(1-2)
حاول المقال أن يتماهى في عنوانه، مع عنوان الكتاب الرئيس، وتجلّى تماهيه في اجتهاده لمعنى التدفئة بالغناء، إذ حرّرها من معناها الحسّي والسطحي، وأقرّ بأنَّ للغناء مراميَ كثيرة. ولم يتردد المقال في الدعوة إلى ضرورة الكتابة في هذا الميدان الذي يعاني من تراجع في التعريف به والتأصيل له. ويحسب للمؤلف الشاعر والكاتب محمد عبدالوهاب الشيباني، هذا العمل؛ إذ استطاع أن يقدم مادة تاريخية وفنية عن تاريخ الفن والطرب في اليمن بكل صوره، ولم يغفل في هذه المادة فنّانِي الشوارع، ومشاركة النساء في هذا الميدان، وما تعرضْنَ له من تعسف اجتماعي ونفسي وصل إلى حد التهديد بالقتل، بالإضافة إلى أنَّ هناك قضايا أخرى أثارها الكتاب، حاول المقال أن يناقشها ويبدي رأيه فيها.
1- في معنى التدفئة بالغناء
ليس في هذا العنوان المباشر صيغة ابتكارية تحمل القارئ على الاطمئنان بأنَّه عثر على جوابٍ شافٍ لوظيفة الغناء والطرب في حياة الفرد والمجتمع في اليمن وغير اليمن، ولا يعني العنوان حين أسند هذه الوظيفة للغناء والطرب يتغيا حدّهُ بها، وهو مؤيد بقوة فكرة مرامي الغناء لا تُحدّ، ووظيفته أكبر من التدفئة بالمعنى المباشر والضيّق الذي يحصر المعنى في بعده الحسي، الذي يحدث بسرعة ويزول بالسرعة نفسها.
إنَّ العنوان وفق هذه الهيئة لم يخرج عن العنوان الرئيس الذي ارتضاه الكاتب لكتابه الذي أتى على النحو الآتي: (من هُنا مرّ الغناء دافئًا). ولعل القارئ سوف يدرك حدود تأثير العنوان الرئيس على عنوان المقال المبسوط بين يديه، إذ يمكن أن يرى فيه نسخة ارتضت البقاء تحت مظلته إن لم تكن صورة أخرى من صور تعزيزه أو الاصطفاف إلى جانبه بوساطة السعي إلى تأويل معنى التدفئة وتحريره من معناه الساذج والسطحي، واضعًا نصب عينيه ما يقصده المؤلف من معنى متسامٍ للتدفئة بوصفها قيمة وجدانية جمالية يؤديها الغناء والطرب. فهي حالة شعورية داخلية تحدث من جراء تأثيره فينا، وهذه الحالة لا دخل لها بالمعنى المعجمي المباشر لـ(دال التدفئة) الذي يُستنفذ مدلوله في الوظيفة البيولوجية الخالصة التي تحقق للجسد التناسب المنشود بين الحرارة والبرودة، فيسكن الجسد ويكف عنه أذى البرودة.
