حوار: سام أبو أصبع
في الحلقة الثانية من رحلته في الذاكرة الوطنية، يتحدث عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي الأستاذ يحيى الشامي، عن نشأة فصائل اليسار في الجنوب والشمال، وتجربته الممتدة لأكثر من نصف قرن، نقف خلالها على أحداث أغسطس/ آب 1968، وخروج البعث من السلطة، وتشكل فكرة الحوار بين فصائل اليسار في الشمال، وصولًا إلى تبني بعض منظماته لخيار الكفاح المسلح كشكل من أشكال النضال ضد نظام الحكم في الشمال. تجربة كان فيها اليسار شاهدًا ومشاركًا فاعلًا في صنع أهم التحولات في التاريخ اليمني الحديث.
خلال الفترة من 1965-1967، بدأت بعض التغيرات في صفوف الحركة الوطنية تذهب في اتجاه اليسار، سواء في إطار البعث العربي الاشتراكي أو في صفوف القوميين العرب. وصراحة، بدأ التوجه داخل البعث العربي الاشتراكي من بعض الشخصيات في سوريا، وصدر عن الحزب كتيب صغير يضم بعض المنطلقات النظرية، وأتذكر، ونحن نقرؤه، أنه كان يتوجه يسارًا أكثر، من الناحيتين الفكرية والسياسية، وهذا ما حدث لحركة القوميين العرب.
وأتذكر في عام 1965، وكنت قد أُبعدت للعمل الدبلوماسي في الخارج، وتحديدًا في سفارتنا ببيروت، حضرت ندوة للحركة دعاني لها المرحوم سلطان أحمد عمر، وكان من زعماء حركة القوميين العرب، وكان المتحدث في الندوة نائف حواتمة، ولفت نظري كلامه عن التغيرات التي تحدث في اليمن، وأن اليمنيين باتجاهاتهم المختلفة في الحركة أو في البعث، قد بدَؤُوا منحى يساريًّا بشكل جماعي، ولذلك لا وجه للاستغراب في أن ثورة سبتمبر 1962، ذات طابع يساري، وخصوصًا تشديدها على إزالة الفوارق والامتيازات بين الطبقات تحت تأثير هذا التوجه، وكان أكثر عناصر الحركيين والبعث لا ينتمون للعائلات الكبيرة ذات الملكيات الكبيرة.
طبعا كان لثورة مصر تأثير كبير، لكن توجه الثورة اليساري في مصر تأخر قليلًا متمثلًا في قانون الإصلاح الزراعي، أعتقد في العام 1961، وبعد انفصال سوريا عن مصر؛ لأن العناصر الرأسمالية السورية لعبت دورًا كبيرًا في الانفصال، تحديدًا أصحاب (الشركة الخماسية).
وبالعودة إلى الندوة، فقد مثلت لي معطى جديدًا وواقعًا ملموسًا لصوابية التوجه يسارًا. وعليك هنا أن تلاحظ أن التوجه اليساري للثورة المصرية، بدأ مع العام 1961، وكان لها توجه قومي فاعل وليس نظريًّا فقط، وكان لها الدور الأبرز في دعم ثورة اليمن في سبتمبر 1962، وصل حد إرسال جيش؛ بدأت بعض السرايا وبعدها الكتائب إلى أن وصل قوام الجيش المصري في اليمن إلى عدة ألوية.
بعد خروجنا من السلطة بعد أحداث أغسطس/ آب 1968، أقصى ما كنا نستطيع أن نقوم به هو أن نتكلم بجرأة، وأتذكر أني قرأت مقالًا في [صحيفة] الجمهورية لعبدالحميد حنيبر، وكان موظفًا في البنك اليمني للإنشاء والتعمير، وكان يدعو في مقاله إلى الحوار بين القوى الوطنية واستعادة مكانتها مجددًا، فذهبت إليه، وقلت له أعجبني مقالك. وبالفعل بدأنا حوارًا داخل مكونات الحركة الوطنية، وبدأ الحوار أساسًا بين ثلاثة مكونات: أنا عن البعث العربي الاشتراكي، وعبدالحميد حنيبر عن حركة القوميين العرب (الديمقراطي الثوري)، واتحاد الشعب الديمقراطي أحمد جبران، ومن العناصر المستقلة -أو هكذا كنا نفهم- سيف أحمد حيدر قبل أن يكاشفنا بعدها أنه يمثل تنظيم العمل. وكان سيف قبلها في إطار البعث العربي الاشتراكي، عندما كان طالبًا في إحدى الجامعات المصرية، وانفصل في وقت لاحق، وأسّس مع آخرين، كانوا في إطار البعث أو في حركة القوميين العرب، حزبَ العمل اليمني.
