"جمهورية من قرح يقرح"

أغنية ثورية شعبية قَضَّتْ مضاجع الملكيين
خيوط
September 26, 2024

"جمهورية من قرح يقرح"

أغنية ثورية شعبية قَضَّتْ مضاجع الملكيين
خيوط
September 26, 2024
.

كلمات: عبدالله خميس عامر عطية

اللحن: تراث شعبي

غناء: محمد البصير

عُرفت الأغنية الثورية الشعبية "جمهورية، مَن قرح يقرح" بصوت الفنان الكفيف محمد البصير، الذي كان يجوب أحياء صنعاء وبيده علبة حليب فارغة يستخدمها لإصدار إيقاع ولحن شعبي رائج تركبت عليه الأغنية، لكنها بعد عام من الثورة صارت واحدة من أيقونات سبتمبر حين أدّاها بصوته بمصاحبة فرقة موسيقية متواضعة في حفل شعبي، في قلب ميدان التحرير.

وفي فترة حصار السبعين يومًا للعاصمة صنعاء، بين ديسمبر 1967 وفبراير 1986، عاد البصير لأدائها بطريقته الأولى في أحياء صنعاء، في نوع من بث الحماسة في أوساط المدافعين عن المدينة المحاصرة، وهناك رواية تقول إنّ الملكيين أثناء الحصار استدرجوه وحاولوا إقناعه بالغناء للملكيين، لكنه رفض، فعُذِّب بقسوة ورُمِيَ في مكان مهجور. 

الأغنية في خلاصتها هي تصوير هروب آخر الأئمة في اليمن بملابس نسائية، حينما حاصر الثوّار قصره في صنعاء، صباح الخميس 26 سبتمبر من العام 1962؛ أي قبل اثنتين وستين عامًا من اليوم.

تقول كلمات الأغنية التي كتب كلماتها شاعرٌ غير متوفرة معلومات كافية عنه، وهو من منطقة حريب بمأرب، اسمه عبدالله خميس عامر عطية:

جمهوريّة، مَن قَرَحَ يقرَح

والشعب عاجب بأبطاله

          * * 

وأعلن بها من على المسرح

وأخرَج من الشعبِ دجّاله

من قارب الظلم ما يربح

لازم نغير بها الحالة

جمهوريّة، مَن قَرَحَ يقرَح

          * * 

ذي ما يبَى شعبنا ينجح

قد عجّل الله بزلزاله

والبدر ما عاد ذي أصبح

خرج بشرشف وبركالةْ

جمهوريّة، مَن قَرَحَ يقرَح

          * * 

يحرم على البدر يزور ابْلح

يشوف صنعاء ولا صالة

شعب اليمن للدول صرح

ما يدخل إنسان في أحواله

جمهوريّة، مَن قَرَحَ يقرَح

          * * 

يحل نفسه بما رجَّح

يهناه يهناه يهنا له

جمهوريّة مَن قَرَحَ يقرَح

       * * *

عن الفنان

في موضوع منشور في "خيوط"، بعنوان (أغنية صورة هروب الإمام - جمهورية منحَت "البصير" صوتًا ونظارة وملابس)، قال محمد الدحان:

"قبل أن يستقر محمد البصير بصنعاء، منحته بيئته في مديرية الشعر- محافظة إب، فرصة الحصول على التعليم مبكرًا على يد فقهاء القرية، وكان يحلم بأن يصير فنّانًا معروفًا، فظلّ يبحث عن فرصة، يُبرِز من خلالها صوته الغنائي البسيط للساحة الفنية التي بدأت تتشكل قبيل قيام الثورة، فكان يتلمّس حافات الرصيف كل صباح من منزله في صنعاء القديمة حتى ميدان شرارة (التحرير لاحقًا)، يستكشف ملامح الطريق إلى إذاعة صنعاء، حيث واظب في العمل ضاربًا للدف ضمن فرقة إنشادية يقودها الفنان يحيى الشلال، متجولة بين صنعاء وتعز لإحياء الاحتفالات الوطنية بعد قيام الثورة مباشرة، غير أنّه لم يحظَ بفرصة تسجيل أغانٍ بصوته في الإذاعة أسوة بزملائه الفنانين الآخرين.

لم يتوقف دور البصير على الهتاف والغناء للثورة، بل جسَّد دورًا بطوليًّا جعله واحدًا من الذين تمسكوا بمبادئ الثورة ورفضوا كل المكاسب الشخصية، فيروى أنه أثناء حصار صنعاء، اختطفه الملكيون واقتادوه إلى مكان مجهول، وحاولوا إرغامه على الغناء ضد الثورة والجمهورية، لكنه رفض ذلك، مما أثار غضبهم وسخطهم، فقاموا بتعذيبه مدة سبعة أيام، ورميه في منطقة مهجورة خارج صنعاء، ليعود بآلامه وأوجاعه إلى منزله.

ما زالت الأغنية تحتفظ بوقعها الثوري على النفس، بالرغم من مضي أكثر من ستة عقود على ميلادها الأول، فكلمات الأغنية تولّدت في خيال الشاعر من وحي الواقع، وكتعبير إبداعي ساخر من الناس لقصة فرار الإمام البدر من نيران الثوار وهروبه صبيحة يوم الثورة من قصر البشائر، وهو متخفٍّ بملابس نسائية (الشرشف والبركالة). 

واقعية القصة، التي صورتها القصيدة وبساطة كلماتها، لم تُبْهِت الأغنية بل منحتها الديمومة لتبقى محافظة على قيمتها الفنية ورسالتها الثورية، ويعود ذلك إلى ارتباطها بلحظة انتصار شعبي كبير وتلاشي ماضٍ اختزل مأساة الشعب، لتصير مع جريان السنين رمزًا من رموز الثورة السبتمبرية، وتستعاد طرية في كل مناسبة.

تمكّن محمد البصير من جعل الأغنية واحدة من المسموعات الخالدة، العالقة في ذاكرة الناس وآذانهم ببساطة اللحن المستجلب من الأهازيج الشعبية والتراثية القريبة من ذائقة الجميع، وأن الذي ساعد على بقائها متجددة هو إعادة توظيفها شعبيًّا في مواجهة خطاب الإمامة الجديد".

•••
خيوط

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English