الفص الأول:
لها كلّ هذا التقوس في عَظْم سبابتي
والشرودُ الذي جوّفَ المقلتينْ .
وهذا الحمامُ..
يلملم أطيافَه من فضاء الشرودْ
وينحلُّ من تحت سبابتي
ثم ينهضُ يركضُ في الأفقِ..
مبتعدا.
وكنتُ انتهلتُ , على راحتيها , كحبة قمح ٍ
وزاحمتُ في القاع حَبًّ الحصى
وزاحمتُ في الجوِّ طيرَ العُقاب
ولملمتُ كلَّ خيولي وناري
وكلَّ حمائم قلبي
وأطلعتُها من دمي زهرةً
وأطلقتُها في المدى نجمة
وأسريتُ أبحر ..
في فُلك أحلامها شاردا ..
الفص الثاني:
هنا وطنٌ
كان يسبقني في المثول إليه
ثم ينهلُّ فوق خطاي .
فندخلُ في الحلم ..
نضرب في الحلم
نرسمُ أشجاننا شجراً في العراء
ونصعد في فيئها
حَالمِيْن.
ونضرب في الحلم
نضرب في الحلم حتى مشارف أحداقنا
وحتى ترانا النساءُ المواثلُ في القلبِ
نفتح بوّابة القلبِ
ثم نعانقهنّ ..
ونخرج نضرب في الحلم ثانيةً.
الفص الثالث:
لعينيكِ لون السنابلِ, حين تماوجها الريحُ ,
لكنني ..
أتمعنُ فيها فأشهد جرحاً
وأمْعِنُ فيكِ فيستفني الجرحُ
إن المرارة تجتزني من جذوعي
فأهوي بقاعكِ مشتبكاً في ذهولكِ
أبحث بين القبور الفسيحة عن شاهدٍ
قد يكون بعمق اغترابي
وأبحثُ, أبحثُ
كل الشواهد تومئ :
أن الطريق لعينيكِ يعبر من فتحة الموتِ
سيدتي :
بعد هذا الطواف الطويل تكونين مقبرة!
كيف لي أن أمارس زهويَ
حين يراودني الحلمُ
أو تعتريني القصيدة ؟
*
إني أراكِ فأحشد نفسي لموعد حزن جديدٍ
وأحتارُ: هل أبدأ الزحفَ من مدِّ جرحي
الذي لا يهادنُ؟
أم أبدأ النزف من حدِّ عينيكِ؟
إن البكاء صلاةُ المحاصَرِ
فليسع الدمع نافلتي وفروضي
*
يا جراحي التي لا يضِّمدها الِطيبُ
عيناكِ مقصلة ٌ
وأنا جئْتُ من أذرع الموتِ .. كي أرتديها
عناقاً يمازجني فيك حتى الشفاء
فهلا اتسعتِ قليلا!