كغيره من الموظّفين والمتقاعدين الذين لازموا مساكنهم عقب اندلاع الحرب في اليمن عام 2015، والتي استكملت عامها الثامن، ملقيةً بأعباء ثقيلة على كاهل الإنسان اليمنيّ، لم يعد باستطاعة الكثير تحملها.

وسط ذلك، لم يجد الموظف المتقاعد المختص بهندسة الطيران، سالم علوان، مجالًا آخر لتغيير نمط الحياة الصعبة وعدم انتظام صرف راتبه، سوى تشغيل ذهنه في عددٍ من الاختراعات التي يقتات منها، ومواجهة الأزمة المعيشية التي يواجهها كغيره من المواطنين، خصوصًا الموظفين والمتقاعدين. 

محاولة للبقاء

يقطن سالم الحاج (55 عامًا)، في منطقة الرويس التابعة لمديرية المضاربة ورأس العارة (شمال لحج)، وهو خريج سابق من كلية الطيران، إذ عمل مهندسًا للطيران لسنوات عديدة قبل أن تُحيله الحرب والصراع الدائر إلى التقاعد والبقاء في منزله.

في بداية الأمر، لم يكن ذا جدوى، ومفعوله الزمنيّ محدود، إذ كان يتلف ويصيبه الطحلب، ما دفعه لشراء منفذ للمياه، فيما ظلّ الجهاز هو ذاته الذي قام بتصميمه، في حين هناك أنبوبان؛ أحدهما يقوم بإخراج المياه الملوثة، والآخر للتنقية، وتركه خارج المنزل لاستفادة الناس بالشرب منه.

في فترة سابقة، هاجر سكان بلدة الرويس نحو المناطق القريبة والمدن بسبب أزمة خانقة في مياه صالحة للشرب، شهدتها المنطقة، في ظلّ عدم وجود مياه نقية كافية. لم يملك سالم حينها ما يُعينه على الهجرة. ولتفادي شرب مياه ملوثة وخطرة، حاول اختراع أداة خشبية لتنقية المياه، لعدم مقدرته على شراء فلتر مائيّ (جهاز ترشيح مياه)، بسبب ارتفاع كلفته وعدم امتلاك المال الكافي لشرائه.

مرشح المياه أو الفلتر، هو وسيلة لتنقية المياه، تستخدم فيها وسائل فيزيائية أو كيميائية أو حيوية، من أجل إزالة الشوائب أو التقليل منها، ممّا يحسن من جودة المياه لأغراض الاستخدام المختلفة.

يشرح علوان في حديثه لـ"خيوط"، أنّ عملية ابتكار الفلتر جاءت لعجزه عن شراء فلتر صناعي، فقام بتصميم جسم الفلتر ذاتيًّا، يعتمد على شجر يسمى السّلَب في منطقتهم.

في بداية الأمر، لم يكن ذا جدوى، ومفعوله الزمني محدود، إذ كان يتلف ويصيبه الطحلب، ما دفعه لشراء منفّذ للمياه، فيما ظلّ الجهاز هو ذاته الذي قام بتصميمه، في حين هناك أنبوبان؛ أحدهما يقوم بإخراج المياه الملوثة، والآخر للتنقية، وتركه خارج المنزل لاستفادة الناس بالشرب منه.

وتستعمل تقنيات الترشيح المختلفة لإزالة الشوائب الفيزيائية الصلبة، في حين تُستخدم عددٌ من الموادّ كمرشحات، مثل الحصى والرمل للأجسام الكبيرة، أمّا الأجسام الأصغر فيستخدم لها وسائل الترشيح المستدق والمرشحات الميكروية، والتي من خلالها تبقى عليها العلائق بعد الترشيح.

كفاءات نوعية

يتذكر سالم في ختام حديثه، عديدًا من المحطات الفارقة التي مرّ بها في حياته المهنية بمجال هندسة الطيران، حيث زاملَ واحتكَّ بعديدٍ من الخبراء الهندسيّين في هذا المجال من أوكرانيا ودول أخرى، مؤكِّدًا على أهمية ما كان يمارسه في هذه المهنة التي أتاحت أمامَه معارفَ واسعة في تخصصٍ نوعيٍّ ونادر. 

ويقول، إنّ اليمن لديها الكوادر القادرة على تحقيق الكثير من الابتكارات، وكفاءات نابغة لا تختلف كثيرًا عن العقول البشرية في دول متقدّمة، وتحتاج فقط للدعم، لافتًا إلى أنّ لديه أفكارًا وخططًا من خلال دراسته للميكانيك في الصناعات التقنية، في حال توفرت ما تحتاجه من إمكانيات.

‍