يتفاخر "سلمان شيخ" (67عامًا) بأنه لازال محافظًا على تقاليد عائلته المتوارثة باصطياد الوعول في محافظة حضرموت شرقي اليمن، فقد ورث عن أبيه وجده تقليد اصطياد هذا الحيوان.
خرج "شيخ" لأول مرة في عملية صيد بحثًا عن الوعول وعمره عشر سنوات في منتصف ستينيات القرن الماضي، برفقة مجموعة من أبناء مدينة تريم الواقعة شمالي محافظة حضرموت، الآن و مع تقدمه في العمر ما يزال يخرج للاصطياد كل عام.
تخلف عن موسم الاصطياد السنوي مرة واحدة، عندما ذهب للحج، ويقول:" عندما كنت بجوار الكعبة، دعيت الله أن يحظى رفاقي بموسم صيد وفير"، ويخبرنا أن رفاقه قد اصطادوا وعلا يتجاوز عمره ثلاثين عاما في تلك العملية.
وبعد كل عملية اصطياد ناجحة، يحتفل السكان المحليون في اليمن بذلك النجاح، ويقوم بعضهم بتصوير تلك الاحتفالات، ونشرها على منصات التواصل الاجتماعي، لكي يراها الآخرون في مناطق أخرى.
رصدنا صورا وفيديوهات يشاركها السكان المحليون بشكل مستمر على منصات التواصل الاجتماعي، لعمليات صيد حيوانات مهددة بالانقراض وفقا لتصنيف القائمة الحمراء التابعة للاتحاد العالمي لحفظ الطبيعة.
تتبعنا عمليات اصطياد ثلاثة أنواع من الحيوانات (الوعل- والنمر العربي- والغزال) فرصدنا ما ينشره الصيادون على منصات التواصل الاجتماعي، وكانت الحصيلة كمية كبيرة من الوسائط، قمنا بفرزها والتحقق من موثوقيتها من خلال عملية تتبع وتواصل ولقاءات مع بعض الأشخاص المشاركين في عمليات الصيد.
الحيوانات الثلاثة ضمن القائمة الحمراء
في عام 2020م أدرج الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة (IUCN) الوعل النوبي ((Capra nubiana على القائمة الحمراء للأنواع المهددة بالانقراض، وذلك بسبب الصيد والتعدي الزراعي على موطنها وفقدان مصادر المياه بسبب النشاط البشري والأمراض والمنافسة مع الماعز المنزلي.، بالإضافة إلى تغير المناخ، بموجب المعايير C1 + 2a (i).
أما النمر العربي (Leopard Panthera pardus) فقد أدرج مبكرا على القائمة الحمراء الصادرة عن الاتحاد العالمي لحفظ الطبيعة ( ( IUCN، وذلك عام 2008م، وفقًا للمعايير C2a (i)، بسبب اتساع الأنشطة البشرية على حساب موائل النمر العربي، بالإضافة إلى الصيد الجائر، والتعديلات المستمرة التي تجرى على النظام الطبيعي.
وفيما يتعلق بالغزال الجبلي فقد "تم مؤخرًا تقييم غزال أرابيكا العربي في القائمة الحمراء للأنواع المهددة بالانقراض الصادرة عن الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة والموارد الطبيعية في عام 2016. وقد تم إدراج غزال أرابيكا على أنه عرضة للخطر بموجب المعيار C2a (i)".
وقد أدرج كتاب الأنواع المهددة بالانقراض الصادر عن الهيئة العامة لحماية البيئة في اليمن عام 2006م حيوانات الوعل والنمر العربي والغزال الجبلي ضمن الحيوانات المهددة بالانقراض في البلاد، والتي تحتاج إلى الرعاية والحماية المستمرة.
ورغم أن الحيوانات الثلاثة مصنفة كحيوانات مهددة بالانقراض، إلا أن الصيادين المحليين يتعقبونها، ويقومون باصطيادها غالبا من خلال إطلاق الرصاص الحي عليها ، أو أحيانا عبر نصب أفخاخ للإيقاع بها.
وتكون الفخاخ إما شبكة تنصب على طريق الحيوان وبمجرد أن يدخلها تغلق عليه، وإما حاجز يساق إليه الحيوان وهناك يقتل بالخناجر أو بالرصاص بمجرد دخوله.
