تعيش اليمن على وقع صدمة الجريمة المروعة التي حدثت صباح الثلاثاء 19 مارس/ آذار، في منطقة رداع التابعة لمحافظة البيضاء وسط البلاد، حيث يخيم حزنٌ واسع يعم اليمنيين في مختلف المدن والمناطق، خصوصًا أنّ هذه الجريمة حدثت في مثل هذه الأيام من شهر رمضان، الذي يتميز بخصوصية دينية كونه شهرًا فضيلًا للعبادة والتسامح والتراحم الاجتماعي والإنساني.
وصحا اليمنيّون يوم الثلاثاء، على جريمة مروعة شهدتها مدينة رداع، راح ضحيتها نحو 15 مدنيًّا، معظمهم من النساء والأطفال، وجُرح ما يقارب 30 آخرين؛ وذلك بعد إقدام قوات أمنية تابعة لسلطة جماعة أنصار الله (الحوثيين) بتفخيخ أحد منازل المدينة، بعبوّات شديدة الانفجار.
وعبّرت منظمات حقوقية، ومواطنون وناشطون وحقوقيّون وفاعلون في الشأن العام، عن صدمتهم الشديدة لما حدث، حيث يتطلب الأمر -بحسب منظمات حقوقية- سرعة محاسبة المتورطين في هذه الجريمة المروعة.
وقالت منظمة مواطنة لحقوق الإنسان، في هذا الخصوص، إنّ استمرار الانتهاكات المروعة التي تطال المدنيين، إحدى النتائج الكارثية لغياب المساءلة والإفلات من العقاب وجبر ضرر الضحايا، عن كافة الانتهاكات التي ارتُكِبت على امتداد السنوات الماضية.
تتوالى الانتقادات الصادمة التي تستهجن ما حدث في رداع، من قوات أمنية تابعة لسلطة أنصار الله (الحوثيين) في صنعاء، على بشاعة هذه الجريمة التي هزّت اليمنيّين وأصابتهم بحزن عميق مع وصول الأمر إلى القيام بتفجير منازل المواطنين بطريقة هستيرية ووحشية من قوات أمنية مفترض أن تكون مهمتها فرض الأمن والاستقرار وحماية المواطنين ورد المظالم عنهم.
الطريقة الوحيدة لوضع حدٍّ لتكرار هذه الانتهاكات المروعة، وفق منظمة مواطنة، يتطلب إنهاء سياسة الإفلات من العقاب، كونها أولوية مُلِحّة لا تحتمل أي تأجيل، وطالبت مواطنة بمحاسبة جميع المتورطين في تلك الجريمة المروعة والمسؤولين عنها، وجبر ضرر الضحايا، وعلاج الجرحى والمصابين.
الدعوة للتحقيق الفوري
طالبت مواطنة لحقوق الإنسان، النائبَ العام في صنعاء، بفتح تحقيق جنائي فوري، في مقتل 15 مدنيًّا، معظمهم من النساء والأطفال، وجرح ما يقارب 30 آخرين، بينهم نساء وأطفال، في مدينة رداع بمحافظة البيضاء، إثر إقدام قوات أمنية تابعة لسلطة جماعة أنصار الله (الحوثيين)، بتفخيخ أحد منازل المدينة، بعبوّات شديدة الانفجار، وتفجيره، عند الساعة السابعة من صباح الثلاثاء، الموافق 19 مارس/ آذار 2024.
إذ تسبّب ذلك بتدمير المنزل، وتدمير 6 منازل مجاورة، على رؤوس ساكنيها، بالإضافة إلى الأضرار الواسعة التي طالت عددًا من المنازل الأخرى.
في السياق، وجّه النائب العام في صنعاء، نيابةَ استئناف البيضاء، بمباشرة التحقيق في هذه الواقعة، وضبط الجناة المتورطين في هذه القضية والتصرف فيها وفقًا للقانون، واتخاذ الإجراءات اللازمة حيال أي مخالفات أو تجاوزات من قبل أجهزة الأمن، مشدّدًا -كما ورد في التوجيه، الذي اطلعت عليه "خيوط"- على أنّ النيابة العامة لن تتهاون في القيام بدورها في حماية المجتمع والدفاع عن الحقوق والحريات.
بالمقابل، أقرّت جماعة الحوثي بمسؤوليتها، حيث اعتبر متحدثٌ باسم وزارة الداخلية أنّ الحادثة التي وقعت في مديرية رداع بمحافظة البيضاء، حصلت نتيجة ما قال إنه خطأ من بعض رجال الأمن أثناء تنفيذ حملة أمنية، مشيرًا إلى أنه أثناء قيام رجال الأمن بملاحقة المخربين، قام بعضُ الأفراد في ردّة فعل غير مسؤولة، باستخدام القوة بشكل مفرط وغير قانوني بدون العودة وأخذ التوجيهات من القيادة الأمنية أو عِلم وزارة الداخلية.
وأكّدت وزارة الداخلية التابعة لسلطة أنصار الله (الحوثيين) في صنعاء، أنها قامت بتشكيل لجان ميدانية مستعجلة للتحقيق في تفاصيل الحادثة التي حصلت في مديرية رداع، كما وجّهت بضبط الجناة المتورطين في الحادثة وإحالتهم للعدالة.
