تتميز محافظة تعز بصناعة العديد من الحلوى الشعبية، كالرواني والبسبوسة والطرمبة، وتعتبر الأخيرة من ألذ وأشهى أنواع الحلويات في المدينة على الإطلاق، إذ يعود أصل الطرمبة إلى العهد العثماني، كان قد نقلها الأتراك إلى مدينة تعز خلال فترة حكمهم للبلاد، ومارس صناعتها واكتسب حرفتها بعض اليمنيين الذين توارثوها أجيالًا متعاقبة، وتكتسب الطرمبة شهرتها الحالية من كون اليمنيين يتخذونها كهدايا رمزية، يقومون بإرسالها إلى بقية المدن الأخرى كأفخر أنواع الهدايا القادمة من محافظة تعز.
على الطرف الشرقي لمدينة تعز يقع محل الحاج عبده حمود الهلالي الخاص بصناعة الطرمبة في حي الجحملية بالمدينة، ويعتبر من أشهر الأماكن التي تباع فيها الطرمبة مما جعل الناس تُقبل على شرائها، خصوصًا في شهر رمضان، وهو المشهد المتكرر منذ 4 عقود.
طرمبة الهلالي
تتواجد الكثير من المحلات التي تقوم بصناعة وبيع الحلوى في محافظة تعز، خصوصًا المدينة القديمة، لكن محل الحاج عبده حمود الهلالي يعد من أقدم المحلات وأشهرها. تعود نشأة المحل إلى أواخر سبعينيات القرن الماضي ووصلت شهرته إلى بقية المحافظات اليمنية.
يقول عصام الهلالي، نجل الحاج عبده حمود مالك المحل لـ"خيوط": "فتح والدي المحل في السبعينيات، وعمل فيه حتى اليوم، اشتهر من خلال إرسال الطرمبة إلى العديد من المدن اليمنية والدول الخليجية".
وعلى الرغم من وجود محلات كثيرة تقوم بصناعة هذه الحلوى، وبيعها للناس، إلا أن محل الهلالي هو الأكثر شهرة في المدينة؛ نظرًا لخبرته الطويلة التي مكّنته من إجادة صناعة الحلوى الفريدة بإعطاء كل مقدار حقه دون نقص أو زيادة، وهو ما يؤكده أسامة محمد، أحد متناولي الحلوى، لـ"خيوط"، مشيرًا إلى أن طرمبة عبده حمود محفورة بذاكرته منذُ الطفولة، وبالذات في رمضان، إذ تعتبر من الحلويات الأساسية بعد العشاء في كل بيت، ولها مذاق خاص.
مصدر الحلوى
تعد الطرمبة أو ما يسمى "بلح الشام "من ألذ وأشهى الحلويات في مدينة تعز وبناء على هذه التسمية، يعتقد البعض أنها حلوى شرقية، وأن تاريخها يرجع إلى بلاد الشام "سوريا"، فيما يرى البعض الآخر أن العثمانيين أول من صنع هذه الحلوى، ثم نقلوها إلى العديد من البلدان العربية أثناء فترة حكم الدولة العثمانية.
وحول هذا التباين الظاهر في تلك المعلومات يقول الأديب، نبيل الحكيمي، لـ"خيوط" إن أصلها يعود للأتراك؛ حيث تأصلت في اليمن، وأصبح اليمنيون يقومون بصناعتها بجانب غيرها من المأكولات والحلويات المشابهة.
وهو رأي يؤكده المؤرخ التاريخي، فهد الظرافي، أثناء حديثه لـ"خيوط" قائلًا: "أغلب الحلويات أصلها تركي؛ بحكم تواجدهم في اليمن من الفترة الأولى والثانية، والتي امتدت لأكثر من قرن وثلث القرن، مشيرًا إلى أن كثيرًا من الأطباق السورية أخذت عن المطبخ التركي في الأصل ويتفق معه".
كان محل الهلالي عبارة عن دكان صغير "صندقة"، عندما بدأ قبل 40 سنة، عمل فيه لعدة سنوات لكسب لقمة عيش حلال من عرق جبينه، وبعدها تطور وازدادت عائداته المالية وشهرته عن غيره من المحلات، إذ إن لَذة طعم حلوياته وجودة صناعتها كانت، وما زالت، تجلب الناس إليها من كل المناطق
طريقة إعدادها
تمر عملية صناعة الطرمبة بثلاث مراحل، ابتداءً من مرحلة العصيد، كما يروي لنا الهلالي عصام: "أول مرحلة هي العصيد، حيث يتم إضافة كمية من الماء على نار هادئة حتى يغلي، ثم يتم وضع الدقيق بشكل متوازن حتى يأخذ الخليط شكل الصلصال، بحيث تكون لينة بشكل متماسك، بعدها يتم وضع الخليط في العجانة حتى تتماسك، ثم يتم تزويدها بكميات من البيض بشكل دفع، حتى تتشرب العجينة وتتشبع بالبيض".
وتأتي المرحلة الثانية من صناعة الطرمبة بتقطيعها وترطيبها بالزيت البارد؛ حيث يتم تفكيكها بمكنة خاصة بالتقطيع، لكي يتم وضعها في الزيت المغلي، وتبقى في الزيت المغلي حتى تأخذ اللون البني، كما يقول الهلالي.
أما في المرحلة الثالثة والأخيرة من إعداد الطرمبة، فيتم تبريدها ووضع مادة "الشيرة" المكونة من الماء والسكر، لكي يتم تقديمها للزبائن، وبيعها بأسعار متفاوتة. يضيف الهلالي "يتم وضع الشيرة على الطرمبة حتى لا يتكسر، ويصل رطبًا إلى الزبون بسعر 50 ريالًا للقطعة الصغيرة و100 ريال للكبيرة".
إقبال في رمضان
يظل محل عبده حمود الهلالي على مدار العام مزدحمًا ويرتاده الزبائن لشراء الطرمبة، لكن تزداد وتيرة الإقبال بشكل أكبر خلال شهر رمضان، وهو المشهد المتكرر منذُ 40 عامًا.
يتابع الهلالي في حديثه لـ"خيوط": "هناك إقبال كبير على شراء الطرمبة التي نقوم بإعدادها، في أيام الفطر، لكن الأمر يزداد في رمضان إلى ثلاثة أضعاف؛ نتيجة الصيام؛ لأن بعض الناس يعتبرونها حلوى موسمية".
كان محل الهلالي في السابق عبارة عن دكان صغير "صندقة"، عندما بدأ قبل 40 سنة، عمل فيها لعدة سنوات لكسب لقمة عيش حلال من عرق جبينه، وبعدها تطور العمل وتوسع إلى محلين، خصوصًا مع زيادة عائداته المالية وشهرته عن غيره من المحلات، إذ إن لذة طعم حلوياته وجودة صناعتها كانت، وما زالت، تجلب الناس إليها من أماكن متفرقة وبشكل متواصل وغير عادي.