الوعل الأكثر تضررا
بعد أن جمعنا البيانات، قمنا بتحليلها، وتوصلنا إلى أن هناك (63) حالة اصطياد للوعل قد حدثت خلال فترة رصدنا الممتدة من عام 2020م إلى عام 2022م، في محافظتي شبوة وحضرموت شرق اليمن.
وأدت عمليات الاصطياد إلى مقتل (24) وعلا ذكرا، وجاءت محافظة حضرموت في الصدارة ب(16) حالة، بينما تلتها محافظة شبوة ب(8) حالات قتل للوعل الذكر، وخلال تلك الفترة قتل من إناث الوعل (38) أنثى ، بينما (22) حالة قتل منها في محافظة شبوة بينما قتلت (16) أنثى وعل في محافظة حضرموت. وجرى الإمساك باثنتين أخريتين.
ذكر الدكتور "عمر باعشن" في دراسة علمية بعنوان" وضع الوعل النوبي في اليمن" ضمن رسالته لنيل الماجستير من جامعة الأندلس الدولية بإسبانيا عام 2010م، أن الوعل الموجود في اليمن هو" الوعل النوبي ( carpa nubiana) وهو واحد من أصغر أنواع الوعل.
وقال إن هناك ازدواجًا في الشكل الجنسي واضحا في حجم ولون القشرة ، مع وجود بقع سوداء وبيضاء على الساقين وأبيض البطن ويكون الذكور ضعف حجم الإناث ، ويمكن تمييزها بسهولة من خلال حجمها الأكبر ، والقرون الأطول ، والسطح الغامق، تلد الحيوانات عجولًا واحدًا أو اثنين يصلان إلى مرحلة النضج بعد سنتين إلى ثلاث سنوات من الولادة ويبلغ العمر التقديري 17 عامًا".
وأضاف "باعشن" في رسالته أن هذا النوع موجود في آسيا (اليمن ، عمان ، المملكة العربية السعودية ، والإمارات العربية المتحدة) وأفريقيا (إثيوبيا ومصر).
ونشرت منظمة شباب شبوة – وهي منظمة محلية تعمل كجزء من مشاريعها في مجال رصد اصطياد الحيوانات المهددة بالانقراض في المحافظة ومنها الوعل- إحصاءات تشير إلى استمرار عمليات صيد الوعل في محافظة شبوة خلال العام الجاري 2023م، حيث سجلت الإحصاءات مقتل (37) وعلا في عدد من مديريات المحافظة خلال الفترة الممتدة من يناير حتى أبريل من العام الجاري.
وخلال الثلث الأخير من العام الماضي 2022م نشرت "منظمة شباب شبوة" إحصاءات بعدد من حالات الاصطياد للوعل التي رصدتها، وقالت إن الفترة الممتدة من شهر سبتمبر/ايلول حتى شهر ديسمبر/كانون أول قد شهدت (42) حالة اصطياد للوعل في سبع من مديريات المحافظة البالغة (17) مديرية.
وأكد علي محمد البعسي- من منظمة شباب شبوة أن السكان المحليين يرون أن اصطياد الوعل موروث شعبي وجزء من تراثهم وهويتهم المحلية، وذلك بالاستناد إلى معلومات مغلوطة، حيث كان أسلافهم يمارسون اصطياد الوعل ولكن بضوابط متفق عليها، وليس بشكل جائر كما هو حاصل اليوم.
وأشار "البعسي" أنه ووفقا لوثائق قديمة تعود لقبائل من محافظة شبوة، فأنهم كانوا يمنعون قتل إناث الوعل وصغارها، ويمنعون الاصطياد في موسم التكاثر، ويمنعون اصطيادها بالقرب من موارد المياه، لكن هذه الضوابط لأعمال الاصطياد لم يعد أحد يلتزم بها.
ووفقا لنتائج المسح الذي أجرته الهيئة العامة لحماية البيئة في اليمن بمشاركة وتمويل هيئة البيئة في إمارة الشارقة بدولة الإمارات عام 2005م لدراسة وضع الوعل النوبي وتحديد منطقة محمية للوعل في وادي حضرموت، فإن أعداد الوعل قد تناقصت بشكل حرج في منطقة المسح خلال السنوات الماضية وأن الحالة آخذة في التدهور".
وتشير تقديرات الاتحاد العالمي لحماية الطبيعة (iucn) إلى أن عدد أفراد فصيلة الوعل البالغين في اليمن أقل من 2500 فرد.
