نجيب محمد يابلي

من رواد الصحافة اليمنية
خيوط
March 29, 2022

نجيب محمد يابلي

من رواد الصحافة اليمنية
خيوط
March 29, 2022

(5/2/1946 - 29/3/2022)

نجيب محمد أحمد سالم يابلي الفضلي الشاذلي. من مواليد الفيحاء- الشيخ عثمان (عدن)، 5 فبراير 1946. تُوفيت والدته سعيدة محمد الرياشي، وهو في عامه الأول، وأقنعته أخته الكبرى التربوية القديرة فطوم يابلي التي التحقت بسلك التدريس عام 1949، وهو السلك ذاته الذي انتسب إليه والده محمد أحمد يابلي عام 1929، بسلوك هذا المجال.

نشأ في هذا البيت طالبًا وموظفًا ومتزوجًا في حافة الأصنج بمدينة الشيخ عثمان، وأنجب أربعة: ابنًا (جهاد)، وثلاثَ بنات: (حكمت (متوّفاة)، لمياء، لميس).

درس المرحلة الابتدائية في المدرسة الشرقية للبنين في الشيخ عثمان، والمرحلة المتوسطة في متوسطة الشيخ عثمان التي افتتحها الحاكم البريطاني حليم لوس، وكان برفقته السلطان علي عبدالكريم فضل، وذلك في العام 1957.

تلقى دراسته للمرحلة الثانوية في الثانوية الحكومية (ثانوية الجلاء حاليًّا بخور مكسر).

وفي أكتوبر، 1963 استشهد راجح بن غالب لبوزة في ردفان، والتحق هو بسلك التدريس، وجاء التحاقه في هذا السلك مع تقاعد والده من نفس السلك. 

قضى -كما يقول- أحلى سنوات العمر في هذا السلك الحيوي، وتوزعت السنوات في منعطفات؛ منها سراء، ومنها ضراء: تدريس، نضال وطني، اعتقالات، زواج؛ حيث انتهت سنوات هذا السلك في يوليو 1974.

تميزت سنوات عمره الممتدة من 1974 حتى عام 1991 في خدمة السفارات الأجنبية: السفارة التشيكية، السفارة الكوبية، السفارة الباكستانية، وعمل قبل مترجمًا وإداريًّا.

أما الفترة الممتدة من عام 1992، حتى قبل وفاته، فهي فترة خدمته في الغرفة التجارية الصناعية- عدن، رئيسًا لقسم الدراسات والبحوث، وتوزع نشاطه بين العمل في الغرفة، ومع منظمات المجتمع المدني، ووجد نفسه أقرب إلى حزب الطليعة الشعبية وأمينه العام الأخ أنيس حسن يحيى، ومعظم قياداته وقواعده من الأصدقاء.

شهدت هذه الفترة في حياة الفقيد نجيب يابلي نشاطًا في مجال الكتابة في الصحف والمجلات؛ فكتب في الصحف التالية: القضية، الأيام، الشارع، الشورى، التجمع، النداء، الأولى، صم بم، الأمناء، عدن الغد، 14 أكتوبر.

شهدت الفترة الممتدة من يناير 2006، ومرورًا بـيوليو 2007، إلى قبل وفاته نشاطات متعددة، حيث تفاعل مع نبض الشارع ممثلًا في الحراك الجنوبي السلمي، والمجلس الانتقالي الجنوبي، ومنظمات مجتمع مدني بمسميات مختلفة.

استضافت الفقيدَ وسائلُ إعلام مرئية ومسموعة محلية وعربية، رسمية وغير رسمية في مناسبات عدة.

عانى الكاتب الكبير نجيب يابلي في الفترة الأخيرة من مرض ألمّ به، فسافر إلى القاهرة لتلقي العلاج بها، ثم عاد منها، وساءت حالته يوم الجمعة الماضية، فنقل إلى المستشفى الألماني بعدن لتلقي العلاج، ووضع تحت العناية المركزة، حتى وافاه الأجل.

