حملة تطوعية لمساعدة اليمنيين العالقين في أوكرانيا

معاناة قاسية للمستجيرين من الرمضاء بالنار
خيوط
March 4, 2022

حملة تطوعية لمساعدة اليمنيين العالقين في أوكرانيا

معاناة قاسية للمستجيرين من الرمضاء بالنار
خيوط
March 4, 2022

بدأت تبعات الحرب الدائرة في أوكرانيا، عقب الاجتياح الروسي لها، تتضح أكثر وأكثر على اليمنيين بعد أن كان هناك اعتقاد لدى كثير بأن الأحداث الإقليمية والدولية لا تؤثر على اليمن؛ وبالتالي لا جدوى من متابعتها باهتمام، وهو اعتقاد تبين عدم صوابه، فهذه التطورات الخطيرة على مستوى السلم العالمي والصراع المتفجر على الساحة منذ 24 فبراير/ شباط الماضي، ستطال شظاياه كل بلد في العالم.

أولى هذه الشظايا التي وصلت اليمن، التي تعيش في حالة هدوء عسكري مفاجئ على الجبهات، واشتعال معارك في مسارات أخرى، كالاقتصاد، مع ارتفاع حدة الأزمات المعيشية- كانت في وضعية المئات من اليمنيين ممن وجدوا أنفسهم عالقين في أوكرانيا عندما اندلعت الحرب مع غزو روسيا لها.

العزلة التي تعيشها اليمن مؤخرًا بعد حرب دخلت عامها الثامن ولا أفق لتوقفها وإحلال السلام في البلاد، انتقلت هذه العزلة لكثير من اليمنيين ممن يعيشون في دول عديدة في الشتات، منهم من شردته الحرب الدائرة في بلاده وأجبرته على الهروب من جحيمها ومغادرتها إلى بلدان أخرى.

إضافة إلى عدد كبير من الطلاب الدارسين في الخارج، الذين تفاقمت معاناتهم خلال الأعوام القليلة الماضية، بعد أن تراجع الاهتمام والدعم الحكومي لهم، والذي تجسد بصورة أخرى في أوكرانيا بعدم الاهتمام بهم وبمئات اليمنيين العالقين في الحرب هناك، ليجدوا مبادرة أطلقتها ناشطات وناشطون يمنيون مقيمون في دول أوروبية طوعوا أنفسهم لمساعدة هؤلاء اليمنيين الذين يعانون من تمييز وصعوبات وأوضاع صعبة وقاسية بسبب الحرب الدائرة في أوكرانيا.

من حرب إلى حرب

كتب المواطن اليمني عبدالكريم الحبيشي، يصف حالة ابنه، بأنه الذي خرج من جحيم الحرب في اليمن بصحبة زوجته الأوكرانية جراء ما يدور في البلاد من صراع منذ أكثر من سبع سنوات؛ يعاني للخروج بنفسه وأطفاله في إحدى المناطق الأوكرانية.

يفيد طلاب يمنيون أن الوضعَ على الحدود بين أوكرانيا وبولندا فوضويٌّ، حسب طالب يبلغ من العمر 24 عامًا أنه خلال 4 أيام ظلوا فيها عالقين في الحدود؛ لم يكن هناك أكل أو شرب حتى لو كان لديك نقود، في حين تحدث آخرون لفريق الحملة أو المبادرة التطوعية أنهم أُجبروا على السير لمسافات طويلة بين مختلف النقاط الحدودية

بالمقابل، واجه الطلاب اليمنيون الذين يسعون إلى الفرار من أوكرانيا تحديات عديدة؛ من صعوبة إيجاد وسيلة نقل إلى المعاملة التمييزية، وغيرها من التحديات التي ضاعفت معاناتهم وصعّبت خروج كثيرٍ منهم، والهروب من ويلات وجحيم هذه الحرب.

يؤكد أحد الطلاب اليمنيين المبتعثين للدراسة في أوكرانيا، ويبلغ من العمر 20 عامًا، أنه بعد مرور يومين من الحرب في أوكرانيا كان سائقو المركبات على خطوط المواصلات يطالبون بمبالغ تصل إلى 500 دولار أمريكي للشخص الواحد من مدين خاركيف إلى مدينة لفيف. كان الوضع مريعًا، ووصل إلى الاستغلال، بحسب هذا الطالب الذي وجد مساعدة من فريق الحملة التطوعية، فقد وجد وسيلة نقل "حافلة" في رحلة استغرقت حوالي 26 ساعة للوصول إلى بولندا.

بعد أن وجد المئات من اليمنيين أنفسهم عالقين في أوكرانيا، عندما اندلعت الحرب مع بَدء الغزو الروسي لها، بدأت مجموعة صغيرة من المتطوعين اليمنيين وغير اليمنيين في العمل على مساعدة الطلاب الذين يسعون إلى الفرار من أوكرانيا ودعمهم في الوصول إلى مكان آمن.

تؤكد آزال السلفي، ناشطة يمنية من المؤسسين الفاعلين في هذه المبادرة، في حديث خاص لـ"خيوط"، أن اليمنيين في وضع مأساوي كما يعلم الجميع؛ فقد فر منهم من حرب ليعلقوا في حرب أخرى في البلد الذي لجَؤُوا له للنفاذ بأنفسهم، إذ إن الغالبية طلاب مبتعثون للدراسة في أوكرانيا، وهناك أيضًا عوائل.

