إنها أزمة الرأسمالية الإمبريالية في طورها العولمي (النيوليبرالي) الوحشي، هي بداية أزمة عميقة للانهيار التدريجي لمنظومة قيم الحضارة الغربية في عمقها الاستعماري الجديد، حيث البنية الأيديولوجية والاقتصادية والمالية (الدولار)، تواجه تحديات عاصفة على المستوى العالمي كله، فهي اليوم، بنيةً ومنظومةً، تعاند حركة التاريخ، بل وإرادة شعوب العالم في التغيير، لميلاد عالم سياسي واقتصادي عالميٍّ جديد، عالم متنوع متعدد القطبية، وهي اليوم ضرورة تاريخية عالمية، وليست رغبة سياسية عند هذا الطرف السياسي العالمي أو الآخر؛ تطورات وتحولات كونية عاصفة من الصعب إيقافها بتوسيع دائرة الحروب في العالم من أوكرانيا، إلى أفريقيا، إلى فلسطين، في صورة ما يجري من عدوان بربري استعماري صهيوني أمريكي أوروبي، ليس على بلد، بل على رقعة صغيرة مكتظة بالسكان ومحتلة، وتقاوم بأدوات عسكرية بسيطة أمام خامس جيش في العالم، ومدعوم من كل العالم الاستعماري الجديد.
لا أتصور أنّ ذلك التحشيد بالأساطيل والبوارج والفرق العسكرية الأمريكية مقصود به مشاركة للكيان الصهيوني في سحق وتدمير غزة المحاصرة منذ سبعة عشر عامًا.
قطعًا، غزة هي أحد الأهداف السياسية الاستراتيجية على طريق تصفية القضية الفلسطينية، وفرض رؤية وشروط الكيان الصهيوني حول مضمون الدولة المطلوب إقامتها على أرض فلسطين المحتلة، بحيث تبقى دويلة "حكم ذاتي"، محاصرة من جميع الجهات، وبدون سيادة ولا حدود ثابتة، ولا جيش، ولا استقلال وطني حقيقي، بل وحتى العلَم الفلسطيني يرفضون رفعه، وهذا ما يحاول الكيان الصهيوني فرضه وتطبيقه على شعب فلسطين المحتلة، وهو الخيار الذي تنامى وكبر وتعملق بعد عقد صفقة تسوية أوسلو البائسة 1993، بقيام كيان فلسطيني هزيل، يحركه ويتحكم به الاحتلال، لا هو دولة ولا هو مقاومة، بل ولا هو "سلطة حكم ذاتي"، حيث نجد أنفسنا أمام شبه دويلة فلسطينية يأخذ رئيسها أمر تحركه وانتقاله من منطقة إلى أخرى، من الأجهزة الأمنية الصهيونية، وهي المعادلة الراسخة اليوم في العقل السياسي الصهيوني والأمريكي، والتي بدأت –للأسف– تترسخ أكثر في العقل السياسي الأوروبي، وخاصة بعد صعود اليمين الصهيوني المسيحي في صورته الاستعمارية، حيث أوروبا الرسمية لم تعد هي أوروبا "ديجول" و"شيراك"، و"أنجيلا ميركل" واليسار الديمقراطي الاشتراكي، بل يمين صهيوني مسيحي استعماري، بدأه ساركوزي، ويواصله ماكرون، وهو ما يفسر الوحدة السياسية والعسكرية بين الكيان الصهيوني وأمريكا وأوروبا الذين لم يقبلوا في قمة مصر حتى بوقف الحرب ضد الفلسطينيين لدواعٍ إنسانية، معلنين ذلك الرفض بخطاب سياسي واحد وواضح فيه كل جلافة وصلافة المستعمر القديم، وكأننا أمام عودة جديدة للاستعمار في صيغة معاصرة.
