تعد صناعة الفخار من أهم المهن الحرفية الواعدة التي برع فيها اليمنيون منذ القدم وتوارثوها عبر الأجيال مع بروز منتجاتها المعتمدة على الطين واستحواذها على اهتمامات اليمنيين الذين كانوا لا يستطيعون الاستغناء عن الأواني الفخارية المستخدمة بكثرة في مختلف استعمالاتهم اليومية في الزينة والأكل والشرب.
ويبلغ عدد المنشآت العاملة في مجال صناعة الفخار التي تعد من الصناعات التقليدية في اليمن نحو 107 منشآت في صنعاء وذمار وإب والحديدة، بحسب تقرير صادر عن هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية اطلعت عليه "خيوط".
البداية
بدأت صناعة الفخار منذ أن بدأ الإنسان يحتاج للأواني. والبدايات الأولى لصناعة الفخار في اليمن ترجع إلى حوالي 2600. بحسب اكتشافات البعثة الإيطالية في المرتفعات الوسطى بقيادة دميغريه ، وكذا الحفريات التي قام بها الباحث عبده عثمان غالب في سنة 1993، أثناء رئاسته لقسم الآثار بجامعة صنعاء. إذ عثر على فخار سمج خشن الملمس من النوع البسيط جدا في صناعته.
تمر صناعة الفخار بعدة خطوات للوصول إلى تلك الأشكال المزينة، مع بذل الكثير من الجهد وإنفاق الأموال على المواد اللازمة لصناعتها، إذ يتطلب الأمر اختيار التربة بعناية فائقة قبل تجميعها ونقلها إلى المعمل
أما في المناطق السهلية من اليمن وتحديداً في سهل تهامة فقد ظل الأمر مجهولا لعدم قيام أعمال تنقيب أثري منتظم بشكل علمي، وفي الأعوام 1996، 1997، قامت البعثة الكندية التابعة لمتحف اونتاريو الملكي بأعمال تنقيبات في سهل تهامة بقيادة (إدوارد كيل) وتحديداً في قرية الميتنة تضمنت تحريات في تل الكتف الأحمر الكبير الذي أرخ إلى الفترة الزيادية (دولة بني زياد) بمعنى الحقبة الإسلامية.
ويستخدم الفخار المصنوع في أغراض عملية إلى حد كبير فهو يشمل أواني ذات ملمس ناعم لحفظ المياه وأواني للطبخ وأكواباً. ومن أهم الأماكن والمواقع التي تشتهر بصناعة الفخار في اليمن نجد منطقة تهامة كحيس وزبيد والجراحي وبيت الفقيه تليها عتمة ووصابين وريمه ومنطقة الحجرية والعديد من مناطق صنعاء وحضرموت وغيرها حيث حافظت هذه المناطق على صناعة الفخار بأنماطها التقليدية وألوانها المتعددة والزاهية.
موطن تاريخي
لا تكاد تُذكر صناعة الفخار في اليمن إلا مقرونة مع مدينة "حيس" التاريخية، الواقعة على بعد (150) كيلو متر جنوب مدينة الحديدة، بل إن جميع منتجات هذا النوع من الصناعة التقليدية يطلق عليها "الحَيَاسي" ومفردها "حيسي"، خاصة للأواني الفخارية المستخدمة في الشرب. هي تسمية معروفة في جميع أنحاء اليمن، نسبة إلى مدينة "حَيْس" العتيقة، التي يعود تاريخ إنشائها إلى العصر الحميري القديم، وتحمل اسم أحد أبرز القادة الحميريين وهو "الحيس بن ذو رُعين الحميريّ"، بحسب الباحث والمؤرخ عبد الجبار باجل، في حديثه لـ"خيوط".
تمر صناعة الفخار بعدة خطوات للوصول إلى تلك الأشكال المزينة، مع بذل الكثير من الجهد وإنفاق الأموال على المواد اللازمة لصناعتها، إذ يتطلب الأمر اختيار التربة بعناية فائقة قبل تجميعها ونقلها إلى المعمل.
يتم تصفيتها وغربلة تلك التربة، لتصبح ناعمة ومناسبة للاستخدام. ثم يتم رشّ التربة بالماء وتخمير الطين جيّدًا من خلال عجنه بواسطة عجّانات خاصة، وبالدّوس عليه بالأقدام، وهي الخطوة الأخيرة قبل القيام بعملية تقطيع الطين، وَفقًا للأشكال المطلوبة من أواني الطبخ أو "التناوير" (أفران منزلية صغيرة من الفخّار لإعداد رغيف الخبز). كما يصنع من الطين الجاهز للتصنيع، أواني وأدوات منزلية متعددة الاستخدام، ثم يتم وضعها في أفران تقليدية، توقد بالحطب قبل الوصول إلى المنتج في صورته النهائية.