يتحدث القيادي البعثي، الدكتور عبدالحافظ نعمان، في الحلقة الأولى من مذكراته لمنصة "خيوط"، عن بداية تشكل النواة الأولى لتأسيس حزب البعث العربي الاشتراكي في اليمن، وأبرز شخصيات الرعيل الأول في الحزب، ومراحل تمدد الحزب من حضرموت إلى عدن ثم صنعاء، وطبيعة النشاط الحزبي في حقبة الخمسينيات والستينيات، وإرهاصات وتداعيات انشقاق حزب البعث بين دمشق وبغداد.
حاوره: عبدالله مصلح
- بدايةً، من هو الدكتور عبدالحافظ نعمان؟
أنا عبدالحافظ ثابت نعمان الحكيمي، من مواليد عام 1944م، في منطقة الأحكوم بمحافظة تعز، والتي بقيتُ فيها بضع سنوات فقط، ثم انتقلت إلى مدينة عدن عند والدي الذي كان يعمل ضابطًا سياسيًّا في الإدارة البريطانية والمعنية بإدارة شؤون المحميات.
تلقيت تعليمي الابتدائي والمتوسط في مدينة عدن، ثم اضطررت إلى مغادرتها، فانتقلت إلى تعز فصنعاء ثم إلى جمهورية مصر العربية، وهناك درست المرحلة الثانوية في مدينة الإسكندرية، ثم التحقت بكلية الاقتصاد والعلوم السياسة في جامعة القاهرة، وحصلت على منحة لدراسة الماجستير والدكتوراة في الولايات المتحدة الأمريكية.
الجاوي والسقاف في تعز
- قلت بأنك اضطررت إلى مغادرة مدينة عدن؛ لماذا؟
لأنّني تعرضت للاعتقال في عدن من قبل الاستعمار الإنجليزي، وحُكم عليّ بالسجن لمدة سنتين ونصف، ولكن وبحكم موقع والدي وعمله كضابط سياسي مع الإنجليز، تم إطلاق سراحي بناء على اتفاق بين والدي والحاكم البريطاني، ويمكن تحديد يوم إطلاق سراحي باليوم الذي رفعت فيه حالة أحكام الطوارئ التي كانت تجيز للحاكم البريطاني محاكمة الطلاب دون السن القانونية، ومع رفع حالة الطوارئ هذه كان لا بُدّ من إطلاق سراحي، وانتقلت من عدن إلى تعز عام 1959م، وهناك تعرفت على الأخ عمر الجاوي، والأخ أبوبكر السقاف، اللذين تم إبعادهما من القاهرة إلى اليمن، وظلّوا في منزلنا في تعز عند عمي محمد عبده نعمان.
وعندما علمت أنّهم جاؤوا من القاهرة، انتابني نوع من الانتشاء لرؤية القاهرة وزعيمها الرئيس جمال عبدالناصر.
- ما هو السبب الذي أدّى إلى اعتقالك من قبل الاحتلال البريطاني في عدن؟
انخراطي في العمل السياسي ومقاومة الاستعمار، والمشاركة في المظاهرات المناوئة للإنجليز.
- لكن حينها كنتَ حديث السن، وعمرك لا يتجاوز 13 عامًا؟
هذا صحيح، لأنني منذ صغري وأنا منخرط في العمل السياسي، وأسرتي بالأساس هي أسرة سياسية، والجزء الأعظم من حياتي هي السياسة، حتى انخراطي في الجانب الأكاديمي أو النفسي كان يوصلني إلى الحياة السياسية.
إضافة إلى أنّ والدي كان ضابطًا سياسيًّا مع الإنجليز في جنوب الوطن، ولذلك كان يُكلّف بمهام فيما كانت تسمى المحميات، وكان يأخذني معه في عدد من المناطق مثل الضالع وأبين وشبوة.
وهذا ساعدني في معرفة المناطق التي اندمجت فيما بعد تحت مسمى الجنوب العربي.
أيضًا كان لعمي محمد عبده نعمان دورٌ في انخراطي بالعمل السياسي، وكان (الله يرحمه) قائد الجبهة الوطنية المتحدة، وهو ما يسهل عليّ التواصل مع الكثير من الساسة.
