علي صالح، مزارع يمنيّ خمسينيّ، من مديرية ذيبين- محافظة عمران، قام بالتعاون مع أهل قريته بحفر ثلاثة آبار بشكل عشوائي، كلّفتهم حوالي 100 مليون ريال يمني، وبعمق يتراوح ما بين 400-600 متر؛ في سباق متواصل بحثًا عن المياه الجوفية، وسط تغيرات مناخية واسعة تمرّ بها اليمن، والتي شهدت مؤخرًا أمطارًا غزيرة نتج عنها سيول مدمرة في جميع المحافظات، ومنها عمران الواقعة على بعد 30 كيلومترًا من العاصمة صنعاء.
وتقدِّر تقاريرُ صادرة عن السلطات المحلية وهيئة الموارد المائية بمحافظة عمران، حصلت عليها "خيوط"؛ متوسطَ عدد الآبار التي تم حفرها عشوائيًّا دون تراخيص في مديريات المحافظة خلال النصف الأول من العام الجاري 2022، يبلغ 50 بئرًا؛ نصفها غير مكتملة، إضافة إلى قيام مواطنين ببناء 5 حواجز مائية لحصاد مياه الأمطار على حسابهم الخاص.
أحد المختصين في هيئة الموارد المائية بمحافظة عمران-فضّل عدم ذكر اسمه- يدعو في حديث لـ"خيوط"، كافةَ المواطنين والسلطات المحلية في عمران إلى التعاون مع الهيئة، والحدّ من الحفر العشوائيّ للآبار، بسبب تكلفتها العالية التي قد تصل إلى أكثر من 100 مليون ريال.
ويقترح التعويضَ عن ذلك بتشييد السدود والكرفانات لحصاد مياه الأمطار، وبناء الحواجز لتغذية المياه الجوفية، نظرًا لتكلفتها المنخفضة مقارنة بالآبار.
ارتباط مناخيّ
في السياق، يؤكِّد عضو المجلس المحلي بمديرية ذيبين، مصلح علي، لـ"خيوط"، على "ضرورة الحدّ من الحفر العشوائي للآبار الارتوازية؛ لكونه يهدّد المخزون المائي من المياه السطحية والجوفية، والتركيز على بناء السقايات والخزانات الخاصة لحصاد مياه الأمطار".
ويشير علي إلى أهمية تعاون الجهات الأمنية والمواطنين والسلطات المحلية والتنفيذية في منع تنقلات الحفارات بين المدن والمديريات والمحافظات المجاورة إلا بالترخيص المحدد من قبل هيئة الموارد المائية، وَفقًا للقانون اليمنيّ النافذ في هذا المجال.
يعتمد سكان اليمن بشكل كبير على المياه الجوفية، حيث يتم الحصول على حوالي 70% من المياه العذبة منها، ويتم استخدام معظم هذه المياه الجوفية للإنتاج الزراعي.
وتنص المادة (35) من قانون المياه رقم (33) لسنة 2002، والذي تم إجراء تعديل على بعض مواده في العام 2006، على أنه "لا يجوز لأيّ فردٍ أو جماعة أو جهة حكومية أو أهلية أو أيّ شخصية اعتبارية أو طبيعية القيامُ بحفر أيِّ بئرٍ للمياه أو إقامة أيّ منشأة مائية لحجز مياه السيول والغيول الجارية في مجاري الأودية أو فوقها أو تحويلها عن مداربها الطبيعية إلا بعد الحصول على ترخيص مسبق بذلك من هيئة الموارد المائية".
كما خلص تقرير حديث، أعدّه مركز المياه والبيئة والتغيرات المناخية بجامعة ذمار، تلقّت "خيوط" نسخة منه، إلى أنّه "بالإمكان الاستفادة من الآثار الإيجابية للتغيرات المناخية في اليمن، فيما يتعلق بحصاد مياه الأمطار وتغذية المياه الجوفية".
تقييمات جيولوجية
يعتمد سكان اليمن بشكل كبير على المياه الجوفية، حيث يتم الحصول على حوالي 70% من المياه العذبة منها، في حين يتم استخدام معظم هذه المياه الجوفية للإنتاج الزراعي؛ حسب تقرير صادر عن المركز الإقليمي لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية؛ اطلعت عليه "خيوط".
ويبيّن التقرير أنّه إذا استمرت مستويات الاستخراج الحالية، فمن المتوقع أن يتم استنفاد احتياطيّات اليمن، في غضون عقدين إلى ثلاثة عقود أخرى.
الجدير بالذكر أنّ التقييمات الهيدرولوجية السابقة، التي أعدتها جهات ومؤسسات متخصصة، تكشف عن أنّ كمية المياه المتاحة لسكان اليمن خلال الثمانينيات كانت حوالي (2.1 - 2.4) مليار متر مكعب في السنة، بينما وصل الطلب التقديري على المياه حاليًّا إلى ما يقارب (3.4) مليار متر مكعب سنويًّا؛ ما يدلّ بوضوح على أنّ الطلب المتزايد باستمرار يفوق العرض في العديد من مستجمعات المياه.