصين (صاحب المركز الثالث في كأس الأمم الآسيوية 1992) في 28 مايو 1993، بهدف شهير للاعب صالح بن ربيعة بتسديدة صاروخية لا تزال محفورة بذاكرة الجماهير الرياضية في اليمن، فهذا الهدف سمح للمنتخب اليمني بتسجيل إنجاز نادر ومحدود في سجله، بالفوز على أحد أبرز المنتخبات في القارة الآسيوية؛ المنتخب الصيني.
بعد غياب طويل، حظيَت جماهير كرة القدم اليمنية بفرصة مشاهدة منتخب بلادها وهو يشارك في نهائيات كأس آسيا، بل ربما للكثير منهم كانت هذه المشاركة هي الأولى لليمن في النهائيات القارية بعد توحيد البلاد.
بالانتقال إلى البطولة التالية عام 2002، واستضافتها اليابان وكوريا الجنوبية، شارك المنتخب اليمني في التصفيات الآسيوية المؤهلة لكأس العالم، حيث أوقعته القرعة في المجموعة الثامنة مع الإمارات، والهند، وبروناي.
مباريات هذه المجموعة أقيمت لأول مرة بنظام الذهاب والإياب لأول مرة. وفي تفاصيل مباريات هذه المجموعة أدّت خسارة اليمن مع الإمارات في آخر المباريات (2-3) لاحتلاله المركز الثاني بفارق نقطة واحدة عن الإمارات المتأهّل إلى الدور الثاني، وبفارق الأهداف عن الثالث الهند. وحقّق اليمن بقيادة المدرّب البرازيلي الشهير الذي مرّ على اليمن لوسيانو، أفضلَ نتائج له في هذه التصفيات وكان أقرب للتأهل إلى الدور الثاني.
في البطولة التالية، التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2006، في ألمانيا، تجاوز المنتخب اليمني الدور الأول الذي تمّ تخصيصه للمنتخبات المتأخرة في التصنيف، ثم أوقعته القرعة في المجموعة الثالثة من الدور الثاني مع كوريا الشمالية، الإمارات، وتايلند. على الرغم من الفوز الكبير على ملعبه، على الإمارات (3-1)، فإنّ اليمن قدّم أداءً سيِّئًا في باقي المباريات ممّا جعله يحتل المركز الرابع والأخير برصيد خمس نقاط من فوز وتعادلين وثلاث خسائر.
في تصفيات كأس العالم 2010، واجه اليمن المالديف في الدور الأول. على الرغم من خسارته في الإياب (0-2)، فإنّ فوزه في مباراة الذهاب (3-0) بأقدام محمد سالم الساعدي، وفكري الحبيشي، وهيثم ثابت، جعله يفوز في مجموع المباراتين (3-2)، وبالتالي يتأهّل إلى الدور الثاني. أوقعته القرعة في مواجهة تايلند، حيث تعادل ذهابًا في صنعاء بهدف لمثله سجّله علي النونو بينما خسر في مباراة الإياب في بانكوك بهدف ليخسر في مجموع المباراتين (1-2.(
في تصفيات كأس العالم 2014، تجاوز الدور الأول المخصص للمنتخبات الضعيفة في التصنيف. في الدور الثاني خسر أمام العراق (0-2) في مجموع المباراتين، حيث خسر في مباراة الذهاب (0-2) في أربيل بينما تعادل سلبيًّا في العين- الإمارات، حيث أقيمت المباراة خارج اليمن بسبب الأحداث.
العودة للمشاركات الآسيوية ومنتخب الناشئين
في فترة مشاركات المنتخبات اليمنية بعد العام 2018، وفي الحديث عن مشاركة المنتخب الوطني في نهائيات كأس آسيا 2019 في الإمارات، لم تتوقف مسيرة العطاء، كما يشير لذلك موقع الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، واستمرّ الفريق في الظهور بصورة مميزة هذا العام، ثم انتقلت الصورة إلى منتخب الناشئين تحت 16 عامًا الذي نجح في الحصول على بطاقة التأهّل للنهائيات الآسيوية، ومِن ثَمّ التتويج بها.
وبعد غياب طويل، حظيت جماهير كرة القدم اليمنية بفرصة مشاهدة منتخب بلادها وهو يشارك في نهائيات كأس آسيا، بل ربما للكثير منهم كانت هذه المشاركة هي الأولى لليمن في النهائيات القارّية بعد توحيد البلاد.
ظهور اليمن في الماضي، تمثّل في مشاركة منتخب اليمن الجنوبي في نهائيات كأس آسيا 1976، لكن في الإمارات 2019 نجح منتخب اليمن في التأهُّل بعد نتائج جيدة في التصفيات.
ورغم أنّ منتخب اليمن لم يحقّق النتائج المرجوة لجماهيره في البطولة القارية، فإنّه أظهرَ شجاعة خلال مبارياته الثلاث التي خسرها أمام إيران (0-5) والعراق (0-3) وفيتنام (0-2).
بعد ذلك تواصل العمل داخل معسكر المنتخب الوطني، حيث كان الفريق يستعدّ للمشاركة في التصفيات الآسيوية لكأس العالم 2022 في قطر وكأس آسيا 2023 في الصين.
وكان من ضمن أهمّ المحطات التي مرّ عليها منتخب اليمن، المشاركة في بطولة غرب آسيا 2019 في العراق، حيث حقّق نتائج لافتة للأنظار.
وقد استهلّ الفريق مشوار المنافسة في مدينة كربلاء العراقية بخسارة أمام فلسطين بنتيجة (0-1)، ولكنه بعد ذلك عاد بقوة ونجح في الخروج بنتيجة التعادل مع سوريا (1-1).
وفي المباراة الثالثة، استمرّ مسلسل الصعود ليفوز منتخب اليمن على لبنان (2-1)، وفي المباراة الأخيرة خسر بصعوبة أمام العراق بنتيجة (1-2)، ليحقّق المركز الثالث في المجموعة برصيد 4 نقاط من أربع مباريات، متقدّمًا على لبنان وسوريا.
وكما هو معروف انتقل هذا الحافز إلى منتخب الناشئين، فقد لعب المنتخب اليمني في المجموعة الخامسة التي أقيمت منافساتها في العاصمة القطرية الدوحة، حيث حصل على بطاقة التأهّل للنهائيات كأفضل فريق يحصل على المركز الثاني.
وكان تأهُّل المنتخب اليمني مستحقًّا بعدما أنهى مبارياته الثلاث دون أي خسارة، وجمع 7 نقاط، بعدما سجل 12 هدفًا مقابل دخول هدفين فقط في مرماه.
واستهلّ الفريق مشوار المنافسة بتحقيق الفوز بنتيجة كبيرة أمام بوتان وبواقع (10-1)، ثم تعادل مع قطر المضيفة (1-1)، قبل أن يختتم المنافسة بالفوز على بنغلادش (3-0).
وتوّج هذا المنتخب مشواره بالتتويج بهذه البطولة التي احتضنتها المملكة العربية السعودية، في ثاني نسخة مميزة لهذا المنتخب بعد المشاركة المذهلة لمنتخب الناشئين، الذي أطلق عليه "منتخب الأمل"، والذي استطاع التأهُّل والصعود لكأس العالم للناشئين في العام 2003.
المصادر:
اعتمد إعداد هذا التقرير على المصادر المفتوحة: