إلى اللحظة -صباح الأحد- من عصر الخميس الفائت، ولم أجد من ألجأ إليه في إدارة "الإنترنت" يحل لي مشكلتي، ولم يحسّ أحد بي، بل وضحك أحدهم عندما قلت له: "أنا كاتب مرتبط بالقارئ، وعندما أتأخر وأغيب، يتركني"، ضحك، وأنا أمّنت على ضحكته: "بالفعل يحق لك أن تضحك، أنا قليل عقل عندما أقول لك ما قلت"، كنت أكلم نفسي، أما هو فأغلق على: "اتصل بالمدير العام، المدير العام؟!"، المدير العام برغم أن يحيى أقسم بالله إنه أحسن مدير من بينهم كلهم!!!
يبدو ونحن اللحظة، عند الثالثة والنصف من عصر السبت، أن "النت" أحَسَّ بتعبي وحالة التيه التي أدخلوني في دوامتها وأصلح نفسه! قد يغير رأيه في أي لحظة، لكنني أراهن عليه أفضل من رهاني على البشر.
صاحبي تركني أنتظره في الشارع ساعة واحدة، وعندما جاء متأخرًا، بدا أنه مزهوًّا بما فعل، غضبت وتركته…. أنا أحترم الموعد، وأحرص على أن أذهب إلى المكان المقصود قبل الوقت؛ احترامًا للنفس.
تذهب بسيارتك إلى الورشة، يتناول منك الفلوس، ويحدد لك وقت الإنجاز بيومين: "تعال يوم …"، تأتي وتذهب، وتعود وترجع، فتصير الأيام هباء منثورًا: "تعال الليل، تعال الصبح"، وهكذا..
في كل مناحي حياتنا لا نحترم الوقت، ولا ندري كيف نديره! بل نقتله طوال الوقت مع سابق إصرار، أذهب إلى أي مرفق وأحسب كم يقضي الموظف وقتًا في الإنجاز؟ لا شيء!
ويا ويلك إذا حدّثت أيًّا كان بأهمية الوقت، وهو الذي يردد ليلًا ونهارًا: "الوقت كالسيف، إن لم تقطعه قطعك". نقول شيئًا ونمارس عكسه!
هذه البلاد بحاجة إلى إعادة صياغة إرادة وليس إلى هُوية، فهُويتها يمانية ولم ينكرها أحد. نحن بحاجة إلى دولة قائمة على أعمدة القيم، وخاصة قيم العمل، وأولها وأقدسها احترام الوقت.
تقول لإمام الجامع: "الدين 99% ممارسة، و1% عبادة"، يتهمك بالكفر والشيوعية أيضًا، وتقول له إن احترام الوقت جزء من العبادة، ينظر إليك شزرًا: "تطبقوا كلام الكفار"!
أمثلة كثيرة جدًّا على إهدارنا للوقت، وهو العملة الأهم في بناء الإنسان وقيم الدولة؛ لأن لا تربية وطنية تفرض علينا احترام القيم الجميلة، وبالذات القيم المرتبطة بالعمل كقيمة، أصغرهم شأنًا يحتقر من يعمل، حمران العيون يصلون إلى النتيجة من أقصر الطرق، ولا عزاء لمن يحترم الوقت ومتفرعاته من القيم التي أوصلت اليابانيين إلى مصاف المعجزات، أو الألمان الذين دكّت بلادهم مدنها وقراها، فحولوها باحترام الوقت وحساباته شديدة القيمة، فأعادوا ألمانيا لوحة بل ورشة عمل تحقق ما لم يحققه العرب كلهم، وخاصة دول النفط، أما دول المطر فتعود يوميًّا إلى مضارب قريش تبحث عمن لها معه ثأر قديم، لتصفيه.
سأظل أنتظر حتى يردّ الرقم 113 على اتصالاتي التي بلغت فوق المئة بكثير والموال نفسه يتكرر: "الرقم الذي تتصلون به مشغول في الوقت الحالي…"!
لأن لا أحد يهتم بالوقت ولا يحسب للدقيقة حسابها.
متأكد أنه لن يرد، ومديره الذي ردّ يوم الخميس بعبارة جميلة أو بكلمة: "تأمر"، وصمت بعدها إلى الآن -السبت عصرًا- وإلى صبح الأحد، والنت تراجع عن كلمته وضاع من جديد!
هذه البلاد بحاجة إلى إعادة صياغة إرادة وليس إلى هُوية، فهُويتها يمانية ولم ينكرها أحد. نحن بحاجة إلى دولة قائمة على أعمدة القيم، وخاصة قيم العمل، وأولها وأقدسها احترام الوقت؛ كيف؟ الجواب عند من يقول إنه سيوجد دولة.
إلى اللحظة أشك في ذلك؛ فالأمر "ديمة خلفنا بابها".
والتغيير كقيمة جديدة بحاجة إلى بشر جدد طازجين.