إنّ التحشيدات العسكرية والأمنية الأمريكية في منطقتنا وعلى حدود غزة، وفي السواحل العالمية القريبة منا، لها أهدافها الاستراتيجية الاستعمارية الجديدة بعد أن بدأت أمريكا، وبعض دول أوروبا (فرنسا وغيرها)، تفقد مواقع عديدة لها في مناطق مختلفة من العالم. هي تحشيدات عسكرية أمريكية تفوق ما حشدته أمريكا لدعم الكيان الصهيوني في حرب أكتوبر 1973م، بل إن بعض المحللين العسكريين يرون أنها أكبر وأكثر من تحشيداتها لعاصفة الصحراء، فأساطيلها وبوارجها تحمل ١٦٠ طائرة حربية، هي تحشيدات تفوق الاحتياجات الصهيونية. والأهم أن الدعم الأمريكي للكيان في كل الحروب السابقة، اقتصر على الدعم العسكري والمالي واللوجستي، أما اليوم فإن أمريكا تشارك بالفعل في الحرب ضد الفلسطينيين، وتطالب الآخرين بألّا يتدخلوا في الحرب؛ منطق استعماري جديد، يعكس روح وحالة الغطرسة، والخوف معًا.
إنّ القضية، كما سبق أن ألمحنا، هي أكبر من "غزة"؛ هي مواجهة ذات طابع استراتيجي دولي، لإعادة صياغة خارطة المنطقة والعالم، جيوسياسيًّا، وعسكريًّا، واقتصاديًّا، خاصة بعد صعود القوة العسكرية الروسية المستقلة، والقوة الاقتصادية والعسكرية الصينية، والتحولات السياسية والعسكرية في أفريقيا المنادية بالاستقلال عن الغرب الاستعماري الفرنسي، حماية لثرواتهم ومصالحهم الاقتصادية، إلى جانب صعود تشكيلات سياسية واقتصادية إقليمية دولية، تنادي بالاستقلال عن هيمنة "الدولار" وعن السياسية الاقتصادية الاستعمارية الغربية، "بريكس"، و"شنغهاي"، و"الاتحاد الأفريقي"، والتي بدأ صوتها يرتفع وتحركاتها تشي بالضرورة العالمية لميلاد نظام سياسي اقتصادي متعدّد الأقطاب، فضلًا عن الأزمة الأوكرانية، والأزمة الأمريكية الداخلية الانتخابية لـ"بايدن"، في مواجهة ترامب، بعد أن بدأت القبضة الأمريكية السياسية والأمنية والعسكرية الأمريكية تضعف في مواقع عديدة: العراق، أفغانستان، بل وحتى على بعض الحلفاء التقليديين.
لا أسوأ من الحرب العسكرية، والمجازر وحروب الإبادة الجماعية (العقاب الجماعي)، ضد الفلسطينيين، خارج القانون الدولي، والإنساني، سوى الحرب الإعلامية التي يشنّها الإعلام الصهيوني، والتي يردّد سرديتها (روايتها) بالحرف الإعلام الأمريكي والأوروبي العنصري ضد المقاومة الفلسطينية.
هي حروب تزييف للوعي، تقابلها الغارات الصاروخية العشوائية والمنظمة التي تستهدف من أحد جوانبها كي الوعي الفلسطيني، وتخويفه من اللجوء إلى المقاومة المسلحة في مواجهة المحتل، أو من محاولة احتضان الشعب الفلسطيني للمقاومة.
هي حرب مزدوجة عسكرية/ إعلامية شاملة لكل الأرض الفلسطينية المحتلة، وكلنا يتابع ما يجري في الضفة الغربية التي قتل فيها، فقط، من يوم السابع من أكتوبر 2023م قرابة (١٣٥ شهيدًا)، كما جرى اعتقال الآلاف من المدنيين العزل، فضلًا عن أكثر من أربعة آلاف من العمّال الفلسطينيين العاملين داخل الأراضي المحتلة.
ولم يتوقف الخطاب الأمريكي/ الأوروبي عن الإعلان عن دعمه السافر والمطلق للكيان الصهيوني، ومن أنه من حق الكيان الصهيوني الدفاع عن نفسه.
إنها إجازة أمريكية أوروبية لدولة الكيان الصهيوني باستمرار القتل في كل فلسطين من غزة إلى الضفة الغربية، وحتى بين سكان ١٩٤٨م، ما يعني أنّ المشكلة ليست في حماس، بل مع كل من يتبنى فكرة وقضية المقاومة المسلحة، وحتى غير المسلحة، للمحتل.
هناك ما يوحد بين أمريكا والكيان الصهيوني إلى هذه الدرجة من الرومانسية العسكرية، وفي أنهما معًا، دولتا عدوان واستيطان على أرض شعب آخر، كلاهما قدما من الخارج ومحكومان بالعقلية الاستيطانية الاستعمارية، ومن هنا عمق الصلة الوجدانية التي تجمعهما.
