عن دار المحيط، وضمن سلسلة مشروع (أنا الرواية)، صدر كتاب عنوانه: (الرواية مدرسة الحياة)، للكاتب الروائي اليمني المقيم في فرنسا، حبيب عبدالرب سروري، وهو مجموعة من المقالات والشهادات المختلفة التي كتبها عن رحلته الطويلة في الكتابة الروائية، والتي ابتدأت مع رواية "الملكة المغدورة" مطلع التسعينيات، ووصلت إلى "جزيرة المطففين" في العام 2023، وبينهما روايات، مثل: دملان، طائر الخراب، عرق الآلهة، تقرير الهدهد، ابنة سوسولوف، أروى، وحي، نزوح، حفيد السندباد، إلى جانب ثلاثة كتب: "عن اليمن؛ ما ظهر منها وما بطن"، "لا إمام سوى العقل"، والثالث: «لِنتعلّمَ كيف نتعلّم»!
يقول الكاتب في مقدمة الكتاب:
تريثت عندما اقترحت عليّ إدارةُ مشروع "أنا الرواية"، منذ لحظةَ بدئه، الإسهام فيه!
لم أتردد بالطبع؛ أن تُدلي بشهادتِك الروائية وتستعرض تجاربَك وآراءك في "فن الرواية" كفنان يعرض لوحاتِه التشكيلية في صالات مرسمه، ويكشف فلسفته وذائقته وميوله واختياراته بشغف وحميمية، مهمة إرشادية منيرة وضرورية لذيذة، تقع في صلب واجبات كل فنان وأديب، وحاجاته.
الكتاب في فصله الأول المعنون: (لماذا الرواية مدرسة الحياة؟)، عرض فيه الكاتب رؤيته لوظيفة الرواية، منطلقًا من علاقة الإنسان بمحيطه بوصفه حيوانًا اجتماعيًّا متفاعلًا مع هذا المحيط، وأن معظم شغلِ الدماغ البشريّ مرتبطٌ بالتفاعلات الاجتماعيّة مع الآخر، وبِنسجِ الصلةِ به، عبر الحكي والسرد لِتبادل المعارف والعِبَرِ والأخبار.
في ولادات الكاتب الأربع، التي استوعبها الفصل الثاني:
تبدأ الأولى من مولده في عدن، في العام 1956، وشغفه بالرياضيات وكتابة الشعر، وصدمة الأيديولوجيا، يقول عنها: إن مسؤوليتي الحزبية أعطتني كتابًا، من سلسلة «تاس» أو «مِير» السوفيتيّة، عن الحرّية. وبعد قراءة بضع صفحات منه اكتنفتني أمُّ الخيبات، ورغبةٌ حادّةٌ في البكاء لا أنساها، لم أكن أعرف حينها التعبير عنها.
والولادة الثانية في محطته الفرنسية، وهو منشغل بالأبحاث وقراءة الروايات، فبدتْ له الروايةُ مدرسةَ الحياة بامتياز، والوسيلةَ الأمثل لاستيعابِ تعقيدات الحضارة الراهنة، ومتاهات الطبيعة الإنسانيّة، كما يقول.
الولادة الثالثة، مع كتابته لرواية (الملكة المغدورة) بالفرنسية مباشرة، قبل أن يقوم بعدها الدكتور علي محمد زيد بترجمتها إلى العربية، ليعود الكاتب إلى شغفه الكتابي بالعربية.
عن ولادته الرابعة، يقول:
أكملتُ، في 1 مارس 2023، أداء خدمةِ مجموع الفصول التي تسمح بالتقاعد (منها سنوات ممارسة وظيفة بروفيسور التي أدرتُ خلالها كثيرًا من الأبحاث والمشاريع العلميّة، لأكثر من ثلاثين سنة). تحوّلتُ إثرَها إلى بروفيسور »Emeritus« (يظلُّ بسببهِ مكتبي في الجامعة، وأستمرُّ في قيادة بعض المشاريع والأبحاث الجامعيّة، وإن خفّفتُ من ذلك إلى الحدِّ الأدنى). بدأ حلمي بِتكريس كلِّ وقتي أو معظمه، بِحرّيةٍ مطلقة، للكتابة.
الكتاب يخوض في كثير من التفاصيل التي تلازمت مع تجربة الكاتب في الحياة العملية والأدبية، خلال ستة عقود، جاب خلالها الكثير من البلدان، ومنحه الترحال والسفر الكثير من الشغف بالكتابة.