"دفع دفع يا علي حمود"، بهذه الأهازيج كان أطفال تعز يصدحون من على سطوح منازلهم وحاراتهم قبيل أذان المغرب خلال شهر رمضان كي يطلق علي حمود قذيفة مدفعيته حتى يفطر أهل المدينة، ويستخدم المدفع كأسلوب إعلان عن موعد الإفطار وإخبار العامة بالموعد.
ارتبط اسم المدفعي الشهير علي حمود بمدفع رمضان، الذي لا يفطر أبناء تعز إلا على دويه، حيث يقع المدفع الرمضاني في قربة الكريفة بجبل صبر، والذي يعلو قلعة القاهرة التاريخية المطلة على المدينة، وهو موجود فيها منذ ما يقارب 38 سنة.
فيما بعض المصادر التاريخية ترجع بدايته وغيره من المدافع التي كانت منتشرة في بعض المدن كصنعاء إلى فترة التواجد العثماني في اليمن، وهو مدفع يطلق ذخيرة صوتية مع أذان مغرب كل يوم في رمضان، لكن هذا التقليد خفت صوته في مختلف المحافظات التي كانت تتعامل معه كتقليد رمضاني للإعلان عن موعد دخول الإفطار يقابله شغف كبير من قبل الصائمين، والذي كانوا لا يفطرون إلا بعد سماع صوته.
كان مدفع علي حمود يدوّي حتى يسمع صوته كل القرى المجاورة لمدينة تعز، ويستخدم للإعلان عن موعد الإفطار في ظل غياب الوسائل الحديثة للإعلان عن موعد الإفطار، حيث كان يتم استخدام المدفع لذات الغرض، وهو تقليد توارثه المسلمون جيلًا بعد جيل، إذ يعد مدفع مدينة تعز من الطقوس الرمضانية المحببة لقلوب ساكني المدينة.
خلال الحرب اليمنية التي عصفت بالبلاد، وكان لمدينة تعز نصيبها الكبير في هذه الحرب، توقف مدفع علي حمود لوجود مدافع لا تقبل سوى الدم، غير أن الأهازيج التي يرددها الأطفال لا تزال باقية رغم وفاة من ارتبط المدفع باسمه قبل عقود
مدفع رمضان ارتبط بمشاعر وأحاسيس أبناء مدينة تعز لسنوات باعتباره موروثًا تقليديًّا يحرصون عليه طوال شهر رمضان، حيث ظل المدفع يعمل حتى اندلاع الحرب الدائرة في اليمن مطلع العام 2015.
واشتُهر مدفع علي حمود بهذا الاسم نسبة للمدفعي علي حمود، الذي كان مسؤول المدفع لسنوات طويلة، وظل يعمل فيه حتى تُوفِّي منذ ما يقارب الـ30 عامًا، غير أن ذاكرة أبناء تعز لا تزال ملتصقة بعلي حمود.
مدافع الحرب
بداية مدفع تعز الرمضاني (مدفع علي حمود) كانت في "أكمة العكابر" في منطقة العرضي، ثم تم نقله بعد ذلك إلى قلعة القاهرة، وأخيرًا إلى منطقة الكريفة بجبل صبر، حيث تم نقله إلى هناك عام 1983.
الصحفي طيب رشاد سكرتير تحرير صحيفة الجمهورية يؤكد في هذا الصدد لـ"خيوط"، أن الروايات التاريخية تقول إن مدفع رمضان في تعز جلبه الأتراك أثناء حملتهم على منطقتنا العربية، ومنها اليمن، فظل المدفع الرمضاني عادة مرتبطة برمضان.
يضيف في حديثه لـ"خيوط"، أن تعز وهي جزء من الحالة اليمنية، ارتبط فيها مدفع رمضان بعلي حمود، وهو الشخص الذي كان يطلق صوت المدفع إيذانًا ببدء رفع الأذان، ومن هنا ارتبط الإنسان في هذه المدينة بمتلازمة (دفع دفع يا علي حمود...)، راجين من علي حمود إطلاق صوت المدفع للإفطار، وهكذا ظلت الأجيال تردد هذه المقولة حتى يومنا هذا.
لكن مع بَدء طبول الحرب في العام 2015، توقف مدفع رمضان، وعلت أصوات المدافع والقاذفات والصواريخ والقنابل، وفق حديث رشاد، إذ لم يعد لمدفع رمضان سوى مقولة "دفع دفع يا علي حمود"، دون سماع صوت المدفع الرمضاني.
بقاء الأهازيج
خلال الحرب اليمنية التي عصفت بالبلاد، وكان لمدينة تعز نصيبها الكبير في هذه الحرب، توقف مدفع علي حمود لوجود مدافع لا تقبل سوى الدم، غير أن الأهازيج التي يردّدها الأطفال لا تزال باقية، رغم وفاة من ارتبط المدفع باسمه قبل عقود.
حتى الأجيال الجديدة الذين وُلِدوا في زمن الحرب وما قبلها لا يعرفون شيئًا عن مدفع رمضان وعلي حمود غير المقولة التي يردّدونها أيضًا، رغم أن الأصوات التي يسمعونها منذ ما يزيد عن ست سنوات هي أصوات مدافع الحرب.
مدفع علي حمود ظل لسنوات طويلة ينبه ساكني مدينة تعز بأوقات الإمساك والفطور، غير أن مدافع المتحاربين أوقفت هذا المدفع الصديق، ويعد أهم أسباب توقفه منع الجهات المحلية التابعة للحكومة المعترف بها دوليًّا في تعز القائمين عليه من استخدامه خوف ردة فعل القوات التابعة لجماعة أنصار الله (الحوثيين) المتمركزة في منطقة الحوبان شرق المحافظة، بالذات، والمدفع يقع في حي سكني بقرية الكريفة أعلى مدينة تعز.