قبل موسمين زراعيَّين تم نقل تجربة زراعة حب العزيز (الفول السوداني) أو كما يعرف شعبيًّا باللوز من (الصلو) إلى منطقة (جرنات) في بني يوسف، حيث تم زراعة المنتج الجديد في الساحة الخلفية لمدرسة (خديجة)، من أجل معرفة نتائج التجربة، ثم الاستفادة من مردوده -إن نجحت التجربة- في دعم الأنشطة المدرسية، وخلال أربعة أشهر أنتجت المدرسة حوالي 14 قدحًا، ورغم بعض الصعوبات التي رافقت عملية زراعته، فإن التجربة كانت جديرة بالاهتمام، حيث تم تكرارها للعام الثاني على التوالي.
العناية بالبذور
تبدأ زراعة الفول السوداني باختيار البذرة الجيدة من محصول العام السابق، حيث يتم حرث الأرض ووضع البذور في "تليم" كما توضع بذور القمح، ويتم سقيها بالماء حتى تنبت، بعد فترة يتم طمر جذورها بالتراب حتى يضع الفول السوداني ثمرته، وبعد ثلاثة أشهر يتم جني المحصول بإخراج الجذور بالمِحفَر أو بالحراثة كما في المزارع الكبيرة، بعدها يُجفف في أسطح المنازل ومن ثَم يُوزَّع للأسواق.
ضعف التسويق
في منطقة برداد القريبة من جرنات، يزرع الحاج محمد عبدالله، الفول السوداني جوار منزله منذ سنتين، كون الحقول الزراعية البعيدة تحتاج إلى حراسة خلال فترة الإنتاج، لكنه منذ أشهر يضطر لحراسة المحصول من السرقة ومن الحيوانات حتى لا تجتث المحصول وتخرج الثمرة عن هذه المرحلة التي تتطلب جهدًا ويقظة بالغَين.
يتحدث الحاج عبدالله لـ"خيوط"، قائلًا: "نحتاج إلى شباك حماية نضعها على أطراف المزرعة حتى لا تستطيع الحيوانات العبث بالمحصول، إذ من السهولة العبث بالمحصول، فيذهب كل جهدنا هباء".
المزارع هزاع شمسان، هو الآخر يملك حوالي ستة حقول زراعية، يستثمرها في زراعة المحصول، تنتج حوالي 15 قدحًا سنويًّا، إذ يبيع ما تم جنيه من مزرعته، إضافة إلى ما يشتريه من المواطنين في متجره في القرية، وما يفيض يوزعه على التجار بسوق (العين)، مركز مديرية المواسط بتعز.
من جهته، يقول لـ"خيوط"، ربيع الدوم، ناشط حقوقي ومزارع: "زراعة الفول السوداني في برداد مستمرة منذ سنوات، وهناك مساحات كبيرة يتم زراعته فيها، حيث يستغل المزارعون المساحات التي جوار منازلهم للزراعة فيها، وهناك من يستأجر حقولًا زراعية لزراعة المحصول، حيث تنتج برداد ما بين 300-400 قدح خلال العام الواحد".
ويضيف شمسان: "هذه المنطقة مناسبة لزراعة الفول السوداني؛ لأنّ تربتها خصبة ولينة ومناسبة لزراعة مثل هذه المحاصيل، وفي حال تم دعم المزارعين، ستتحول برداد إلى منطقة منتجة بغزارة خلال وقت وجيز، لكنها بحاجة إلى جمعية زراعية توجّه المزارعين وتسوق المحاصيل بسعر معقول من أجل تشجيعهم".
انتقال التجربة
قبل سبع سنوات، بدأت زراعة الفول السوداني في بني حماد، حيث اشترى المزارعون البذور الجيدة من (الصلو) التي تمتد زراعته على رقعة واسعة من مناطقها (الشرف، القابلة، الضعة، العكيشة، الأشعوب، وغيرها)، وبدؤوا بزراعته في قرى (الأشرف) و(نما)، حيث يحتاج المنتج إلى أرض سهلة من أجل أن ينمو، وتنتج بني حماد حوالي 300 قدح من الفول السوداني سنويًّا، ورغم أن البذور مأخوذة من منطقة الصلو فإن مذاقه مختلفٌ بسبب اختلاف التربة، حيث يزرع المواطنون في بني حماد محصول الذرة إلى جوار الفول السوداني، حيث يتم مناوبة الحقول الزراعية بينهما كل عامين، من أجل تحسين جودة المحصول، فيما تنتج منطقة الخضراء بسامع القريبة من منطقة الصلو، محصول الفول السوداني منذ سبع سنوات، حوالي 200 قدح في العام.
محمد حميد، تاجر ومزارع لمحصول الفول السوداني في بني حماد، يزرع حوالي 25 قدحًا سنويًّا، حيث يأتي المزارعون إليه بعد عملية الحصاد ليبيعوا له المحصول، إذ يقدر ما يشتريه منهم بحوالي 250 قدحًا. يقول حميد لـ"خيوط": "الفول السوداني البلدي له طعم مميز، يجعل المواطنين يُقبلون على شرائه وزراعته دائمًا، لكن هذا بدوره يتطلب توفير بذور جيدة، وخزانات للمياه في المزارع من أجل سقاية المحاصيل خاصة أيام الجفاف".
تبعات الحرب
تأثر محصول الفول السوداني بالحرب، حيث تضررت الحقول الزراعية المنتجة نتيجة الصراع، فيما شكّلت الألغام عائقًا أكبر أمام عودة السكان لمزارعهم، وترتفع أسعار الفول السوداني -بحسب قائد الصلوي، من أبناء الصلو- ليصل سعر القدح إلى حوالي 25 ألفًا، بينما يبلغ سعر الحمادي 20 ألف ريال.
