تؤكّد نبيلة المعلمي (53 سنة)، أنّ أهمّ إجراء ساهم في شفائها التام من سرطان الثدي، هو الكشف المبكر عن المرض، وهذا يعني الفحص الذاتي، الذي يعقبه المسارعة الفورية للطبيب، بمجرد شعور المصابة بتغيرٍ ما في لون الثدي، أو بوجود أي كتلة أو ألم.
وسرطان الثدي هو مرض تنمو فيه خلايا غير طبيعية داخل قنوات الحليب أو الفصيصات المنتجة للحليب مشكِّلة أورامًا تتحول إلى خبيثة في حال تم إهمالها والتهاون في التعامل السريع معها من قبل طبيب مختص.
الجدير بالذكر أنّ المركز الوطني لعلاج الأورام في العاصمة صنعاء، كان أشار في إحصائية له، قامت "خيوط" بتحليلها، وتشمل ثلاثة أعوام ماضية (2020 - 2022)، إلى أن عدد المصابات بسرطان الثدي بلغ نسبة 16%، بالنظر لأنواع السرطانات المختلفة، حيث تصاب به قرابة 1000 امرأة كل عام.
فيما تصدر عدد وفيات سرطان الثدي عدد وفيات السرطانات الأخرى نتيجة التشخيص المتأخر للمرض بنسبة 66%، غير أن حالات الشفاء بلغت 90-95% في حال تم الكشف المبكر.
وينصح الأطباء بضرورة الفحص الذاتي للثدي بعد كل دورة شهرية، ومراقبة أعراض المرض التي قد تظهر، وذلك من خلال البحث عنها كنوع من التثقيف الصحي الذاتي الذي ينبغي أن تعرفه كل امرأة على وجه التحديد. في هذا السياق، يلخص مجاهد الجوفي- أخصائي صحة عامة، أبرز هذه الأعراض أثناء حديثه لـ"خيوط"، قائلًا: "عادة تظهر أولى العلامات بتغير كتلة الثدي، وتغيير حجمه أو شكله، إلى جانب تغير لون الجلد الذي غالبًا ما يميل إلى اللون الأحمر، إضافة إلى انغماس حلمة الثدي للداخل، ونزول إفرازات غير طبيعية من الحلمة بالتزامن مع شعور بالألم".
تجارب مع المرض
تحكي المعلمي قصتها لـ"خيوط"، قائلة: "استيقظت في أحد الأيام من النوم وأنا أعاني من ألم شديد في الثدي، حيث ظهرت عليه كتلة صغيرة قاسية، ما أثار هلعي، حينها ذهبت للمستشفى لإجراء الفحوصات، وكانت النتيجة صادمة بالنسبة لي، حين أخبرني الأطباء أني مصابة بالسرطان".
تتابع المعلمي، وهي تتذكر تلك اللحظات المؤلمة: "كان وقع الخبر عليّ كالطامة، ظننت حينها أنها النهاية، لكني رضيت بقدري، وقررت مواجهة مرَضِي بكل قوة وعزيمة، وهو ما أعانني على تخطي الصدمة، إلى جانب وقوف عائلتي معي التي كانت سندًا حقيقيًّا لمحاربة السرطان".
أجرت المعلمي عملية استئصال للورم من الثدي، والتزمت باستخدام الجرعات الكيماوية والعلاج بالإشعاع حتى تعالجت منه تمامًا.
هنية الواسع (39 سنة)، تمكّنت هي الأخرى من هزيمة سرطان الثدي بعد رحلة علاج طويلة وشاقة ومُكلفة ماديًّا، ساعدها في ذلك تمسكها بالأمل رغم كل شيء، حيث تنوعت التحديات ووصفات العلاج ما بين إرهاق نفسي وجسدي أثناء العملية الجراحية والجرعات الكيماوية والعلاج بالإشعاع، إضافة إلى الكلفة المادية المرتفعة أساسًا للعملية وجلسات الإشعاع الكثيرة، حيث بلغت قيمة الجلسة الواحدة 21 ألف ريال، إلى جانب عشرات الإِبَر الهرمونية التي تُعطى للمريض شهريًّا وتصل قيمتها إلى 70 ألفًا، غير أنّ التحدي الأكبر كان عدم توفر بعض هذه الأدوية الهامة في الصيدليات نتيجة الحرب والصراع الدائر.