إنَّ المؤلف انحاز لصفة التدفئة بوصفها وظيفة ينهض بها الغناء بالمعنى المجازي، وهي حالة شعورية يشعر بها المستمع الإيجابي بعدَ أن تتخلّق بداخله، فتلوّنه بالبهجة. والمؤلف نفسه صوّر لنا في مقالته المعنونة بـ(اليمن المُغناة) حالة الدفء التي تفشت بداخله حينما استمع لمجموعة من الأغاني التقليدية الجميلة، وهو راكب على "باص" في شارع هائل بمدينة صنعاء، فذهب عنه التعب، وزال من قلبه الضجر، وابتلعته النشوة، ونسي لزوجة الازدحام الكريهة، ورجرجتها النفسة المقيتة. وحالة النشوى التي بلغت منتهاها لم تفتك به وحده، بل فتكت بسائق الباص الذي نصبه حارسًا أمينًا وجميلًا لذائقته الغنائية، وبعبارة العنوان تدفّأ الاثنان بالغناء. وهناك حالة أخرى، وهي حالة سلبية أتى المؤلف بها ليبرهن أنّ إفراغ الأغنية من محتواها وانحدارها إلى مصب الإيقاع الصاخب الذي لا يحرك سوى أعضاء الجسد المحصورة في الأرجل والأيادي فقط، مع أغنية ثورية مثل (شعبي ثار اليوم)- أمرٌ مرفوض ومقرف. وهذا ما حدث مع المرشدي، والفنان المرشدي نفسه يصف هذه الحادثة بحرقة واستنكار شديدين، فيقول: "وفي الحفلة التي حضرها ضبّاط الجيش وجمهور كبير، قدمت (شعبي ثار اليوم)، وفي نهاية الوصلة الأولى، إذا برجل كان مبسوطًا هزه إيقاع الأغنية فاندفع نحو المسرح وأخذ يرقص بكل جوارحه والجمهور يصفق بحماس للراقص، مما أدى إلى إفراغ الأغنية من محتواها. فأوقفت الغناء".
ومعروف أن الموسيقى في صورتها الأولى التي تمثّلت في إيقاع الطبول، هي البدايات الأولى للموسيقى، وإيقاع الطبول لا يفلت من سحره وتأثيره الجميع غنيًّا أو فقيرًا. ولكن الموسيقى أوسع بكثير من الطبول على أهميتها، والمستمع للأغاني في طول اليمن وعرضها سيلاحظ حضور الإيقاع في أغانيه إلى درجة أن صوت الطبول تُغطي على أصوات الأدوات الموسيقية الأخرى، وهذا ليس منقصة، ولكنها خصوصية. ولكن ذلك لا يعني اختزال الأغنية في الهز والرقص مثلما فعل هذا الرجل "المبسوط". والقارئ وهو يقلّب ويتمعّن صفحات المتن المعني بالنظر، يشعر بالعلاقة الحميمية بين المؤلف وعالم الغناء والطرب في اليمن.
2- حميمية العلاقة بين المؤلف والغناء
لعل الحرص على كتابة مقالات عن فنّاني اليمن وشعرائه ومغنّيه تدل على أنّ كاتبها ليس على علاقة عابرة بعالم الغناء والطرب، بل على علاقة حميمية وأصيلة بهذا العالم، إن لم نقل دافئة بحسب التعبير المحبب لمزاج المؤلف نفسه، الذي استغرقت منه كتابتها ست سنوات حتى قُدّر لها أن تخرج على هيئة مجموعة مقالات في كتاب جميل وأنيق في شكله وتصاميمه ولغته ولون غلافه الأقرب إلى لون التربة، ممّا أعطى دلالات عميقة لمقالات الكتاب التي يمجد بعضها حب الأرض، وبعضها الآخر مبثوث فيها روح المقاومة ضدّ الاستبداد، وجلّها يمجّد الحب.
إنّ القارئ وهو يُمعن النظر للعنوان الرئيس للمتن والعنوانات الفرعية الداخلية، يدرك تمامًا أن المؤلف على بصيرة من أهمية الغناء والطرب بوصفه وسيلة جمالية وحضارية راقية لمجابهة برودة الحياة القاسية ورعونة وخشونة العلاقات الاجتماعية التي تحرِّم على المرء التواصل مع الآخر عشقًا ومحبةً وودًّا، بل وحرية وسلامًا وأمانًا. وربما طرأت فكرة في ذهن القارئ بأنَّ المؤلف قد تسرّبت في وديان نفسه مفردات تلك الأغنية الشجية التي ترى في الحب (دفئًا ما بعده دفء)، وهو كذلك بالفعل "بردان بردان، أين الحب يدفيني"، وإذا كان الحب يمنح الدفء في أغلب الأحيان، فإن دفء (الغناء والطرب) يبقى في الذاكرة والضمير والوجدان، ويذلل مآسيها.
