تصدرت أخبار اليمنيين الذين تعرضوا لعمليات قتل وسطو في الولايات المتحدة الأمريكية بشكل كبير خلال الفترة الماضية، وهو ما أثار حفيظة وفضول رواد مواقع التواصل الاجتماعي وأخذ حيزًا لافتًا على المواقع الإخبارية اليمنية.
تساؤلات عدة أطلقها مغردون يمنيون، أغلبها كان حول ما يلحق باليمني من أذى أينما ذهب، وتمحورت في جانب مهم في هذا الخصوص؛ ما الذي قد يجعل خمسة يمنيين يفقدون حياتهم خلال شهر واحد في بلدٍ كالولايات المتحدة الأمريكية؟ كما أضيفت لهذه التساؤلات الرغبة في معرفة رد السفارة اليمنية إزاء ما يحصل لمواطنيها في أمريكا.
ونظم مغتربون يمنيون وأمريكيون من أصول يمنية وقفات احتجاجية، طالبوا فيها السلطات الأمريكية القيام بالإجراءات اللازمة لمعاقبة الجناة ، وعبروا عن مخاوفهم وقلقهم عما يحدث.
أسباب حوادث القتل
شكلت حوادث القتل هذه غموضًا في أذهان الناس، في محاولة معرفة الأسباب التي أودت بحياة خمسة يمنيين يحملون الجنسية الأمريكية خلال شهر ، خاصة أن من تعرضوا لعمليات القتل والسطو هم ملاك محال تجارية في أمريكا.
يوضح المغترب اليمني في ولاية نيويورك الأمريكية محمد جابر (33 سنة) -اسم مستعار، حسب طلبه- وهو مالك محل تجاري لبيع المواد الغذائية والاستهلاكية، أن السلطات الأمريكية في كثير من الولايات التي يقيم فيها مغتربون يمنيون، أجازت بيع الماريوانا، فقام بعض اليمنيين المقيمين في أمريكا والذين يحملون جنسيتها، بالمتاجرة بهذه المادة في محلاتهم كغيرهم من التجار.
مصدر دبلوماسي في وزارة الخارجية والمغتربين التابعة للحكومة المعترف بها دوليًّا، يوضح في هذا الشأن أن المواطنين الذين تعرضت محلاتهم التجارية للاعتداء يحملون الجنسية الأمريكية، إضافة إلى أن نشاط ضحايا حوادث القتل كانت غير مشروعة، ما جعل الجهات الدبلوماسية اليمنية تتجاهل الأمر
ويضيف محمد لـ"خيوط"، بأن الجهات التي تقف وراء قتل اليمنيين الأمريكيين هي الأطراف المحتكرة لتجارة الماريوانا حيث ترى فيهم تجار منافسين لها، متحججين بأن قيامهم بهذه التجارة وتداولها في متاجرهم تعدٍّ على هذا السوق الذي يحتكرونه.
يختم محمد حديثه، بأن حوادث القتل التي انتشرت في أمريكا لم تطَل اليمنيين وحدهم، بل شملت فئات كثيرة من ملاك المحال التجارية الذين يتاجرون بالماريوانا.
وارتفع عدد الولايات الأمريكية التي تجيز تداول مادة الماريوانا منذ العام 2014، حتى منتصف العام الماضي 2021، نحو 18 ولاية، لأسباب تتعلق بالاستخدام الترفيهي، عدى عن 37 ولاية تجيزها للاستخدام الطبي.
وبما أن السلطات الأمريكية سمحت بعملية بيع وتداول الماريوانا، يبقى السؤال المطروح عن الدور الذي يجب أن تقوم به هذه السلطات في توفير الأمن والحماية من القتل الحاصل هناك.
ويؤكد ناشطون في أوساط الجالية اليمنية في الولايات المتحدة الأمريكية تحدثوا لـ"خيوط"، أن السبب الرئيسي في إفلات الجناة من أعين القانون الأمريكي، هو انخفاض عدد شرطة المدنيين إلى النصف في كل الولايات بسبب جائحة كورونا.
إضافة إلى أن الديمقراطيين في أمريكا حين تولوا الحكم قاموا بتقليص أعداد الشرطة المدنية، وإلغاء المباحث، ما سبب انتشار الفساد بصورة كبيرة في الأراضي الأمريكية.
ويشرح أحد المسؤولين المشرفين على صفحة "يمانيون في أمريكا" بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، أنهم في السابق حين كانوا يطلبون الشرطة المدنية، لم يكن الأمر يستغرق دقيقتين لوصولها، لكن الواقع الحالي تغير، إذ أصبح وصول الشرطة يستغرق ساعتين.
بين الحقيقة والشائعة
تعد الجالية اليمنية واحدة من أقدم الجاليات في أمريكا، وزاد حضورها في الواقع السياسي للولايات المتحدة الأمريكية بعد انخراط اليمنيين في مناصب مهمة في مؤسسات الدولة الأمريكية.
وسرت مؤخرًا شائعات كثيرة حول مقتل اليمنيين المغتربين في بعض الولايات الأمريكية، كثير منهم حاصلون على الجنسية الأمريكية، مع تعدد الروايات عن الدوافع التي أدت إلى ظهور أكثر من حادثة قتل في وقت وجيز.
الكابتن جميل الطاهري، وهو قائد يمني في شرطة نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية، يقول في تصريح خاص لــ"خيوط"، إن الطريقة التي قُتل بها المغتربون اليمنيون في أمريكا كان بسبب السطو المسلح.
ويوضح جميل قائلًا، إن أغلب المحال التجارية التي تعرضت للسطو كان يباع فيها سجائر وأدوات المخدرات، مثل الأنابيب والبلاستيك والزجاجة التي تستخدم في تعاطي بعض الأنواع المخدرة.
ويشير الطاهري إلى أن المركز الأمريكي لمكافحة الأمراض والوقاية سجل زيادة ملحوظة في معدلات جرائم القتل خلال العام الماضي 2021.
ويختم الطاهري حديثه بالإشارة إلى أن تعرض بعض هذه الأعمال والمتاجر للاعتداء، يرجع إلى ثقة المعتدين في أن أصحاب المتاجر لن يبلغوا الشرطة؛ كونهم يبيعون منتجات غير قانونية.
ناشطون يمنيون في الولايات المتحدة الأمريكية على مواقع التواصل الاجتماعي، كتبوا عن أن بيع زجاجات فارغة وأدوات استخدام بعض المواد لا تبرر جرائم القتل، وتساءلوا عن دور السفارة فيما يتعرض له اليمنيون المغتربون في أمريكا.
في هذا الخصوص، أوضح مصدر دبلوماسي في وزارة الخارجية والمغتربين التابعة للحكومة المعترف بها دوليًّا -فضل عدم ذكر اسمه- أن الإشكالية في عدم التصريح بهذا الشأن تعود أولًا إلى أن المواطنين الذين تعرضت محلاتهم التجارية للاعتداء يحملون الجنسية الأمريكية، إضافة إلى أن نشاط ضحايا حوادث القتل كان في مجال غير مشروع، ما جعل الجهات الدبلوماسية اليمنية المعنية تتجاهل الأمر.
من جانبه، يقول مسؤول في السفارة اليمنية في أمريكا، لـ"خيوط"، إن السفارة خاطبت الجهات الأمنية، فيما جاء رد هذه الجهات بإشعار ذكر فيه أن الجهات الأمنية في أمريكا تتابع موضوع هذه الجرائم، وتم إحالة الأمر إلى الجهات الأمنية المختصة بهذا الشأن.