وصاب -بضم ففتح- بلاد واسعة تشكل في أعمالها مديريتين تابعتين لمحافظة ذمار هما: وصاب العالي ووصاب السافل. تعود تسميتها إلى وصاب بن سهل بن زيد بن الجمهور بن عمرو بن قيس بن جشم بن عبد شمس بن وائل بن الغوث بن حيدان بن قطن بن عريب بن زهير بن أيمن بن الهميسع ابن حمير الأكبر. وقيل إنه من ولد سبأ الأصغر.
كانت بلاد وصاب جميعها تعرف قديما باسم " جُبْلان العَرْكبة"؛ نسبة إلى إحدى قراها القديمة، والتي كانت حاضرة وصاب، وسكن الملوك الشراحيين الذين حكموها. وتتصل من شماليها بوادي رمع الفاصل بينها وبين بلاد ريمة، ومن شرقيها بمديرية عتمة وقفر حاشد وبلاد يريم، ومن غربيها ببلاد زبيد، ومن جنوبيها ببلاد الحزم وجبل راس.
وتقدر مساحة وصاب العالي بنحو 700 كيلو متر مربع يسكنها حوالي 160 ألف نسمة يعملون بالزراعة، وتربية المواشي، والتجارة وآخرون بالمهجر.
تنقسم وصاب العالي إلى عدد من المراكز الإدارية أشهرها: جبل خيور، بنو الوائلي، شَجَب، العول، كبود، الأجبار، السانة، جَعُر، بنو حفص، بنو ربيعة، الشوكا، الأثلوث، بنو شنيف، بنو النمار، غيثان، جبل مَطْحن، ظفران، السيف، حَبُر، بنو الحبيشي، بني كندة، تريس، عرَاف، المنارة، بلاد السَّدِح، الروضة، بني الحداد.
وتمتاز هذه الرقعة الجغرافية بجبالها الشاهقة، وبأرضها الخضراء المثمرة المعطاءة التي تحتضن بين جنباتها وفي عرصاتها العديد من الآثار الحضارية والقلاع الحصينة، ومن أبرز تلك المعالم الأثرية "قلعة الدن"، والمسماة في التاريخ بـ"حصن نَعْمَان" – بفتح النون- التي تعود في تاريخها إلى أكثر من ألفي عام، وكذلك قلعة الوائلي، وحصن مدنن في بني كندة، وخرائب مدينة عركبة المشهورة في التاريخ والتي لم يبق منها إلا حصنها الذي قيل إنه كانت له سبعة أبواب، وكذا قلعة شعاف المأهولة حتى اليوم، هذا عدا المآثر القديمة في منطقة القائمة، وجعر، وكبود، والجبجب، ونقذ وغيرها.
والجدير بالذكر أنه كانت توجد مدارس إسلامية قديمة قام على تأسيسها علماء أفاضل مثل مدرسة العلامة الحبيشي، ومدرسة العلامة موسى بن عبد الله العراقي في ذي مُرَجَّى غربي السدف بحصن نعمان، ومدرسة المهدوي في قرية جُباح حصن جَعُر.
وصاب السافل
هناك أيضا منطقة وصاب السافل والتي يصل تعداد سكانها إلى نحو 150 ألف نسمة؛ ولأن هذه المديرية تقع بين واديين زراعيين هما رماع وزبيد، فإن أغلب اشتغال السكان في مجال الزراعة؛ لذلك تمتاز المنطقة بطبيعتها الخلابة، وأكثر مزروعاتها الحبوب على اختلاف أنواعها، والبن، والفواكه، والنخيل، كما يهتم الأهالي بتربية النحل الذي يجود بأفضل أنواع العسل المنافس للعسل الدوعني والجرداني؛ وذلك بفضل اتساع المنطقة، وكثرة أشجارها، وخاصة أشجار العلب الكثيفة التي يتغذى عليها النحل، وتوجد في منطقة المجومي وبني حسام والداثر، كما أن أهالي وصاب السافل يشتهرون بالصناعات الحرفية والإنتاجية، ومنها الحصير الذي يصنع من سعف النخيل، وله استخدامات كثيرة كمفارش للأرض، أو لتبطين الأسرَّة والكراسي، كما يعملون من القصب الموجود بكثرة في بني سخمل السلال المختلفة الأحجام، ومن المهن الحرفية أيضًا صنع الفخار المعروف باسم المدر الذي يستخدم أواني للطبخ أو لحفظ المياه، وقد سمي نسبة إلى جبل مدر في بني سواد وقرضان.
