ما نشاهده اليوم من محاولات مستميتة للإجهاز على حلم الوحدة اليمنية، هو نتيجة طبيعية للعديد من الإخفاقات السياسية التي فشلت في الكثير من القضايا الوطنية الكبرى، وتعاملت معها بالمنطق الأبوي المتسلط، دون مراعاة الشراكة الوطنية، المتمثلة بالديمقراطية، والتبادل السلمي للسلطة، وتقاسم الثروة، والعدالة الاجتماعية؛ لقد تمثّل هذا التسلط بالعديد من السلوكيات والممارسات التي زعزعت مفهوم الوحدة في عقول الناس، ولعلّ أخطر هذه الممارسات كان في فتاوى التكفير، وإباحة الدماء، والحرب، ومصادرة الحقوق والوظائف، والتعامل مع الشريك بمبدأ الغلبة، كلّ هذا وغيره أوجد ثغرة كبيرة في جسد الوحدة، دخل منها المتربصون بها، وأجهز على ما تبقّى من آمال شركاء الوحدة، وجعلتهم ينادون بالتقسيم بدلًا من التقاسم، وإلى التشطير بدلًا من المشاطرة، أما الوحدة -كمنجز وطنيٍّ وجماهيريّ- فما تزال قائمة، لن تتعثر أو تتأثر بكل ما هو قائم اليوم من تفكيك وتجزيء وتجاذبات محلية وإقليمية، لأنّها -ببساطة- فكرة الجماهير وحلمهم، مهما عبثت بها أيادي الساسة وشوّهت وجهها الجميل.