لا أعرف الأستاذ أحمد عبدالله العديني شخصيًّا، بل أعرفه عن بعد كخطيب لفت نظري عندما أقام الدنيا ولم يقعدها على زميلة كانت تؤدي واجبها المهني، وفي لحظة راحة، ذهبت لتتعشى مع زملائها في المطعم! سألت نفسي يومها: ما الفرق بين الاختلاط والاختلاء؟ وتركت السؤال معلقًا، حتى جاءت الثانية عندما لم يجد ذلك الرجل مكانًا له ولزوجته في المطعم جلسا بين الأشجار يأكلان! فأقام الدنيا ولم يقعدها.
والآن جاءت الثالثة، هذا بالنسبة لي، حكاية الشاب الذي، وبحسن نية بالتأكيد، شارك هو وعروسته في مهرجان لجهة رسمية، وليس في ماخور أو بيت سري!
لنفترض هنا وبحسن نية أن الشاب أخطأ، ألم يكن من واجب خطيب الجمعة كما كان يفعل الشيخ عبدالرحمن قحطان، أن يوجه النصيحة؟! أما الحساب العام للدولة، وحساب الآخرة لله وحده.
عندما أعيد استعراض الصور أجد أن الشاب بالغ في تغطية عروسه، واللثمة ليست من الإسلام في شيء .
أليست النية تسبق العمل، فهل نوى ذلك الشاب ونفذ عرض عروسه-زوجته على الناس كما ذكر التحريض، وهل يعقل أن يفعل ذلك؟
شاب فكر هو وعروسه أن يحيوا عرسهم بعيدًا عن جنون القاعات وعصيد البيوت بين دخان المدائع وزحمة النساء والأولاد، فشارك في مهرجان يعرض ألوانًا من الفنون، بما فيها الأزياء. هل يعقل أن يأتي أحدهم ويعرض زوجته مع سابق إصرار وتعمد؟! السؤال موجه للأستاذ العديني: هل الذين حضروا المهرجان مجردون من الأخلاق؟ وأتوا فقط ليتفرجوا على ذراعي العروسة!
إن الخطاب الديني يوجه رسالة يفترض فيها النصيحة، وإصلاح حال الناس وشؤون حياتهم، أما التحريض فيوجه الرصاصة إلى صدور المُختَلَف معه، وهنا يتحول الخطيب إلى دولة!
أصحاب العيون الطويلة موجودون حتى في المنازل، وكذا الشوارع وكذا المهرجانات، لكن التربية في البيت والمدرسة، ومن خلال المنبر المتوازن، ومن خلال أجهزة الإعلام هي خير حامٍ لبناتنا وأولادنا.
شاب قرر أن يحتفل مع الناس، وأعراسنا تتم من يوم أن ولدنا بين الناس، قلت أسأل أمي: كيف كان عرسك؟ وهل شاهده الرجال، قالت: "كنا نتجمع كلنا في المفرش ورجال القرية بيننا"، ماذا أقول لوالدي (رحمه الله)، اخرج من قبرك لتستتاب عن أنك عرضت أمي أمام الرجال؟!
لا يدرك من نسميهم علماء تجاوُزًا، أن كل كلمة من على منبر المسجد، ربما، بل هي كذلك، تتحول إلى قنبلة تقتل الآخرين الأبرياء، ومن يقذفها يعتقد أنه فعل ذلك حماية للدين! وهؤلاء معظمهم خُدِع، كذلك الذي طلب من صاحبه الذي قال إنه يرى الله في الزهور، طلب منه أن يلتقيه، "لأقتلك"، ذهب الشاب ونحره كالخروف! هل استنكر العديني وغيره ما حصل، وقال إن القضاء هو من يقول هل أخطأ أو لم يخطئ، ويعاقبه أو يبرئه.
ما قول الأستاذ العديني فيمن كانوا يحرّمون وأصبحوا الآن يحللون كل شيء، وهم نفس الأسماء التي حرضت الشباب على كل شيء، والآن يفتون بحلال لعبة الورق، وركوب الدراجة الهوائية، والتدخين وخلافه، عندما أراد الحاكم ذلك!
هم نفس الوجوه التي سقت الناس عصير آلاف الأحاديث، اختصرت الآن إلى المئة، سيكون الرد أن أمريكا هي السبب! السؤال: لماذا صمت من كانوا يحرمون؟!
إن الخطاب الديني يوجه رسالة يفترض فيها النصيحة، وإصلاح حال الناس وشؤون حياتهم، أما التحريض فيوجه الرصاصة إلى صدور المُختَلَف معه، وهنا يتحول الخطيب إلى دولة!
الفيصل في الأمر عندما يختلف الناس، هو القانون؛ لذلك لا بد من وجود الدولة التي يخضع لقانونها العديني والشاب، ليقول القضاء كلمته. أما أن تتحول إلى حاكم بأمرك، فلن تستقيم الحياة. بلد يتشظى بسبب هذه الحرب، والمسجد مشغول بقضايا لا ناقة فيها ولا جمل، كلٌّ حسب المذهب الذي استولى عليه!
السؤال بالذات موجه إلى الأستاذ العديني، وأنا أحترمه كإنسان، وأختلف مع خطابه التحريضي:
الآن، ولنكن صريحين، مئات الشباب يتركون الإسلام إلى المسيحية، وبالذات في تعز. ما هي الأسباب الحقيقية، هل قام أحد بالبحث القائم على الأسس المعروفة؟ أم أن السبب د.ألفت الدبعي!