وتشتهر وصاب السافل بالحياكة وصناعة المنسوجات مثل: المعاوز، واللحافات، والملايا والملابس المختلفة، وموطنها الأصلي في بني حطام وبني عبد الله، كما أن عددًا غير قليل من السكان اهتموا بالثروة الحيوانية والمتاجرة بالمواشي وتربيتها كالأغنام والأبقار، وخاصة في بني سلمة، وفي وادي الخشب، وفي جربان، وهي مناطق يكثر فيها إنتاج الجبن البلدي المعمول من لبن المواشي، وكذلك السمن البلدي، مع أن تربية الحيوانات تكاد تعم مختلف مناطق المديرية، أما تربية الجمال، فموطنها في الصنع قرضان.
وتشمل وصاب عددًا من المراكز الإداريـة، أهمهــا: بنـي حطـام، وبنـي ســوادة،ِ وقرضان، والمصباح، وفيها مركز المديريـة، وجبـل قـَّور، وبنـي الحـسام، وفيهـا حـصن يناخ، وبنـي َسلمة، وبني معانس وبني ُغَلـْيس، وبنـي عريـف، وبني مرجف، وبني شماخ، وبني لاهب، وجبـل بنـي غـشيم، وبنـي العـزب وبني عبـاس، والأسالمة، وبني مزيج وغيرها مـن المنـاطق التـي تضم عددًا من الُقرى والمآثر القديمـة، وخاصـًة في حصن المصباح الذي يطّل على سْهل تهامة، وكـذا في حصن يناخ، وفي حصن قوارير، وفي جبل القاهرة وأحد أجزاء جبل بني حي وغيرها.
قال الهمداني في "صفة الجزيرة": جبلان العركبة بلد واسع، وساكن العركبة الشراحيون من آل يوسف ملوك تهامة من عهد المعتصم إلى أيام المعتمد، والوصابيون من سبأ الأصغر، وهو وصاب بن مالك بن زيد بن سدد بن زرعة.
وقد تم شق طريق تربط بين ذمار بوصاب العالي تمر عبر مديرية مغرب عنس، ثم مديرية عتمة، وتصل إلى مركز المديرية- "بلدة الدن"، ومنها طريق إلى وصاب السافل، ومنها إلى تهامة، وذلك عبر المناطق التالية الدن – الأحد – مشرافة – الحسينية.
جبلان العركبة
جاء في معجم البلدان اليمانية عند ياقوت ما يلي: وصاب اسم جبل يحاذي زبيد، وفيه عدة بلاد وقرى وحصون، وأهله عصاة لا طاعة عليهم لسلطان اليمن إلا عنوة".
وجاء في مادة جبلان الآتي: " جبلان بالضم جبلان العركبة بلد واسع باليمن يسكنه الشراحيون، وهو بين وادي زبيد ورمع. وجبلان ريمة: هو ما فرق بين وادي رمع ووادي سهام، ووادي صيحان والعرب، ومنها تجلب البقر الجبلانية العراب الحرش الجلود إلى صنعاء وغيرها، وهي بلاد كثيرة البقر والزرع والعسل، ويسكن البلد بطون من حمير والصرادف، وهو جبلان بن سهل بن عمرو بن قيس بن معاوية بن جشم بن عبد شمس بن وائل بن الغوث بن قطن بن عريب بن زهير بن أيمن بن الهميسع بن حمير.
وقال القاضي إسماعيل الأكوع في تعليقه على كلام ياقوت: "جُبْلان العركبة: هو ما يعرف اليوم بوصاب. والعركبة مدينة خربة كانت حاضرة وصاب، وكان يسكنها الملوك الشراحيون ملوك وصاب، وتقع في أسفل مخلاف جَعُر من جهة الغرب. وجُبْلان ريمة: هي ريمة بنواحيها الأربع: الجعفرية، والسلفية، وبلاد الطعام، وكسمة".
