فساد الابتعاث

كيف يسرق مسؤولو الشرعية حقَّ الطلاب المتفوقين؟
خيوط
December 4, 2022

فساد الابتعاث

كيف يسرق مسؤولو الشرعية حقَّ الطلاب المتفوقين؟
خيوط
December 4, 2022

التسريبات الأخيرة لكشوف المنح الدراسية التي تموِّلها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في حكومة ما يسمّى بالشرعية، أظهرت أبناء مسؤولين ونافذين فيها على رأس قوائم منح الطلاب اليمنيين المبتعثين في الخارج، على حساب طلاب مستحقّين فعلًا لهذه المقاعد، ويواصل بعضهم دراستهم على حساب أسرهم الفقيرة والمقيمة في الداخل. 

تصرف هذه الحكومة ملايين الدولارات على منح لم تخضع لأيّ معيارية في الابتعاث، ومنها التنافس وطبيعة التخصصات التي تحتاجها البلاد، ولعبت المحسوبية والنفوذ دورًا فاعلًا في منحها لطلاب لا يستحقونها أصلًا، وظروف أسرهم المادية تستطيع تغطية تكاليفها في الجامعات التي ابتعثوا إليها، غير أنّ النّهَم والجَشع واللُّصوصيّة وصلت بمسؤولي الشرعية إلى سرقة ما لا يخصّهم، بعد أن ابتلعوا كل شيء في البر والبحر. 

فساد المنح لم يكتشفها الجهاز الرقابي ولا القضاء، وإنّما سرّبها أشخاص من ذات الجهات، تعارضت مصالح بعضهم ببعض، فنشروا هذا الغسيل القذر. القضاء والأجهزة الرقابية في جسم الشرعية لم تحرك ساكنًا حيال قضايا مشابهة في السنوات الماضية، ومنها قطع المنح المالية على مبتعثين في جامعات مختلفة وإبقاءها على أبناء المسؤولين والنافذين، ولم تحاسب سفراء وملحقين إعلاميين تكسبوا من اللعب في كشوف الاستحقاق والاستقطاعات التي جرت عليها، ولم تستدعِ سفيرًا طلب الشرطة لإخراج الطلاب المحتجّين من فناء السفارة بعد احتجاجاتهم على هذه التجاوزات.

منذ عقود طويلة عمل النظام على إنتاج فلسفته الخاصة في الفساد، والمسؤولون في بنية الشرعية جاؤوا من هذه البيئة الفاسدة، التي لم يعتد فيها المسؤولون على المحاسبة، وإنّ الملفات التي كان يتم فتحها بين حين وآخر، كانت تستخدمها الأجهزة لابتزاز الأشخاص، وتوظيفها في سلسلة لا نهائية من التشبيكات وتعظيم المصالح داخل جسوم الفساد المتلون.

فساد المنح الدراسية هي جزء من فساد منظومة أكبر في المؤسستين المدنية والعسكرية، التي يديرها أشخاص عديمو الكفاءة والنزاهة، وإنّ المحاصصة في اقتسام الوظيفة العامة بدواعٍ مناطقية وجهوية وحزبية هو الأساس الضارب بجذره العميق في حياة المجتمع، الذي يراد له أن يبقى في عين عاصفة الانفلات والفوضى والاحتراب، ليُستدام تسلط منظومة الفساد وأذرعها الميليشاوية على رقاب الجميع.

السلطة المنقسمة شمالًا وجنوبًا، هي ابنة مؤسسة الفساد التاريخي في اليمن، والفساد بمراتبه وأوجهه الناعمة والخشنة، هو المشترك الحقيقي في بنيتها الكلية، لهذا لا عداوة حقيقية بينها، وإنّ عدوهما المشترك هو المجتمع برمته، الذي يُسرَق ويُجوَّع وتُصادَر آمالُه في التغيير.

•••
خيوط

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English