تحاول يمنيات تدارك حدة الوضع الاقتصادي السيئ، عبر لجوئهن لفتح مشاريع خاصة، وعلى الرغم من بساطتها إلا أن أثرها الاقتصادي والاجتماعي جعلها تنجح وتكون حافزًا لنساء أخريات في بدء مشاريعهن والإصرار على خوض التجربة، بعد أن فاقمت الحرب في اليمن من سوء الوضع الاقتصادي، ما دفع اليمنيات للتفكير في حلول لتلافي العجز الاقتصادي الذي يمر به الوطن، وبما ينعكس في تحسين مستوى أسرهن.
في سياق متصل بلغت تكلفة الفرص الضائعة في الناتج المحلي حوالي 66 مليار دولار منذ اندلاع الحرب، وفق تقديرات تقرير اقتصادي صادر عن قطاع الدراسات الاقتصادية في وزارة التخطيط بصنعاء بالتعاون مع اليونسيف.
تسهم المشاريع الصغيرة للمرأة في رفد الاقتصاد والتنمية، بحسب خبراء اقتصاديين، مؤكدين على أهمية مشاركة المرأة وتمكينها اقتصاديًّا، ومنوهين إلى أن بناء المرأة لمشروعها الخاص يعزز من دورها الكبير الفاعل في الشراكة المجتمعية، ويثبت وجودها ويشعرها بالنجاح الذي ينعكس عليها وعلى المجتمع.
مشاريع ناجحة
مشاريع صغيرة أصبحت كبيرة مع الإصرار؛ مشروع "يمن سويت" لأسماء المشرقي واحدة من هذه المشاريع، بدأت المشرقي مشروعها الذي يحمل ماركة "منا منا" وهو نوع من الشكولاتة اليمنية ذات الأنواع والأشكال المختلفة التي لاقت شهرة واسعة في أوساط اليمنيين سنة 2018 من منزلها في غرفة صغيرة، ثم قامت باستصدار ترخيص لإنشاء معمل من الهيئة العامة للمواصفات والمقاييس، حصلت بموجبه على عضوية الغرفة التجارية سنة 2019، بحسب المشرقي أثناء حديثها لـ"خيوط". إبتسام الثوبري وجه آخر خاض غمار التجربة، بافتتاحها مشروع "جناين شو"، المشروع الذي دشنته من منزلها سنة 2015، لتتحول بعد ذلك لتاجرة كبيرة في مجال الاستيراد والتصدير، وهو عبارة عن بيع ملابس واكسسوارات ومكياج، لتتطور الفكرة للاستيراد، من بلدان عدة، مثل: مصر، وتركيا، والصين، والسعودية، ملابس وتصميمات غير موجودة في اليمن، حسب طلب زبونات يتعاملن معها.
تقول الثوبري لـ"خيوط"، إن ما شجعها في الاستمرار هو شغفها بالأزياء والجمال، وأخذها لدورات أونلاين في مجال الميك آب والموضة من دبي، الأمر الذي ساعدها في تنمية مشروعها وحيازتها على ثقة زبوناتها اللاتي يرين فيها الخبيرة قبل الموردة لطلباتهن، حد قولها.
وعلى ذات الشاكلة بدأت "تينا" مشروعها تينا ديزانير (Tena Designer) لعمل الثيمات والجداريات في منتصف سنة 2019، لتلاقي نجاحًا كبيرًا لم تكن تتوقعه، فقد ظنت في البدء أنها مجرد هواية، ولكنها حينما عرضت أعمالها على صفحتها في الفيس بوك لاقت رواجًا كبيرًا من قبل الناس وعملت لتطوير مشروعها أكثر، لتبتكر أشكالًا وتصميمات راقية لدعوات زفاف ولوحات خشبية، بحسب حديث تينا لـ"خيوط".
قررت أن أشتغل في صناعة اللحوح وبيعه لأكفي أولادي وأسد رمق جوعهم، ولكني تعرضت للمضايقات والتحرش من قبل كثيرين، علاوةً على إهانة أولادي، الذين كانوا يتعرضون للضرب والمعايرة في الشارع بسبب عملي
انتقاص اجتماعي
عوائق وصعوبات عدة يصنعها المجتمع أمام النساء رائدات المشاريع الصغيرة، يدفع الكثير منهن نحو الإحباط والتخلي عن مشروعاتهن. تقول مريم علي (اسم مستعار) مع تردي الأوضاع المعيشية وتضاعف المسؤولية على عاتقي بعد وفاة زوجي قررت أن أشتغل في صناعة "اللحوح" (نوع من الخبز ينتشر في اليمن خصوصاً في شهر رمضان) وبيعه لأكفي أولادي وأسد رمق جوعهم، ولكني تعرضت للمضايقات والتحرش من قبل كثيرين، علاوةً على إهانة أولادي، الذين كانوا يتعرضون للضرب والمعايرة في الشارع بسبب عملي، ساخرين منهم، فاضطررت للتخلي عن مشروعي". تنهي مريم حديثها لـ"خيوط".
من جهتها ترى أم أمجد، صاحبة مشروع حلويات ومعجنات من المنزل، أن هناك تقليلًا من العمل والصناعات المحلية، وتضيف: "على الرغم من المعاناة التي نواجهها في ظل الأوضاع الحالية من انعدام الغاز وغلاء المكونات إلا أن هناك أشخاصًا يأتون للمحل ويقللون من قيمة عملنا ومجهودنا، وكأن العمل المحلي يصنع نفسه ولا يوجد دعم لكنه عمل محلي".
الجدير ذكره أنه، ومع العوائق التي يواجهنها اليمنيات لتنمية مشاريعهن، لم ييْئَسْن، واستمرت الكثير منهن في مشاريعهن حتى وصلن وأصبحن أمثلة يحتذى بها، ومثّلن بارقة أمل لنساء أخريات، استفدن من تجاربهن وأخذن بنصائحهن التي تصب في خانة النضال وعدم الاستسلام لواقعهن الاقتصادي السيئ ولظروفهن الاجتماعية القاسية.