فاطمة أحمد الرفاعي (45 سنة)، أم لسبعة أطفال تسكن قرية الكُديحة، مديرية المخا، محافظة تعز، بدأت معاناتها في 2010، كانت الأم حاملًا بطفلها الثامن، وأثناء وضعها تعسرت الولادة، فتم إسعافها من قريتها إلى مدينة تعز.
في مستشفى الثورة، أُجريت لها عملية قيصرية، وأثناء العملية وبسبب خطأ طبي، قُطع الشريان الموصل للحالب، وبدأ جسمها يتورم، كما أنها فقدت الجنين وقتها، بعد عدة معالجات شُخِّصت حالتها على أنها فشل كلوي.
رحلة حياة شاقة
من حينها، بدأت فاطمة جلسات الغسيل الكلوي كل أحد وأربعاء. كانت الحياة أسهل وقتها؛ تدخل فاطمة من قريتها إلى مستشفى الثورة بتعز، تقطع مسافة ساعتين، تُجري جلستها وتعود بنفس اليوم إلى القرية.
مع اندلاع الحرب اليمنية في مارس/ آذار 2015، بدأ الحصار على مدينة تعز، وهو ما أدّى إلى عزلها، وانقطعت الطرق الرئيسية والقريبة. تحولت الحياة إلى كابوس، وأصبح تنقل فاطمة أكثر صعوبة.
يقول عبده علي عبده المفتي (50 سنة)، وهو زوج فاطمة: "كنا قبل الحرب ندخل بسيارتنا (هيلوكس غمارتين قديمة موديل 90) أقوم بتعبئة الخزان بالبترول بألف ريال أو أقل وأدخل بها إلى مدينة تعز، لنقطع مسافة ساعة ونصف، أو ساعتين بالكثير".
منذ بداية العام 2016، أصبحت السيارة هي سكن المفتي، هكذا أصبحت حياة هذا المواطن الذي يعاني بسبب الحصار الذي يفرضه أنصار الله (الحوثيون) على مدينة تعز، بعد أن أغلق شبّاك سيارته ببطانية واستعمل فراشها: "أنام هنا، وحياتي من السيارة إلى المصلى إلى المطعم المقابل للمستشفى".
"مع مرور الأيام وتطورات الحرب انقطعت الطرق الرئيسية، سلكنا طرقًا أخرى جديدة وعرة وطويلة، بداية كنّا نمرّ من وادي غراب ثم انقطع، فسلكنا طريق طالوق، وكانت أكثر قسوة ومشقة".
يتابع المفتي: "نخرج من قريتنا في المخا، الساعة الثامنة صباحًا، نصل إلى داخل مدينة تعز الساعة العاشرة مساءً، ثم بدأت التكاليف تتضاعف وترتفع أسعار البترول".
يضيف: "ضاقت معيشتنا وفقدت عملي كمدرس في المخا، لم نعد نحصل على دخل مع انقطاع المرتبات بداية الحرب، فوتنا أكثر من جلستي غسيل كلى، ونحن ننتظر أن تتحسن الأوضاع وينزاح هذا الكابوس، لكنه أصبح حقيقة، ولا بد أن نتعايش معه".
يشرح المفتي كيف أدّى تفاقم الوضع الصحي لزوجته فاطمة، وإسعافه لها بحملها على لوح خشبي: "وصلنا بعد أكثر من 10 ساعات سفر، ومن يومها قررت ألّا أعود للقرية، وأبقى داخل المستشفى لتتلقى فاطمة العلاج في أوقاتها المحددة".
منذ بداية العام 2016، أصبحت السيارة هي سكن المفتي، هكذا أصبحت حياة هذا المواطن الذي يعاني بسبب الحصار الذي يفرضه أنصار الله (الحوثيون) على مدينة تعز، بعد أن أغلق شبّاك سيارته ببطانية واستعمل فراشها: "أنام هنا، وحياتي من السيارة إلى المصلى إلى المطعم المقابل للمستشفى".
تقول فاطمة التي تعيش داخل قسم الغسيل الكلوي: "هكذا نعيش حياتنا، تركنا أطفالنا في القرية وبقينا هنا، معنا ابني الأصغر نصر (11 سنة)، يعيش معي داخل السيارة، ويدرس في مدرسة الصديق. ، مضيفًة أن أجرة الراكب (المسافر) كانت 200 ريال، الآن 100 ألف ريال لا تكفي حتى للوصول إلى القرية.
أما زوجها فيتابع بالقول: "ست سنوات وأنا هنا أتناول غدائي (خمير وسحاوق)، وأعيش على ما تيسر، راتبي 50 ألفًا يُصرف بعد شهور انقطاع، ومع غلاء الأسعار لا يغطي أي احتياج، لولا أن المستشفى متكفل بجلسات الغسيل والأدوية لكنت في حال أسوأ".
يتوقف عبده المفتي هنا بعد أن امتلأت عيونه بالدموع، عاجزة وساخطة من كل شيء، حتى من إيصال هذه القصة!