حالات غذائية حرجة في الساحل الغربي

مع ارتفاع معدلات انعدام الأمن المعيشي
محمد راجح
August 28, 2024

حالات غذائية حرجة في الساحل الغربي

مع ارتفاع معدلات انعدام الأمن المعيشي
محمد راجح
August 28, 2024

يعيش اليمن على وقع تدهور وانهيار في الأمن الغذائي، وتصاعد سوء التغذية الحاد في مختلف المناطق، خصوصا مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دوليا، مع الإبلاغ عن حالات حرجة للغاية في مناطق الساحل الغربي، حيث تؤدي الأمراض وارتفاع معدلات انعدام الأمن الغذائي ومحدودية الوصول إلى مياه الشرب المأمونة إلى زيادة سوء التغذية الحاد بين الأطفال المعرضين للخطر.

وقال فريق العمل الفني للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي في اليمن، الأحد 18 أغسطس/آب، إن سوء التغذية الحاد يتزايد بسرعة في مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دوليا، حيث يعاني الساحل الغربي من مستويات "حرجة للغاية" من سوء التغذية لأول مرة.

وفقا لأحدث تحليل لسوء التغذية الحاد في إطار التصنيف المرحلي المتكامل، ارتفع عدد الأطفال دون سن الخامسة الذين يعانون من سوء التغذية الحاد أو الهزال بنسبة 34 بالمائة مقارنة بالعام السابق في جميع مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دوليا، مما يؤثر على أكثر من 600,000 طفل، من بينهم 120,000 طفل يعانون من سوء التغذية الحاد. ويعزى هذا الارتفاع الحاد إلى التأثير المركب لتفشي الأمراض (الكوليرا والحصبة،) وارتفاع معدلات انعدام الأمن الغذائي، ومحدودية الوصول إلى المياه الصالحة للشرب، والتدهور الاقتصادي. بالإضافة إلى ذلك، في ذات الزمام السكاني وُجد أن حوالي 223,000 امرأة حامل ومرضعة تعاني من سوء التغذية الحاد في عام 2024.

سوء تغذية مع انخفاض الدخل

وينطبق المستوى الأشد خطورة في إطار التصنيف المرحلي المتكامل لسوء التغذية الحاد (IPC AMN،) وهو سوء التغذية الحاد الحرج للغاية (المرحلة الخامسة من التصنيف المرحلي المتكامل لسوء التغذية الحاد،) على المناطق التي يتجاوز فيها معدل انتشار سوء التغذية الحاد 30%.

منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة "الفاو" توقعت مطلع أغسطس/آب أن يستمر تدهور انعدام الأمن الغذائي بشكل واسع في مناطق سيطرة جماعة الحوثيين، شمالي اليمن خلال الثلاثة الأشهر القادمة، في حين تؤكد خطورة الارتفاع المثير للقلق في سوء التغذية الحاد بين الأطفال دون سن الخامسة في مناطق سيطرة الحكومة، وانعكاسه على تفشي الأمراض، وارتفاع معدلات انعدام الأمن الغذائي.

وللمرة الأولى، تم الإبلاغ عن هذا المستوى في الأراضي المنخفضة الجنوبية في محافظة الحديدة (مديريتي الخوخة وحيس،) والأراضي المنخفضة في محافظة تعز (مديرية المخا) في الفترة من نوفمبر/ تشرين الثاني 2023 إلى يونيو/حزيران 2024. في الحديدة، ارتفع معدل انتشار سوء التغذية الحاد إلى 33.9% من 25.9% على أساس سنوي.

بالمقابل، أكد البنك الدولي في تقرير صادر نهاية يونيو/ حزيران الماضي 2024 أن اليمن شهد بين عامي 2015 و 2023 انخفاضا بنسبة 54% في نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي الحقيقي، ما يترك أغلب اليمنيين في دائرة الفقر، في حين يؤثر انعدام الأمن الغذائي على نصف السكان، كما ارتفعت معدلات الوفيات بين صفوف الشباب.

