كنت على سيارتي، أبحث عن محطة FM تقدّم أغانيَ أجنبية، لتقع إصبعي على محطة أخرى، شدّني الصوت العالي لأحدهم، قلت لأسمع، خاصة وقد سمعت هتافات تدوي تختلط بصوت الخطيب الذي كان يكرر:
من كان منكم زيديًّا، فلـ...
من كان منكم زيديًّا، فلـ...
من كان منكم زيديًّا، فلـ...
قلت على الفور: في هذه الحالة، الآخرون ما هم، ومن يتبعون؟!
هل عليَّ أن أفتح محطة أخرى تناديهم:
من كان فيكم ...، فلـ...
ومن بين النداء الأول، نداء لمواجهة العدوان...
قلت أليس من الأجدى والأجدر، أن يُواجَه العدوان من قبل اليمنيين جميعًا وتحت راية اليمن، وبذلك يكون النداء: "من كان منكم يمنيًّا، فلـ...". دار رأسي والخطيب يكرر عبارته المكثفة تحت راية …؛ فماذا يمكنني أن أقول؟!
أوجّه خطابي إلى العقلاء؛
أوقفوا هذا، فنحن نذهب إلى ما يُهلك الحرث والنسل.
راجعوا الخطاب وصحِّحوا ما اعوجّ؛ فلا يمكن أن تقول الشيء ونقيضه في الوقت نفسه، أو تتذرع بعدم تبعية هذا أو ذاك لك، وأنّ التصرف فردي. طيب، أوقفه! شذِّبوا الشعار، سيِّدوا الوطن إن كنتم تمتلكون مشروعًا حقيقيًّا.
لا اعتراض لي على كل ما يمثله الإمام زيد (عليه السلام)، وأنا شخصيًّا أصلي مسربلًا وراء إمام زيدي، لا غضاضة في ذلك، وإذا وجدت نفسي أمام المؤذن يقول: "حي على خير العمل" فأردّد بعده، وإذا وجدت نفسي أصلي بعد من يقول: "آمين"، فلا أتردد، لقناعتي التامّة بأنّ القِبلة واحدة، والرسول واحد، والمعبود واحد أحد، وأحترم وأجل ودرست في المدرسة، ما في المناهج عن علي (كرم الله وجهه)، وعمر، وأبي بكر، وعمر بن عبدالعزيز، وأدري يقينًا أنّ محمد بن عبدالله أُرسِل للناس جميعًا، وأنّ الجنة لم تخصص لهؤلاء دون أولئك، فكيف؟!
هذا الذي نراه ونسمعه سيؤدي بنا إلى أتون النار.
وأنا ليس لي غرض سوى هذا البلد الموجوع أبدًا.
لا يمكن أن نُسيّد فردًا أو جماعة أو قبيلة أو مذهبًا أو حزبًا مكانَ اليمن.
فإذا أردتم، فالراية الوحيدة التي يفترض أن نقف تحتها: رايةُ اليمن.
هل يمكن لصاحب عقل أن تهدأ نفسه وتستقر روحه لو سمع إذاعة أخرى للطرف الآخر، ويسمع خطيبًا أو مذيعًا ينادي: من كان منكم شافعيًّا فلـ...
لا يمكن لأي عاقل أن يقبل؛ لأنّ هذا وذاك ينسف كل ما هو وطني، ويُعلي كلَّ ما هو فئوي أو مذهبي أو غير ذلك.
راجعوا الخطاب وصحِّحوا ما اعوجّ؛ فلا يمكن أن تقول الشيء ونقيضه في الوقت نفسه. أو تتذرع بعدم تبعية هذا أو ذاك لك، وأن التصرف فردي. طيب، أوقفه! شذِّبوا الشعار، سيّدوا الوطن إن كنتم تمتلكون مشروعًا حقيقيًّا يصحح الأخطاء ويأتي بالدولة. اليمنيون بحاجة إلى دستور وقانون وحرية وديمقراطية، العالم من حولنا يعيش في زمن الذكاء الاصطناعي؛ فكيف؟
اللهم إنّي بلّغت، اللهم فاشهد.
اللهم إنّي نبّهت، فاشهد.
اللهم إنّي أرضيتُ ضميري، فأنت الشاهد الأوحد.