تقول الواسع لـ"خيوط": "تفاصيل كثيرة أصبح الحديث عنها مثيرًا للحزن والخوف والأمل، لقد كنت في امتحان صعب وقاسٍ، لولا أنّ الله لطف بي، لكنت الآن ضمن مئات الضحايا الذين يقضون بسببه سنويًّا".
وعلى العكس من تلك التجربتين، فقد أدّى تأخر الفحص المبكر لدى فتحية المضرحي (48 سنة)، إلى تمكن سرطان الثدي منها، ما اضطر الأطباء إلى بتر ثديها بالكامل.
تتحدث المضرحي لـ"خيوط"، عن الحال الذي أوصلها لهذا الخيار الصعب، قائلة: "لم أتوقع أن يحدث معي هذا، تساهلت في مراجعة الأطباء عند ظهور العلامات الأولى للسرطان، وعند تقدم الحالة ذهبت للطبيب، لكن كانت الخلايا الخبيثة قد انتشرت، فاضطر لبتر الثدي؛ ولذلك أنصح بضرورة الفحص المبكر حال الشك بوجود أي عرض مشبوه فيه؛ لتلافي الحالة قبل تدهورها".
تنتشر في أوساط المجتمع شائعة مفادها أن أخذ خزعة للفحص، قد يتسبب بانتشار السرطان، وبالتالي وفاة مريضة سرطان الثدي، وهذا ليس صحيحًا إطلاقًا، إذ يحتاج المرض سنين عديدة لتكوين مليار خلية حتى تصل إلى سنتيمتر مربع واحد، ولذلك لا يوجد علاقة بين أخذ عينة من الورم للتشخيص وبين زيادة الانتشار.
أسباب المرض
في سياق متصل، يُرجع الطبيب، مجاهد الجوفي في حديث لـ"خيوط"، بعض أسباب المرض إلى السمنة الزائدة، وعدم ممارسة التمارين الرياضية، وتعاطي الكحول، وكذا العلاج بالهرمونات البديلة، والتغذية غير الصحية كالمأكولات التي تتضمن دهونًا زائدة، أيضًا تناول اللحوم الحمراء وعدم تناول الخضروات والفواكه، بالإضافة إلى عوامل فسيولوجية أخرى، مثل تأخر انقطاع الطمث إلى بعد سن 45 سنة، وعدم الرضاعة الطبيعية المطولة، وعدم إنجاب الأطفال، والتقدم في السن، والتاريخ العائلي للإصابة بسرطان الثدي.
فيما يلفت أحمد شملان، مدير عام مساعد مركز الأورام بصنعاء واستشاري علاج الأورام والعلاج بالإشعاع، الانتباه إلى عوامل أخرى، مثل: سوء التغذية، ونقص المناعة، والتلوث البيئي الناتج عن الأوضاع التي تمر بها البلاد، إذ ساهمت جميعها في زيادة معدلات الإصابة بسرطان الثدي، وإيجاد صعوبة في توفير الأدوية للعلاج، وهو ما زاد من معاناة المصابات.
ويضيف شملان في حديث لـ"خيوط"، قائلًا: "تنتشر في أوساط المجتمع شائعة مفادها أن أخذ خزعة للفحص قد يتسبب بانتشار السرطان، وبالتالي وفاة مريضة سرطان الثدي، وهذا ليس صحيحًا إطلاقًا، إذ يحتاج المرض سنين عديدة لتكوين مليار خلية حتى تصل إلى سنتيمتر مربع واحد، ولذلك لا يوجد علاقة بين أخذ عينة من الورم للتشخيص وبين زيادة الانتشار".
ويحذر شملان من خطورة إهمال الفحص الذاتي، الدوري كل ستة أشهر، ويدعو للابتعاد عن جميع العوامل المساعدة على الإصابة بسرطان الثدي، والعمل على ممارسة الرياضة والغذاء الصحي، والحفاظ على الحالة النفسية للمصابات من خلال التحلي بقوة الإيمان والإرادة.