نجحت أمل محمد (30 سنة)، في إعالة أسرتها منذ سنوات الحرب الأولى التي تبعتها جائحة كورونا في اليمن. تقول لـ"خيوط"، إنه بعد انقطاع راتب زوجها الذي يعمل كموظف حكومي في وزارة الإعلام بصنعاء، سارعت إلى إنشاء مشروع صغير لصناعة العطور والمنظفات ومواد التجميل في المنزل، عاد عليها بدخل مناسب. مضيفةً أنّ الإنتاج من تلك المواد اقتصر على الطلب عليها في الحي إضافة إلى المعارف والأصدقاء.
هناك نحو 28 ألف منشأة صناعية في اليمن، 78.43% منها منشآت صغيرة جدًّا (1-3 عُمّال)؛ وفقًا لآخر مسح صناعي نفّذته وزارة الصناعة والتجارة والجهاز المركزي للإحصاء في اليمن قبل الحرب الدائرة في البلاد عام 2015.
بإمكان النساء العمل في مجالات صناعة مواد التجميل من المواد الطبيعية وبجودة عالية، والمحاسبة والإدارة بالأنظمة الالكترونية، حسب تأكيد الدكتور عبدالله العاضي، أستاذ الاقتصاد المشارك بجامعة عمران، لـ"خيوط".
ويؤكد العاضي أنّ "المرأة تحتاج إلى بيئة محفِّزة ومشجّعة، لدعم دخولها إلى سوق العمل، إلى جانب الدعم النفسي والمعنوي والتدريب". ولتخفيف آثار الحرب وكورونا على نساء اليمن؛ يقترح العاضي أنّ ذلك يتم من خلال "جذب النساء إلى سوق العمل عبر الاهتمام بالتعليم والتدريب".
بيئة مشجعة
"الإبداع والابتكار لخلق منتجات تتواءم مع سوق العمل، في ظل الحرب وجائحة كورونا، يستدعي تشجيع تعليم النساء صناعة المنتجات الصحية كالقناعات الطبية والصابون والمعقمات والمنظفات و"الماسكات" وغيرها، بدلًا من استيرادها من الخارج"؛ هو ما تؤكّد عليه الخبيرة الوطنية في النوع الاجتماعي، رحاب السنباني، لـ"خيوط".
وتدعو السنباني إلى "التنسيق مع الجهات الحكومية والمنظمات المختصة، كالصحة العالمية، للتأكّد من مواءمتها للمواصفات."
على الرغم من الأعراف المتأصلة مجتمعيًّا، انتشرت الأعمال التجارية التي تديرها النساء في اليمن خلال السنوات السبع الأخيرة، بما في ذلك الأعمال التجارية من المنزل أو بيع المنتجات من خلال المنصات الإلكترونية
ومع ذلك ترى السنباني أنه "يجب ألّا يُحصر عمل النساء على قطاعات معينة، بل إنه يمكن تمكين النساء بشكل عام على استخدام الأنظمة الجديدة والواعدة، كالطاقة الشمسية واستخدام أنظمة الري الحديثة والبذور المحسنة والبيوت المحمية في الزراعة، بعد أن ظهر ميل النساء في المحافظات الجنوبية إلى العمل في قطاع الإلكترونيات وصيانة الموبايل والطاقة الشمسية".
وتحثّ السنباني على "تدريب النساء على كيفية التسويق وإدارة الأعمال والمشاريع الصغيرة إلى جانب المهارات الأخرى، ومن ضمنها المهارات الحسابية، وتنمية مهاراتها التقنية ومهارات القيادة والتواصل والتفاوض والإدارة وحل النزاعات".
توافقها الرأي الخبيرة في النوع الاجتماعي أمل الكهالي؛ إذ تقول لـ"خيوط"، إنه "يجب تمكين المرأة بما يتناسب مع طبيعتها، وبما يساند دور أخيها الرجل، بعيدًا عن الأعمال الشاقة، ودون حصر ذلك التمكين على قطاعات معينة". وأبدت الكهالي إعجابها بوجود "مهندسات يعملن في صيانة الهواتف وأجهزة الكمبيوتر، وحَظِينَ برواج كبير".
وبما أنّ الأثر الاقتصادي للحرب وجائحة كورونا نتج عنهما فقدان مصادر الدخل في أوساط النساء والرجال؛ فإن الدكتور محمد المكردي- أستاذ الاقتصاد المشارك بجامعة ذمار، يقول لـ"خيوط"، إنه "يمكن توظيف النساء في مجالات الصحة والتعليم والخدمات والوظائف الإدارية في المؤسسات الإنتاجية في القطاع الخاص".
حماية اجتماعية
تعد اليمن من البلدان المنخفضة الدخل، وعديدٌ من النساء يعملن في وظائف غير رسمية، وبالتالي لا تشملهن خطط الحماية الاجتماعية، مثل التأمين ضد البطالة، حسب الدكتور عبدالباري دغيش، عضو لجنة الصحة العامة والسكان في البرلمان اليمني.
ويرى دغيش أنّ "تمكين النساء من العمل في قطاع الزراعة في المرحلة الراهنة من أجل الغذاء، يعد أمرًا حيويًّا، والنساء في اليمن عبر التاريخ كان لهن دورٌ في هذا المجال".
وعلى الرغم من الأعراف المتأصلة مجتمعيًّا، انتشرت الأعمال التجارية التي تديرها النساء في اليمن خلال السنوات السبع الأخيرة، بما في ذلك الأعمال التجارية من المنزل أو بيع المنتجات من خلال المنصات الإلكترونية.
وعلى الرغم من تضاؤل الفرص في ظل الاقتصاد المتدهور والأعراف الاجتماعية والثقافية المُقيِّدة، تقول آمال عبدالله إنّ العديد من النساء استطعن بَدء مشاريعهن الخاصة، وأصبحن ربّات عمل بدلًا من موظفات. ومع ذلك، لا يزلن يواجهن عقبات خاصة بنوعهن الاجتماعي، لا سيما فيما يتعلق بتأمين رأس المال لشركاتهن، وبوسع التغيير الثقافي والمؤسسي -بدلاً من ذلك- أن يدعم ريادة هؤلاء النساء للأعمال؛ ليتمكّنَّ من النموّ والازدهار، حسب تقرير نشره المركز اليمني للسياسات.