اكتشفت بعد نزوحي إلى عدن ولقائي الأخ سلطان أحمد عمر، أنه لم يتم تعميم نتائج حواراتنا بعد أحداث أغسطس 68، في صنعاء، وعندما سألته عن ذلك أجابني: كيف لنا أن نعمم، ونحن نخوض صراعًا ضد الحركة الرجعية؟
تفسيري أن سبب انفصاله هو نفس سبب انفصال منظمة البعث في اليمن عن الخط القومي.
ناقشنا في الحوار تقييم الأحداث التي تلت ثورة 26 سبتمبر، وكان محور النقاش الأساسي، ماهية حركة 5 نوفمبر 1967؛ لأنها كانت مثار جدل، وكنت أدرك تمامًا ما يمكن أن يحدثه هذا الجدل من اختلالات مستقبلية داخل الحركة الوطنية، وكان كل الموجودين في الحوار يتمتعون برجاحة العقل، وخرجنا من حوارنا حول الحركة، أنها حركة رجعية إلى الخلف، ولكن وجود الحركة الوطنية "البعث العربي الاشتراكي" ساهم في تحشيد الناس وتكتلهم للدفاع عن الجمهورية في حصار صنعاء. [يستدرك] (لأن الحصار أتى بعد الحركة)، واتفقنا على عمل تعميم داخل فصائل الحركة الوطنية داخلي بما خلص إليه حوارنا.
لا، واكتشفت ذلك بعد نزوحي إلى عدن ولقائي الأخ سلطان أحمد عمر، عندما سألته هل عممتم في الديمقراطي الثوري نتائج حواراتنا في صنعاء بعد أحداث أغسطس 1968، وأجابني: كيف لنا أن نعمم ونحن نخوض صراعًا ضد الحركة الرجعية.
المهم، بدأت الحركة الوطنية من عام 1968، الحوارَ فيما بينها، في محاولة لإيجاد صيغة للعمل المشترك، ولم نستطع الوصول إلى الصيغة المشتركة إلا في العام 1976، عند قيام الجبهة الوطنية الديمقراطية. مرحلة طويلة (11 سنة) استغرقناها للوصول إلى العمل المشترك.
هذه نقطة مهمة جدًّا، وحقيقة بعد حسم مسألة ازدواجية السلطة، لصالح القوى التقليدية بدأت هذه القوى توجيه ضربات للعناصر الوطنية، وتلاحقهم في كل مكان، وصولًا إلى الأرياف، وقد شملت الضربات والملاحقات حتى عناصر عسكرية مستقلة من ضباط وجنود، دافعت عن ثورة 26 سبتمبر، وكانت الحملات العسكرية تصل إلى قراهم، ودفعهم عنفُ السلطة لحمل السلاح والدفاع عن أنفسهم.
سأقول لك أين كان الكفاح المسلح، والباقي عمل سياسي. كان النضال المسلح غرب محافظة البيضاء، وكل مناطق محافظة إب ما عدا المناطق المحيطة بالمدينة (عاصمة المحافظة)، ومدينة جبلة تركناها بسبب مرور الطريق الدولية فيها وفي شمال تعز في شرعب والمخلاف، ومناطق ذمار الغربية مثل عتمة ووصاب العالي ووصاب السافل وآنس، وشرق محافظة الحديدة في جبل راس. بقية المناطق تُركت للعمل السياسي.
