لم يكن تصريح لافروف، وزير خارجية روسيا، حول أصول هتلر، لونًا من ألوان العبث، وبرغم تصريح بينيت، رئيس وزراء إسرائيل، أن بوتين -ومن خلال اتصال تلفوني- اعتذر عن تصريح وزير خارجيته، والأمر لا يرقى هنا إلى مستوى بيان رسمي…". لاحقًا رفض الكرملين تأكيد الاعتذار- فإن الحقيقة مُرّة على الدوام، وفي السر أسرار. يبدو أن من متغيرات اللحظة الكونية الفقدان التدريجي لحُجة "الهولوكوست" التي ابتزوا بها أوروبا من بعد الحرب العالمية الثانية، وخاصة ألمانيا.
تلعب إسرائيل لعبة "مع وضد ومع" حيال ما يجري في أوكرانيا جراء العملية العسكرية الروسية، بينما المطلوب تحديد المواقف. هنا تظهر إسرائيل، وهي التي كانت تهز أكبر مسؤول في الغرب والشرق، تظهر لأول مرة كأي دولة قدراتها محدودة، خاصة حيال دولة كبرى هي روسيا التي تستطيع أن تقلب الطاولة عاليها سافلها في سوريا فقط لو أعطت بشار الأسد ضوءًا أخضر باستخدام منظومة صواريخ s300 أوs400 .
تحاول إسرائيل تجنب غضب روسيا وعينها على أسرارها في أوكرانيا، خاصة وقد مرر الكرملين نبأ وجود مرتزقة إسرائيليين يقاتلون ضد الجيش الروسي، في نفس الوقت تعمل على النأي بنفسها إلى حدٍّ ما عن الموقف الأمريكي !
إيران بالمقابل، أدركت مبكرًا أن متغيرًا كبيرًا يتحكم في اللحظة العالمية. حددت موقفها، وهذا أضاف لها قدرة كبيرة على المناورة، وحدها من تدري كيف تتعامل مع الغرب، وخاصة أمريكا التي برغم محاولة الظهور بمظهر من يقود العالم إلا أن نظرة فاحصة على المؤشرات الاقتصادية تقول بغير ما يوحي به بايدن، وتظهره ولولة بريطانيا انطلاقًا من لعاب دولة المدينة وسط لندن والتي تدري أن روسيا ليس بلدًا عاديًّا على صعيد امتلاكها ثروات هائلة يسيل لها لعاب بقايا عائلة روتشيلد التي تتحكم بعالم المال !
أمريكا تدري أكثر من غيرها أن الصين ستستعيد تايوان بهذه الطريقة أو تلك، وهو ما سيضيف لها زخمًا في بحثها مع روسيا عن طريق إلى عالم متعدد الأقطاب، تقول حقائق الأمور إنه يتشكل. وفي الأخير، فالتغيير سنة كونية تعمى بصيرة دهاقنة العالم عن التبصر والتفكر في مآلاته، وانظر؛ فالهند التي تتقدم بهدوء تدري أين تضع قدميها، حتى كوريا الشمالية تستعد للولوج إلى عالم يحترم خياراتها البعيدة عن الرغبة الأمريكية في السيطرة على المحيط الهادئ وثرواته التي بكر الصينيون في السيطرة على شواطئها التي تصل إلى جزر سليمان التي وقَّعت معها اتفاقية أمنية جن لها جنون الأمريكان الذين حولوا أوكرانيا إلى لاعب بلياتشو غبي لم يدرك حتى اللحظة أنه في لحظة أن يحسم الكبار أمور مصالحهم سيلفضونه إلى خارج خشبة المسرح؛ فأمريكا، وأوروبا المخدوعة التي تخسر لصالح أمريكا، يدركان أن الأمن القومي الروسي مسألة حياة أو موت، وروسيا مستعدة في سبيل ذلك الذهاب بعيدًا حتى ترضخ أوكرانيا لمسألة الحياد المطلوب بالسياسة أو بالحرب!
العرب هذه المرة توفقوا إلى حد كبير في اختيار الوقوف إلى جانب مصالحهم، ما يعني مثلًا أن بلدًا مثل السعودية لأول مرة تقول لأمريكا: لا، وهذا يعني الكثير برغم تهديد الكونغرس بإقرار قانون يعاقب اوبك " Nopec " !
العالم يتململ، وأمريكا كالفيل لا تدري على أي جانب تنام، فتاريخها قائم على الابتزاز!
وبرغم الضجيج الإعلامي يدرك زيلينسكي أن روسيا ستحقق هدفها في دونباس حفاظًا على أمنها ومنعًا لانضمامه مهما فعل، إلى الناتو الذي يعزز وجوده في الشرق، مع إدراكه أن لروسيا ضروراتها التي دونها ستحارب حتى تأتي بها .
العالم يتشكل أكثر من قطب، ومهما تكن النتيجة لما يجري الآن، فقد فات أوان القطب المتحكم .