الغزال تذبح في شبوة
الغزال الجبلي (gezalla) ليست في مأمن من القتل أو الإمساك بها في اليمن، ورصدنا خلال التحقيق (14) حالة اصطياد تعرض لها الغزال، وذلك في محافظة شبوة، خلال الفترة الممتدة من عام 2020 الى عام 2022م.
وتوزعت حالات الاصطياد على (8) حالات قتل للغزال، و(6) تم الامساك بها حية.
وخلال العام 2022م ذكرت منظمة شباب شبوة، أن هناك (4) من أناث الغزال قد تعرضت للقتل في محافظة شبوة.
من جانبه يوضح "عمر باعشن" مدير إدارة التنوع الحيوي في الهيئة العامة لحماية البيئة في اليمن – في تصريح حصري لمعد التحقيق- قائلا:" أما الغزلان فقد نالها النصيب الأكبر من الصيد ، واختفت العديد منها من اليمن نهائيا، ولم يتبق سوى الغزال الجبلي، وكل المعلومات المدونة حديثا تشير إلى تواجده في شبوة وحضرموت وأبين ".
النمر العربي النوع الأكثر تضررا
على غرار الغزال يتعرض النمر العربي للقتل باستمرار، من قبل السكان المحليين في محافظات جنوبي اليمن.
وخلال التحقيق رصدنا (3) حالات قتل للنمر العربي في محافظة أبين، من قبل بعض الصيادين في المحافظة.
تقدر أعداد النمر العربي بأقل من (250) نمرا، تتوزع على تسع دول في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وفقا لتقديرات الاتحاد العالمي لحفظ الطبيعة (iucn).
يوضح "عمر باعشن" مدير إدارة التنوع الحيوي في الهيئة العامة لحماية البيئة في اليمن، أن أعداد النمر العربي قد تناقصت نتيجة للصيد والقتل العشوائي رغم تواجدها في اليمن بشكل طبيعي معللا ذلك بالتراخي في تطبيق القوانين نتيجة الوضع السائد في البلاد بسبب الحرب.
ويؤكد "باعشن" رغم ذلك "أنه لازالت جبال الضالع تعتبر موطنا رئيسيا للنمر العربي حاليا وكذلك أبين والبيضاء والمهرة وشبوة ، كما سجل تواجده في عدة مناطق من البلاد خلال العقود الماضية.
بحسب موقع "مؤسسة حماية النمر العربي في اليمن" فإن النمور العربية حيوانات منعزلة نادرا ما تتفاعل مع بعضها البعض، وأنه يجتمع الذكور والإناث معًا لفترة وجيزة خلال موسم التكاثر عندما يتزاوجون بشكل متكرر خلال فترة الحرارة البالغة خمسة أيام للإناث، وبعد التزاوج يذهبون في طريقهم المنفصل، وبعد حوالي 100 يوم من التزاوج تلد الأنثى ما بين واحد وأربعة أشبال.
ووفقا للمؤسسة، فإن النمور العربية هي أكبر وأقوى الحيوانات المفترسة في شبه الجزيرة العربية، وهي أصغر من النمور التي تعيش في أجزاء أخرى من آسيا وأفريقيا، يصل وزن إناث الفهود العربية إلى 24 كجم ويبلغ متوسط وزن الذكور حوالي 10 كجم أكثر من ذلك، ويبلغ قياس هذه الحيوانات من حوالي 1.6 متر للأنثى الصغيرة إلى 2.1 متر للذكور الكبير، و تختلف عن النمور الأخرى كونها أكثر شحوبًا وأرق ولها عيون بنية ذهبية، وأجسامها مغطاة بالبقع التي تساعد على تمويهها.
يقول وكيل الهيئة العامة لحماية البيئة في اليمن "عبدالسلام الجعبي" إن الهيئة لا تستطيع أن تقوم سوى بتوعية الصيادين بضرورة حماية هذه الحيوانات، ومع ذلك لم تتوقف تلك الأعمال، لذلك قمنا بمراجعة التشريعات البيئية في البلاد لنحدد مكان الخلل.
أداء ضعيف للجهات المختصة
في عام 1990م أنشأ اليمن مجلس حماية البيئة، وبعد مضي خمس سنوات على إنشائه، صدر القانون رقم (26) لحماية البيئة.
تلاه في عام 1997م صدور القانون رقم (4) بالموافقة على انضمام اليمن إلى اتفاقية التجارة الدولية في الأنواع المهددة بالانقراض من مجموعات الحيوانات والنباتات البرية، ثم صدور قرار جمهوري رقم (101) والذي قضى بإنشاء الهيئة العامة لحماية البيئة.