- وكيف انتقلت من تعز إلى صنعاء ثم إلى مصر؟
انتقلت من تعز إلى صنعاء بدعوة من الإمام أحمد؛ لأنّ عمي محمد عبده نعمان كان مسؤولًا عن مكتب تحرير الجنوب في تعز، وكان الإمام يزوّده بالدعم المالي والعسكري، ولكن لم أستطع الوصول إلى صنعاء في الوقت المحدّد، بسبب صعوبة الطريق وانكسار "صَبَرة" السيارة في نقيل سمارة، وعندما وصلت صنعاء قالوا إنّ الإمام غادر إلى منطقة السخنة، وبناء على توجيه منه أبلغت بضرورة النزول إلى الحُديدة لمقابلة الإمام، وفعلًا انتقلت إلى الحديدة وتمت استضافتي في دار الضيافة، وكان الجو حارًّا ورطبًا، وفي فجر اليوم التالي جاءني عبدالله السلال وكان وقتها أمير البحر، كما كان يسمى، وقال لي عليك بالمغادرة لأنك مطلوب من قبل الإمام بسبب مشاكل الطلاب، وكنت من ضمن الطلاب الذين اشتهروا بمشاغباتهم في الجنوب، وقال لي السلال إنه تحدث مع عمي محمد عبده نعمان واتفق معه على تسفيري إلى القاهرة، وهذا ما خلق لدي قدرًا من الطمأنينة، فجمعت أغراضي وحملتها في "بقشة" وتبعت السلال، وعند وصولي إلى الشط كان في انتظاري رجل ضخم حملني على كتفه ومشى بي إلى قارب صغير سرعان ما اندفع إلى باخرة كانت تنتظر بعيدًا عن الشط، وما زلت أتذكر اسم الباخرة؛ "بلشفيك سوخانوف" الروسية.
عبدالناصر وجنيهات السلال
- وبعد أن وصلت مصر؟
عندما وصلت مصر لم يكن لدي جواز سفر، وحدثت معي حكاية ظريفة حيث كان هناك ضباط مصريّون يسألونني: هل لديك جواز سفر أو أي وثيقة؟ فقلت لهم: "ليس لدي جواز سفر، ولكن بلغوا الرئيس عبدالناصر بأنني وصلت" (يضحك) كنت أمتلك حماسة الشباب وكنت أظن أنني معروف لدى الجميع كوني تعرضت للسجن وللنفي، وكنت أتصور بأنني شخص مشهور، وعندما سمعني الضباط المصريون ضحكوا عليّ، وفي نهاية المطاف تعاطف معي أحد الضباط المصريين، وقال لي: "هل تعرف أي شخص في القاهرة؟"، فقلت له: "نعم، أعرف الأصنج ومحسن العيني، وآخرين". فسألني: "أين هم بالضبط؟"، فقلت له: "في اتحاد العمال العرب". فاتصل الضابط بالاتحاد وأخبرهم عني، فقالوا له: "نعم نعرفه"، وتم إيصالي إليهم.
وكان بحوزتي ثلاثة جنيهات (مصرية) ونصف، أعطاني إياها عبدالله السلال في الحُديدة، وقال لي: "سوف تحتاج هذه الفلوس أثناء وصولك إلى مصر"، وفعلًا ساعدتني تلك الثلاثة الجنيهات والنصف، ثم بدأت أموري تتيسر شيئًا فشيئًا، وتم تسجيلي في السفارة اليمنية، وحصلت على الوثائق المطلوبة، ودرست الثانوية العامة في مدينة ثم انتقلت إلى القاهرة ودرست في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية.
والفضل الأول في دراستي يعود للأخ عبدالله عبدالمجيد الأصنج الذي وجّهني للانتساب لجامعة القاهرة، وتحديدًا كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، وكانت كلية حديثة، ولا تقبل إلا الطلاب المتفوقين في تحصيلهم العلمي، إضافة إلى أبناء المسؤولين مثل بنات الرئيس جمال عبدالناصر.
وأكملت دراستي الجامعية بعد أربع سنوات، وتحديدًا في أواخر عام 1964م، وحصلت على منحة إلى أميركا.
