اعتمد مجلس الأمن أمس الإثنين القرار 2624 (2022) تحت البند السابع، الذي يقضي بتجديد نظام العقوبات على اليمن، ويصف جماعة أنصار الله (الحوثيين) بـ"جماعة إرهابية"، وإدراجهم ككيان على قائمة عقوبات اليمن، في ظل حظر السلاح.
وأثار القرار في فقرته الثانية لغطًا وجدلًا كبيرًا، عقب تغيير الأمم المتحدة للخبر الخاص بالقرار، مصطلحَ تصنيف أنصار الله (الحوثيين) إلى توصيف، وهو ما يجعل القرار غير واضح، وسط اعتراضات على القرار بسبب آثاره على المدنيين وجهود السلام في اليمن.
ومع بقاء الجدل في تفسير القرار، يبني المعترضون رأيهم حول ما إذا كان تصنيفًا فيما يكون التوصيف تلاعبًا بالألفاظ، من ناحية أن تصنيف كيانٍ ما كجماعة إرهابية لا يخص الكيان المعني في ذاته، خاصة إن كان كيانًا يحكم ويمثل سلطة أمر واقع يسيطر على مناطق يبلغ سكانها 70% من مجمل سكان البلاد. فما هي تبعات هذه الخطوة بالنسبة للسكان في المناطق الخاضعة لسيطرة أنصار الله (الحوثيين)؟
يرى مراقبون ومحللون وناشطون أن قرارًا من هذا النوع، في وضع بلد كاليمن، سينتج عنه آثار جسيمة وكعقاب جماعي يطال كتلة سكانية كبيرة، فيما الجماعة المستهدفة قد لا تتأثر بشكل مباشر بهذا القرار في حال استمر كتصنيف. إضافة إلى آثار قد تطال المساعدات الإغاثية ويُشلّ الاستجابة الإنسانية في اليمن، ويوقف أي عملية تنسيق من قبل الوكالات الإنسانية الفاعلة مع الجهات ذات العلاقة بالقطاع الإنساني التابعة لسلطة الأمر الواقع في صنعاء، كوزارتي الصحة والتربية والتعليم وغيرها.
بحسب كبير المحللين بشأن اليمن في مجموعة الأزمات الدولية، بيتر سالزبوري، فإن تفسير القرار فيما يخص التوصيف أو التصنيف- سيكون أكثر أهمية للتحالف بقيادة السعودية والإمارات، بينما يزعم الحوثيون أن الأمم المتحدة متحيزة ضدهم. يؤكد سالزبوري أن وصف "جماعة إرهابية" لن تجعل المهمة أسهل أمام المبعوث الأممي في مفاوضاته لإحلال السلام في اليمن مع الحوثيين.
تأثير الملف الروسي الأوكراني
مع وصول التوترات في مجلس الأمن الدولي إلى نقطة الغليان بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا، صوّت مجلس الأمن على تجديد وتحديث عقوبات اليمن بموجب قرار مجلس الأمن رقم 2140.
دول امتنعت عن التصويت للقرار: "لا نزال قلقين من أنّ استخدام مثل هذه المصطلحات، في غياب تعريف واضح لها، قد يكون له تأثير سلبي على جهود الأمم المتحدة المبذولة لتسهيل التوصل إلى حل سياسي في اليمن"
كانت الإمارات العربية المتحدة قد ضغطت من أجل اتخاذ موقف أكثر عدوانية تجاه الحوثيين في أعقاب الهجمات الصاروخية أو الطيران المسير على الإمارات في يناير/ كانون الثاني – فبراير/ شباط 2022، وضغطت أيضًا لتنفيذ تجميد الأصول، وحظر السفر، وتوسيع سلطات الحظر البحري. وشيئًا فشيئًا تمت إزالتها.
يقول بيتر سالزبوري، كبير المحللين بشأن اليمن في مجموعة الأزمات الدولية، إن الحظر المفروض على الأسلحة على مستوى المجموعة لا يغير كثيرًا، لأنه من الناحية العملية هو أمر مرحب به، إذ أعرب البعض في نيويورك عن قلقهم من أن التحالف قد يستخدم هذا الحظر، مستعينًا بالحديث عن الحوثيين، من أجل حث مجلس الأمن على تصنيفهم كـ"جماعة إرهابية"، وبالتالي بقية الدول الأعضاء في المجلس.
