"كلما قلنا في هذه عساها تنجلي، قالت الأيام هذا مبتداها".
ومبتدأ ما أنا بصدده سؤال سألته لصديق عزيز؛ قلت له: "غيرك لن أسأله، ما يحصل في بعض المساجد من تعاطي القات والتدخين، لماذا؟ هل له أساس مذهبي أو ديني؟". وأكملت: "ليس لي موقف محدد، فقط أريد أن أفهم".
قبل أن أقول ما كان جوابه، ورَدَ على خاطري ما كنت أفعله كل ليلة في رمضان، حيث أمرّ على صديق عزيز، وحسب تعريف اللحظة "هاشمي"، أذكر مذهبه هنا بدون أن أكون مشغولًا بحكاية المذاهب. أنا أعرف نفسي على أنني إنسان وكفى. أمر عليه ولمدة ساعة نخزن معًا قبل أن أواصل الذهاب إلى الصحيفة. في تلك اللحظة من الزمن كنا قد بدأنا ننسى حكاية الضم والسربلة والانشغال بصلاة التراويح، ولم يكن أحد يجرؤ يومها أن يحول المسجد إلى ديوان للمقيل!
تناهى إلينا أصوات المصلين من مسجد قريب كانوا يصلون التراويح، أنا شخصيًّا لم أصلِّ التراويح في حياتي، والسبب؟ لا سبب محدد. وفي الأول والأخير الأمر يخصني لوحدي، إذ إن علاقتي بخالقي تخصني لوحدي، لا أسمح لأحد أن يتدخل بيني وبينه، فأنا في الأخير أحاسب وحدي، أليس كذلك؟
قلت: "هيا يا أحمد، نخرج نصلي التراويح؟"، رد بسرعة: "والله ما أصليها".
عاد بعد دقائق يقول ضاحكًا: "بطِّل تقول آمين، وأنا أصلي التراويح"، قلت فورًا: "من الآن بطلت، وبالمناسبة فأنا أصلي ضامًّا ومسربلًا، فلا مشكلة لدي طالما والقبلة واحدة والرسول واحد ورب العباد ربنا جميعًا".
صمتنا لدقائق، ثم قال: "تصدق؟ كله مجهالة، وبالذات من يوم السقيفة"، وأردف: "لو كان به محكمة دستورية عليا من يومها ما دخلنا في هذه الدوامة إلى اليوم وإلى ما شاء الله".
هل يستطيع القانون حسم أمر هذا التباين في أداء العبادات؟
أمس الأول -الخميس- بعد الفطور، وكنت ذاهبًا إلى لقاء جمعية الزملاء، لاحظت أن لا صوت لمصلي التراويح، وفي السبعين لاحظت أن جامع الصالح مطفأة أنواره بالكامل! ففهمت.
هل منعت صلاة التراويح هذا العام؟ ومن منعها؟ وهل من حقه قانونًا؟ وهل يستطيع أي محامٍ أن يرفع دعوى إلى المحكمة العليا تحسم الأمر؟
دينيًّا الكل مختلف مع الكل.
ومن يتولون أمر الناس هنا يمنعونها، بينما غالبية الناس يؤدونها! هل يحق لهم ذلك أو لا؟ وهو أمر له خطورته، إذ يعني أن مذهبًا هو من يمنع، لكن المذهب الزيدي تم تأدية الصلاة في ظل سلطته على الدوام، فعلى أي أساس يمنع الناس؟ سؤال يبحث عن جواب.
إذا تحدثنا عن حقوق الإنسان -الإعلان العالمي لحقوق الإنسان- فحرية التعبير مكفولة، والدستور اليمني يكفل ذلك حسب علمي.
إذن، لماذا يتم التعدي على حرية التعبُّد؟
من حقي أن أعبد الله بالطريقة التي تناسبني، طالما لا أضر أحدًا بأدائي لها.
القانون، أيُّ قانونٍ يكفل حرية التعبد. وما نراه ونلمسه اعتداء على حقوق الإنسان التي أولها حرية التعبد والتفكير.
ليس من حق أي أحد أن يمنع من يريد من أداء صلاة التراويح؛ لأن منعها يؤشر على نوع القادم الذي نخشاه.