العودة إلى الماضي لا تعني على الدوام الارتماء في حُفَره، والحنين المريض إليه، بل ضرورة النظر في مآثره الفنية الجميلة التي طالما أنعشتنا وكانت عزاء للاستمرار في الحياة والإقبال عليها. ومثل هذه المآثر في الغناء والطرب، هي مصدر للاستلهام والإلهام للتحفيز على الإبداع وإنتاج المادة اللحنية الجديدة والصوت الجديد المناسب لها.
ويُمكن للقارئ أن يلعب لعبة بريئة بكلمات الأغنية ويغيّر مفردة الحب بمفردتي "الغناء والطرب يدفيني" مع الاعتذار لصاحب القصيدة. ومفردة "الدفء" ظلت مفردة مغرية وساحرة بل وباهرة بالنِّسبة للمؤلف، فكرر استخدامها في أكثر من عنوان فرعي، حيث حضرت عند عنونة مقاله عن (سعيد الشيباني)، على النحو الآتي: (من هُنا مر الغناء دافئًا)، وهذا العنوان يتطابق تمامًا مع العنوان الرئيس. ثم حضرت مفردة الدفء في الحديث عن الفنان عبدالباسط العبسي، وخص المؤلف صوته بالدفء، وعنون مقالهُ بـ(صوت دافئ واحد وخريطة من الشعراء) ثمَّ لم يتردد المؤلف في استخدام مفردة الدفء حينما تناول (فتحية الصغيرة) تأسّيًا بنجاة الصغيرة، وهي مثلها صاحبة صوت دافئ.
ودفء فتحية تجلّى حسب ذوق المؤلف في أغنيتها (يا سامعين الصوت). وبحسب منطوقه وصف أُغنيتها السابقة بأنها (أغنية دافئة). ولم يهمل المؤلف دور مدينة عدن بوصفها مدينة منفتحة على نفسها وعلى الآخرين وغير معادية للغناء والطرب، وبعبارة منحازة للمؤلف مثّلت عدن حاضنة دافئة، وليست باردة، لشعراء الأغنية والمغنّين، وبمنطوق المؤلف المعبر "فالشعراء مرّوا عليها –أي على عدن– فمنحتهم دفئَها، أما المطربون فهم أبناؤها الأفذاذ الذين أعادوا صياغة وجدان اليمنيين بأغانيهم الرائدة".
وهذه الأعمال الفنية الرائدة التي ترسبت في أعماق شعور اليمنيين ووجدانهم تدل دلالة واضحة على أنَّ عدن كانت ولّادة، إذ ظهر في ساحتها كوكبة من شعراء الأغنية والمغنون والملحنون في مدة لافتة من الأربعينيات إلى السبعينيات، وكانوا نجومًا تتلألأ في سماء عدن. أما اليوم فقد أصبحت مدينة طاردة وقاهرة ومعادية للفن، وفقدت روح التمدن والحداثة، واستسلمت لروح البداوة والبلادة. والمؤلف على وعي بما آل إليه مصير الغناء والطرب والثقافة في عدن، فيتوجع بغضب على ماضي عدن الجميل، فيقول: "نحن في أمسّ الحاجة في الوقت الراهن، إلى استعادة روح المدينة التي أتاحت لمثل هذه الأصوات أن تصل إلى الأسماع بدون محاذير العيب والمحرم، ونقصد هُنا روح مدينة عدن التي تتعرض هي الأخرى لتجريف فظيع لهويتها المدنية والثقافية".
ولعل العودة إلى الماضي لا تعني على الدوام الارتماء في حُفَره، والحنين المريض إليه، بل ضرورة النظر في مآثره الفنية الجميلة التي طالما أنعشتنا وكانت عزاء للاستمرار في الحياة والإقبال عليها. ومثل هذه المآثر في الغناء والطرب هي مصدر للاستلهام والإلهام للتحفيز على الإبداع وإنتاج المادة اللحنية الجديدة والصوت الجديد المناسب لها.