وتتوالى الانتقادات الصادمة التي تستهجن ما حدث في رداع، من قوات أمنية تابعة لسلطة أنصار الله (الحوثيين) في صنعاء، على بشاعة هذه الجريمة التي هزّت اليمنيين، وأصابتهم بحزن عميق مع وصول الأمر إلى القيام بتفجير منازل المواطنين بطريقة هستيرية ووحشية لا يمكن تبريرها بالنظر إلى أنّ من أقدم على هذه الجريمة قيادات وقوات أمنية، يفترض أن تكون مهمتها فرض الأمن والاستقرار وحماية المواطنين وردّ المظالم عنهم.
وعبّر مواطنون وشخصيات اجتماعية في مدينة رداع، عن صدمتهم الشديدة، وعدم استيعابهم ما حدث من جريمة وحشية طالت منازل مواطنين أبرياء، دُمِّرَت منازلهم فوق رؤوس سكانها.
إجماع على وحشية الجريمة
إلى ذلك، كتب مصطفى النعمان في حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "إكس": "مرعب وقبيح ما تفعله جماعة أنصار الله الحوثية عقابًا لمواطن اختلف معهم أو خالف تعليماتهم، ففجّروا منزله ظلمًا وعدوانًا في هذا الشهر، أيًّا كانت التهمة التي يوجّهونها إليه! كيف يمكن تصور إمكانية السلام والوئام معها؟ وكيف سيتجاوز الضحايا أفعالها؟ ومن أجل ماذا؟".
وأضاف: "كل يوم أزدادُ قناعةً بأن هذا البلد لن يعود إليه السلم الاجتماعي ما لم تفهم "الجماعة" أنّها ليست إلا جزءًا صغيرًا جدًّا من المجتمع، وبأفعالها المقيتة البشعة تضاعف من مخزون الأحقاد عليها وعلى كل من انتصر لها وانتمى اليها!".
من جانبه، قال الكاتب الصحفي فتحي بن لزرق، في منشور على منصة "إكس": "إنّ ما حدث من تفجير للمساكن فوق رؤوس ساكنيها في رداع، مثالٌ بسيط على مدى هذه الوحشية"، في حين ردّ عليه القيادي في الجماعة ورئيس لجنة شؤون الأسرى التابعة للحوثيين، عبدالقادر المرتضى، بالقول: "ما حصل في رداع جريمة مستنكرة لا يقبل بها أحد، ولن ندافع عن مرتكبيها، ولن يجدوا من يحميهم، وسينالون جزاءَهم الرادع والمستحق حتى وهم من رجال الأمن وفي مهمة ملاحقة مجرمين قاموا بقتل عنصرين من رجال الأمن، وسيتم تعويض المجني عليهم".
مقتل هذا العدد الكبير من المواطنين، بمن فيهم نساء وأطفال، وبهذه الطريقة، وفي مثل هذا التوقيت بالذات، مؤشرٌ خطير على وجود الكثير من المظالم التي يجب على أنصار الله التحرك العجل لحلها.
قيادات في جماعة أنصار الله (الحوثيين)، عبّروا عن صدمتهم واستهجانهم بما حدث في رداع من جريمة مروعة هزت اليمن وصدمت سكانها في معظم المحافظات، إذ وصف القيادي عبدالملك العجري ما حدث في رداع بأنّه جريمة مروعة ومؤلمة بكل ما تعنيه الكلمة، "لا نرضاها ونبرأ إلى الله منها"؛ وفق قوله، مطالبًا بسرعة محاسبة المسؤولين عنها، وإنزال أقسى العقوبات بحقهم.
وفق العجري، فإن تفجير البيوت جريمة مخالِفة للقانون وللقرارات الصادرة عن وزارة الداخلية، مضيفًا: "وثقتنا كبيرة في عدالة القيادة أنها ستضع حدًّا لكل المستهترين".
في حين قال القيادي في جماعة الحوثي ومحافظ ذمار التابعة لسلطتهم، محمد البخيتي: "صحيح أنّ مرتكبي جريمة رداع هم من يتحمل مسؤوليتها، ولكن تسبُّبها في مقتل هذا العدد الكبير من المواطنين، بمن فيهم نساء وأطفال، وبهذه الطريقة وفي مثل هذا التوقيت بالذات، مؤشر خطير على وجود الكثير من المظالم التي يجب على أنصار الله التحرك العاجل لحلها".
في السياق، يرى البرلماني في صنعاء، أحمد سيف حاشد، أنّ التعاطي مع ما حدث في رداع، بعيدًا عن الأبعاد الحقيقية للقضية أو الظاهرة التي تشمل ما وقع ويقع تحت سلطة صنعاء، أو التعاطي معها بعيدًا عن قضية غياب الدولة والدستور والقوانين والقضاء العادل، وبعيدًا عمّا هو موجود من اختلال واعتلال وفساد مريع لسلطة فاسدة وظالمة ومستبدة، لن يؤدّي إلا إلى نهاية محتومة لهذه السلطة وزوالها الأكيد، مضيفًا في منشور له على موقع التواصل الاجتماعي "إكس"، أنّ ما هو متاح اليوم من إصلاح قد يكون غير متاح في الغد، ويذهب الحل بعد وقت لن يطول، إلى اجتثاث تلك السلطة من جذورها.
إجمالًا، ليس هناك سبب للحكم على اليمنيين للعيش بهذا الوضع القاتم المحفوف بالخوف والرعب والفاقة، وبحياة الحرب والفقر والقمع، وتدمير المنازل وقطع الطرقات ونهب ما تبقّى من سبل العيش في ظلّ ظروف وأوضاع اقتصادية ومعيشية متردية.