أراضٍ زراعية مطمورة في ريمة

تغيرات مناخية تهدد إنتاج المحاصيل
حاشد الشبلي
June 27, 2024

أراضٍ زراعية مطمورة في ريمة

تغيرات مناخية تهدد إنتاج المحاصيل
حاشد الشبلي
June 27, 2024
.

تشهد محافظة ريمة (غربي اليمن) موجات متقلبة من التغيرات المناخية، خاصة في ظل عدم الاستعداد للتعامل معها قبل مواسم هطول الأمطار؛ ما تسبّب في طمر أجزاء واسعة من الأراضي الزراعية، إضافة إلى تأثر ناتج المحصول الزراعي بفعل تغير مواعيد وضع البذرة والحصاد.

كما يؤدّي ذلك أيضًا إلى حرمان الكثير من المزارعين الاستفادةَ من عوائد الزراعة، كالأعلاف والحبوب؛ ما ينذر بأزمة غذائية مستقبلية تمس الإنسان والحيوان، بحسب خبراء وباحثين زراعيين.

تعتبر محافظة ريمة (غربي اليمن)، واحدة من المحافظات اليمنية التي تشهد أزمة مناخية قاسية، ووفقًا لمنظمة الهجرة العالمية، فقد انخفضت المساحات المزروعة وتوقفت زراعة بعض الحبوب؛ بسبب ارتفاع أسعار الوقود، وظروف الجفاف الصعبة.

المهندس الزراعي، منصور الجهمي، قال لـ"خيوط"، إنّ التغيرات المناخية ترتبط ارتباطًا وثيقًا بزيادة أعداد الجراد وديدان النباتات، وهذه الظواهر الجوية السيئة تخلق ظروفًا مناسبة لتكاثر الآفات وانعدام الأمن الزراعي والغذائي، بالإضافة إلى أنّ الظواهر الجوية مثل الفيضانات والأعاصير، أصبحت تحدث الآن بشكل متكرر، ممّا يتسبّب في أضرار واسعة النطاق للبنية التحتية في اليمن، وتعطيل الخدمات الأساسية، وتشريد سكان المجتمعات المحلية.

ويهدّد التغير المناخي استقرار الأمن الغذائي في اليمن، إذ تدفع آثاره ومخاطره وانعكاساتها -بحسب منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو)- ثلثي سكان البلد نحو الجوع وانعدام الأمن الغذائي، خاصة مع اعتماد ثلاثة من كل أربعة يمنيين على الزراعة والثروة الحيوانية من أجل بقائهم على قيد الحياة.

كرات الثلج تغمر المدرجات الزراعية -ريمة

تكاليف عالية ومساعدات منعدمة

المزارع نسيم الشرف (33 عامًا)، المنحدر من عزلة الجباهي بمديرية السلفية- محافظة ريمة (غربي اليمن)، واحد من المزارعين الذين تسبّبت السيول كما يظهر في الفيديو ، في طمر أجزاء واسعة من أراضيهم الزراعية. يقول: "زادت نسبة الأمطار خلال السنوات الأخيرة، في أوقات متغيرة وغير معتادة لهطول الأمطار، صاحَبها زيادة نسبة السيول، خاصة في فصل الصيف، ما تسبّب في طمر أجزاء واسعة من الأراضي الزراعية، وهذا جعلني أفقد أكثر من 40% من إجمالي الأرض الزراعية خلال الأربع السنوات السابقة، ما زاد من اعتمادي على شراء الحبوب وأعلاف المواشي من الأسواق، وبأسعار مرتفعة جدًّا".

خلال الفترات الماضية، صاحَب هطول الأمطار تساقطٌ لكرات الثلج (البَرَد)، ما تسبب في ضعف سنبلة الزراعة، وأفقدها القدرة على مقاومة الرياح والجفاف، اللذين تعرضت لهما بعد الأمطار البردية.

على الصعيد ذاته، يواجه اليمن تحديات بيئية مختلفة، أهمّها التغير المناخي الذي سيكون له تأثير قاسٍ جدًّا على المنطقة؛ كونها تعاني من المناخ الجاف، وندرة مصادر المياه، وفقًا لتقرير منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة "الفاو".

يضيف التقرير: "يؤثر تغيُّر المناخ بشكلٍ مباشر وغير مباشر على الإنتاج الزراعي؛ بسبب تغيُّر أنماط تساقط الأمطار، والجفاف، والسيول، وإعادة التوزع الجغرافي للآفات والأمراض، ومن ثمّ يتعذر القضاء على الجوع، بصفته جزءًا من التنمية المستدامة، من دون التصدِّي لتغيُّر المناخ" .

