مناقشة مقال " أحفاد الأئمة يحرمون الغناء"

لدى رئيس الاستئناف مئة دليل في التحريم ومثلها في الإباحة
حسن الدولة
July 6, 2024

مناقشة مقال " أحفاد الأئمة يحرمون الغناء"

لدى رئيس الاستئناف مئة دليل في التحريم ومثلها في الإباحة
حسن الدولة
July 6, 2024

نشرت منصة خيوط مقالا للدكتور " دكتور قائد غيلان" تحت عنوان "أحفاد الأئمة يحرمون الغناء" فعلقت عليه في صفحة المنصة على الفيسبوك بشكل متعجل وهنا اعيد مناقشة الموضوع من أوجه عدة، وبداية أقول أن الكاتب، مع كل التقدير لمكانته، لم يكن دقيقا فقد اطلق أحكاما لا صحة لها بشان الغناء الصنعاني، بل هرف بما لا يعرف ، فسوف أبدا لك من رواية الأستاذ "احمد حسين المروني مدير اذاعة صنعاء قبل الثورة كما في مذكراته بأن الامام أحمد تلقى برقيات احتجاج بسبب بث الأغاني عبر اذاعة صنعاء من فقهاء صعده وهم زيدية جارودية يحرمون الغناء كالوهابية والاثني عشرية ، فكان رد الإمام فوق تلك البرقيات من يحرم السماع يقفل المذياع، ثم استدعى رئيس الإستئناف وقتها محمد يحيى عباس المتوكل للرد عبر الاذاعة وعرض رأي الأئمة في السماع .ولما حضر للرد على تلك الاحتجاجات سأل مدير الإذاعة: قل لي ماذا يريد إمام العصر هل التحريم ام الإباحة ؟ فقال له وهل الفتاوى بحسب الطلب يا مولانا ؟ فرد عليه أن عندي مئة دليل على الإباحة ومثله على التحريم !! فرد المروني بل الإباحة !.، وقد سمعنا من الآباء أن علماء دين كانوا ينزلوا للمقيل من صنعاء القديمة إلى بير العزب وأنهم كانوا بعد صلاة العشاء يطفؤون السرج ويتناولون العود من شخص لآخر ويتناوبون على العزف والغناء .

الكاتب في مقاله زعم أن اسرة "أبو نصار" تبرؤوا منه وهذا كذب وافتراء ورجما بالغيب وعليه أن يعرف أن أغانيه كانت تبث من اذاعة الملكية وكذلك أغاني عبد الكريم قاسم حميد الدين ، وكلاهما من أسرة بيت حميد الدين ، وقد روى القاضي محمد بن علي الشوكاني أن الامام المنصور دعاه الى منزله ليسمع اصوات غريبة لم يعرف مصدرها وفي ظنه أنها ملائكية ن فلما استمع عرف أن ولد الامام مع أصدقائه في المفرج يستمعون الطرب والمغنى. وقد استمرت مجالس صنعاء عامرة بالفنون ، وكان الإمام يحيى يأمر بعزف الموسيقى من بعد صلاة العصر في العرضي، وبالحان ابدعها عبدالله مقريش بأسماء بساتين صنعاء . كانت الموسيقى تصدح من العرضي ولما مات الموسيقار مقريش قال الإمام يحيى لقد (مات هزاري العرضي)، وقد سمعت من والد الاخ حسن زيد أن جده كان يجمع الناس في بيته لسماع الغناء عبر ما كانوا يطلقون عليه (صندوق الطرب) فاستدعاه الإمام يحيى وقال بلغني  أنك يا ولد محمد تفعل كذا وكذا ، فقال له وما قلتم للذي نقل لكم يا مولانا فرد الإمام قلنا لهم ان الولد محمد عالم ويعرف ما الحلال والحرام  فرد محمد بن زيد: المؤمن يا مولانا يرى بنور لقد كفيتم ووفيتم   وانصرف فضحك الإمام يحيى وهذا هو الإمام يحي أكثر الائمة تشددا تجاه السماع والموسيقى. أما آخر الائمة وهو البدر فقد كان يحرص، وهو ولياً للعهد، على حضور الحفلات الموسيقية عندما يكون خارج اليمن".