وقال القاضي الحجري: "وصاب بلد واسع في الغرب الجنوبي من صنعاء على مسيرة أربع مراحل، وهو مقسوم إلى ناحيتين ناحية وصاب العالي مركزها دن وصاب، وناحية وصاب السافل مركزها الأحد.
وتعرف من قبل هذه الجهة بـ"جبلان العركبة"، كما تقدم في جبلان. تتصل بلاد وصاب من شمالها بوادي رمع الفاصل بين وصاب وبلاد ريمة، ومن جنوبيها بوادي زبيد الفاصل بين وصاب، وبلاد حبيش والعدين، ومن شرقيها بناحية عتمة وقفر حاشد العائد إلى مغرب عنس وإلى قضاء يريم، ومن غربيها ببلد زبيد، وتنقسم كل ناحية من ناحيتي وصاب إلى مخاليف وعزل حسبما نذكره. في حين ذكر الهمداني في "صفة الجزيرة" وصاب باسم جبلان العركبة كما أسلفنا.
والعركبة مدينة وصاب القديمة حكاها العلامة عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن عمر بن محمد بن عبد الله بن سلمة بن علي بن حبيش بن إبراهيم بن أحمد بن حبيش الحبيشي ثم المذحجي الوصابي الشافعي مصنف تاريخ وصاب المسمى "الاعتبار في التواريخ والأخبار"، فقال: كانت عركبة مدينة عظيمة وكان سورها على رؤوس الجبال، وكان بها أربعة أبواب إلى كل جهة باب، وبابها الغربي بين جبلين مستقيمين يدخل منه من أتى من التهايم، ودون هذا الباب الغربي نهر جار دائم، وجروا إليها أنهارًا من جهة المشرق يدخلونه إلى قصورهم وبيوتهم ومساجدهم، ومن غربي المدينة أنهار دائمة تسقي أرض " سخمل"، وهي مدينة قديمة من زمن الجاهلية، وكان ملوكها من الشراحيين من حمير. قال: وسبب خرابها من السيل، وانتقل أهلها إلى جبل قريب منها يسمى غيثان ... إلى آخر ما ذكره الحبيشي- رحمه الله- في تاريخه.
قلت: ومحل العركبة اليوم في عصرنا سنة 1360ه ما بين مخلاف القايمة ومخلاف الجبجب من وصاب العالي قبليها عزلة المنارة من الجبجب، وجنوبيها عزلة بني الموت، وشرقيها عزلة غيثان من مخلاف القايمة، وتعرف بقعة المدينة بعركبة إلى اليوم.
وحكى الحبيشي أن وصابًا سميت باسم وصاب بن سهل الجمهور بن زيد بن عمرو بن قيس بن معاوية بن جشم ... ينتهي نسبه إلى حمير الأكبر، ومنهم من يقول لها أصاب وهو الاسم الأصلي، ثم أبدلت الهمزة واوًا.
وقال الهمداني في "صفة الجزيرة": جبلان العركبة بلد واسع، وساكن العركبة الشراحيون من آل يوسف ملوك تهامة من عهد المعتصم إلى أيام المعتمد، والوصابيون من سبأ الأصغر، وهو وصاب بن مالك بن زيد بن سدد بن زرعة، وهو حمير الأصغر من سبأ الأصغر، وجبلان هذه بين وادي زبيد ووادي رمع، وجبلان ربمة هي ما بين وادي رمع ووادي سهام، ووادي صيحان. ومن جبلان تجلب البقر الجبلانية العراب الحرش الجلود إلى صنعاء وغيرها، وهي بلاد كثيرة البقر والزرع والعسل، وسوقها يصلي تهامة قعار، ويسكن البلد بطون من حمير من نسل جبلان، وحي الصرادف، ومن بني حي بن خولان، وهي ملوكها إلى ما ذكره الهمداني في جبلان.
مخاليف وعزل
مخاليف وصاب العالي مخلاف بني الحدادي، وفيه حصن نعمان، وقد نسب إليه المخلاف فيقال: مخلاف نعمان، وبه مركز الناحية في الدن، وقد ذكر في محله.
ومن العزل في هذا المخلاف عزلة نعمان، وعزلة الهجرة، وعزلة الشريقي، وعزلة الأصلوح، وعزلة الروضة، وعزلة جلة، وعزلة ظلاف، وعزلة الكلبيين، وعزلة جران، وعزلة مذلب.