بدأت المجازر الوحشية بإعلان الإعلام الصهيوني لأكذوبة قطع رؤوس الأطفال الصهاينة المدنيين، وهذه كانت بداية الاستمرار في صناعة الكذب في الحرب الجارية، والتي بدأت مباشرة بعد اقتحام الفدائيين من حماس للمستوطنات والمستعمرات والمواقع العسكرية والأمنية والاستخبارية الصهيونية، والتي كانت فضيحة مدوية لمكانة وهيبة جيش الاحتلال الصهيوني، فكان هروبهم إلى صناعة الكذب حول قتل الأطفال واغتصاب النساء وقطع رأس (40) طفلًا؛ الأكذوبة التي بدأ بها المستوطن "ديفيد"؛ صهيوني مستوطن متطرف يدعو إلى قتل كل عربي وفلسطيني، ثم، وبترتيب وتنظيم سياسي مسبق وممنهج، رددته كبريات الصحف الغربية العالمية، والمنصات الإعلامية المختلفة، بعد أن تبنّى الرئيس الأمريكي بايدن هذه الكذبة، وتراجع عنها، ولكن بعد أن انتشرت واستقبلها أكثر من (27) مليونًا خلال يومين، إذ رأينا بعدها مسؤول الأمن القومي الأمريكي يبكي من على شاشات التلفزة على قطع رؤوس الأطفال الصهاينة، وبذلك كان يستدر عطف الناس، من خلال ترويج الأكذوبة وكأنها حقيقة واقعة، وهنا يتضح وحدة وتكامل الهجوم العسكري بالإعلامي.
أفهم وأتفهم التعاطف السياسي والوجداني الأمريكي مع الكيان الصهيوني؛ فهناك ما يوحد بينهما إلى هذه الدرجة من الرومانسية العسكرية، وفي أنهما معًا، دولتا عدوان واستيطان على أرض شعب آخر، كلاهما قدما من الخارج ومحكومان بالعقلية الاستيطانية الاستعمارية، ومن هنا عمق الصلة الوجدانية التي تجمعهما، ولذلك ستقرأ مفردات وكلمات مشحونة بالحميمية والألفة الخاصة في داخل بنية خطابهما بعضهما تجاه بعض، وهذه واحدة من خصوصيات العلاقة الوجدانية الاستعمارية التاريخية بين أمريكا والكيان الصهيوني. فقط ما يحيرني، ويحزنني، هو هذا الانقلاب السريع في السياسة الأوروبية التي صنعت تاريخيًّا العداء ضد اليهود (الصهيونية) وأوصلتهم إلى ما يسمى "المحرقة" (الهولوكست)؛ كيف تقمصت أوروبا الوجه الأمريكي "الأنجلو سكسوني" بكل هذه المحمولات الأيديولوجية التعصبية العنصرية؟
وكيف تنكرت فرنسا الديمقراطية، لتاريخ الثورة الفرنسية، ولـ"ديغول"، و"شيراك"، وغيرهما، لتستعيض بهما أبشع الوجوه الرأسمالية الإمبريالية؟ في تنكر واضح للتاريخ السياسي لفرنسا المعتدلة في نظرتها للقضايا العالمية –وكلنا يتذكر موقف فرنسا في إدانة غزو العراق– بما فيها القضية الفلسطينية. ليس في تقديري من تفسير لكلِّ ذلك سوى صعود اليمين الصهيوني المسيحي المتطرف تجاه الآخر، وقضية الموقف من المهاجرين، و"أبناء الضواحي"، ليس سوى أحد الوجوه البشعة لتلك السياسة، التي تشترك فيها اليوم كل أوروبا بدون استثناء.
إن أمريكا وأوروبا متوحدة بدون أي انقسام في الموقف من المقاومة الفلسطينية، بعد محاولتهم اختزال فلسطين في "حماس"، مع أنّ المقاومة طيف واسع، و"حماس" واحدة منها، في محاولة للانفراد بالطرف الأقوى في المقاومة ليسهل عليهم بعدها تصفية كل المقاومة التحررية في الأرض المحتلة.
