باحتفاء باهت، يستقبل اليمنيون في العاصمة صنعاء ومدن يمنية أخرى، الذكرى الثانية والثلاثين لعيد 22 مايو 1990، حيث تخلل هذه المسيرة العديد من الأحداث والمنعطفات، التي تراكمت وشكّلت أعباء كبيرة على الوحدة، وسلامة الأرض اليمنية.
هذا في الوقت الذي يعاني فيه اليمنيون مرارة العيش، وقسوة الظروف بسبب الحرب والصراع الدائر منذ نحو ثماني سنوات، وتعمد بعض السلطات التي أفرزتها الحرب، تجاهل هذه المناسبة، الأمر الذي غيّب كافة الاستعدادات الشعبية، عن إحياء مظاهر الاحتفاء، بهذه الذكرى الوطنية الراسخة في اليمن.
مواطنون أكّدوا في أحاديثهم لـ"خيوط"، أنهم يعيشون وضعًا استثنائيًّا وظروفًا معقدة، سواء كانوا في جنوب اليمن أو شماله، ولا يستطيعون في ظله الالتفات للأعياد الوطنية، بما فيها ذكرى الوحدة اليمنية، التي حلت واليمنيون والبلاد تعاني ويلات التمزق والصراع والفقر.
ورغم حالة التشظي، والتمزق الذي تغذيه أطراف خارجية، إلا أن هناك من يعتقد أن هذه الظروف لن تنال من الاحتفاء بهذه الذكرى التي وحدت اليمن، كما يقول الناشط جميل الأديب، والذي يؤكد لـ"خيوط"، أن الوحدة اليمنية باقية مدى الدهر وحتى قبل التشطير كان اليمنيون موحدين في كل مناطق اليمن- حتى لو غاب الاحتفاء بها، وأن الخطر الذي يعترض طريقها، سيزول بإرادة جميع اليمنيين.
مناسبة يتيمة
على مدى ثلاثة عقود من عمر الوحدة اليمنية، برزت قضايا وأحداث كثيرة، تطالب بإصلاح مسارها على كافة المستويات، لكن سياسات النظام السابق حالت دون ذلك، بل وأسهمت في خلق اضطرابات متعددة حولها.
لا أثر لمظاهر الابتهاج في شوارع صنعاء، لا أعلام، ولا لافتات، ولا أضواء، إضافة إلى غياب المهرجانات والعروض الكرنفالية الشعبية والرسمية، في جميع ميادين وساحات العاصمة.
العقيد المتقاعد محمد الميسري، أحد سكان العاصمة صنعاء، يؤكد لـ"خيوط"، أهمية الاحتفاء بذكرى الوحدة بالنظر إلى معاناة اليمنيين من زمن التشطير، لذا أصبح الاحتفاء بهذه المناسبة واجبًا وطنيًّا.
ويستطرد قائلًا: "إن الحرب وتبعاتها القاسية على اليمنيين خلال السنوات السبع الماضية، جعل الاحتفال بالمناسبات الوطنية أمرًا ثانويًّا بالنسبة للكثير، ولم يعد البعض يتذكر مناسبة الأعياد الوطنية إلا من خلال الإجازة الرسمية".
يوافقه الموظف الخمسيني، محمد الأعرج، الذي يقول لـ"خيوط": "كنا نحتفل بعيد الوحدة وننتظر ذكرى قدومها بغبطة وتطلع كبير، لكن الناس انشغلوا بهمومهم في السنوات الأخيرة".
وتشكلت عوامل تهديد الوحدة اليمنية ومحاولة تقويضها، كنتيجة طبيعية لجملة من السياسات الخاطئة والعوامل الخارجية، تحديدًا في العقد الأخير من عمرها، حيث برز العامل الخارجي بشكل واضح وجلي، ساعيًا وراء إعادة تشكيل اليمن، مستفيدًا من هشاشة النظام السابق، وتجاهله المستمر للقضايا والإشكاليات الملحة التي مورست ضد قطاع واسع من سكان المناطق الجنوبية.
يتحدث الناشط عقيل الكثيري، لـ"خيوط"، قائلًا: "إن الوحدة اليمنية مناسبة غالية بالنسبة لليمنيين جميعًا، لكن عملية استغلالها لصالح طرف بعينه، ووجود العامل الخارجي، جعل بقاءها محل تهديد باستمرار".
ويضيف الكثيري أن الضرورة تقتضي إعادة إصلاح مسار الوحدة، والعمل على حماية البلاد من خطر التمزق والتقسيم، فاليمن لن يكون مستقرًّا وقويًّا، إلا بوحدته، وهذا ما يجب أن يدركه الجميع، وفي مقدمتهم النخبة السياسية والمكونات الحزبية.
فكرة راسخة
يلاحظ تلاشي مشاعر البهجة لدى سكان عاصمة دولة الوحدة صنعاء، واختفاء كافة المظاهر الأساسية، شعبية ورسمية، لإحياء مراسيم الاحتفال بمناسبة ذكرى الوحدة اليمنية، في عِيدها الثاني والثلاثين.
يبدو الروتين هو السائد في مختلف التفاصيل، إذ لا أثر لمظاهر الابتهاج في شوارع صنعاء، لا أعلام، ولا لافتات، ولا أضواء، إضافة إلى غياب المهرجانات والعروض الكرنفالية الشعبية والرسمية، في جميع ميادين وساحات العاصمة.
يُجمِع مواطنون يعيشون في صنعاء، وينتمون إلى محافظات من جنوب وشمال اليمن، على أن الوحدة اليمنية يومٌ تاريخي يودون الاحتفال به، لكن الجميع هنا في العاصمة اليمنية يفتقدون لمظاهر الاحتفال بهذه المناسبة التي يجب ألَّا تمر دون الاحتفاء بها، معبرين عن استيائهم من هذا التجاهل والتخلي المقصود والمتعمد من قبل السلطة المسيطرة على صنعاء ومحافظات أخرى في شمال اليمن، ومن غياب الاستعدادات والمظاهر المطلوبة.
وتظل هذه المناسبة فكرة راسخة الجذور لدى غالبية اليمنيين، والأهداف والمبادئ في أذهانهم، عدا قلة من الأصوات التي لا قيمة لها.