بدأت العائلات والأسر التجهيز لاستقبال شهر رمضان في شوارع تعز، كما في بقية المحافظات اليمنية، حيث اكتظت المحال بصنوف المنتجات، لكن شحة الإقبال على الشراء هو العامل المشترك العام لجميع سكان المحافظة.
يأتي رمضان هذه السنة في تعز وقد زادت الظروف تعقيدًا، وتكاثرت الأزمات، ابتداءً بأزمة الوقود، مرورًا بغلاء أسعار المواد الاستهلاكية، وليس انتهاءً بارتفاع سعر صرف العملة المحلية، الذي يقابله حصار خانق على المحافظة.
وتشهد الأسواق في تعز ارتفاع قياسي لأسعار المواد الغذائية مع قدوم شهر رمضان، حيث قفز سعر الدقيق عبوة 50 كيلوغرام إلى 45 ألف ريال، وسعر رغيف الخبز الواحد إلى نحو 70 ريال، في حين وصل سعر الأرز عبوة 40 كيلوغرام إلى 65 ألف ريال.
ووصل سعر "طبق" البيض المكون من 30 حبة بيض إلى 4500 ريال، بمعدل 150 ريال للحبة الواحدة، وارتفع سعر علبة زيت الطبخ 20 لترًا إلى نحو 56 ألف ريال، فيما سجل "الزبادي" أعلى زيادة سعرية بوصله إلى 400 ريال للعلبة الواحدة 200 غرام، وبلغ سعر "المهلبية" (نوع من الحلويات) إلى 2000 ريال.
ركود لم يسبق له مثيل
تقول شروق حميد، لـ"خيوط": "عادة نبدأ بشراء احتياجات رمضان قبل شهر شعبان، حيث نجهز له المأكولات والمشروبات والزينة والأدوات المنزلية؛ لكننا هذه السنة لم نشترِ شيئًا بسبب الغلاء الفاحش؛ الكيس الدقيق مثلًا كان بـ15 ألف في رمضان الماضي، هذه الأيام أصبح سعره 45 ألف ريال".
ارتفعت أسعار السلع الغذائية بنسبة 100% منذ منتصف السنة الفائتة، بسبب تدهور سعر الصرف، حيث وصل سعر الدولار الواحد مقابل الريال في ديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي 2021، إلى ما يقارب 1700، رغم أن الحكومة المعترف بها دوليًّا كانت قد اتخذت حُزمة إصلاحات أدّت لانخفاض سعر الصرف مؤقتًا، قبل أن يعاود الارتفاع متخطيًا حاجز 1200 ريال للدولار.
مع اقتراب حلول شهر رمضان المبارك زادت الأسعار بشكل كبير وملحوظ في مدينة تعز لجميع المواد الغذائية والاستهلاكية بنِسب تتراوح ما بين 50–150%.
محمد عبده، تاجر جملة، يقول لـ"خيوط": "هناك ركود لم يسبق له مثيل بالتزامن مع رمضان هذه السنة بتعز، وضع الناس سيّئ، وأسعار الصرف غير ثابتة، علاوة على أن أزمة الوقود رفعت أجرة نقل المواد الغذائية للمدينة المحاصرة".
يضيف هذا التاجر، أن التجارة في اليمن أصبحت بمثابة مخاطرة كبيرة بالنظر إلى ما يتكبّده التجار من خسائر متواصلة وفادحة، إذ يقول: "تقلّصت مبيعاتنا مقارنة بآخر رمضان قبل الحرب بنسبة 500%، بمقابل ارتفاع الأسعار بنحو 500% بعد الحرب".
هذا، وتشهد مدينة تعز وعموم محافظات الجمهورية أزمة خانقة في الوقود منذ بداية السنة الجارية، إذ وصل سعر الصفيحة الـ20 لترًا في تعز إلى 42 ألف ريال.
في السياق، تقول فائزة عبده، ربة منزل، لـ"خيوط"، إنها لم تجد غازًا منذ حوالي 7 أشهر، وتعتمد على الحطب في الطبخ، لذلك تخرج للبحث عنه في أماكن خطيرة وقريبة من مناطق الاشتباكات. "يهمني الآن كيف سيمضي رمضان على هذا الحال"- تتساءل فائزة.
من جانبه، يقول عبدالغني محمد، مالك وكالة غاز ومحطة وقود، لـ"خيوط": "كنا نأمل أن يتوفر الغاز برمضان على الأقل، وزيادة حصة تعز منه من قبل شركة الغاز الحكومية بالنظر إلى أن تعز من أكثر المحافظات اليمنية في عدد السكان؛ لكن الشركة زادت السعر، وشاحنات النقل تتعرض للتقطعات، ما يضطرهم لدفع أموال طول الطريق، وبالتالي يصل الغاز إلى مدينة تعز بثلاثة أضعاف قيمته".
وينعكس هذا الوضع على أسعار خزانات الماء، حيث تشهد المدينة انخفاضًا في إمدادات المياه المحمولة على الشاحنات مع وصول سعر الصهريج إلى نحو 20 ألف ريال، مقابل طلب كبير عليها، فيما يصل سعر الكهرباء إلى نحو 1200 ريال للكيلوواط الواحد.
قيم التكافل تفقد بريقها
تنتشر في رمضان قيم للتكافل الاجتماعي والمبادرات الخيرة، وموائد الطعام في الجوامع وفي الحواري، إذ يجود الناس بالمأكولات والمشروبات من مختلف المنازل للعابرين والمارّين ومَن لا عوائل لهم في المدن، كطلبة الجامعات والمصلين والمعتكفين في المساجد.
وضحة عبدالقادر، ناشطة اجتماعية في مجال المبادرات الرمضانية تؤكد لـ"خيوط"، أن المبادرات والأعمال الخيرية الرمضانية تواجه صعوبات عديدة هذا العام، كما تم ملاحظتها في الإجراءات الاستعدادية قبل حلول شهر رمضان، وتعتقد بأن شهر رمضان هذا العام قد يكون الأصعب منذ بداية الحرب الدائرة في اليمن منذ ثمانية أعوام.
الجدير بالذكر، أنّ هذه المبادرات تلقى رواجًا ودعمًا منقطع النظير، إذ كانت تقدّم من خلالها مختلف الأطباق الشهية على أزقة الحارات في تعز، إضافة إلى تبادل الجيران أشهى المأكولات.