إنّ كتاب (مِن هُنا مَرّ الغناء دافئًا) مثّلَ محاولة جيدة لرسم صورة من صور البدايات الأولى للغناء والطرب في اليمن، قبل أن تستوي عناقيدها، وبعد أن استوت وأصبحت بهية. ومن فضائل كتاب الشيباني أنه رصد البدايات الأولى لمسيرة الغناء والطرب في اليمن، وتابع هذه المسيرة في أبعادها، ووضع يده على خطوطها العامة، وذكر جزئيات مضيئة في هذه المسيرة.
ويحسب لكتاب الشيباني أنه تجرّأ واقتحم هذا الميدان الأصعب، الذي أزعم أنّ الكتابات فيه نادرة، لأنَّ تقاليد الكتابة العلمية عن الغناء والطرب والموسيقى لم تترسخ بعد في ظل واقع ممزق ومنهك بسبب سخافة وسفاهة الساسة الذين تولّوا حكم البلاد والعباد وأكثروا فيها الفساد، وأهملوا الثقافة بصورة عامة، والفن والموسيقى بصورة خاصة، وعدّوا العناية بالموسيقى والغناء والطرب من النوافل، وربطوا العناية بهذا العالم الثري بالمناسبات العابرة.
المتن مليء بالنصوص الشعرية المغنّاة بصورتها المستمدة في أغلبها من الأرض والشعراء الذين سكنوا الحواضر والمدن، وحملوا في دواخلهم قراهم وبواديهم وجسّدوها في أشعارهم، ويبدو أنه تحت تأثير هذه الصور الزراعية، صاغ المؤلف عنوانًا فرعيًّا طريفًا (اليمن مزروعة بالأغاني) وبتحريف مقصود (مزرعة أغانٍ).
إنّ كتاب (مِن هُنا مرّ الغناء دافئًا) قدّم خارطة عامة لسلسلة طويلة من شعراء الأغنية والمغنّين والمطربين والملحّنين باختلاف بيئاتهم وألوانهم الفنية، وسِيَرًا عن حياتهم الشخصية، وخلفية لبعض القصائد والألحان، وصورًا عن معاناتهم وكفاحهم قبل أن يدخلوا عالم الشعر والغناء والطرب، وكيف أثمرت هذه المسيرة وفق تعاون وتلاحم بين الشاعر الملحن والشاعر غير الملحن على هيئة تعاون ثنائي، مثل: أحمد قاسم ولطفي جعفر أمان، وأبوبكر بلفقيه والمحضار، ومحمد مرشد ناجي والشيباني، والعزاني وبومهدي، وعلي صبرة وعلي الآنسي، وأيوب طارش وعبدالله نعمان (الفضول)، والقائمة تطول. ويمكن للمتتبع المعني ببحث الغناء والطرب في اليمن أن يعود إلى الكتاب. وكشف الكتاب عن أن تلازمية الثنائية ليست هي السائدة والوحيدة بين الملحن والمغني، أو بين الشاعر والمغني بل هناك من توحد مع نفسه شعرًا ولحنًا وغناءً مثل أبوبكر سالم بلفقيه، ومحمد سعد عبدالله، وهناك أحمد الجابري، الذي كتب بكل اللهجات اليمنية، وغنّى له العديدُ من الفنانين اليمنيين. والثنائي سعيد الشيباني وفرسان خليفة، وأمل كعدل وبن غودل. ونجد انحياز المغنيات لبعض الملحنين، مثل انحياز رجاء باسودان لمحمد مرشد ناجي، وانحياز فتحية الصغيرة لأحمد قاسم.
والمتن مليء بالنصوص الشعرية المغنّاة بصورتها المستمدة في أغلبها من الأرض والشعراء الذين سكنوا الحواضر والمدن، وحملوا في دواخلهم قراهم وبواديهم وجسّدوها في أشعارهم، ويبدو أنه تحت تأثير هذه الصور الزراعية، صاغ المؤلف عنوانًا فرعيًّا طريفًا (اليمن مزروعة بالأغاني) وبتحريف مقصود (مزرعة أغانٍ).