أقول لك السبب، علينا أن نعرف أن تواجد العنف في هذه المناطق قد بدأ قبل تشكيل الجبهة الوطنية الديمقراطية، بل حتى قبل حوار 1973. وحسبما أتذكر أن الكفاح المسلح بدأ بشكل عفوي في مناطق عتمة التابعة لمحافظة ذمار، وفي أماكن أخرى. وكما قلت لك سابقًا، أن القوى التقليدية عمدت عقب أحداث أغسطس 1968، وتوليها السلطة في الشمال، إلى استكمال عملية تصفيتها للعناصر الوطنية، وأقدمت على فصل العشرات من الضباط والجنود الذين كان لهم شرف الدفاع عن ثورة 26 سبتمبر، فعاد الكثير من هؤلاء إلى مناطقهم وقراهم، وأرادت العناصر التقليدية ذات الطابع الإقطاعي المستبد، أن تخضعهم لمشيئتها، واستخدمت ضدهم العنف فقابلوها بالعنف، وكانت لديهم الخبرة القتالية الكافية للمواجهة. وكان الكفاح المسلح في تلك الفترة -من أواخر عام 1968 وبداية عام 1969- يحمل طابع العفوية والدفاع عن النفس، ثم بدأ يأخذ شكلًا أكثر تنظيمًا مع تبني بعض فصائل اليسار خيار الكفاح المسلح، وصولًا إلى قيام الجبهة الوطنية الديمقراطية وتبنيها لخيار الكفاح المسلح كتنظيم واسع ومفتوح.
لا، لم يكن له تأثير سلبي.
لم يؤثر، بمعنى أن سمعة نضال الجبهة الوطنية الديمقراطية، تعطي عناصرها مهابة في المحافظات الأخرى التي تبنينا فيها النضال السلمي.
توقف حوار 1973 في عدن، على هامش ندوة "25 عامًا على حركة 1948"، أمام مسألتين خصوصًا، وقد اتفق الجميع على وجود تغيرات سلبية في الشمال، وخصوصًا بعد أحداث أغسطس 1968، في صنعاء.
في البدء، ولكي تكون الصورة لدينا واضحة، عندما تأسست منظمات اليسار في اليمن، لم تكن لدى منظماته تصورات شطرية، بل كانت وحدوية المنشأ. مثلًا، كنا في البعث العربي الاشتراكي (الطليعة الشعبية لاحقًا) تنظيمًا موحدًا في الشمال والجنوب، ولكن بعد الاستقلال ونشأة الدولة في الجنوب، حدث الفصل بين المنظمات، وأصبحت منظمتنا "الطليعة الشعبية" منظمتان في الشمال والجنوب، وكذلك حركة القوميين العرب؛ منظمة واحدة، انقسمت إلى "الجبهة القومية" في الجنوب و"الحزب الديمقراطي الثوري" في الشمال، وعلى المنوال نفسه كان "اتحاد الشعب الديمقراطي" منظمة في الجنوب وأخرى في الشمال.
وبالعودة إلى الحوار بين فصائل اليسار، شمالًا وجنوبًا، بدأ الجنوب بمنظماته المختلفة، ابتداء من 1968 أو 1969، يفكر باليمن عمومًا، وبدأ الحوار بينهم، وبصورة رئيسية، الجبهة القومية، وبجانبها حزب البعث العربي الاشتراكي واتحاد الشعب الديمقراطي بزعامة عبدالله باذيب، وكان تقييمهم أنه من الخطأ قيام حوار دون مشاركة القوى الوطنية في الشمال، وكنا في الشمال -كما قلت لك سابقًا- قد بدأنا حوارًا في صنعاء بعد أحداث أغسطس 1968، في كيفية التعامل مع الأوضاع السياسية، خصوصًا وقد صارت المنظمات في صنعاء جميعها ذات توجه يساري. وكان أن وصلتنا رسالة من رفاقنا في الجنوب، مرسلة من الأخ علي ناصر محمد، عن رغبتهم في الحوار، ولم أعد التذكر الرفيق الذي حمل الرسالة، هل هو الرفيق ناجي بريك أم رفيقٌ آخر.
اقترحنا في الشمال، أن عليهم في الجنوب أن يقترحوا مناسبة تحت مظلتها يتم دعوة بعض الشخصيات في الشمال التي تنتمي للحركة الوطنية، المثقفين في صنعاء إلى عدن، واقترحنا ندوة بعنوان "مرور 25 عامًا على حركة 48"، يتم فيها دعوة كبار المثقفين في الشمال ويدخل ضمنهم ممثلو أحزاب الحركة الوطنية في الشمال (البعث والديمقراطي الثوري واتحاد الشعب والعمل والمقاومين الثوريين). وتم الاتفاق على ذلك، ووصلتنا الدعوات لحضور الندوة في عدن في بداية العام 1973، وكنت أنا ممثلًا عن البعث العربي الاشتراكي (الطليعة الشعبية لاحقًا)، وعبدالوارث عبدالكريم عن الحزب الديمقراطي الثوري، وانتقلنا من صنعاء إلى عدن، وعبدالله صالح عبده ومحمد السلامي من اتحاد الشعب الديمقراطي، وكانا موجودَين في عدن، إضافة إلى حسين الهمزة وعبداللطيف الهمزة وأحمد علي السلامي عن المقاومين الثوريين، وكانوا أيضًا في عدن. وكي لا أنسى، جاءت الدعوة لكل المكونات السياسية في الشمال، بما فيها حزب البعث خط العراق، الذي بدأ بالتشكل في ذلك الوقت، وأتذكر أن ممثله كان عبدالرحمن مهيوب.