ولأنني لم اقصد من ذلك إلا المناقشة والحوار فقد لزم ان أكتب مقالا يؤكد بطلان وزيف دعاوى الزيدية الجارودية والوهابية والجعفرية الذي يحرمون بجهلهم السماع ، وكنا نحن الزيدية نسمع تحريم الوهابية للغناء ، فنتندر عليهم وقد أرجع الشيخ محمد الغزالي الاخواني المنشق سبب ذلك يعود إلى فقههم البدوي، وقد روي أنه دعي إلى مؤتمر في المملكة السعودية وقد استصحب معه مسجلته ، فجاء لزيارته في الفندق أحد شيوخ الوهابية ، أثناء سماعه لأغنية الموسيقار محمد عبد الوهاب "وللحرية الحمراء باب" فاستنكر عليه أن شيخا كبيرا يستمع للموسيقى فرد عليه الشيخ مفندا دعاوى الذي يحرمون السماع، أنه كان يتمنى على الموسيقار محمد عبد الوهاب لو اضاف أصوات المعاول وهي تدك جدران السجون !

من لا يطربه الربيع والعود فهو فاسد

في الإذاعة قام رئيس الاستئناف  بسرد الاحاديث والوقائع التي أمر الرسول أن يولموا بالطرب والموسيقى وأن مغنين من الحبشة سمح لهم الرسول بالغناء وسط الكعبة ، وأن أول ما استقبل الرسول من قبل الانصار كان بأغنية (طلع البدر علينا من ثنايا الوداع) مصحوبة بالدفوف والنغم ولو كان هناك عود بالأوتار او الآت الموسيقى المتوفرة اليوم حينذاك لصدحوا بها.

ثم تلا كلام حجة الإسلام أبي حامد الغزالي (من لا يطربه الربيع وأزهاره والعود وأوتاره فهو فاسد المزاج ليس له من علاج)  ثم قرأ جزء من القصيدة التائية لأبي حامد والتي فيها:

وذلك أن النفس قبل اتصالها    بتدبيرها الجسم الذي قد تولت

وعى سمعها من طيب ألحان نغمة   ينغمها الأفلاك أعظم لذة

إذا أقبلت أجرامها باصطكاكها    يرجعها في قطعها كل ذروة

وشذت لبعد العهد عنها فلم تكن    تذكرها إلا بتجديد نغمة

فلما أحست بالسماع بمثلها       تذكرت العهد القديم فحنت

وبعد ان تلى العلامة عباس تلك الابيات قام بشرحها مستندا إلى روايات تؤيدها وظلت إذاعة صنعاء تبث هذه الفتوى فارسل فقهاء زيدية صعدة  من الجاروديه برقية للإذاعة يناشدونه بوقف بث هذه الفتوى قبل البرنامج الإذاعي مع موافقتهم على العمل بنصيحة الإمام المذكورة أنفا.

بعد هذه الحروب العبثية التي كادت تعصف ببلادنا ، وظهور دعاوى تحرم الفنون ، وقد بدأ هذا المرض متفشيا في ثلاث محافظات شمالية (صعدة وحجة وعمران) واصبحت قبائل الطوق في صنعاء يغزوها هذا المرض ، واصبحنا نسمع في قاعات الافراح طبول الحرب والزوامل ونعيق الشؤم.

ما ذهب إليه الدكتور غيلان كان فيه طرح غير دقيق، باعتبار أن الموسيقى هي من اعظم ما انتجته البشرية ،فما اعظمه من انتاج ، وما اجمل أصواتها ، حتى أن أحد الأئمة سُئل عن الموسيقى فرد قائلا "إنها تسبح لله بكلمات عجز لسان الإنسان عن أدائها!).

الموسيقى  لغة الأرواح والعقول 

فآلات الموسيقى والطرب تعتبر غذاء الارواح مقابل أن الاكل غذاء الأجساد، وأنه كلما تقدمت البشرية تقدم معها آلات الموسيقى والطرب ، وكلما شاع الطرب والموسيقى شاع الأمن والاستقرار ، ففي فرنسا عندما استفحل التطرف بين ابنائها من اصول افريقية ، بدأت الدولة بدراسة تلك الظاهرة وكان من خلاصة نتائجها  الكثيرة إلى أن أحد الأسباب الجوهرية في تفشي الظاهرة هو اختفاء مادة الموسيقى من مناهج التعليم ،ولما اضيفت بدأت الظاهرة بالاختفاء تدريجياً

وغني عن البيان بان الموسيقى والفنون الجميلة قد تطورت في أماكن العبادة، فمن يدخل الفاتيكان يشاهد اجمل اللوحات الفنية ويستمع إلى سمفونيات بأنغام تبعث على راحة النفس وتشعره أنه في عالم .فآلات الموسيقى وتأثيرها الروحي والجمالي على الإنسان قد اثبت صحته العلم ، وها هي معظم مصحات الامراض العقلية بدأت تدخل الموسيقى كعلاج. وثبت نجاعته في شفاء الامراض النفسية.