يقدر إنتاج اليمن من الفول السوداني بحوالي 1.515 طنًّا خلال العام، وأشهر مناطق زراعته: أبين، لحج، المحويت، بمساحة تصل إلى 2.141 هكتارًا، ويزرع في محافظات أبين ولحج والمحويت، بمساحة زراعية تصل الى 2.141 هكتارًا، إذ تنتج أبين حوالي 1.308 أطنان في مساحة تبلغ 1.879 هكتارًا، بينما تنتج لحج حوالي 186 طنًّا، بمساحة تصل إلى 208 هكتارات، أما المحويت فتنتج حوالي 57 طنًّا، في مساحة 54 هكتارًا؛ حسب كتاب الإحصاء الزراعي لسنة 2019، فيما لا توجد إحصائيات لإنتاج تعز من الفول السوداني.
تجارة مربحة
خارج تعز بدأت زراعة الفول السوداني في منطقة (باسيف) بأبين، بمساحات كبيرة، وساعد على زيادة رقعته الأرضُ المنبسطة؛ حيث تتم حراثة الأرض بالحراثة، ومن ثم يتم غرس اللوز في مربعات متفرقة، وبعد خمسة أشهر يتم جني المحصول، حيث يقوم التجار بشرائه من المزارعين بأسعار بسيطة ليبيعونه للمستهلكين بأسعار مرتفعة.
عبدالباسط الشوافي، تاجر مكسرات، يفكر باستئجار شاحنة للنقل والمتاجرة بالفول السوداني خلال هذا الموسم إلى تعز المدينة، خاصة أنّ له تجربة في المتاجرة سنويًّا بمبلغ يتجاوز خمسة ملايين ريال، لكنه الآن سيضاعف المبلغ لتحقيق غاية ربحية بالنظر إلى أنّ تجارة الفول السوداني مربحة رغم الارتفاع في أسعاره، حيث كان سابقًا سعر الفراسلة (قدح وربع) بحوالي 2400 ريال، لكن الآن أصبح سعرها 22 ألف ريال؛ حسب إفادته لـ"خيوط".
هذا، ويقدر إنتاج اليمن من الفول السوداني بحوالي 1.515 طنًّا خلال العام، وأشهر مناطق زراعته: أبين، لحج، المحويت، بمساحة تصل إلى 2.141 هكتارًا، ويزرع في محافظات أبين ولحج والمحويت بمساحة زراعية تصل إلى 2.141 هكتارًا، إذ تنتج أبين حوالي 1.308 أطنان في مساحة تبلغ 1.879 هكتارًا، بينما تنتج لحج حوالي 186 طنًّا بمساحة تصل إلى 208 هكتارات، أما المحويت فتنتج حوالي 57 طنًّا في مساحة 54 هكتارًا؛ حسب كتاب الإحصاء الزراعي لسنة 2019، فيما لا توجد إحصائيات لإنتاج تعز من الفول السوداني، حيث تتوزع زراعته في تعز في مناطق الصلو وبني حماد وقدس وبني يوسف وغيرها من المناطق، ويعتبر محصول الفول السوداني منافسًا لشجرة القات، كونه ينتج بكميات كبيرة وبمردود مالي كبير، علاوة على استغراقه القليل من الماء بخلاف شجرة القات.
معوقات
يعتمد القليل من المزارعين على الفول السوداني كمصدر دخل رئيس؛ لأنهم يضطرون لزراعة الذرة إلى جواره من أجل الحصول على أعلاف لحيواناتهم، خاصة بعد ارتفاع أسعار الأعلاف من 300 إلى 1000 ريال خلال العام الماضي، ما يجعل المزارعين يتراجعون عن زراعته في كل حقولهم الزراعية.
الجدير بالذكر أنّ من ضمن تحديات إنتاج الفول السوداني في اليمن، استيراده من الصين بالرغم من فارق الطعم والجودة، وهو ما يحتم على الجهات المعنية النظر في موضوع الاستيراد لتشجيع الزراعة المحلية.
ويسرد الصحافي الاقتصادي، نجيب العدوفي، عددًا من التحديات التي تواجه الزراعة عمومًا في اليمن، يوجزها في حديث لـ"خيوط"، في: "فتح السوق أمام المنتجات المماثلة المستوردة، بالنظر لكلفة إنتاجها محليًّا المرتفعة، وبالتالي عند عرضها للسوق أمام المستورد نجد أن المستورد يعرض بسعر أقل، وفي ظل ضعف القوة الشرائية يتجه المستهلك لشراء المستورد، وهنا يتكبد المزارعون خسائر كبيرة، تجبرهم في نهاية المطاف على التوقف عن أنشطتهم الزراعية، وهنا تفقد البلد الكثير من فرص العمل".
ويضيف العدوفي: "في مطلع التسعينيات، تم إصدار قرار منع استيراد الخضروات، وهو ما حقّق اكتفاء ذاتيًّا، لكن على سبيل المثال لا تزال هناك استثناءات، خاصةً فيما يتعلق باللوز والزبيب الذي ينتج محليًّا، لكنه يقابل مواجهة شرسة عند إغراق السوق بالمستورد، مما يجعل المنتج المحلي أمام منافسة غير متكافئة فيما يخص السعر وكلفة الإنتاج، وإن كانت الجودة للمنتج المحلي أعلى إلا أنّ المستهلك يبحث عن حاجته وفقًا لقدرته الشرائية".