وفي العام 2002، صدر قرار مجلس الوزراء اليمني رقم (104) بشأن الموافقة على لائحة حماية الأنواع المهددة بالانقراض من مجموعة الحيوانات والنباتات البرية وتنظيم الاتجار بها.
ورغم ذلك إلا أن أعمال الاصطياد التي تتعرض لها الحيوانات المهددة بالانقراض وبالتحديد حيوانات الوعل والنمر العربي والغزال الجبلي مستمرة، وتبدو أعمال الحماية التي تقوم بها الجهات الرسمية في اليمن ضعيفة للغاية ولم تستطع إيقافها أو منعها.
ويفسر ذلك "عمر باعشن" مدير إدارة التنوع الحيوي في الهيئة العامة لحماية البيئة في اليمن "أن الهيئة لا تستطيع العمل بمفردها في محاربة جرائم الحياة البرية، لذلك دائما ما نلجأ إلى الجهات الأمنية والسلطات المحلية في ضبط الأشخاص المخالفين والمعتدين".
ويعترف "باعشن" بأن هناك صعوبات تحول بينهم وبين القبض على المخالفين قائلا:" في أحيان كثيرة لا نصل إلى موقع الجريمة إلا وقد اختفى المخالفون ، كما أن حالة الفقر التي يشهدها المجتمع تجعل من السهل تقديم التسهيلات لتهريب الحيوانات التي تم اصطيادها، وقد عملنا على التواصل مع كافة المنافذ لمنع التهريب، إضافة إلى أن هناك توجها إلى عقد لقاءات مع السلطات المحلية بشكل مكثف وكذلك المجتمعات المحلية في تلك المناطق".
وبموجب أحكام الفقرة "ب" من المادة (85) الفصل السادس من نفس القانون المتعلق بالرصد البيئي، فإن الهيئة العامة لحماية البيئة وفروعها في المحافظات اليمنية هي المسؤولة عن رصد الأضرار البيئية، وأنها هي المكلفة بضبط الجرائم والمخالفات البيئية بموجب المادتين (75) و (76) من نفس القانون.
غياب القانون يفاقم المشكلة
تنص المادة (12) من الفصل الأول الباب الثاني من قانون حماية البيئة في اليمن رقم (26) على أن الحيوانات والطيور التي تعيش في الأراضي اليمنية تتمتع بالحماية القانونية، إلا أن القانون نفسه لا يحظر صيد الحيوانات البرية إلا في المناطق التي صدر بحقها قرار بتحويلها إلى محمية طبيعية.
ولذلك لم يرد ذكر الحيوانات المهددة بالانقراض في القانون رقم (26) لحماية البيئة في اليمن بمادة قانونية باستثناء المادة (28) التي وزعت مسؤولية تأمين سلامة الحيوانات المهددة بالانقراض في سياق سلامة البيئة بشكل عام على جميع وزارات ومؤسسات الدولة بالتعاون مع مجلس حماية البيئة والذي تحول فيما بعد إلى هيئة مستقلة.
أما قرار وزير المياه والبيئة رقم (174) لسنة 2014م بشأن تنفيذ أحكام قرار رئيس مجلس الوزراء رقم (104) لعام 2002م بشأن الموافقة على لائحة الأنواع المهددة بالانقراض من مجموعة الحيوانات والنباتات البرية وتنظيم الاتجار بها، فقد اكتفى بتنظيم أعمال المتاجرة بالحيوانات المهددة بالانقراض ولم يتطرق لأعمال الاصطياد والقتل التي يقوم بها السكان المحليون بشكل دائم في اليمن.
يقول الدكتور "محمد جميل" أستاذ التشريع البيئي في جامعة عدن إن اهتمام اليمن بالقضايا البيئية وحمايتها حديث نسبيا، حيث برز مع إنشاء مجلس حماية البيئة عام 1990م، وحتى الآن لم يسن قانون خاص بحماية الحيوانات المهددة بالانقراض رغم مصادقة اليمن على عدد من التشريعات البيئية الدولية ومنها اتفاقية التجارة الدولية في الأنواع المهددة بالانقراض من الحيوانات والنباتات البرية (cites) وذلك بقرار جمهوري رقم(4) لعام 1997م.