ونحن في اليمن بعد هذه الحروب العبثية التي كادت تعصف ببلادنا ، وظهور دعاوى تحرم الفنون ، وقد بدأ هذا المرض متفشيا في ثلاث محافظات شمالية (صعدة وحجة وعمران) واصبحت قبائل الطوق في صنعاء يغزوها هذا المرض ، واصبحنا نسمع في قاعات الافراح طبول الحرب والزوامل ونعيق الشؤم. .

فالموسيقى بما فيها من نغمات وإيقاعات متناغمة لها قوة عجيبة في إثارة المشاعر والأحاسيس الإنسانية والتأثير على النفس البشرية. والشعور بأهمية العيش في أمن وسلام ورفاهية. والوقوف مع الإمام الغزالي في تائيته المذكور انفا قد اشاد بدور الموسيقى في إحياء القلوب وتهذيب النفوس. فمن لا يتأثر بجمال الطبيعة ونغمات العود والأوتار فهو إنسان جاف المشاعر، لا شك في ذلك.

اذا الموسيقى هي لغة الأرواح والعقول، تنبض بالحياة والجمال، وقد كان للموسيقى عبر التاريخ دور بارز في تعزيز الروح المعنوية للبشرية وإشاعة السكينة والطمأنينة في النفوس. فلا غرو أن تكون من أعظم ما أنتجته البشرية على الإطلاق. فللموسيقى تأثير عميق على الحالة النفسية والروحية للإنسان، وذلك لعدة أسباب:

- التأثير العاطفي: الموسيقى لها القدرة على إثارة المشاعر والأحاسيس البشرية، من الفرح والبهجة إلى الحزن والشجن. فالإيقاعات والنغمات المنسجمة تحرك الوجدان وتؤثر على المزاج والحالة الانفعالية.

- التأثير الروحي: الموسيقى الجميلة والمنسجمة ترتفع بالروح وتقربها من المُثل العليا. فهي وسيلة للتأمل والانفتاح على الجوانب الروحية في الإنسان، وتساعد على الشعور بالسكينة والطمأنينة.

- التأثير العلاجي: أثبتت الدراسات أن الموسيقى لها تأثير علاجي على الصحة النفسية، إذ يمكن استخدامها في علاج بعض الاضطرابات كالقلق والاكتئاب. كما تساعد على تخفيف الآلام الجسدية.

-التأثير المعرفي: الموسيقى تحفز نشاط الدماغ وتنمية قدرات الإنسان المعرفية كالتركيز والذاكرة والإبداع. فهي وسيلة لتنمية المهارات العقلية والإبداعية.

بشكل عام، الموسيقى هي وسيلة فريدة للتواصل مع ذواتنا الداخلية وإثراء حياتنا الروحية والعاطفية. فهي تمثل لغة الأرواح التي تتجاوز حدود الكلمات.

فهناك دراسات علمية تؤكد على العلاقة الوثيقة بين الموسيقى والتأثير على الحالة الروحية والنفسية للإنسان لو تم اخضاع من يفتون بتحريم الموسيقى لكان مكانهم الطبيعي هو مصحات الامراض العقلية .وتختلف فوائد الموسيقى باختلاف الأعمار والحالات الصحية للأفراد 

1-  بالنسبة للأطفال والمراهقين:

- تساعد على تطوير المهارات اللغوية والإدراكية والاجتماعية.

- تعزز التركيز والانتباه وتحسن الذاكرة.

- تساهم في تنمية المهارات الإبداعية والعاطفية.

2. بالنسبة للبالغين:

- تساعد على التخفيف من التوتر والقلق والاكتئاب.

- تعزز الشعور بالرفاهية النفسية والبدنية.

- تحسن الأداء الوظيفي والإنتاجية.

3. بالنسبة للكبار في السن:

- تساعد على الحفاظ على الصحة المعرفية وتحسين الذاكرة.

- تخفف من أعراض الخرف والزهايمر.

- تعزز التفاعل الاجتماعي والمشاركة.

4. بالنسبة لذوي الاحتياجات الخاصة:

- تساعد على التحفيز الحسي وتحسين التواصل لدى ذوي الإعاقات التطورية.

- تخفف من أعراض اضطرابات طيف التوحد.

- تساهم في تحسين الحالة المزاجية لدى مرضى الصرع والسكتة الدماغية.

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English