وكنا كبعثيين في مصر شبه معزولين، وكان ينظر إلينا بأننا ضد نظام عبدالناصر، وعندما تحدث خلافات بين القاهرة ودمشق تنعكس علينا سلبًا باعتبارنا بعثيين محسوبين على دمشق ومتواجدين في القاهرة.
- كيف حصلت على المنحة إلى الولايات المتحدة الأمريكية؟
كنت أنا ويحيى الشامي وبعض الزملاء نتمشى في القاهرة، وبالصدفة شاهدت إعلانًا للسفارة الأمريكية للراغبين بالدراسات العليا في أمريكا، فقلت لهم أريد أن أشارك في هذا الإعلان، فقالوا لي: "دعنا نتفسح"، لكنني أصررت على موقفي، وفعلًا تركتهم ودخلت إلى القاعة وسجلت اسمي وبياناتي وتقدمت للامتحان، وبعد عشرة أيام تلقيت بلاغًا من السفارة الأمريكية، قسم المنح الثقافية، وطلبوني للمقابلة الشخصية، وذهبت إليهم، وحصلت على الموافقة النهائية، وتم قبولنا، وتحديد موعد المغادرة، وأعطونا مبلغًا من المال لشراء بعض الأغراض.
- ماذا عن بداية انضمامك لحزب البعث العربي الاشتراكي؟
انتمائي الحقيقي الفعلي كان في القاهرة أثناء دراستي الجامعية، وأدّيت القسم الحزبي على يد الأستاذ أنيس حسن يحيى، وأصبحت عضوًا عاملًا، وبالمناسبة أنيس حسن يحيى كان أستاذي في مرحلة الابتدائية في مدينة عدن، منطقة التواهي.
وكنا كبعثيين في مصر شبه معزولين، وكان ينظر إلينا بأننا ضدّ نظام عبدالناصر، وعندما تحدث خلافات بين القاهرة ودمشق تنعكس علينا سلبًا باعتبارنا بعثيين محسوبين على دمشق ومتواجدين في القاهرة.
وعندما كانت تشتد الخلافات المصرية السورية يتم إيداعنا في السجن، حتى تأتي الوفود بين الجانبين.
كنا معروفين في القاهرة بأننا بعثيّون محسوبون على سوريا، وكان هناك بعثيون محسوبون على العراق، وأيضًا كان هناك عراقيون شيوعيون في القاهرة، وكانت تحدث خلافات بين الطلاب العراقيين البعثيين والشيوعيين، وكنا كبعثيين نقف مع البعثيين العراقيين ضد الشيوعيين؛ فحياتنا كانت نوعًا من الصراع.
وكان مقهى "إنديانا" في القاهرة بمثابة ملتقى للطلاب البعثيين، وكان هناك مقهى آخر للطلاب الناصريين، وللقوميين العرب. وبعد انتقالي للدراسة في أمريكا، استمرّ نشاطي السياسي في حزب البعث، وكان معنا هناك عددٌ من الزملاء، مثل: غالب علي جميل، ومحسن العيني، ثم التحق الأخ محمد سعيد العطار.
علي عقيل البعثي
- من هو المؤسس الأول لحزب البعث في اليمن؟
منشأ حزب البعث في اليمن ابتدأ من حضرموت، ومن أوائل الذين تبوَّؤوا مناصب متقدمة في حزب البعث كان هو الرفيق علي عقيل بن يحيى، وهو من مدينة تريم بحضرموت، وكان هو رئيس الاتحاد الطلابي في دولة الكويت، وكان هناك مكتب للبعث في الكويت بالاتفاق مع دولة الكويت، وكانت تتم عملية استقطاب الطلاب لحزب البعث في الكويت ثم يتم إرسالهم إلى دمشق.
وكان علي عقيل بن يحيى عضو القيادة القومية للبعث، وعنصر الارتباط بين حزب البعث في اليمن والقيادة القومية للحزب في سوريا.
- هناك من يقول إنّ التواجد الفعلي لحزب البعث بشكل رسمي بدأ في عدن، وكان أول مسؤول للبعث في عدن هو موسى الكاظم.
البعض كان يظن أنّ البعث نشأ أولًا في عدن، لكن الحقيقة أنه نشأ في حضرموت عن طريق منح دراسية كانت تقدمها دولة الكويت، فيذهب الطلاب إلى الكويت للدراسة، وكان يوجد مكتب لمنظمة البعث في الكويت، ومن الكويت يتم إرسال الطلاب إلى دمشق أو بغداد، ثم يعودون إلى اليمن.