والكتاب أتى على معلومة تذهب إلى أنّ محمد مرشد ناجي أبى أن يُغنّي لغير اليمن على الرغم مما قُدّم له من إغراء مالي يسيل اللعاب، وأمل كعدل صرحت بأنها عازمة على البقاء في اليمن رغم يبوسة الحياة فيها، وهي ترى في الخروج تهديدًا لكرامتها، وفي مقابلة أجريت معها رددتْ ذلك القول المأثور الذي يقول: "من خرج من دراه قلّ مقداره"، ولا أدري لماذا اشتط بي الخيال عندما عرفت هذه المعلومة، وقلت إن (أمل كعدل) مستعدة لأن تبيع "مقصقص خمير حالي"، إذا اضطرت، ولن تغادر الوطن، وهذه المهنة مارستها وهي في سن الخامسة، إذ كانت تنهض قبل الفجر ويتم تحميلها بـ"زنبيل المقصقص" لإيصاله إلى مقهى القميري في الشيخ عثمان. ومن الحوادث الطريفة التي ذكرها الكتاب النزاعُ الفني -لا الشخصي- بين محمد مرشد ناجي والدكتور سعيد الشيباني صاحب الملف الثري بالمعرفة، بسبب التغيير الذي أجراه المرشدي في قصيدتي (يا طير يا رمادي)، وأضاف لها "أنا فدى السلال فدى بلادي"، والتعبير الآخر في (صوت الشعب)، حيث غيّر عنوانها إلى (شعبي ثار اليوم) فضلًا عن التغيير داخل القصيدة في أكثر من بيت.
ما أثار حنق الشيباني وغضبه المشروع هو اعتماد المرشدي على الشاعر لطفي جعفر أمان في التغيير في شعره لينوب عنه دون وجه حق، ومثل هذه المسألة لا علاقة لها بالأمور الشخصية، بل بأمور ترتبط بكرامة الهُوية الشعرية للشيباني. وهي مسألة غاية في الحساسية ولا تخفى حساسيتها باستبعاد المؤلف الحقيقي للنص، بل بإشراكه في عملية التغيير والاستماع إلى صوته، وعلى الملحن أو المغنّي أن يقدّم مسوغات مقنعة إذا أقدم على التغيير أو الحذف تحت عنوان ضرورة لحنية، وليس مزاجية. وتاريخ الأغنية لا يخلو من هذه النزاعات والخلافات، فالفنان أبوبكر سالم غيّر في بعض أشعار المحضار المغناة. والمحضار لم يكن راضيًا عن هذا التغيير، لكنه كان متسامحًا بلا حدود مع بلفقيه.
وبمناسبة الضرورات اللحنية التي تؤسس وتصدر من الأدوات الموسيقية وتفضي إلى تغييرات في القصيدة، نجد أن الكتاب مقلّ عن الحديث عن الفرق الموسيقية التي أسهمت في اعتلاء المغني المؤدي والملحن لمنصة الشهرة، ولو من باب الذكر الطيب لهم والاعتراف بما قدّموه، فضلًا عن الحديث عن أسلوب العزف والأدوات الموسيقية المستخدمة، وغلبة الطبول على موسيقانا، وهذه كلّها خصوصيات. والقارئ لا يعتب ولا يلوم المؤلف، بل يُذكّر بأنَّ تناول هذه الجوانب على غاية الأهمية من أهل الاختصاص ومن يعتنون بتاريخ الموسيقى والغناء والطرب، وهي قضايا من صُلب هذا التاريخ.
ومن مرامي الغناء، ليس التدفئة العاطفية والوجدانية فحسب، بل والتدفئة الاجتماعية التي تعمل بالضد من برودة العلاقات الإنسانية التي تُحرِّم على الأفراد التواصل فيما بينهم عاطفيًّا وتغني للحب بين المرأة والرجل، ولم يُغفل الكتاب رصد الروح الكفاحية للمرأة التي وجدت عنتًا وصدًّا مجتمعيًّا ودينيًّا في حرمانها من دخول عالم الغناء والطرب، وهذه حسنة أخرى من حسنات الكتاب، تستحق التناول.
(يتبع)