وبعد وصولنا إلى عدن، بدأ الحوار بين فصائل اليسار بصورة خاصة، وكان سالم ربيع علي وعبدالفتاح إسماعيل يمثلان الجبهة القومية، وأحيانًا يحضر معهم محمد صالح مطيع وعبدالله الخامري حسب الظروف السياسية، وعن البعث العربي الاشتراكي-الطليعة لاحقًا- كان يحضر أنيس حسن يحيى، وناصر يافعي، وربما ناجي بريك، رغم أني لم أعد أتذكر جيدًا هل هو ناجي أم أحمد الخضر من كان يحضر إضافة إلى أنيس وناصر في تمثيل البعث في الجنوب، وأنا عن البعث في الشمال، وعن الديمقراطي الثوري عبدالوارث عبدالكريم، وكان يحضر معه سلطان أحمد عمر. وتوقف الحوار لفترات طويلة، على هامش ندوة "25 عامًا على حركة 1948"، في الحوار حول مسألتين خصوصًا، وقد اتفق الجميع على وجود تغيرات سلبية في الشمال، وخصوصًا بعد أحداث أغسطس 1968، في صنعاء، وهي أحداث كانت عنيفة جدًّا قامت فيها القوى التقليدية بتصفية العناصر الوطنية من كل مرافق الدولة في الشمال، وفي الجنوب قيام الحركة التصحيحية عام 1969. [المسألة] الأولى: هل بالإمكان إقامة تنظيم موحد في الشمال والجنوب، والثانية: ما هو شكل النضال الذي يجب أن نقوم به في الشمال. وخضنا حوارات طويلة وجدلًا، حتى داخل التنظيمات نفسها تجد آراء متنوعة.
أرسلنا وثيقة حوار عدن 73، إلى صنعاء، وهناك جرى الاعتراض من القيادات في الشمال على فقرة "الكفاح المسلح شكل من أشكال النضال المشروعة"، وتم استبدالها بـ"ممارسة أشكال النضال الممكنة والضرورية"، وبعدها قيادة الجبهة هي من تقرر.
مثلًا داخل الجبهة القومية، [كان] هناك من يرى إقامة تنظيم موحد، جنوبًا وشمالًا، وهناك من يرى أننا الآن دولتان ولا يمكن إقامة تنظيم موحد. البعث حينها، وقبل تشكيل الطليعة الشعبية، كنا مع رأي: جبهة وطنية في الشمال، وأي صيغة مناسبة لكم في الجنوب. ولم أعد أتذكر آراء التنظيمات الأخرى، وفي النهاية تم الاتفاق على إقامة جبهة وطنية في الشمال وأي صيغة مناسبة في الجنوب، وهذا ما تم، بوصولهم إلى صيغة موحدة تمثلت في قيام التنظيم السياسي الموحد للجبهة القومية، وهو التنظيم الذي سبق إنشاء الحزب الاشتراكي اليمني.
وفي النقطة الثانية، حول شكل النضال، هناك من قال إن الكفاح المسلح صار الشكل الرئيسي للنضال، وكان هذا رأي "المقاومين الثوريين"، وإلى حدٍّ ما "الديمقراطي الثوري"، وحقيقة كان هناك جدل كبير داخل الديمقراطي الثوري حول شكل النضال؛ سلمي أم مسلح. وأتذكر، وكان ذلك في وقت سابق للحوار في عدن، أنه من أبرز من كانوا مع النضال السلمي عبدالقادر سعيد وعبدالحافظ قائد وأحمد قاسم دماج، وكان اتحاد الشعب الديمقراطي في الشمال ضد الكفاح المسلح، وكنا نرى في البعث أنه صار أحد الأشكال الفعلية الموجودة، لكن لا نبالغ بأنه صار الرئيسي ولا نلغيه؛ لأنه بدأت بعض الحوادث العملية بعيدًا عن العمل السياسي الجماعي المنظم، واتفقنا في النهاية [على] أن "الكفاح المسلح شكل من أشكال النضال المشروعة"، وأرسلنا وثيقة الحوار إلى صنعاء، وفي صنعاء قُرئت الوثيقة و[تمت] مناقشتها، وجرى الاعتراض من القيادات في الشمال على فقرة أن "الكفاح المسلح شكل من أشكال النضال المشروعة"، وحجتهم في ذلك أن الوقت لم يحن بعد، وتم استبدالها بـ"ممارسة أشكال النضال الممكنة والضرورية، وبعدها قيادة الجبهة هي من تقرر".