هذا هو الإعلام السياسي والأيديولوجي الغربي في نظرته اليوم تجاه القضية الفلسطينية، ومن يتابع الزيارات المكوكية لرؤساء الدول الغربية إلى الكيان الصهيوني، سيجد مفرداتها عبارة عن ديباجة واحدة من الخطاب وكأنها معممة عليهم جميعًا، ومصدرها واحد.
إنّ الكيان الصهيوني في المنطقة العربية هو مخلب قط، و"كلب حراسة" للمصالح الغربية الاستعمارية، وإذا عدت لمتابعة الجنسيات المزدوجة للمستوطنين الصهاينة في الأرض المحتلة، ستجدها موزعة على كل هذه الدول الاستعمارية، كلهم قدموا من الخارج الاستعماري الغربي، وهم من يشكّلون البنية العسكرية (النواة الصلبة)، العدوانية والمتعصبة في الجيش والأمن والاستخبارات، وهم من يسيطرون على مفاصل بنية الدولة العميقة للكيان الصهيوني، وهو ما يفسر ويشرح ذلك التوحد والاندماج السياسي والعسكري بل والوجداني فيما بينهم.
الدولة الاستعمارية العظمى –سابقًا– بريطانيا التي صنعت مع فرنسا "وعد بلفور"، ومن أدخلت المهاجرين المستعمرين الصهاينة إلى فلسطين التاريخية، ومن سلّحتهم، وسلّمتهم الأرض بل وقاتلت إلى جانبهم طيلة سنوات العشرينيات والثلاثينيات والأربعينيات، هي اليوم من تحاول التضييق على المظاهرات في بلدها، المظاهرات الواسعة التي تدين الكيان الصهيوني، في قلب العاصمة لندن، وهي التي اشتركت في غزو واحتلال العراق خارج القانون الدولي. والغريب أن المستشار الألماني يتبرع في وصف "حماس" المقاومة، بأنها "نازية جديدة"، مع أن النازية مصطلح وثقافة وممارسة صناعة ألمانية. وفي هذا السياق من الخطاب الإعلامي، يتفق مجرم الحرب "نتنياهو"، والرئيس الأمريكي، والرئيس الفرنسي (ماكرون)، على أن "حماس/ المقاومة"، تهديدٌ للأسرة الدولية وللعالم كله، وأنها مرتكبة لجرائم حرب، ومسؤولة عن قتل الأطفال في غزة، وفي الكيان الصهيوني!
إلى هذا الحد وصل جنون السياسة والإعلام الصهيوني الغربي، ما يعني غطاء وإجازة سياسية لاستمرار الكيان الصهيوني في قتل الفلسطينيين. وهو ما يدل على أن لا انفراج سياسي لحالة العدوان على غزة وكل الأرض المحتلة، إنهم يرفضون المقاربة السياسية/ القانونية، التي أقرتها الشرعية الدولية، وقالها بالفم الملآن الأمين العام للأمم المتحدة غوتيريش: "هجوم حماس لم يأتِ من فراغ، وأنهم يخضعون لاحتلال خانق منذ ٥٦ عامًا، ولا يمكن لتلك الهجمات أن تبرر العقاب الجماعي". هذا ما قاله الأمين العام للأمم المتحدة أمام جلسة مجلس الأمن يوم 24 أكتوبر 2013م.
إنّ البعد السياسي هو الغائب العظيم في الموقف الأمريكي والأوروبي، والذين يعلنون انحيازهم المطلق للكيان الصهيوني، ولذلك يتم تغييب ومصادرة الحل السياسي، والحل القانوني المتفق مع قرارات الشرعية الدولية؛ وليس من هدف للقرارات المقدمة لمجلس الأمن حول القضية الفلسطينية من قبل الولايات المتحدة الأمريكية سوى دعم إسرائيل أكثر، ورخصة لاستمرار مجازرها ضد الشعب الفلسطيني (ملهاة)، هو تأكيد لحقيقة مشاركتها الفعلية في الحرب، وهو ما قد يكون سببًا لتفجير حرب إقليمية ودولية.
يجب أن ينفتح الصراع اليوم على كل الاتجاهات والمستويات، وعلى النظام السياسي العربي أن يخرج عن صمته وخنوعه. ما لم، فإنهم يراكمون بذور وعوامل وشروط زوالهم التاريخي، لأن ما يجري في غزة ليس حدثًا عابرًا، وعلى حكام الخليج تحديدًا، وجميع الحكام العرب، أن يتنبهوا جيدًا لهذه الرسالة التي لن يكررها التاريخ ثانية أمامهم، بعدها سيأتي الدور على جميع الأنظمة العميلة التابعة واحدًا واحدًا.