كتب عنه عبدالباري طاهر في موقع صحيفة الأيام بتاريخ 18 يونيو 2021، مقالًا بعنوان: "نجيب محمد اليابلي ذاكرة عدن وضميرها اليقظ"- الآتي:

"صحفي قدير وقلم ساحر يمتلك مشرطًا حادًّا، ومهارة نَطَاسيّ، يستأصل العضو العليل دون شعور المريض بألم الجراحة.

إنسان البساطة والتواضع يألف ويؤلف منذ الوهلة الأولى. كنت أقرؤه باستمتاع شديد كواحد من أهم كتّاب المقال الصحفي. 

بداية التعارف والتلاقي في منتدى الباشراحيل، وهو المنتدى الذي يضمّ النخب المثقفة والأدبية والصحفية والشخصيات العامة العدنية واليمنية. 

قرأته قبلًا، قرأت كتاباته عن المدينة التي سكنته وسكنها. أرخ لإرثها التاريخي العظيم، وعايش واندغم في مووايل أفراحها، وبكى مآتم أتراحها، ومآسيها الكاثرة. 

اختزنت ذاكرته مواويل عمال البحار. امتزج بألحان خليل محمد خليل، والشيخ سعد عبدالله، والقمندان، والسالمي، والشيخ علي أبوبكر باشراحيل، وجمعة خان، وعمر غابة، والماس، والعنتري، وبامخرمة، والزيدي، وفيصل، وفتحية الصغيرة، ورجاء باسودان، ونجيبة عبدالله وعشرات، كما استوعب عميقًا نشأة الحركة النقابية العمالية: محمد باشرين، ومن منا لا يعرف محمد باشرين العارف النقابي المثقف المتعدد المواهب.

قرأ الشهيدين حسين القاضي، وعبدالله عبدالمجيد السلفي، وعبدالله علي مرشد، وعبده خليل، سليمان، والأستاذ محمد سالم باسندوة، والأستاذ عبدالله عبدالمجيد الأصنج، ومحمد سالم علي عبده، ومحمد عبده نعمان، وعشرات غيرهم.

الرجل الكثير المتعدد في مواهبه، وفي الأعمال التي ارتبط بها وشغلها نجيب يابلي ليس ذاكرة عدن فحسب، بل وبصرها الزاري بزرقاء اليمامة، وبصيرتها التي تقرأ كف المستقبل، وضمير الغيب.

قلمٌ يغوص في أعماق الواقع، ويستشرف آفاق الآتي. قرأ المدينة عدن وامتداداتها في عموم الجزيرة والخليج.

درس البواكير الأولى للنهضة العربية التي امتد أثرها العميق لليمن كله. عمل في الغرفة التجارية العدنية التي تُعدّ أول غرفة تجارية في الجزيرة والخليج، وانفتح على الفكر السياسي القومي في أفقه اليساري (الطليعة الشعبية) الفصيل التقدمي، وأحد الفصائل الثلاث المؤسسة للتنظيم السياسي، كما انفتح بوعي وإدراك على الفكر الإنساني. 

بنى نفسه؛ فهو الابن البارّ للشيخ الجليل محمد اليابلي، ورث منه مهنة التدريس، "كما ورث من مدينته عدن الانفتاح على المعتقدات المتعددة التي شهدتها في عصورها الذهبية. وتعلم منها التعايش والتسامح والانفتاح على مختلف تيارات العصر الفكرية والسياسية. مثقف عضوي بامتياز قرأ الصحافة، ودرس رموزها الخالدة: فتاة الجزيرة، ورائد الصحافة ورمزها الأبرز محمد علي لقمان، كما درس الأيام ورمزها الكبير: الشيخ محمد علي باشراحيل ومفرداتها الريكوردر والرقيب بالعربية والإنجليزية، كما قرأ بروز الصحافة العدنية: البعث، الفاروق، الفضول، صوت اليمن، والجنوب العربي، ورئيس تحريرها الصحفي الرائد أحمد عمر بافقيه الذي رأس وأسس عدة صحف في المهاجر، والوطن والأمل، ورئيس تحريرها المفكر العربي الكبير عبدالله عبدالرزاق باذيب، والطريق، والنهضة، ومجلة المستقبل، مجلة الفكر والثقافة والأدب الحديث. 

