تستعد محافظة إب (وسط اليمن) لاستقبال عيد الفطر كل عام، بطقوسٍ دينية وعادتٍ اجتماعية تتميز بها عن باقي المحافظات اليمنية، إلا أن الظروف المعيشية الصعبة التي يعاني منها اليمنيون، تقف عائقًا أمام اكتمال فرحة المواطنين بالعيد. ومن جملة ذلك، ارتفاع أسعار الملابس و"جعالة العيد" هذا الموسم بشكلٍ كبير مقارنة مع السنوات السابقة.
طقوس عيدية
قبل عيد الفطر بعشرة أيام، يستعد أبناء محافظة إب لاستقباله من خلال التجهيزات التي يقومون بها، وتختلف تلك التجهيزات من منطقة إلى أخرى، حيث يذهب كثيرٌ منهم إلى الأسواق لشراء الملابس "وجعالة العيد"، حتى آخر أيام شهر رمضان.
في صباح يوم العيد، يَفِدُ الناسُ من كل صوبٍ لأداء صلاة العيد؛ كلُّ منطقةٍ لها مكانٌ محدد لأداء الصلاة، وفي العادة يكون ساحةً مفتوحة تتوسط القرية أو السوق، أو مساجد كبيرة. وعلى الأغلب قد لا يختلف الأمر كثيرًا في المناطق الأخرى سوى في بعض التفاصيل البسيطة.
يذكر ماجد الجماعي، وهو من أبناء مديرية الفقر لـ"خيوط"، بعضًا من تلك التفاصيل العيدية التي تتميز بها منطقته، قائلًا: "يبدأ الناس بالاستعداد للعيد منذ بداية العشر الأواخر لشهر رمضان؛ يبدؤون بشراء الملابس الجديدة وجعالة العيد، وفي ليلة العيد يقوم الأطفال بجمع الحطب على هيئة أكوام وإشعالها، فيما تنشغل النساء بتهيئة بعض المأكولات العيدية التي ستقدم صباح العيد للعائلة والضيوف، ويتكون فطور العيد، في العادة، من فتة اللبن والسمن أو العسل، ثم تشرع النساء في تجهيز البيوت بعد أن يتزينَّ بالكسوة الجديدة والنقش أو الحناء" .
على نحوٍ قريبٍ من هذا، تأخذ هذه العادات شكلًا مشابهًا في مديرية بعدان. عبدالسلام شمسان، وهو من المنطقة ذاتها، أفاد لـ"خيوط"، أنه في الأيام الأخيرة من شهر رمضان، يبدأ الأطفال بإطلاق الألعاب النارية، ابتهاجًا بقدوم العيد، كما يبدأ الجميع في تبادل التهاني. وعادةً، يمتنع الرجال عن تناول القات ليلة العيد، تجنبًا للسهر وعدم القدرة على الاستيقاظ باكرًا لأداء صلاة العيد.
"بعد خروج الناس إلى مصلَّى العيد، وانفضاضهم بعد أدائها، يتجهون إلى صلة أرحامهم، ويرفضون تناول الغداء في أي مكانٍ عدا منازلهم فقط"، يستطرد.
أما الطقوس الأخرى، فتختلف من منطقة إلى أخرى في محافظة إب، حيث جرت العادة في بعض المناطق، أداء رقصة "البرع" بعد صلاة العيد، على إيقاع الطبول (الطاسة)، والمزمار.
طقوسٌ أخرى ما تزال مستمرة في محافظة إب، رغم أن ظروف الحرب، وانقطاع مرتبات الموظفين، جعلت كثيرًا من الأسر تكتفي بكون العيد "عيد العافية"، كما يقول أمين القادري، الذي يعمل مدرِّسًا، لـ"خيوط". ملامح تلك الظروف المعيشية انعكست على تراجع الحركة الشرائية في الأسواق عن المعتاد، خلافًا عن الأعوام السابقة.
"عيد العافية"
تشهد الأسواق بمدينة إب ارتفاعًا قياسيًّا في الأسعار على نحوٍ يَفُوْق الأعوام السابقة، بحسب السكان المحليين، الأمر الذي أجبر كثيرًا من المواطنين في ريف محافظة إب على العزوف عن التسوق، كما هو الحال مع بشير العفيف، الذي قال لـ"خيوط" إن آخر مرة زار فيها مدينة إب بغرض التسوق، كانت في يناير/ كانون الثاني الماضي، بسبب ما يصفه بـ"الارتفاع الجنوني في الأسعار".
يُرْجِع العفيف ذلك "الارتفاع الفاحش" في الأسعار، إلى ما يصفه بـ"جشع التجار"، وعدم وجود رقابة رسمية على الأسعار، إلى جانب الجبايات التي تُفرض على التجار تحت مسميات عديدة، الأمر الذي يدفع التجار إلى زيادة قيمة السلع التي تُباع على المواطن البسيط.
"الحركة الشرائية في الأسواق تشهد تراجعًا منذ توقف مرتبات الموظفين، ومؤخرًا صار التدهور بشكلٍ أكبر بكثير من السابق، وأصبح الإقبال على الأسواق مقصورًا على فئات معينة من الناس، كالتجار والمغتربين ممن لم تؤثر الحرب على أوضاعهم، واقتصر الأمر على شراء الحاجات الضرورية فقط، لأن الأسعار فاقت كل الحدود"، وفقًا للمواطن شاهر ثابت لـ"خيوط".
في ظل الأوضاع الصعبة وشحة مصادر الكسب، يقول ثابت إن العيد "أصبح أشبه بكابوس يداهم المواطن"، نظرًا لما تستدعيه المناسبة من نفقات ومشتريات أصبح كثيرٌ منها أشياء ثانوية بالنسبة للبعض، "إذا تخليتَ عن توفير احتياجاتك المهمة، فإن طفلك لن يتخلى عن حقه، لذلك يحاول كثيرون أن يتجنبوا هذه المأساة؛ يُجهِدون أنفسهم في مشقة حتى لا يحرموا أطفالهم من أدنى مظاهر البهجة والسرور في هذه المناسبة"، يستدرك.