ومن حضرموت انتقل البعث إلى عدن، وكان أول مسؤول للبعث في عدن هو شخص اسمه موسى الكاظم، وبالمناسبة موسى الكاظم هو الاسم الحركي المختصر، واسمه الكامل هو موسى بن عبدالقادر بن يحيى الكاظم.
- متى عُقد أول مؤتمر قطري لحزب البعث في اليمن؟
المؤتمرات القطرية هنا في اليمن جاءت في الستينيات، والثمانينيات.
لأنه في منهجية البعث التنظيمية لا يستطيع أي قطر أن يعمل مؤتمرًا عامًّا، إلا بشروط معينة ومراحل تنظيمية محددة، إذا كان الحزب عبارة عن شعبة تنظيمية واحدة فلا يستطيع أن يعقد مؤتمرًا عامًّا، فإذ أردنا أن نعقد مؤتمرًا عامًّا قُطريًّا، فلا بدّ أن يكون لدينا فرعان تنظيميان على الأقل.
وهذا لم يتوفر للبعث إلا في الستينيات، وتحديدًا في عام 1968م، حيث كان لدينا فرع في صنعاء وفرع في عدن، وأتصور أنه عقد مؤتمر قطري للبعث في 68م في عدن، وأيضًا عقدنا مؤتمرًا لحزب البعث في صنعاء تمخض عن اختيار الأخ المحامي أحمد حسن الجرادي أمينًا عامًّا لمنظمة حزب البعث العربي الاشتراكي، وانتقل نشاط منظمة البعث من مدينة عدن إلى صنعاء.
الدكتور عبدالعزيز المقالح كان من أوائل الملتحقين بحزب البعث، ولكن نشاطه كان في إطار القطر "صنعاء"، وهو شخصية مسالمة ورجل سلام ومودة، ولم يدخل في عداوات مع أي طرف، وكان من الطليعة الأولى في البعث هو ويحيى العرشي.
- مَن أبرز الشخصيات اليمنية التي شكّلت الرعيل الأول في حزب البعث العربي؟
هناك الكثير من الشخصيات، مثل: علي عقيل بن يحيى، وصالح الحبشي، وحسين الحبشي، وموسى الكاظم، وأحمد حسن الجرادي، ويحيى الشامي، وسلطان القرشي، ودرهم نعمان، وسعيد الحكيمي، وأحمد حيدر، وغيرهم الكثير ممن لا أتذكر أسماءهم.
المقالح المسالم
- هل كان الدكتور عبدالعزيز المقالح منضويًا في حزب البعث؟
الدكتور عبدالعزيز المقالح كان من أوائل الملتحقين بحزب البعث، ولكن نشاطه كان في إطار القطر "صنعاء"، وهو شخصية مسالمة ورجل سلام ومودة، ولم يدخل في عداوات مع أي طرف، وكان من الطليعة الأولى في البعث هو ويحيى العرشي، وكثير من الشخصيات، مثل محسن العيني، وكان يعتبر من القيادات العليا لحزب البعث، وكان في عدن، وعندما جاء الإخوة من حضرموت تم دمج البعث، وأيضًا حزب البعث هو من اختار محسن العيني رئيسًا للوزراء.
أيضًا من جيل الرواد المؤسسين في حزب البعث: الرفيق محمد سالم علي، وكان شخصية مثقفة وصحفيًّا كبيرًا، ومؤسس صحيفة "البعث" في عدن، وهذه الصحيفة هي التي أعطت حزب البعث مسماه، وكان يكتب فيها الكثير من الشباب، وكانت تصدر في عدن في كريتر بمنزل محمد سالم علي، وهو صاحب الجريدة، وكان هذا في عام 55 أو 56م.