مستويات قلقة ومحرجة

تتوقع أربع وكالات تابعة للأمم المتحدة أنه في الفترة من يوليو/حزيران إلى أكتوبر/ تشرين الأول 2024- وهي أشهر موسم من المواسم العجاف التي يكون فيها النشاط الزراعي ضئيلا- ستشهد جميع المديريات الـ 117 في مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دوليا، التي شملها المسح الخاص بالتصنيف المرحلي، مستويات "خطيرة" من سوء التغذية الحاد أو أسوأ (المستوى 3 أو أعلى من التصنيف المرحلي المتكامل لسوء التغذية.) ومن المتوقع أيضا أن تنزلق مديرية موزع في الأراضي المنخفضة في محافظة تعز إلى المستوى الحرج للغاية (المستوى 5 من التصنيف المرحلي المتكامل لسوء التغذية.)

بحسب ممثل منظمة اليونيسف في اليمن، بيتر هوكينز، فإن التقرير يؤكد وجود اتجاه مقلق لسوء التغذية الحاد لدى الأطفال في جنوب اليمن، مضيفا أنه "من أجل حماية النساء والأطفال الأكثر عرضة للخطر، فإن الاستثمار في جهود الوقاية والعلاج وتوسيع نطاقها أمر بالغ الأهمية، الآن أكثر من أي وقت مضى."

وقال: "سنستمر في بذل كل ما في وسعنا، بما في ذلك البناء على الاستجابة الحالية متعددة القطاعات، لمكافحة هذا النوع من سوء التغذية الذي يهدد الحياة، حتى يتمكن الأطفال من البقاء على قيد الحياة والنمو بكامل طاقاتهم."

في حين تؤكد منظمة الأغذية والزراعة خطورة الارتفاع المثير للقلق في سوء التغذية الحاد بين الأطفال دون سن الخامسة في مناطق سيطرة الحكومة، وانعكاسه على تفشي الأمراض، وارتفاع معدلات انعدام الأمن الغذائي، وضعف الوصول إلى الخدمات الأساسية. ولا تزال منظمة الأغذية والزراعة ملتزمة بدعم استعادة وتنويع سبل العيش الزراعية بشكل مستدام للمساعدة في تلبية الاحتياجات العاجلة."

خطورة الوضع الغذائي

كانت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة "الفاو" قد توقعت مطلع أغسطس/ آب أن يستمر تدهور انعدام الأمن الغذائي بشكل واسع في مناطق سيطرة جماعة الحوثيين، شمالي اليمن خلال الثلاثة الأشهر القادمة.

أرجعت المنظمة الأممية أسباب ذلك إلى تبعات الأزمة المصرفية، وشحة السيولة من العملات الأجنبية، واستمرار توقف توزيع المساعدات الغذائية، ناهيك عن تأثير هجمات البحر الأحمر والتصعيد المرتبط بها، وصولا إلى استهداف الغارات الإسرائيلية لميناء الحديدة الذي يمثل بوابة رئيسة لواردات السلع الأساسية والمساعدات الإنسانية إلى مناطق سيطرة الحوثيين. إذ يمثل التدمير الجزئي الذي تعرض له ميناء الحديدة نتيجة الغارات الإسرائيلية الأخيرة تهديدا كبيرا بالنظر إلى تأثيراته التي قد تؤدي إلى تعطيل تدفقات السلع الأساسية، الأمر الذي سيخلق حالة نقص حاد في الوقود، وزيادة في أسعار البنزين والديزل، وبالتالي ارتفاع أسعار المواد الغذائية في مناطق سيطرة الحوثيين.

لا تتوقع المنظمة الأممية حدوث أي تغيير في أسعار المواد الغذائية والوقود في مناطق سيطرة الحوثيين خلال الأشهر القليلة المقبلة، بسبب ما وصفته بالضوابط الصارمة على الأسعار وأسعار الصرف، إلا أن مخاطر التضخم في أسعار المواد الغذائية لا تزال قائمة.