لقد عمل الإعلام الأمريكي والأوروبي طيلة العقود السبعة الماضية على إنتاج صورة نمطية عن دولة الكيان الصهيوني بأنها الديمقراطية الوحيدة في المنطقة، والأهم أنها تملك "الجيش الذي لا يقهر"، ومن أنها ستكون الحامية لدول المنطقة الضعيفة (دول الخليج)، وهو منطق معكوس في قراءة حقيقة الدور الموكول لدولة الكيان الصهيوني، فكان السابع من أكتوبر ٢٠٢٣م، إعلانًا عن سقوط هذه الصورة الإعلامية النمطية، ومن هنا فزعهم؛ لأن دولة الاحتلال اتضح أنها "نمر من ورق"، وليست أكثر "فزاعة" للأنظمة العربية التابعة والفاسدة، وبذلك تم ضرب العمود الفقري لأيديولوجية التطبيع مع الكيان الصهيوني، الذي لم يعد يخيف أحدًا.
فإذا كانت منظمة مسلحة صغيرة، هي من عملت كل هذا الانقلاب في الاستراتيجية الصهيونية والغربية، فكيف إذا اتحدت الدول العربية، عند خطوط سياسية معينة –بدون الدخول إلى الحرب المباشرة– في صورة اتخاذ قرار بحظر النفط، ومقاطعة البضائع الصهيونية، وبقرار يدعم المقاومة الفلسطينية سياسيًّا.
إنهم الغرب يرون الشجرة فقط في الغابة، ولا يرون الغابة على اتساعها، انحصرت رؤيتهم عند الهجوم الدفاعي الفدائي لحماس بأنه إرهاب ضد جيش الاحتلال، وعلى المستوطنين المسلحين، ولا يرون الغارات والمجازر التي تنقلها شاشات التلفاز العالمية في هذه الفضاءات الكونية المفتوحة، يرون رد فعل "حماس" المقاوم والمشروع، ولا يرون غابة المجازر، والعقاب الجماعي، وحرب الإبادة التي لم تتوقف ضد الأطفال والنساء والشيوخ، في صورة هدم مربعات سكنية بكاملها على رؤوس ساكنيها في عشرات الأحياء والمربعات السكنية في قطاع غزة.
إنه العمى العنصري الصهيوني المسيحي في عمقه الاستعماري، التاريخ السياسي العالمي عندهم توقف عند لحظة ويوم السابع من أكتوبر، وعند الهجوم الفدائي المقاوم لـ"حماس" التي تحولت في خطابهم إلى إرهاب "داعشي"!
عدد الشهداء المدنيين الفلسطينيين أكثر من (٨٠٠٠) شهيد، وأكثر من (٣٨٠٠) منهم من الأطفال، حتى يوم ٢٨ أكتوبر، وأكثر من عشرين ألف جريح، والآلاف تحت الأنقاض، كل هذا لا يرونه؛ إنها أيديولوجية التمييز العنصري الاستعمارية الجديدة، ليس إلا!
يجب أن ينفتح الصراع اليوم على كل الاتجاهات والمستويات، وعلى النظام السياسي العربي أن يخرج عن صمته وخنوعه. ما لم، فإنهم يراكمون بذور وعوامل وشروط زوالهم التاريخي، لأنّ ما يجري في غزة ليس حدثًا عابرًا، وعلى حكام الخليج تحديدًا، وجميع الحكام العرب، أن يتنبهوا جيدًا لهذه الرسالة التي لن يكررها التاريخ ثانية أمامهم، بعدها سيأتي الدور على جميع الأنظمة العميلة التابعة واحدًا واحدًا.
لقد قال السابع من أكتوبر 2023م، كلمته بتغيير الصورة النمطية حول كل ما هو حاصل في المنطقة والعالم، وعلينا أن نفهم جيدًا رسالة الحشود بالأساطيل والبوارج والفرق العسكرية المختلفة، التي استجلبت واستقدمت إلى قلب المنطقة والمناطق الحساسة في العالم، لأننا قد نجد أنفسنا بعدها أمام نهايات مفتوحة على كل الاحتمالات.