تتميز مدينة عدن الساحلية، بموقع وأهمية استراتيجية وخليج يطل على ثلاث بحار؛ البحر الأحمر وبحر العرب والمحيط الهندي، ويجود بثروة سمكية واسعة، نظرًا لاختلاط البحار وتداخلها، وهو ما يجعلها منطقة خصبة تعيش عليها أفضل الأسماك والحيتان في البقعة المائية في محاذاة خليج عدن.
لكن رحلة الاصطياد كضربة حظ، كما يصفها صياديون وتحدثت عنها روايات شهيرة، إذ تحتاج هذه الرحلة إلى معدات خاصة وطرق معينة يتدرب عليها الصيادون لفترة طويلة.
يؤكد في هذا الخصوص الصياد واثق محمد لـ"خيوط"، أن هناك صعوبات وتحديات في رحلات الاصطياد البحرية التي تعد بمثابة مغامرة يومية قد تصيب وقد تخيب، ويتحدث عن خطورة البحر بالذات في المسافات البعيدة والتي يقطعها الصيادون لكي يصطادوا بعض أنواع الأسماك.
وتعد الأسماك من أهم الثروات الواعدة في اليمن، ناهيك عن أهمية القطاع السمكي الذي يعتبر من أهم القطاعات الرئيسية والمهمة للاقتصاد الوطني، لكن هذه الثروة تتعرض لهدر متواصل، إلى جانب تبعات عديدة بفعل الحرب الدائرة في البلاد منذ ست سنوات، إضافة إلى جشع بعض التجار وعدم تفعيل القوانين والتي تحمي الصيادين والمستهلكين والحياة البحرية المتنوعة.
وتمتلك اليمن شريطًا ساحليًّا يبلغ طوله أكثر من 2000 كم، غنيًّا بالأسماك والأحياء البحرية، تمتد فيه التداخلات والتضاريس الجبلية والرملية ومنحدرات الأودية التي تصب في البحر وكونت خلجانًا، والتي تشكل في مجملها حوالي 20% من طول الشواطئ، وبذلك فإن طول الشريط الساحلي اليمني يزيد عن 2000 كيلو متر، بحسب خارطة الثروة السمكية، ابتداءً من الحدود اليمنية-العمانية في بحر العرب، وحتى منتهى الحدود اليمنية–السعودية في البحر الأحمر تمتد فيه، ويعتبر هذا القطاع من القطاعات الاقتصادية الواعدة.
مغامرة شاقة
يخوض الصيادون مغامرة شبه يومية تصل أحيانًا إلى المقامرة في مواسم الرياح، فرحلات الصيد تغدو خطيرة بالذات دون وجود أي نوع من أنواع الحماية في البحر، وبرغم التكلفة العالية للرحلة الواحدة، والتي تصل أحيانًا إلى 400 ألف ريال، إلا أن الصيادين لا يستطيعون الابتعاد عن البحر.
يحكي لـ"خيوط" الصياد نصر السلومي الشهير بأسد صيرة، عن تكاليف الرحلة الواحدة، بالقول، إن رحلة الاصطياد تحتاج إلى 30 صفيحة وقود (الصفيحة الواحدة تساوي 20 لترًا) وتصل أحيانًا إلى 40 صفيحة، وبسبب الأزمات المتكررة في المشتقات النفطية يلاقي الصيادون صعوبة بالغة في الحصول على ما يكفيهم من الوقود.
وترجع دراسة بحثية حول "أسباب ارتفاع أسعار الأسماك في مدينة ساحلية كعدن" أعدها الخبير في البيئة البحرية عمر زياد إلى سببين رئيسيين؛ أولهما أن ارتفاع أسعار الأسماك نتيجة للتصدير غير المنظم إلى الخارج لكل أنواع السمك، بما في ذلك الأنواع التي تناسب محدودي الدخل كالزينوب والباغة.
فيما يتمثل السبب الثاني في إغلاق حراج "الدوكيار" السمكي، والذي كان يستقبل قوارب الصيد الكبيرة من المحافظات الأخرى الغنية بالثروة السمكية، لتسويق أسماكها في عدن؛ مما يساهم بتوازن في عامل العرض والطلب.
وفي حديثه لـ"خيوط"، يوضح زياد أن هناك كثيرًا من المشاكل البيئية قائمة بدون وجود قانون يلزم الصياد بواجبات معينة، في رحلة الاصطياد، وقد أعطى مثالًا بأن التلوث البحري يزداد بسبب استخدام بعض المعدات، التي تضر بالثروة السمكية، مثل الشبك الجر، والسخاوي، واستخدام الإضاءة عند الاصطياد، ورمي مخلفات معدات الاصطياد في البحر.
مخزون واحتكار
تعتبر بحار اليمن مصدرًا أساسيًّا لتلبية احتياجات السكان من الأسماك التي تعد عنصرًا أساسيًّا في غذاء مواطني المناطق الساحلية، كما أن الثروة السمكية تعتبر من أهم الثروات الطبيعية المتجددة ومصدرًا مهمًّا للدخل القومي. حيث يوجد في المياه الإقليمية اليمنية أكثر من 350 نوعًا من الأسماك والأحياء البحرية الأخرى؛ مما يؤهلها لأن تكون دولة رئيسية في إنتاج الأسماك في المنطقة.
بالرغم من أن المخزون السمكي يسمح باصطياد أكثر من 350-400 ألف طن سنويًّا دون أن يتأثر هذا المخزون، إلا أن حجم ما يتم اصطياده ما زال محدودًا، ومساهمة هذا القطاع في الناتج المحلي الإجمالي هي الأخرى ما زالت محدودة وضئيلة؛ وذلك لانخفاض حجم الإنتاج السمكي الناتج عن انعدام استخدام الوسائل الحديثة لعمليات الاصطياد، ووجود بعض المعوقات التي تعمل على عدم استغلال هذه الثروة الاستغلال الأمثل.
ويشكو صيادون في عدن من عامل الاحتكار من قبل بعض التجار، فشراء كميات الأسماك الموجودة في السوق، يعطي للتاجر فرصة لكي يضع السعر العالي، لبائعي التجزئة.
وفي سؤالنا حول تدني أسعار الأسماك في صنعاء، وارتفاعها في عدن، يرد فهمي أحمد، وهو أحد الصيادين في سواحل عدن، أنه بسبب استقرار سعر صرف العملة في صنعاء؛ لذا فأسعار الأسماك هناك مستقرة، بينما تفقد العملة في عدن ومناطق الحكومة المعترف بها دوليًّا، قيمتَها بشكل متواصل.