ظل الحوار يجري في الشمال حول النقطة الثانية، مع أن بعض فصائل اليسار كانت قد بدأت في ممارسة الكفاح المسلح. وأريد أن أشير إلى أن منظمة "المقاومين الثوريين" منذ نشأتها، تأسست على فكرة الكفاح المسلح، وكان الحزب الديمقراطي الثوري -كما أتذكر، وللحفاظ على كيانه- وافق على ممارسة أشكال النضال المختلفة، بما فيها الكفاح المسلح، وأنشأ في سبيل ذلك "منظمة جيش الشعب"، بينما كان اتحاد الشعب في موقف الرافض للكفاح المسلح، وكنا في البعث العربي الاشتراكي، مع الكفاح المسلح، ولكن لا نبالغ بأنه هو الشكل الرئيسي للنضال ولا نهمله؛ لأنه موجود في الواقع، ومورس الكفاح المسلح من قبل فصائل اليسار، وتحديدًا منظمة البعث العربي الاشتراكي، والحزب الديمقراطي الثوري، ومنظمة المقاومين الثوريين حتى قبل تشكل الجبهة الوطنية وإقرارها للكفاح المسلح عام 1976.
الذين عادوا إلى صنعاء بعد حوار عدن، تم اعتقالهم، ونضال فصائل اليسار في الشمال بدأ بأشكاله المختلفة من أيام رئاسة عبدالرحمن الإرياني، واستمر في عهد إبراهيم الحمدي وأحمد الغشمي، وصولًا إلى رئاسة علي عبدالله صالح.
كان يرأسها حسين الهمزة، وأحمد علي السلامي، ومحمد عبدالولي.
لا، شخص آخر لم أعد أتذكر اسمه الأوسط، وقتل لاحقًا في انفجار مخزن ذخيرة في مكيراس.
أتذكر أن عبدالوارث [عبدالكريم] اعتقل في 1973، بعد عودته من الحوار في عدن مباشرة، وكنت حينها أحضر نفسي للعودة من عدن معه، ولكني تأخرت يومين بدعوة من سلطان أحمد عمر؛ لأنه كان صديقي وزميلي في الدراسة في مصر، وبالفعل تأخرت عن العودة إلى صنعاء، وبعدها وصلتني رسالة شفوية حملها عمر الجاوي من الرفاق في صنعاء، تقول هذه الرسالة: لا تستعجل؛ العائلة بخير، ففهمت من هذه الرسالة أنه لا يجب عليّ العودة إلى صنعاء في هذا الوقت، وكنت أعتقد أني سأعود إلى صنعاء خلال شهر أو شهرين بالكثير، ولكني بقيت فيها حتى قيام الوحدة اليمنية عام 1990؛ تقريبًا 17 سنة.
نعم، لأن عبدالوارث عبدالكريم اعتُقل، وكذلك سيف أحمد حيدر. وأتذكر أن الجنود الذين اقتحموا منزل عبدالوارث الكائن في "السائلة" دهسوا بأقدامهم طفلَه الرضيع ومات، قبل أن يقتادوه إلى المعتقل.
نعم، كنت أحيانًا أعود إلى صنعاء للحوار، مرة مع سلطان أحمد عمر الذي كان رئيسًا للجبهة الوطنية الديمقراطية، ومرة أخرى مع حسن شكري وعبدالسلام الدميني، ومرة ثالثة مع جار الله عمر.
خذ بالك؛ نضال فصائل اليسار في الشمال بدأ بأشكاله المختلفة من أيام رئاسة عبدالرحمن الإرياني، واستمر في عهد إبراهيم الحمدي وأحمد الغشمي، وصولًا إلى رئاسة علي عبدالله صالح.
يتبع الحلقة القادمة..