ونتيجة لوجود نسبة كبيرة من الأكاديميين المتخرجين من كليات التربية لم يحصلوا على وظائف حكومية، اضطر كثيرٌ منهم مجبرًا، خصوصًا النساء المعلمات، إلى العمل في القطاعات التعليمية الخاصة التي تتمادى في ممارسة مختلف أوجه الاستغلال لحاجات المضطرين، في ظل غياب أي رقابة قانونية تحمي حقوق المعلمين.
وتنص المادة 55 من قانون الأجور، على أنه "لا يجوز أن يقل الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص عن الحد الأدنى للأجور في القطاع العام "الجهاز الإداري للدولة"، والمقدر بنحو 30 ألف ريال".
تقول عائشة محمد، معلمة اللغة العربية في إحدى المدارس الأهلية لـ"خيوط"، إنها تحصل على راتب ضئيل للغاية نحو 30 ألف ريال، رغم أنها تمارس مهنتها منذ أكثر من ست سنوات في المدرسة ذاتها، وهو المبلغ نفسه الذي تتقاضاه وفاء عبدالجليل مدّرسة مادة التاريخ في مدرسة أهلية بتعز، رغم كونها تعمل في هذا المجال منذ أكثر من خمس سنوات.
مدرّسة لمادة الرياضيات -فضّلت عدم ذكر اسمها- تتحدث لـ"خيوط"، أنها تتقاضى نحو 25 ألف ريال كراتب شهري، فيما معلمة أخرى تتحدث بأسى عن تقاضيها مبلغ ضئيل للغاية، حوالي 24 ألف ريال، في ظل ظروف معيشية صعبة ومضنية.
تستقطب المدارس الأهلية عشرات المعلمات سنويًّا للعمل لديها مقابل أجور زهيدة ومتدنية في استغلال واضح لكثير من المعلمين والمعلمات ممن اضطروا مجبرين للعمل بسبب تردي الأوضاع المعيشية الصعبة وانحسار التعليم الحكومي ومختلف الأعمال والمهن.
عشوائية المدارس الأهلية
في السنوات الأخيرة للحرب افتُتِحت العديد من المدارس الأهلية في تعز، دون أي مؤهلات تلتزم بالمعايير المحددة لإقامة مدرسة من ناحية شكل المباني والأحواش.
في منطقة واحدة أحصت "خيوط"، نحو 12 مدرسة في منطقة وادي القاضي غربي تعز، معظم هذه المدارس تمارس عملها دون الحصول على تصاريح قانونية وغير ملتزمة بالمعايير التي تخولها افتتاح مبنى والعمل في قطاع التعليم الأهلي.
ويؤكد هزاع عبدالجليل مدير التعليم الأهلي بمكتب التربية والتعليم بتعز في تصريحه لـ"خيوط"، عدم وجود أي إحصائية دقيقة لعدد المدارس الأهلية؛ لأن أغلبها لم تحصل على ترخيص قانوني من قبل الجهات المعنية المختصة في المحافظة، فيما هناك 64 مدرسة تقدمت بطلب الحصول على تصريح قانوني لمزاولة عملها.
ويرجع عبدالجليل سبب هذا الانتشار للمدارس دون تصاريح قانونية ومؤهلات كافية إلى توقف الكثير من المدارس الحكومية عن التدريس في العام 2017، لكن بعد ذلك تم العمل على تفعيل مبادرات التعليم ومنح تصاريح لبعض المدارس غير المؤهلة، لكن الآن يتم العمل على تصحيح هذا الإجراء.
من جانبه، يوضح عقيل المحمدي مدير مدرسة أهلية لـ"خيوط"، بأن معاملات وإجراءات التصريح وغيرها تتطلب دفع أموالٍ طائلة.
استغلال وامتهان
تستقطب المدارس الأهلية عشرات المعلمات سنويًّا للعمل لديها مقابل أجور زهيدة ومتدنية في استغلال واضح لكثير من المعلمين والمعلمات ممن اضطروا مجبرين للعمل بسبب تردي الأوضاع المعيشية الصعبة وانحسار التعليم الحكومي ومختلف الأعمال والمهن نتيجة للحرب والصراع الدائر في اليمن، والذي خلف تبعات اقتصادية واجتماعية ومعيشية كارثية.
ويقول مشرف الأنشطة في مدرسة طيبة الأهلية في تعز، عماد الصبري لـ"خيوط": "إن اعتماد المدارس الأهلية على النساء المعلمات؛ لأنهن يقبلن براتب زهيد وإنجازهم في العمل أكثر بكثير من الرجال".
بينما يرجع عقيل المحمدي، مدير مدرسة أهلية في حديثه لـ"خيوط"، أن مدرسته لا تفرض رسومًا كبيرة على الطلاب، وهو ما يجعلها تدفع أجورًا متدنية للمعلمات لديها.
بدوره، يؤكد الصحفي سامي نعمان لـ"خيوط"، أن راتب المعلم في القطاع الخاص يجب أن يكون مساويًا لراتب أقل معلم في القطاع الحكومي.
في ظل الانتشار الواسع للتعليم الأهلي في مدينة تعز كغيرها من المحافظات اليمنية، ونزوح عدد كبير من الطلاب من المدارس الحكومية إلى المدارس الأهلية، إلا أن عدد المدارس الأهلية المصرح لها قانونًا لا تتجاوز 64 مدرسة، في ظل أجور متدنية للمعلمين الذين لا يجدون التقدير المناسب لمكانتهم ودورهم الكبير في تنشئة الأجيال.