ثم مخلاف بني مسلم، وفيه حصن السدة من عزلة الصلول، وحصن الحمراء كذلك، والمصنعة من عزلة قاعدة، وهي في الأصل حصن الشرف الذي ذكره ياقوت كما تقدم في حرف الشين، وعزلة الأحيام، وعزلة المربعة، وعزلة الزيادي، وعزلة القدمة، وعزلة بهوان، وعزلة المعشار.
ثم مخلاف جعر، ومنه عزلة بني كندة، وفيها حصن جعر، وحصن مدنن، وعزلة الغربي العالي والسافل، وعزلة بني حفص، وعزلة حذمان، وعزلة بني مسيع، ومغرم الوسط، وعزلة السيف، وعزلة حَبُر، وعزلة بني الحبيشي وشرقي الأحواف.
ثم مخلاف كبود ومنه عزلة زاجد وفيها قلعة الوايلي، وعزلة النشم وبها حصن النشم، وعزلة الغربي، وعزلة جبل خيور، وعزلة الرقعي، وعزلة مذحج، وقفر العول، وبلاد قوازي، وبني الزايدي.
ثم مخلاف نَقِذ، ومنه عزلة السانة، وفيها حصن السانة، وعزلة بني ساوي، وعزلة معيضي، وجمهوري، وعزلة الشوكا، وعزلة الأثلوث، وبني حي صبر، وبني حي شقة، وعزلة الجدهان، وعزلة الأجعود، وعزلة بني المصنف، وعزلة خدش، وعزلة بني الوادعي، وعزلة سُقيفة بضم السين المهملة، وعزلة حمير، وعزلة بني ربيعة.
ثم مخلاف القايمة، ومنه عزلة النفقة، وفيها حصن عزان، وعزلة ظفران، وفيها حصن ظفران، وعزلة الكلبيين، وفيها حصن ضهر. وهناك مخلاف بني شعيب، ومنه عزلة الموسطة، وعزلة محزر، وعزلة العبادي، وعزلة الجدلة، وعزلة العنين، وعزلة القابل.
ثم مخلاف الجبجب، ومنه عزلة الأجبار، وفيها حصن رجوف، وعزلة يريس، وعزلة مزاحم، وعزلة المنارة، وعزلة الشوكا، وعزلة عراف، فهذه مخاليف وصاب العالي.
وأما وصاب السافل فيشمل عزلة بني حطام، وعزلة بني سوادة، وعزلة جربان، وعزلة العارس، وعزلة قرضان، وعزلة المصباح، وعزلة بني حسن، وعزلة بني عبد الله، وعزلة قوّر، وعزلة بني الحسام، وفيها حصن يناخ، وعزلة بني سلمة السافلة، وعزلة بني سلمة العالية، وعزلة الأجراف، وعزلة بني غليس، وعزلة بني مرجف، ومن مخلاف السافل مخلاف بني حي، ومنه عزلة بني أحمد، وعزلة بني الشماخ، وعزلة بني مزيج، وعزلة بني عياش.
وفي وصاب السافل جبل قور في أعلاه آثار عمارة قديمة، وجبل المصباح، وبني مرجف، وجبل بني معانس، وجبل بني علي، وجبال بني علي، وجبال بني حي منها جبل القاهرة فيه عمائر قديمة، وجبل غراب، وجبل بني عمر، وجبل بني عباس، وجبل خبش، وجبل عباد.
ومن علماء وصاب بنو الحبيشي منهم صاحب تاريخ وصاب، ... حكى فيه أن ولادته سنة 774، ومن أسلافه وقرابته جملة من العلماء منهم: أبو محمد عبد الرحمن بن عمر بن محمد بن سلمة الحبيشي المتوفي سنة 780، ترجمه الشرجي في "طبقات الخواص"، قال: ومن مصنفاته "نظم التنبيه"، وزياداته في عشرة آلاف بيت. ومن علمائها أيضا أحمد وموسى ابنا يوسف بن موسى بن علي التباعي الحميري ترجمهما الأهدل.
ومنهم أبو محمد الخضر بن محمد بن مسعود سلامة الوصابي، ترجمه الشرجي، وأبو الحسن علي بن الحسن الوصابي المتوفي سنة 657 بقرية المحفد ترجمه الشرجي أيضًا.