هل يأتي يوم يخرج فيه العالم متظاهرًا ضد ديكتاتورية التكنولوجيا؟
هل نشهد يومًا انقلابات وثورات على الروبوتات الحاكمة والمتحكمة؟
هل يأتي صباح نكتشف فيه أنها صارت تتحكم في حياتنا؟
هل تلغي دور الإنسان، وتحل محله؟ هل تتمرد عليه وتحتل كل مقدراته وترميه إلى الشارع؟
بوتين، يدين مجموعات الإنترنت العملاقة ويتهمها بأنها أصبحت تحل محل الدول!
تويتر، يوقف حساب ترامب، فيغيب عن العالم الذي حكم رأسه طوال أربع سنوات بتغريدات متتابعة متناقضة، ملغيًا الفعل الإنساني في البيت الأبيض ليجد المستشارين أنفسهم بلا عمل!
الروبوتات، تحل محل الإنسان في الـ"supermarkets"، فتلغى وظائف كثيرة ويتحول شاغلوها إلى بطالة مقنعة، آلاف الوظائف ستلغى.
الذكاء الاصطناعي يحل على العالم، فنجد السيارة التي تقود نفسها، والثلاجة التي تناديك، والبيت الذي يتصل بك إلى عملك: هنا سارق اقتحمني!
كرة القدم صارت الروبوتات تلعبها؛ هل يأتي يوم ونشاهد دوريات فرق نوادي الروبوت تخوض غمار الكؤوس، وكأس عالم في كرة القدم للروبوت؟
الطائرات الحديثة يقودها الكمبيوتر، والمهندس الفرنسي مدرب مهندسي طيران اليمنية، وقالها لهم مبكرًا: "لن تصدقوا أنفسكم، صدقوا الكمبيوتر، وللطائرة ثلاثة محركات إذا تعطل الأول حل الثاني، وإذا تعطل الثاني حل الثالث، وأغلب حوادث الطيران سببها الإنسان".
وكاميرا ديجيتال، يكفي أن تؤشر لها بيدك فتلتقط أجمل الصور بدرجة نقاء ألوان مذهلة. وصار رب العمل يراقب نشاط صيدليته في بيت بوس من السويد.
وتعمل الدول العظمى على استبدال جيوشها بالروبوت، فهل نشهد يومًا محايدي جيوش الروبوتات تحارب بعضها، وتحتل المساحات الشاسعة والإنسان يتفرج. لينفجر السؤال الأكبر: "إلى أين أذهب؟"، وقد تمردت عليه التكنولوجيا وأزاحته وحلت مكانه.
التكنولوجيا الآن توسع الهوة بين عالمين، عالم في الذرة وعالم في الحضيض، وانظر فنحن العرب لم نستطع حتى اللحظة استيعاب أسرار أجهزة التليفونات التي بين أيدينا، ونصيح مطالبين بمقاطعة الآخرين من فوق سيارات هم صانعوها ونحن راكبوها
هي ليست فرضيات، فما نراه من طائرات حربية لا عمل لطياريها سوى النظر إلى الشاشة، وهي تذهب وتقوم بضرب الأهداف المبرمجة في أجهزتها المتطورة، وتقوم كاميراتها بتصوير ما قصفت وترسله بنفسها إلى غرف العمليات، ثم تعود سالمة بالطيار إلى قاعدته.
وهنا التطور المذهل في الطائرات بدون طيار، ولن نسهب في وصف القنبلة الذكية، ولا الصاروخ الذي يدري إلى أين هو متجه؛ فالأخبار تنقل إلينا كل يوم ما يذهل العقل. وسيأتي وقت تحل فيه محل القاذفات والمقاتلات فلا يعود للمطارات حاجة، وبموجب التطور المذهل تتغير قواعد الاشتباك ويصير للحرب قانون تكنولوجي، لا مكان فيه للعواطف البشرية.
وانظر إلى التاكسي الطائر والقطار الطلقة، والدرونز التي تلاحق من لا يلبس الكمامة اتقاء من كورونا في الشوارع، وصارت تنظم حركة المرور وتقوم بأعمال لا تعد ولا تحصى، وصار الطلاب والموظفون يعملون ويدرسون من منازلهم بواسطة التكنولوجيا. وبفضل أو بسبب الإنترنت غابت الفصول الدراسية ولم يعد للكرسي مكان ولا للسبورة جدار! وصار بإمكان أي مدرس جامعي في أي جامعة عالمية ومن أي نقطة على الكوكب، إعطاء الدرس وأنت على سريرك. ويختبرك ويقيم قدراتك وأنت على نفس السرير، وتمنح الشهادة وأنت في نفس المكان.
وستأتي اللحظة التي قد بدأت حيث تفحص نفسك فحصًا طبيًّا شاملًا من المنزل، وتكتب لنفسك التقرير وترسله إلى الطبيب، وقد يأتي الوقت الذي يقرر لك الروبوت الدواء. ويقوم بعمل الممرضات وطواقم الإسعاف.
ليس الأمر خيالًا أو نتاج تأثير قات؛ فما نراه يذهل الطفل الرضيع، ولا يحرك شعرة في رأس العالم الجاهل والمتخلف الذي هو في وادٍ سحيق من العقم، بينما العالم قد تخطى كل الحواجز، وسيُستعمر هذا العالم الجاهل بالتكنولوجيا، إذ لن يعود بحاجة إلى إرسال الجيوش من البشر!
التكنولوجيا الآن توسع الهوة بين عالمين، عالم في الذرة وعالم في الحضيض، وانظر، فنحن العرب لم نستطع حتى اللحظة استيعاب أسرار أجهزة التليفونات التي في أيدينا، ونصيح مطالبين بمقاطعة الآخرين من فوق سيارات هم صانعوها ونحن راكبوها!!! لا ندري ماذا سنفعل؟! والهوة تكبر كل يوم. وانظر إلى دول الخليج بكل أموالها، كل البنى التحتية يتولاها أصحاب التكنولوجيا! والجهاز الذي في أيدينا ما أدرانا أنه يحصي أنفاسنا ويقدم تقاريره إلى نقطة ما، حتى بما نفكر فيه! فماذا نحن فاعلون؟ سؤال يفترض أن يجيب عليه أصحاب الفكر والعقل إذا ما زالوا موجودين!
ليس الأمر مجرد مزحة، بل إن هناك أسئلة كثيرة ومخيفة، أهمها: هل تتمرد التكنولوجيا يومًا على الإنسان ونرى الأمم المتحدة وقد تحولت إلى أمم الروبوتات المتحدة، والإنسان في الشوارع يهتف مطالبًا بحقوقه التي سلبتها التكنولوجيا؟