تربّى في مناخ ازدهار المدينة، وبروز الأحزاب السياسية، والحركة النقابية والنشاط المدني الواسع والنشاط التجاري، والمواهب الأدبية والثقافية والفنية الكبيرة.

إنه الابن البار لنهضة عدن وازدهارها، نشأ وترعرع في مناخات الحرية والديمقراطية والتعددية السياسية والحزبية؛ فكان مثالًا يحتذى وقدوة حسنة. السيرة العطرة للصحافي القدير والعلم المدني والثقافي تحتاج إلى وقفة أوسع وأشمل".

وكتب عنه الكاتب الصحفي علي حسين الضبيبي في صفحته على مواقع التواصل الاجتماعي:

آخر وجوه الصحافة العدنية البارزين يرحل.
الأستاذ نجيب محمد يابلي، القادم من زمن بريطانيا، يذهب إلى رحمة الله بعد حياة زاخرة بالنضال من أجل الناس، متنقلًا بين الكتابة، والتعليم، والترجمة، والعمل الدبلوماسي، والخبرة الإدارية.
كان نجيب يابلي كاتبًا غزيرًا، وهو أشهر كاتب عمود في اليمن، انضبط يوميًّا ومضى لعقود في جريدة "الأيام".
يكتب من وسط الناس، ويهندس فكرته من واقع مشاهداته اليومية، عندما يتنقل من حارة إلى أخرى وسط فضاء كوسموبوليتي، أو من حافلة لأخرى.
رأى رجلًا في المنصورة يصرخ ويكرر هذا الزامل: يا سلام ثوري على جيش شعبي، فعرف نجيب يابلي أن هذا الرجل مقهور؛ لأنه يعرف الخبر في الشطر الآخر من البيت: يسرقوا حقك وعينك تشوف! التفتت امرأة إلى نجيب يابلي تقول: ما رأيك يا أستاذ؟! فأقسم لها أن ينصف الرجل.
تتبّعَ قصتَه، وفي اليوم الثاني كانت قضيته في الصحيفة منشورة.
أو عندما يشكو إليه رُكّاب الباص معاناتهم في الانتظار وقوفًا، كان يكتب عنهم. ويعرض قضية صاحب "بسطة" في "الشيخ عثمان" بعثرت الشرطة بضاعته.
نجيب يابلي كاتب صحفي حقيقي ومثقف غزير الإنتاج، سهل، ومؤرخ، وهو ينتمي إلى أسرة عدنية معروفة، هاجر جد والده من المخا إلى عدن منتصف القرن التاسع عشر. وفي العشرينيات والثلاثينيات كان محمد أحمد يابلي (والده) معلمًا شهيرًا، ثم شقيقه فيصل، والأستاذة القديرة فطوم يابلي (أخته) إحدى أشهر معلمات الأربعينيات في كريتر.
وفي الستينيات التحق نجيب يابلي بمهنة العائلة نفسها (التدريس) وكان يتقاضى بالجنيه الإسترليني، الذي انقطع بعد الاستقلال، أما والده، الذي أحيل إلى التقاعد عن الوظيفة سنة 1963، فقد ظل يتقاضى هذا الراتب من بريطانيا كأحد أفضل موظفيها العدنيين، وفقًا لإفادة نجيب (رحمه الله).

كان يقول: "عدن" مدينة احتضنت، لم تستوعب الجنوب والشمال فقط، ولكن "احتضنت الجزيرة العربية كلها" (راجعوا مقابلة له على قناة بلقيس أجرتها الزميلة سارة جمال). 

وقال: إنه يستغرب عندما يسمع اليوم هذا أو ذاك يتكلم داخل عدن بعصبية قبلية!
رحم الله الأستاذ القدير نجيب محمد يابلي، وأسكنه فسيح جناته، والعزاء والمواساة لعائلته الكريمة، ولكل زملاء الصحافة المحترمة.

المصادر:

  • سيرته الذاتية. 
  • مقالات لكتّاب وصحفيين عن الفقيد.

•••
خيوط

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English