المستشفى احتجزت الحمدي
- ماذا عن يحيى المتوكل هل كان بعثيًّا؟ وهل صحيح أنّ الحمدي أبعده من مجلس القيادة بسبب انتمائه للبعث وعلاقته بمجاهد أبوشوارب؟
يحيى المتوكل كان بعثيًّا، ولكن حسب معرفتي كان هناك خلاف بين يحيى المتوكل وإبراهيم الحمدي حتى قبل أن يكون الحمدي رئيسًا، وأنا أتذكر عندما كنت مديرًا إقليميًّا لشرطة طيران اليمنية في القاهرة، وحينها جاء إبراهيم الحمدي إلى القاهرة للعلاج، وكان حينها نائب رئيس وزراء للشؤون الداخلية، وتعالج في أحد المستشفيات، وعندما جاء وقت فاتورة العلاج لم يكن المبلغ متوفرًا، وتم احتجاز الحمدي داخل المستشفى، وعندما بلغني ذلك اتصلت بالأخ يحيى المتوكل، وكان سفير بلادنا في القاهرة، وطلبت منه أن يوفر مبلغ فاتورة العلاج للحمدي، لكنه رفض ذلك بشدة، وقال لي: "ما ليش علاقة"، فقلت: "لكن هذا نائب رئيس الوزراء"، فقال: "إن شاء الله يكون من يكون، ما فيش عندي استعداد أن أدفع من موازنة السفارة ريالًا واحدًا"، فقلت له: "هو الآن محتجز في المستشفى ويمكن تغطية موازنة السفارة فيما بعد"، لكنه رفض، فقلت له: "اعتبر طلبي هذا توجيه حزبي"؛ لأنني كنت عضو قيادة التنظيم. لكنه أيضًا رفض، وقال: "لا يمكن أن نفرط بما أؤتُمِنّا عليه"، وفي النهاية طرحت الأمر على عدد من الزملاء الموظفين في شركة طيران اليمنية وتم تدبير المبلغ، وذهبنا إلى المستشفى ودفعنا الفاتورة، وقابلت الحمدي وسلمت عليه وهنأته على سلامته، واعتذرت له بالنيابة عن السفارة.
- يقال إن القيادي الإصلاحي عبدالوهاب الآنسي كان بعثيًّا، ما صحة ذلك؟
هذا صحيح، كان عبدالوهاب الآنسي في حزب البعث، قبل أن ينضوي في جماعة الإخوان المسلمين.
- بالنسبة لغالب القمش- رئيس جهاز الأمن السياسي سابقًا، هل كان بعثيًّا؟
غالب القمش كان بعثيًّا وأتذكر أنه كان "نصيرًا".
- ماذا يعني "نصير"؟
أول ما يلتحق العضو بالتنظيم يسمى "نصيرًا"، وهو مستوى تنظيمي يظل العضو فيه فترة من الزمن ثم يصبح عضوًا عاملًا ويؤدي القسم الحزبي، ويكون لديه مسؤوليات والتزامات يجب أن يؤديها تجاه رفاقه.
- كيف كانت طبيعة النشاط الحزبي داخل تنظيم البعث في تلك الفترة التأسيسية، من حيث المنهج الفكري والاجتماعات الحزبية وغيرها؟
حزب البعث كان يقود حركة ثقافية فكرية قومية، وربما كان البعث هو الحزب الوحيد الذي كان يشكّل حالة متقدمة في الثقافة العربية، وكان لدينا لائحة داخلية ونظامٌ أساسي ومحكمة حزبية.
وأتذكر من ضمن القضايا التي كنّا نناقشها في اجتماعاتنا الحزبية فكرة اللجوء الى الجبال وإعادة الثورة مجددًا، وكان هناك كتاب اسمه "ثورة في الثورة" لجيفارا، وكان هذا الكتاب يعتبر مرجعية للقوى اليسارية التقدمية.
- هل كان هناك تمويل مالي يأتي لحزب البعث من سوريا؟
لم يكن هناك تمويل مالي من سوريا لليمن، والحزب في صنعاء لم يكن بحاجة للمال، لأنه كان يحكم البلاد، خلال الستينيات، وأتذكر أنني كنت أدفع اشتراك خمسة ريالات يمنية.
وفي إحدى المرات، كلفني الأخ صلاح الدين جديد- الأمين العام المساعد لحزب البعث في دمشق، بحمل أموال للحزب في صنعاء، وعندما وصلت صنعاء وأعطيتهم المال تلقيت نقدًا كبيرًا من القيادة، لأنه لم يكن من مهامي استدراج هذه الأموال ونقلها إلى صنعاء.
يتبع الحلقة القادمة