أصدرت هيئة تنسيق دعاة السلام بيانًا حول مخرجات اللقاء التشاوري في الرياض، والمنعقد تحت شعار "إنهاء الحرب"، وما نتج عن تلك المشاورات، وتشكيل مجلس القيادة الرئاسي.
رأى البيان المهم أنّ وقف الحرب ضرورة ملحة؛ واصفًا إياها بالحرب العبثية، والمستفيد منها تجار الحروب، مستعرضًا النتائج الكارثية لهذه الحرب، ومرحِّبًا بأي جهود يمنية، أو إقليمية، أو دولية؛ لإنهاء الحرب، وتحقيق السلام الشامل والكامل.
يرجو البيان أن تخرج المباحثات الجارية في سلطنة عمان بنتائج إيجابية تنهي الحرب، وتجمع كل الأطراف، بما في ذلك أنصار الله (الحوثيين)، إلى طاولة مفاوضات للحل السياسي.
ويؤكد البيان على أهمية فتح المنافذ بين المدن اليمنية، وسلامة حركة التنقلات للأفراد، والبضائع، والمطارات، والموانئ، وسرعة معالجة الأوضاع الاقتصادية والأمنية.
ينبِّه البيان على المخاوف من النوايا غير الواضحة، ويحدد المخاوف بمنح مجلس الرئاسة نفسه صلاحيات واسعة في توقيع اتفاقيات دون العودة إلى المؤسسة الدستورية التشريعية المتمثلة بمجلس النواب، وذلك بالفقرة (4) من مهام مجلس القيادة الرئاسي.
ويرى البيان، ومعه كل الحق، أن المجلس غير دستوري، وإنما هو نتاج تفاهمات إقليمية ودولية، وصلاحياته محدودة؛ لإدارة المرحلة الانتقالية؛ للوصول إلى انتخابات نزيهة، ويحدد البيان القوي صلاحيات رئيس مجلس القيادة بترتيب الأوضاع السياسية، والأمنية، والعسكرية، والاقتصادية، وإدارة السياسة الخارجية؛ محذرًا القيادة الجديدة من إقحام نفسها في توقيع اتفاقيات قد تتجاوز الدستور اليمني ومؤسساته الدستورية والقانونية، وتفرط بالسيادة الوطنية.
إنه أقوى بيان يصدر عن منظمات داعية للسلام، وبغض النظر عن المكونات السلامية، والشخصيات الموقعة؛ فإن الأهم هو البيان، وفي لحظة زمنية فارقة، والخطاب فيه أقرب لبيان سياسي ناقد ومحذر منه إلى مجرد دعوة سلام.
وفي حين يشير البيان إلى مرجعية مجلس النواب، يعود -ومعه كل الحق- ليقول: "إن مجلس النواب مشتت أعضاؤه بين صنعاء، وعدن، ومأرب، وخارج اليمن، وهو الآخر -والكلام له- قد انتهت مدته القانونية".
ويؤكد البيان أن الرئيس الذي نقل صلاحياته هو الآخر قد انتهت فترته القانونية، ويرى أن أي صلاحيات يمنحها الرئيس هي صلاحيات لا تتجاوز الدستور، ولا اليمين الدستورية التي أقسم عليها، ويلزم الجديد بما التزم به سلفه، مشددًا ومجددًا على الالتزام بالدستور، والثوابت الوطنية، ومخرجات الحوار الوطني.
يكرر البيان التأكيد على تخوف هيئة تنسيق دعاة السلام من غموض إقحام الفقرة الرابعة في بيان مجلس القيادة؛ مما قد يمرر عبرها اتفاقيات تتجاوز الدستور اليمني، ويترتب عليها التفريط بالسيادة اليمنية، والثوابت الوطنية، وحقوق الشعب اليمني عبر المساس بسيادته وأراضيه كالجزر والموانئ، أو استئناف العمل باتفاقيات سابقة دون تعديلها، وقد ثبت جرمها القانوني والفني، وتسببت بنهب الثروات الوطنية، وخسارة خزانة الدولة لمليارات الدولارات.
ويشدد البيان على عدم شرعية أو قانونية أي اتفاقات تمس السيادة والاستقلال، أو تتلاعب بثروات الوطن وحقوقه؛ محذرًا في الوقت نفسه الجهات الأخرى من أن توقع أي اتفاقات مع أي طرف من الأطراف اليمنية غير القانونية، ولا تلزم اليمن بشيء؛ ملوحًا بالقضاء الدولي، ومعتبرًا ذلك خيانة وطنية.
ويحذر البيان من استغلال ظروف الحرب؛ لتمرير أجندة مشبوهة تتجاوز الثوابت، وتفرّط بالمصالح الوطنية في ظل غياب الهيئات الدستورية، مؤكدًا مجددًا على غياب شرعية المؤسسات القائمة، ومشددًا على ضرورة احترام وصون سيادة اليمن وحمايتها برًّا وبحرًا وجوًّا.
يرحب البيان بالهدنة لمدة شهرين، معتبرًا إياها خطوة باتجاه وقف الحرب، مشددًا على ضرورة ترافُقها مع خطوات ذات أولوية إنسانية؛ لتخفيف المعاناة عن أبناء الشعب اليمني، ويحدد البيان في نقاط مطالبه الأساسية، نشير إليها بإيجاز وتركيز.
كما يدعو البيان إلى التحكم بالإيرادات، وتوريد عائداتها إلى البنك المركزي اليمني من جميع الأطراف، وليس إلى جهة خارجية، ويشددون على دفع المرتبات لكل محافظات الجمهورية.
ودعا البيان لإعادة الاعتبار للنهج الوطني، وإلغاء محاولات تكريس الثقافات الوافدة؛ في إشارة للمذهبية، والسلالية، والمناطقية، وما قبل الوطنية؛ داعيًا -أي البيان- جميع أطراف الحرب للتفاوض، والحل السياسي الشامل، ولوضع أسس الدولة، والتشارك في السلطة، وتوزيعٍ عادل للثروة، وعدم إقصاء أي طرف، وعدم الاحتكام للسلاح، والتحضير لانتخابات دستورية نزيهة، ودعم المصالحة الوطنية الشاملة، وإصدار إعلان دستوري انتقالي ينظم أعمال مجلس القيادة الرئاسي، يتضمن:
وتختم هيئة تنسيق دعاة السلام بيانها الضافي والمؤرخ في 15 أبريل 2022، بالقول، إنها إذا ما لمست أي تخلٍّ أو انحراف عن نهج السلام، ومطالب الشعب اليمني المشار إليها؛ فسوف تعتبر أن المجلس قد تأسس لأهداف أخرى، وعلى المجلس أن يستمد تمثيله من الإرادة الشعبية من خلال الأفعال وليس الأقوال، وأن السند الشعبي اليمني هو الأهم من الإقليمي والدولي، وهو من يمنح الشرعية ويعطيها، وهو مصدرها الوحيد.
لعلي لا أبالغ إن قلت: إنه أقوى بيان يصدر عن منظمات داعية للسلام، وبغض النظر عن المكونات السلامية، والشخصيات الموقعة؛ فإن الأهم هو البيان، وفي لحظة زمنية فارقة، والخطاب فيه أقرب لبيان سياسي ناقد ومحذر منه إلى مجرد دعوة سلام.
إنه أشبه ببرنامج سياسي لقيادة جديدة قادمة، ولسلام قادم، ولفترة انتقالية تتأسس بعد سكوت المدافع.