يضيف: "هناك أشخاص أذكى مني بإمكانهم شرح الفروقات القانونية، لكن، هناك دبلوماسيون في نيويورك يقولون إن استخدام وصف "جماعة إرهابية" ليس لها قوة قانونية ولا تشكل "تصنيفًا" رسميًّا للحوثيين، ولكنها أسلوب ضغط.
وتصف اللغة الجديدة حول الشمولية عملية سياسية تشمل "الأحزاب اليمنية المتعددة والمتنوعة، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر، الحكومة المعترف بها دوليًّا والحوثيين"، في حين تم التأكيد حول مشاركة المرأة، بما في ذلك حصة 30٪ لمشاركة المرأة. وهذه أخبار جيدة.
يشير بيتر إلى أن التجديد يتضمن أيضًا التأكيد والتشديد بشأن الوضع الإنساني، موضحًا أنه لا ينبغي السماح للحظر الموسع على الأسلحة بإعاقة حركة التجارة والسلع الإنسانية. وفقًا للعديد من المسؤولين في نيويورك، فإن هذا "يخبرنا عن مخاوف بشأن تفسيرات القرار".
وقد شهد مجلس الأمن إحدى أهم المقايضات في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا، كما يؤكد كبير المحللين بشأن اليمن في مجموعة الأزمات الدولي. يضيف بالقول: "في الماضي، ربما كانت روسيا ستستخدم حق النقض ضد التجديد في شكله الحالي، ويبدو أنها أثارت اعتراضات بالفعل على وصف "جماعة إرهابية" باعتبارها عائقًا أمام السلام. لكن روسيا امتنعت عن التصويت، بعد امتناع الإمارات عن التصويت على قرار يدين الغزو الروسي، فيما اعتبر في المجلس أنه مقايضة.
من جانبها، توضح الناشطة اليمنية رشا جرهوم أن مهمة مجلس الأمن إدراج المجموعات في قائمة العقوبات. في حين القرار أدرج "الحوثيين" بالقائمة ووصفهم بجماعة إرهابية. وأكدت أن الذي يصنف هي الدول الأعضاء التي عليها تنفيذ قرار مجلس الأمن.
مبررات الاعتراض
ويصنّف القرار الذي تم تبنيه أمس الإثنين 28 فبراير/ شباط، أنصار الله (الحوثيين) كمجموعة خاضعة لحظر الأسلحة المستهدف، على النحو المنصوص عليه في القرار 2216. ويهدف حظر الأسلحة إلى وقف التدفق غير المشروع للأسلحة إلى اليمن.
وحظي القرار بتأييد 11 دولة (بما فيها جميع الدول دائمة العضوية). فيما امتنعت أربع دول، هي أيرلندا والنرويج والمكسيك والبرازيل، عن التصويت.
لكن الدول التي امتنعت عن التصويت على هذا القرار ترى أهمية ألا تتأثر الأنشطة الإنسانية والتجارية بهذا التصنيف، مما قد يؤدي إلى عواقب إنسانية وسياسية غير مقصودة.
جيم كيلي، نائب الممثلة الدائمة لأيرلندا في مجلس الأمن أشار إلى عدم وجود تعريف متفق عليه دوليًّا لمصطلح "الإرهاب" أو "الجماعة الإرهابية" ولم يكن هناك توافق في الآراء بشأن استخدام هذه اللغة في سياق المفاوضات، وأعرب عن قلق بلاده من أنّ استخدام هذا المصطلح في قرار مجلس الأمن المتعلق بالعقوبات في اليمن قد يكون له عواقب غير مقصودة على ملايين اليمنيين الذين يعيشون تحت سيطرة الحوثيين.
تحدث السفير جيم كيلي عن أن بلاده تؤيد بالكامل عمل لجنة 2140، وتعتبر نظام العقوبات أداة حاسمة لهذا المجلس للمساهمة في حل النزاع، واستعادة السلام والأمن والاستقرار الذي طال انتظاره في اليمن.