محافظتان أكثر تضررا

يعاني اليمن، الغارق في صراع طويل الأمد وانهيار اقتصادي، من أعلى معدلات سوء التغذية في العالم. ولا يزال الصراع القائم، وعدم الاستقرار الاقتصادي، وتفشي الأمراض المتكرر، من العوامل الرئيسة لأزمة سوء التغذية في البلاد. 

وكانت الحديدة وتعز، وهما المنطقتان اللتان تعانيان من أعلى معدلات انتشار سوء التغذية الحاد، تواجهان بالفعل أعلى معدلات التقزم، أو سوء التغذية المزمن. وهذا يعني أن الحرمان المتكرر يؤدي أيضا إلى تفاقم سوء التغذية المزمن بين الأطفال في هذه المناطق.

تدعو وكالات الأمم المتحدة الأربع إلى تقديم دعم دولي عاجل ومستدام واتخاذ إجراءات فورية لمعالجة الأسباب الجذرية لسوء التغذية الحاد، وذلك من خلال تعزيز الأنظمة القائمة في مجالات الحماية الاجتماعية والصحة والغذاء والمياه والصرف الصحي والنظافة الصحية. وفي الوقت ذاته، فإن إنهاء النزاع المستمر منذ ما يقرب من عقد من الزمن واستعادة السلام أمر بالغ الأهمية.

"وقال بيير أُونورا، الممثل والمدير القطري لبرنامج الأغذية العالمي في اليمن: "يضطر برنامج الأغذية العالمي حاليا إلى تقديم حصص غذائية أصغر حجما، وينبغي أن تكون هذه النتائج بمثابة جرس إنذار بأن حياة الناس على المحك." وأضاف أنه: "من الضروري زيادة الدعم المقدم للفئات الأكثر ضعفا، التي قد تغرق أكثر في انعدام الأمن الغذائي، وسوء التغذية إذا استمرت المستويات المنخفضة الحالية للتمويل الإنساني."

سوء تغذية وأمراض

تتسبب أمراض الطفولة، وتفشي الكوليرا والحصبة، إلى جانب محدودية الوصول إلى المياه الصالحة للشرب، وخدمات الصرف الصحي، في ارتفاع معدلات سوء التغذية الحاد في اليمن.

وتشير منظمة الصحة العالمية إلى ارتفاع مستوى سوء التغذية الحاد لدى الأطفال دون سن الخامسة في اليمن أيضا، مؤكدة أن الأمراض تثير القلق. 

بحسب ممثل المنظمة في اليمن الدكتور أرتورو بيسيغان، فإن الخدمات الصحية والتغذوية المتكاملة، بما في ذلك إدارة أمراض الطفولة وضمان حصول الأطفال على كل التطعيمات والممارسات التغذوية المناسبة، أمر بالغ الأهمية لمواجهة حالات الطوارئ الصحية والتغذوية.

هذا بالإضافة إلى ضمان الحصول على ما يكفي من الطعام المغذي ومياه الشرب المأمونة. يجب على الجهات الفاعلة الإنسانية والمجتمع الدولي اتخاذ إجراءات فورية لحماية مستقبل أطفال اليمن.

السلام مفتاح الحل

يؤدي انعدام الأمن الغذائي المرتفع وممارسات التغذية السيئة، بما في ذلك ممارسات الرضاعة الطبيعية دون المستوى الأمثل، إلى تفاقم الوضع السيئ بين الأطفال الضعفاء في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية. 

وتدعو وكالات الأمم المتحدة الأربع إلى تقديم دعم دولي عاجل ومستدام، واتخاذ إجراءات فورية لمعالجة الأسباب الجذرية لسوء التغذية الحاد، وذلك من خلال تعزيز الأنظمة القائمة في مجالات الحماية الاجتماعية والصحة والغذاء والمياه والصرف الصحي والنظافة الصحية. 

وفي الوقت ذاته، فإن إنهاء النزاع المستمر منذ ما يقرب من عقد من الزمن واستعادة السلام أمر بالغ الأهمية لمواجهة التحديات، وبناء قدرة الشعب اليمني على الصمود الذي دمره نقص الخدمات الأساسية والنزوح المتكرر والنظم الاقتصادية والاجتماعية المحطمة.

•••
محمد راجح

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English