وأوضح أن المادة الوحيدة الموجودة في قانون الجرائم والعقوبات اليمني المتعلقة بحماية الحيوانات عموما هي المادة رقم (320) التي تنص على الآتي:" يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بالغرامة كل من قتل عمدا دابة أو ماشية من المواشي المملوكة للغير أو أضر بها ضررا جسيما"، لذلك لا توجد مادة قانونية تجرم صيد الحيوانات المهددة بالانقراض، ولا عقوبة على من قام بصيدها.
ويعزو "جميل" ذلك إلى أن اصطياد الحيوانات المهددة بالانقراض لم يتفش بشكل جائر في الفترة التي سن فيها المشرع اليمني قانون حماية البيئة، وإنما تفشى مؤخرا خلال الحرب التي تشهدها اليمن منذ عام 2014م.
وهذا ما يعكس حدوث فجوة بين مصادقة اليمن على الاتفاقيات الدولية، وبين القوانين المحلية .
ووفقا لدراسة أجرتها الباحثة "بدرية العوضي" فإن هناك نوعين من المعوقات التي تعرقل جهود حماية البيئة في معظم الدول العربية ومنها اليمن، وهما معوقات قانونية ومعوقات إدارية.
وتضيف أن هذه الدول في حالة وجود قانون بيئي خاص بها ، فإنها لاتزال تفتقر لوجود محاكم وقضاة مختصين في البيئة، وكوادر وفنيين إلا أن ذلك غير موجود، بالإضافة إلى وجود تداخل الاختصاصات بين مجالس أو هيئات البيئة أو السلطات المختصة في تلك الدول.
وبالتزامن مع مواسم الاصطياد ،تصدر السلطات المحلية وفروع هيئة البيئة في المحافظات قرارات وتوجيهات بشكل متكرر بمنع اصطياد هذه الحيوانات، لردع من يقومون باصطيادها ، لكن دون أن يتبع تلك التوجيهات إجراءات تنفيذية على الواقع لضبط المخالفين لها.
إجراءات قاصرة لا توقف نزيف الدم
في محافظة شبوة صدرت عدة توجيهات بمنع صيد الحيوانات المهددة بالانقراض خلال فترات زمنية مختلفة، ففي السابع من نيسان/أبريل 2020، أصدر محافظ محافظة شبوة السابق، محمد صالح بن عديو، توجيهاً إلى مدير الشرطة المحلية بالمحافظة في مذكرة رسمية بـ “منع صيد الحيوانات النادرة في مديريات شبوة، كذلك فعل خلفه المحافظ عوض بن الوزير العولقي.
وفي 16 ديسمبر/كانون من نفس العام، أصدرت الهيئة العامة لحماية البيئة بمحافظة شبوة، تعميماً بمنع صيد الحيوانات من الأنواع النادرة في جميع مناطق ومديريات المحافظة بالتنسيق مع السلطة المحلية والأجهزة الأمنية.
يتكرر الأمر في أكثر من محافظة يمنية، ففي 17 نوفمبر من العام الماضي 2022م أصدر فرع الهيئة العامة لحماية البيئة في وادي وصحراء حضرموت بيانا طالب فيه باعتماد هضبة حضرموت محمية طبيعية لحيوان الوعل، نظرا لزيادة عمليات اصطياد هذا الحيوان المهدد بالانقراض.
واجهنا الهيئة العامة لحماية البيئة في اليمن بما وصلنا إليه من نتائج، فاعتبر وكيل الهيئة "عبدالسلام الجعبي" ذلك غير مفاجئ، لكون قيادة الهيئة قد لمست أن حماية البيئة ليست أولوية قصوى لدى صانع القرار في اليمن حتى الآن، مثل بقية دول العالم، بالإضافة إلى تأثير الحرب والتوسع العمراني والاتجار غير المشروع مما عرض التنوع البيولوجي في البلاد للخطر.
وفي ظل استمرار حالة الضعف المؤسسي في اليمن، وعدم سن قانون خاص لحماية الحيوانات المهددة بالانقراض، بالإضافة الى غياب الوعي المجتمعي بأهمية الحفاظ على هذه الحيوانات، فإن أعمال الاصطياد التي يقوم بها السكان المحليون في اليمن ستستمر وستحدث ضررا بالغا بالأنواع المهددة بالانقراض، واحتمالية تحول حيوان النمر العربي والوعل بالتحديد إلى حيوانات منقرضة خلال السنوات القادمة.
"أنجز هذا التحقيق الاستقصائي ضمن مخرجات ورشة الصحافة الاستقصائية المتقدمة، بإشراف الزميلين: أحمد الواسعي ومحمد يحيى جهلان".