لكن، على مدى السنوات السبع الماضية، تسببت الأزمة المدمرة في اليمن في خسائر فادحة في الشعب اليمني، على حد تعبيره.
وأشار إلى أن التصعيد منذ بداية عام 2022، مع وقوع إصابات في صفوف المدنيين، يؤكد أن الحل التفاوضي السياسي هو السبيل الوحيد للمضي قدمًا، وأنه أمر حيوي للشعب اليمني، الذي يقف على شفا المجاعة، ويواجه انعدام الأمن الغذائي الشديد.
بدورها تحدثت نائبة المندوبة الدائمة للنرويج لدى الأمم المتحدة، تراين هايمرباك، عن السبب في امتناع بلادها عن التصويت على القرار الذي اعتمده مجلس الأمن حول اليمن، موضحة أنه خلال المفاوضات بين الدول الأعضاء حول هذا القرار، "أعربنا عن قلقنا إزاء إدخال وسم إرهابيين وتصنيف إرهابيين" على النص.
وتابعت تقول: "لا نزال قلقين من أن استخدام مثل هذه المصطلحات، في غياب تعريف واضح لها، قد يكون له تأثير سلبي على جهود الأمم المتحدة المبذولة لتسهيل التوصل إلى حل سياسي في اليمن".
كما أشارت إلى القلق بشأن "الأسبقية في النزاعات الأخرى المدرجة على جدول أعمال المجلس"، فضلًا عن التداعيات القانونية المحتملة.
وتشدد النرويج على أن حل النزاع يجب ألَّا يكون عسكريًّا، إذ تدعو جميع الأطراف إلى وضع احتياجات ومصالح الشعب اليمني كأولوية عبر التعاون بالكامل مع المبعوث الخاص بدون تأخير".
لغط القرار
يمدد قرار مجلس الأمن ولاية فريق الخبراء حتى 28 مارس/ آذار 2023. ويطلب إلى الأمين العام للأمم المتحدة أن يتخذ التدابير الإدارية اللازمة بأسرع ما يمكن لإعادة إنشاء فريق الخبراء، بالتشاور مع اللجنة.
ويجدد القرار حتى 28 شباط/ فبراير 2023 التدابير المفروضة بموجب الفقرتين 11 و15 من القرار 2140 (2014) ويعيد تأكيد أحكام الفقرات 12 و13 و14 و16 من القرار 2140 (2014)، ويعيد كذلك تأكيد أحكام الفقرات 14 إلى 17 من القرار 2216 (2015).
وتلفت جرهوم إلى أن قرار مجلس الأمن لم يكن قرارًا عاديًّا لتجديد ولاية لجنة العقوبات، وقد شمل نقاطًا تحت البند السابع دعت للحل السياسي المبني على الحوار السياسي متعدد الأطراف وغير المقصور على حكومة هادي والحوثيين، وبحسب الأطر المرجعية التي تشمل مخرجات الحوار والمبادرة الخليجية وقرارات مجلس الأمن.
ويدين القرار استمرار توريد الأسلحة والمكونات إلى اليمن، بوصفه انتهاكًا لحظر الأسلحة المحدد الأهداف المفروض بموجب الفقرة 14 من القرار 2216 (2015) باعتباره تهديدًا خطيرًا للسلام والاستقرار في اليمن والمنطقة.
ويحث جميع الدول الأعضاء على احترام وتنفيذ التزاماتها بمنع توريد أو بيع أو نقل الأسلحة والأعتدة ذات الصلة بجميع أنواعها، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، إلى الكيانات والأفراد المدرجين في قائمة الجزاءات وأولئك الذين يعملون باسمهم أو بتوجيه منهم في اليمن أو لصالحهم، على نحو ما هو مبين في الفقر 14 من القرار 2216 (2015).
ويشدد قرار مجلس الأمن على أنه ليس من حل عسكري للنزاع الراهن في اليمن وأن السبيل المجدي الوحيد للمضي قدمًا إنما هو سبيل الحوار والمصالحة بين الأطراف المتعددة والمتنوعة والتي تشمل -تمثيلًا لا حصرًا- الحكومة المعترف بها دوليًّا وأنصار الله (الحوثيين)، والأحزاب السياسية والإقليمية الكبرى في اليمن والنساء والشباب والمجتمع المدني.