حدد فريق المبادرة المتطوعون أكثر من 88 طالبًا يمنيًّا في أوكرانيا، وتم دعم 65 طالبًا للعبور من أوكرانيا إلى بولندا، وطالبَين للعبور إلى المجر، وتوفير السكن لنحو 32 طالبًا عن طريق حجز السكن وتمويله.

معاناة الطلاب

يفيد طلاب يمنيون أن الوضع على الحدود بين أوكرانيا وبولندا فوضويٌّ، حسب طالب يبلغ من العمر 24 عامًا، أنه خلال 4 أيام ظلوا فيها عالقين في الحدود؛ لم يكن هناك أكل أو شرب حتى لو كان لديك نقود، في حين تحدث آخرون لفريق الحملة أو المبادرة التطوعية، أنهم أُجبروا على السير لمسافات طويلة بين مختلف النقاط الحدودية والانتظار في طوابير مكتظة لساعات طويلة، ومن ثَمّ السير على الأقدام لمسافة تتراوح ما بين 20 و30 كيلومتًرا قبل الوصول إلى محطة وقود كانت مزدحمة للغاية.

كما واجه الطلاب اليمنيون تمييزًا على أساس جنسيتهم في أوكرانيا، كما تؤكد الحملة التطوعية. بعد عبور الحدود إلى بولندا، يفيد طلاب أن خيارات النقل المتاحة تعطي الأولوية للنساء والأطفال الأوكرانيين، وهو ما جعل كثيرًا منهم ينتظرون في أماكن المواصلات لما يقارب 20 ساعة.

تقول آزال لـ"خيوط": "كنا نتوقع أن تبادر الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًّا بتقديم المساعدة والحماية والإغاثة لليمنيين في أوكرانيا، لكن ليس هناك مبادرة أو اهتمام من قبلها".

واكتفت الحكومة المعترف بها دوليًّا بالتأكيد على أن رئيس مجلس الوزراء الدكتور معين عبدالملك، يتابع عمليات تأمين سلامة الطلاب والمواطنين اليمنيين المتواجدين في أوكرانيا، والجهود المبذولة في هذا الجانب من قبل وزارة الخارجية وشؤون المغتربين وسفارة اليمن في بولندا، بالتنسيق مع كافة الجهات المعنية.

إضافة إلى اتصال هاتفي أجراه عبدالملك، مع سفير اليمن لدى بولندا، ميرفت مجلي، والذي استمع -بحسب الخبر الوارد في وكالة سبأ بنسختها التابعة للحكومة المعترف بها دوليًّا- إلى شرح عن عمل خلية الأزمة المشكَّلة لمتابعة أحوال اليمنيين المتواجدين في أوكرانيا، وتسهيل عملية الخروج للراغبين منهم عبر نقطة العبور المحددة.

وأكدت السفيرة اليمنية في بولندا أنه لم يتم الإبلاغ عن أي إصابات بين المقيمين أو الطلاب اليمنيين في أوكرانيا، ويتم العمل على تأمين دخولهم إلى بولندا عبر المنافذ كنقطة عبور.

جهود الحملة التطوعية

تقول آزال السلفي، لـ"خيوط": "أول ما قامت الحرب في أوكرانيا، شعرنا بالأسى على اليمنيين الطلاب الدارسين في أوكرانيا عندما شاهدنا كيف تحركت دول عديدة في العالم لمساعدة رعاياها على مغادرة أوكرانيا، بينما اليمنيون لم يمد لهم أحد يد المساعدة، فقررنا التحرك والبحث عن معلومات حول اليمنيين، خصوصًا الطلاب هناك في أوكرانيا، ووضع كشف بأسمائهم وأماكن تواجدهم.

تضيف: "بعد ما تم جمع ما أمكن من المعلومات، بدأنا عملية التواصل معهم، وكانوا متجاوبين مع فريق الحملة، وكانوا بحاجة ماسة للمساعدة".

كان بعضهم واقفين في طوابير لساعات طويلة بين آلاف العالقين الذين يحاولون الخروج من أوكرانيا، إذ تؤكد السلفي أنهم كانوا يتعرضون للعنصرية وتعامل قاسٍ للغاية. كانت الحملة تهدف إلى فتح قنوات تواصل معهم ودعمهم نفسيًّا ومعنويًّا، بالنظر إلى وضعهم ومعاناتهم، قررت آزال السلفي، بمعية ناشطين آخرين، إطلاقَ حملة لمساعدتهم بشكل أكبر وفاعل، كان منهم من يحتاج للأكل والشرب والمسكن والحماية، ومنهم عالقون يريدون الخروج.

تضيف آزال، أن الصعوبة كانت في تقديم مساعدة فاعلة لمن هم في الداخل، بينما كان الأمر سهلًا لمن وصل منهم إلى المناطق الحدودية بين أوكرانيا وبولندا.

من هنا، جاء هدف الحملة التي أطلقتها آزال السلفي وناشطات وناشطون آخرين، لرفع مستوى المساعدة وعدم الاكتفاء بالدعم المعنوي، بل في تقديم دعم ملموس لهم في الداخل، وهو الهدف من هذه المبادرة التي تم إطلاقها لتوفير لهم ما يحتاجونه من مواصلات وأكل وشرب ومساكن.

تؤكد آزال: "ساعدت المبادرة حتى الآن نحو 150 شخصًا من بين ما يقارب 400 إلى 600 من اليمنيين في أوكرانيا، ممن تم حصرهم".

هناك من استطاع الخروج من الشباب القادرين، والذين وقفوا لأيامٍ عالقين في طوابير طويلة، أيضًا هناك عوائل استطاعت الخروج، بحسب ما ذكرت آزال.


•••
خيوط

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English