ويشكو "الشرف" من انعدام المساعدات اللازمة من مكتب الزراعة في المحافظة، لدعم المزارعين المتضررين من التغيرات المناخية التي تشهدها المحافظة، خاصة مع ارتفاع أسعار إيجار الآلات المتخصصة في رفع مخلفات السيول وإصلاح الأراضي الزراعية، حيث يقول لـ"خيوط": "عندما حاولت استئجار حراثة (دركتل) لرفع مخلفات السيول واستصلاح الأراضي المطمورة بفعل السيول، كانت الأسعار مرتفعة جدًّا؛ إذ تصل الساعة الواحدة لعمل الحراثة إلى (30.000 ﷼) -ما يعادل (57 دولارًا)- ما جعلني عاجزًا عن استكمال استصلاح الأراضي المطمورة، في ظل ارتفاع أسعار إيجار آلات رفع مخلفات السيول، بالإضافة إلى أسعار الأسمدة الزراعية التي تعمل على تحسين التربة بعد تعرضها للطمر بفعل السيول.

أمطار برَديّة، وأخطار بيئية

لا يحظى المزارعون في محافظة ريمة بأيّ اهتمام من الجهات الحكومية المسؤولة عن حماية البيئة، فضلًا عن عدم وجود خطة حكومية استباقية لمواجهة التغيرات المناخية التي تشكّل تهديدًا خطيرًا على مستقبل اليمن، حسب خبراء ومختصين.

ويتفاقم تأثير التغيرات المناخية بدرجة كبيرة على المجتمعات، التي تعاني من طول أمد الصراع، خاصة مع ضعف الإمكانيات التي تساعد في مواجهة الأزمة المناخية، ما يدفع بالمجتمع اليمني إلى نقطة الانهيار، خاصة بعد أن احتلت اليمن المرتبة الثانية من أصل 116 دولة من حيث انعدام الأمن الغذائي، وفق مؤشر الجوع العالمي لعام 2021، وتحتل المرتبة الـ22 بين الدول الأكثر ضعفًا، والمرتبة الـ12 للدول الأقل استعدادًا لمواجهة التغيرات المناخية، على الرغم من كونه أحد أقل البلدان المساهمة في انبعاثات "الغازات الدفيئة" المسؤولة عن تغير المناخ.

مناطق مغمورة بكرات الثلج والأمطار الغزيرة-ريمة

المزارع نسيم علي، هو الآخر من سكان محافظة ريمة، تأثر بالمتغيرات المناخية، خاصة بالأمطار المصحوبة بالبَرَد (عبارة عن كرات ثلجية صغيرة الحجم، تصاحب سقوط الأمطار في بعض الأحيان)، حيث يقول لـ"خيوط": "خلال الفترات الماضية، صاحَب نزول الأمطار تساقطٌ لكرات الثلج (البَرَد)، ما تسبب في ضعف سنبلة الزراعة، وأفقدها القدرة على مقاومة الرياح والجفاف اللذين تعرضت لهما بعد الأمطار البرَدية".

أستاذ الزراعة بجامعة صنعاء، محمد العمودي، يشدّد في حديثه لـ"خيوط"، على أهمية دعم المزارعين، من خلال توفير الآلات المتخصصة في رفع مخلفات السيول، والأسمدة التي تعالج الأرض الزراعية بعد تعرضها للسيول، إضافة إلى حملات التوعية لمساعدتهم على كيفية التعامل مع تأثيرات التغيرات المناخية التي تطال مواسم الزراعة والأمطار.

ويبدو اليمن غير قادر على مواجهة آثار ومخاطر التغيرات المناخية منفردًا، إذ تهدّده أكثر من استمرار الحرب ذاتها، ما يجعل مشكلة كهذه أكثر تعقيدًا؛ فوفقًا لتقديرات البلاغ الوطني الأول، يُتوقَّع أن يتغير المناخ بصورة ملحوظة خلال الفترة الممتدة إلى حدود عام 2050، ويُقدَّر أن تزيد درجات الحرارة خلال هذه الفترة من 1.4 إلى 2.8 درجة مئوية، وأن ينخفض معدل هطول الأمطار بنسبة 24% في حدٍّ أدنى أو زيادتها بنسبة 50% في حدٍّ أعلى.

في حين يرى العمودي، أن تجاوب اليمن مع التغيرات المناخية وحماية الأمن الغذائي، يتطلب تطوير استراتيجيات مستدامة للتكيف مع هذه التغيرات، يتمثل ذلك في تحسين إدارة الموارد المائية، وتعزيز الزراعة المستدامة، واستخدام التقنيات الزراعية المبتكرة وتشجيع التنوع البيولوجي وإيجاد حلولٍ لتقليل الجفاف، والاستفادة الأمثل من الموارد المتاحة.

•••
حاشد الشبلي

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English