يقطع نجيب مشهور مسافة ساعتين من مسقط رأسه في "وادي تبّ" في عزلة "العلقمة" بمديرية الشمايتين، من أجل الوصول إلى منطقة "الخبل" الذي يقع فيها مقر الوحدة الصحية الوحيدة بالمنطقة.
تم اقتطاع مقر الوحدة الصحية من مدرسة التقوى للتعليم الأساسي بالمنطقة، بسبب عدم استكمال المبنى الجديد للوحدة الصحية، والذي توقف العمل فيه قبل عشر سنوات، حيث تم إنشاء المبنى وسقفه، ثم توقف العمل فيه بعد مغادرة المقاول لعدم صرف مستحقات العمل، فتعثر استكمال تشطيب المبنى وأصبح مهجوراً قبل أن تدب فيه الحياة.
في غرفة لا تتعدى مساحتها الأربعة متر بداخل مدرسة التقوى، يداوم العامل الصحي نجيب مشهور طيلة أيام الأسبوع، ثم يعود سيراً لمدة ساعتين إلى مسقط رأسه لقضاء عطلة نهاية الأسبوع.
الوضع الصحي في المنطقة يدعو للشفقة، وتلك هي الغرفة الوحيدة التي خصصت لتوفير العناية الصحية لأكثر من3000 نسمة هم تعداد سكان عزلة "الخبل" والمناطق المجاورة لها، وخاصة التابعة إدارياً لمديرية "المضارِبة" بمحافظة لحج. في داخل الغرفة يوجد مختبر صحي وصيدلية صغيرة وسريرين عاديين، وسكن للعامل الوحيد في الوحدة الصحية، الذي يقدم خدماته وحيدًا منذ أكثر من ثلاثة عقود، ويوشك على التقاعد، في الوقت الذي تعاني فيه المنطقة من غياب الأطباء المتخصصين.
وفقاً لمشهور، فإن الحمّيات انتشرت في الآونة الأخيرة بالمنطقة، مسجلة مئات الحالات، ولصغر مساحة الغرفة التي يقع فيها المختبر والصيدلية، اضطر لمعالجة بعض المرضى في ساحة المدرسة، والبعض الآخر تم صرفهم للمنازل لعدم وجود إمكانات لاستقبالهم في تلك المساحة الضيقة. "الوحدة الصحية لا تتلقى دعمًا يتلاءم مع حجم الكثافة السكانية والطلب على الخدمات التي تقدمها للمواطنين." قال مشهور.
المقاول رفض استكمال المبنى بعد أن رفضت "الجهات المعنية" صرف مستحقاته، فغادر المنطقة قبل اندلاع الحرب في 2015، ولم يتم بعدها استكمال العمل في المبنى حتى اللحظة.
في السياق ذاته، يقول عبد الكريم زامط، إن عدم استكمال بناء الوحدة الصحية الجديدة في "الخبل" أصاب أهالي عزلة "العلقمة" بخيبة أمل، لأن هذا المشروع جاء بناءً على "وعود انتخابية" انتظر الأهالي تنفيذها سنين طويلة. ويضيف في حديثه لـ"خيوط"، إن سكان العزلة، الذين يعمل معظمهم في الزراعة والرعي، يضطرون للذهاب إلى منطقة "الشقيرا" بمديرية الوازعية بحثًا عن الرعاية الطبية لمرضاهم، وأن ذلك نفقات باهظة تفوق قدراتهم.
ويشكو أهالي العزلة مما يصفونه بالتجاهل الكبير، الذي تعاني منه منطقة "الخبل" التابعة إدرايًا لمديرية الشمايتين، وهي منطقة تتوسط مديريتي "المضاربة" و"الوازعية" وتقع بمحاذاتهما، وهو ما يراه الكثير من الأهالي نسيانًا لهم من مشاريع الخدمات بسبب موقع المنطقة بين ثلاث مديريات.
ويقول نجيب نعمان، أحد سكان منطقة "الخبل"، أن مشروع الوحدة الصحية المتعثرة، والذي أهدرت فيه عشرات الملايين من الريالات دون استكماله، هو علامة على إهدار المال والفساد الذي كان قائمًا، والذي حال دون إكمال هذا المنجز الصحي. ويؤكد نعمان أن مشروع الوحدة الصحية طال انتظاره بعد "وعود انتخابية"، وأن إنشاءه كان أول بادرة لمصداقية تلك الوعود، غير أنه لم يكتمل، رغم احتياج الأهالي الشديد إليه.
ويضيف نعمان في حديثه لـ"خيوط"، أنه ما لم يتم العمل على استكمال المشروع في أقرب وقت، فربما يتعرض المبنى للخراب، الأمر الذي ستضيع معه أحلام الأهالي وآمالهم في وجود مرفق صحي قريب منهم.
ووفق سكان محليون في المنطقة تحدثوا لـ"خيوط"، فإن المقاول رفض استكمال المبنى بعد أن رفضت "الجهات المعنية" صرف مستحقاته، فغادر المنطقة قبل اندلاع الحرب في 2015، ولم يتم بعدها استكمال العمل في المبنى حتى اللحظة.